سياسة تركية

هل تماطل الولايات المتحدة في بيع تركيا مقاتلات "أف16"؟

بايدن قال إنه يعتقد أن يوافق الكونغرس على الصفقة- جيتي
بايدن قال إنه يعتقد أن يوافق الكونغرس على الصفقة- جيتي

رغم التأكيدات المتكررة من إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، بشأن بيع تركيا طائرات "أف16" الأمريكية، وتحديث مقاتلاتها، إلا أن ذلك لم تقابله خطوات ملموسة والتي تتطلب موافقة الكونغرس.

 

وقبيل مغادرته إلى مدريد، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن قضية "أف16" ما زالت مطروحة مع الولايات المتحدة، مشيرا إلى مماطلة أمريكية بهذا الشأن، ولكن بايدن عقب لقائه أردوغان، أكد دعمه لبيع المقاتلة الأمريكية إلى تركيا، لكن تنفيذ ذلك يحتاج لموافقة الكونغرس.

 

وفي تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، قدمت تركيا طلبا لشراء 40 مقاتلة "أف16"، وما يقارب 80 من معدات التحديث لطائراتها الحربية الحالية.

 

وفي نيسان/ أبريل الماضي، كشفت وزارة الخارجية الأمريكية أنها أرسلت رسالة توصية إلى الكونغرس تفيد بأن بيع مقاتلة "أف16" إلى تركيا يخدم المصالح الأمريكية.

 

صحيفة "حرييت" في تقرير للكاتب سيدات أرغين، ذكرت أنه في 14 حزيران/ يونيو 2021، جرى مناقشة العلاقات بين البلدين على طاولة زعيمي البلدين في قمة الناتو في بروكسل، وكان هذا الاجتماع أول لقاء بينهما بعد أداء بايدن اليمين الدستورية في 20 كانون الثاني/ يناير 2020، والذي لم يجر أي اتصال هاتفي مع أردوغان لفترة طويلة بعد توليه منصبه.

 

وكان محور الاجتماع في بروكسل هو مسألة تولي تركيا تشغيل وتأمين مطار كابول في إطار خطط الانسحاب الأمريكي، وكان ينظر إلى الدور التركي في أفغانستان على أنه عصا سحرية من شأنها إنقاذ العلاقات التركية الأمريكية والتي كانت محصورة في عناوين قائمة على الأزمات مثل شراء "أس400" من روسيا، وإبعاد تركيا من مشروع المقاتلة "أف35"، والدعم الأمريكي لوحدات حماية الشعب الكردية في سوريا.

 

اقرأ أيضا: بايدن يعتقد موافقة الكونغرس على بيع طائرات "F16" لتركيا
 

لكن المقترح الذي كان بريق أمل في إنقاذ العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة انقلب رأسا على عقب، بعد دخول طالبان كابول في آب/ أغسطس 2021، في خطوة عجلت الانسحاب الأمريكي من أفغانستان وسيطرة الحركة على كافة أنحاء البلاد.

 

أعقب ذلك أزمة "الموعد" في نيويورك في أيلول/ سبتمبر 2021، عندما ذهب أردوغان لحضور اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث لم يخف أنه تلقى ردا سلبيا بشأن اقتراحه لقاء بايدن، وقال في 23 من الشهر ذاته: "عملت بشكل جيد مع جورج بوش الابن وباراك أوباما ودونالد ترامب، لكن لا أستطيع القول بأن بداية عملنا مع جو بايدن كانت جيدة". وأعقب ذلك زيارة أردوغان إلى سوتشي، ولقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 29 أيلول/ سبتمبر 2021.

 

ورغم ذلك، اتخذ أردوغان خطوة مفاجئة على الجبهة الأمريكية، وفي تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، قدمت تركيا طلبا إلى الإدارة الأمريكية لبيعها 40 مقاتلة من طراز "أف16"، وما يقارب 80 من معدات التحديث لطائراتها الحربية الحالية.

 

وفي 31 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، عقد زعيما البلدين لقاء ثنائيا على هامش قمة مجموعة العشرين في روما، وبرزت فكرة "آلية استراتيجية" تحت إشراف وزراء الخارجية لمعالجة القضايا الثنائية وتعزيز العلاقات بين البلدين.

 

وفي قمة روما، وعد بايدن بأنه سيساعد تركيا في شراء المقاتلات "أف16"، وعقب اللقاء أوضح أردوغان، أن بايدن قال: "قد لا نحصل على نتائج في وقت قصير جدا، إذ تمر العملية بمرحلتين مختلفتين: مجلس النواب ومجلس الشيوخ، لكنني سأفعل كل ما في وسعي".

 

وقال الكاتب إن العلاقات بين البلدين بعد ذلك أصبح محورها "أف16"، ولكن هناك صعوبات بشأن الكونغرس الذي لديه سلطة الموافقة النهائية بشأن عملية البيع.

 

وأضاف أن هناك صعوبة في إقناع الكونغرس الذي وضع عقوبات "كاتسا" بسبب شراء أنقرة "أس 400" الروسية، ويثير قضايا عدة أبرزها "حرية الرأي وحقوق الإنسان في تركيا"، والعمليات العسكرية التركية في سوريا على جدول الأعمال.

 

ورأى أنه من الصعب القول إنه تم إحراز أي تقدم ملموس بشأن "أف16" منذ اجتماع روما قبل ثمانية أشهر، ورغم أن الإدارة الأمريكية صرحت بأنها تدعم بيع طائرات "أف16" إلى تركيا في خطاب أرسل إلى الكونغرس في 17 آذار/ مارس، إلا أنها لم تبلغ الكونغرس بعد بالإخطار الرسمي بشأن بيع طائرات "أف16" والذي يجب أن تقدمه من أجل بدء عملية الموافقة.

 

اقرأ أيضا: إدارة بايدن توافق على بيع "F-16" لتركيا.. رسالة إلى الكونغرس
 

وفي الوقت ذاته، واصل أردوغان خلال الفترة الماضية التعبير عن شكواه في مناسبات مختلفة بأنه لم يتمكن من إقامة علاقة عمل كما يريد مع الرئيس بايدن، واللافت أن هذا الوضع استمر حتى بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.

 

وخلال قمة الناتو التي عقدت في بروكسل في 24 آذار/ مارس بشأن الغزو الروسي لأوكرانيا، لم يتمكن أردوغان من إجراء لقاء ثنائي مع بايدن. وفي 28 نيسان/ أبريل الماضي أعرب عن استيائه لعدم وجود حوار مع البيت الأبيض، وقال: "يجب أن يتصل بي بايدن كما أتصل ببوتين الذي يتصل بي عند الحاجة".

 

ونوه الكاتب إلى أن الاجتماع الأول لـ"الآلية الاستراتيجية" الذي عقد في نيويورك في 18 آيار/ مايو الماضي، على مستوى وزراء الخارجية، لم يجلب أي جديد بشأن العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة.

 

ولم يبد الجانب الأمريكي أي انطباع حول انخراطه بشأن أزمة "الفيتو" التركي على طلبات انضمام فنلندا والسويد إلى حلف الشمال الأطلسي "الناتو"، وربما يرجع ذلك إلى أن الولايات المتحدة أرادت تجنب الدخول في التفاوض المباشر مع تركيا بهذه المسألة، ولكن مع اقتراب موعد القمة، لوحظ تحرك واضح على الجبهة الأمريكية.

 

وأجرى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، اتصالا هاتفيا بنظيره التركي مولود تشاووش أوغلو السبت الماضي، وذكر بيان صادر عن وزارة الخارجية الأمريكية، أن الوزيرين "تحدثا عن أهمية وحدة الناتو قبل القمة" والمقصود بـ"وحدة الناتو" عدم مواجهة انقسام داخل الحلف خلال القمة بشأن السويد وفنلندا.

 

اقرأ أيضا: هل يبدي الكونغرس مقاربة إيجابية تجاه بيع "F-16" لتركيا؟
 

وأعقب ذلك، اتصال هاتفي بين بايدن وأردوغان صباح الثلاثاء قبل تحرك الرئيس التركي إلى مدريد للمشاركة في القمة، وفي بيان للبيت الأبيض تم التأكيد على أن بايدن "أبدى رغبته في لقاء أردوغان في مدريد".

 

وعقب يوم من التوقيع على مذكرة التفاهم بين تركيا وفنلندا والسويد، بمشاركة زعماء الدول الثلاثة والأمين العام للناتو، التقى الرئيس التركي بنظيره الأمريكي لمدة أكثر من ساعة.

 

ووفقا لبيان للبيت الأبيض أعرب بايدن عن امتنانه لأردوغان بسبب حل المشكلة مع السويد وفنلندا، لكنه أكد على أهمية الاستقرار في بحر إيجة وسوريا.

 

ورأى الكاتب أن بايدن نقل وجهة نظره بضرورة تجنب التوترات في بحر إيجة خلال اجتماعه مع أردوغان، وعدم اتخاذ أي عمل عسكري تركي جديد في سوريا.

 

بدوره، جدد الجانب الأمريكي تأكيده على أنه ينظر بإيجابية إلى طلب تركيا لشراء "أف16" عقب اجتماع الزعيمين، وردا على سؤال في مؤتمر صحفي عقب القمة، قال الرئيس بايدن إن على الولايات المتحدة "بيع طائرات أف16 وتحديث هذه الطائرات" لتركيا، مضيفا: "ليس من مصلحتنا عدم القيام بذلك"، ولفت إلى أنه أبلغ نظيره أردوغان، دعمه للصفقة، لكن "تنفيذ ذلك يحتاج لموافقة الكونغرس، وأعتقد أنه سيوافق".

 

وأشار الكاتب إلى أن القضية برمتها ترتبط بما إذا كان بايدن سيظهر الإرادة اللازمة لإقناع الكونغرس بالموافقة على عملية البيع قبل انتخابات التجديد للكونغرس في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، لا سيما في وقت توجد فيه إرهاصات أن الاقتصاد الأمريكي يواجه مشاكل.

 

ولو بقي طلب فنلندا والسويد بالانضمام إلى الناتو عالقا ومن دون حل في قمة مدريد لكانت قد أغلقت الولايات المتحدة ملف مقاتلات "أف 16" بشكل كامل دون بيعها لتركيا، ورغم حل الإشكالية ستبقى العلاقات التركية الأمريكية يخيم عليها موقف الكونغرس من صفقة "أف16".

 

التعليقات (0)