سياسة عربية

لماذا يرفض سوريون تحديد سقف زمني لـ"اللجنة الدستورية"؟

معارضون سوريون: وضع جدول زمني للجنة الدستورية يخدم مصالح النظام والدول المتحالفة معه- الأناضول
معارضون سوريون: وضع جدول زمني للجنة الدستورية يخدم مصالح النظام والدول المتحالفة معه- الأناضول

أثار رفض هيئة التفاوض السورية مقترحاً تقدم به عدد من أعضائها، يطالب المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون والأمم المتحدة، بتحديد سقف زمني لاجتماعات اللجنة الدستورية بجنيف، سجالاً في أوساط المعارضة، وسط انتقادات واسعة للهيئة التي تشكل مرجعية وفد المعارضة التفاوضي في اللجنة الدستورية.

وفي التفاصيل، رفضت الهيئة المقترح الذي وافق عليه 6 أعضاء وهم: عبد الله الحريري، وعوض العلي، وإبراهيم الجباوي، وعبد الجبار العكيدي، ويحيى العريضي، والذي يطالب بوجود سقف زمني لإنجاز عمل اللجنة لا يتجاوز الثلاثة أشهر، وفتح مسارات التفاوض الأخرى في قرار مجلس الأمن رقم 2254، قبل موافقة وفد المعارضة على استمرار حضور المباحثات.

وبحسب المتحدث باسم "هيئة التفاوض" الدكتور يحيى العريضي، وافق رئيس الهيئة أنس العبدة، على وضع المقترح على التصويت، غير أن التصويت لم يتم بعد طلب بعض الأعضاء الرجوع إلى مكونات الهيئة.

 

"صفرية النتائج"


وقال العريضي في حديثه لـ"عربي21" "لكن في اليوم التالي تم إبلاغنا بعدم موافقة مكونات الهيئة على المقترح".

وتضم "هيئة التفاوض" الني انبثقت عن اجتماع عقدته المعارضة السورية في العاصمة السعودية الرياض، في كانون الأول/ ديسمبر 2015، أعضاء من الائتلاف، وفصائل المعارضة، وهيئة التنسيق الوطنية، ومنصة القاهرة، ومنصة موسكو، ومستقلين.

وحول الأسباب التي استدعت المقترح الأخير، يقول العريضي، إن الهدف هو الانتهاء من صفرية النتائج التي لم تخرج بها كل الاجتماعات السابقة (سبع جولات)، وخصوصا أن "اللجنة الدستورية أصبحت مضرة، ويتم العمل فيها ضمن مقاربة "خطوة بخطوة" التي تهدف لإعادة إنتاج النظام السوري".

وأبدى العريضي استغرابه من رفض المقترح، مشيراً إلى أن بعض الأعضاء تعذروا بالدعم الدولي لاستمرار مشاركة المعارضة، وعدم ترك المجال للنظام، لأن الأخير قد يرفض هذا الشرط، علماً بأن "القرار الدولي ينص على فتح السلال الأخرى، وليس فقط مناقشة الدستور"، كما يؤكد العريضي.

 

اقرأ أيضا: مسؤولان أمميان يحذران من تحول سوريا إلى "أزمة منسية"

"مطلب الجميع"

الرئيس المشترك للجنة الدستورية عن المعارضة، هادي البحرة، قال لـ"عربي21": "نذكر أن مطلب تحديد سقف زمني هو مطلب أعضاء هيئة التفاوض واللجنة الدستورية جميعا، منذ أكثر من عامين، وأنا مع تحديد جدول زمني للجنة لإنجاز مهمتها في حدود تفويضها، وقمت بمطالبة الأمم المتحدة عبر مبعوثها الخاص إلى سوريا، ميسر أعمال اللجنة الدستورية بذلك بخطابات رسمية، منذ العام ٢٠٢٠ ومجدداً في العام ٢٠٢١، وفي هذا العام ٢٠٢٢".

وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "كذلك كان هذا الموضوع ضمن أهم المواضيع خلال اجتماعاتنا معه، ومع الأمين العام للأمم المتحدة، وقد باشر بيدرسون جهوده في ذلك منذ أوائل العام الماضي، فهناك طريقان لتحقيقه الأول وهو موافقة النظام والمعارضة على ذلك، وهذا غير ممكن فالجميع يعلم مدى تهرب النظام من استحقاقات اللجنة، ومحاولاته الحثيثة لإعاقة إنجازها لمهمتها، والسبيل الآخر هو أن يتم فرضه من قبل مجلس الأمن من ضمن إطار تفويض القرار ٢٢٥٤".

وهنا استدرك البحرة: "هذا المحور هو الأهم الذي نعمل عليه مع بعض الدول الشقيقة والصديقة من أعضاء مجلس الأمن منذ أكثر من عام، لكن نظرا لتدهور العلاقات بين الدول دائمة العضوية في المجلس بات ذلك أصعب عن ذي قبل حاليا، فنحن نشهد الأن الرفض الروسي لتجديد القرار ٢٥٨٥ الخاص بمرور المساعدات عبر الحدود".

وأضاف: "لكن هذا لن يثنينا عن استمرار المطالبة والعمل على تبني جدول زمني محدد، وخلال الاجتماعات السابقة عقدنا اجتماعات مع ممثلي معظم الدول ذات الشأن في سوريا أثناء تواجدهم في جنيف خلال اجتماعات الدستورية وبحثنا هذا الموضوع معهم، إلى جانب مواضيع أخرى، كما تم جدولة اجتماعات عديدة لهيئة التفاوض خلال هذه الدورة الثامنة وستكون هذه المطالبة إلى جانب أمور أخرى تخص عمل اللجنة الدستورية والقضايا الأساسية الأهم مثل ملف المعتقلين، وملف العدالة لمساءلة ومحاسبة مجرمي الحرب والدفع نحو تفعيل تحقيق خاص بمجزرة التضامن".

 

"مسارات أخرى"

وحول المقترح الأخير، قال البحرة إن ما طالب به زملاء في هيئة التفاوض هو وقف أعمال اللجنة الدستورية إلى أن يتم وضع جدول زمني، وهذا غير ممكن حالياً، وإن هذا "يخدم مصالح النظام والدول المتحالفة معه، حيث يصب في سياق تحقيق هدفه في إيقاف العملية السياسية أو تجميدها، وبالتالي تغييب مطالب الشعب التي ثار من أجلها عن الساحة الدولية".

وتابع: "هناك دول وشعوب تناضل لسنوات طويلة لتضع قضاياها على الساحة الدولية وفي دوائر مجلس الأمن لإبقاء مطالبها وقضاياها حية دوليا، وعلينا ألا ننسى أن هناك مسارات أخرى داعمة للعملية السياسية نقوم بالعمل عليها وتفعيلها، منها المسار الدبلوماسي لمنع إعادة التطبيع مع النظام والمسار القانوني وأساسه تفعيل ملف المساءلة والمحاسبة بحق مرتكبي جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية، والمسار الاقتصادي لعدم التفريط بالعقوبات أو السماح بتمويل إعادة الاعمار، وأخيرا المسار العسكري، الذي ينحصر العمل فيه عبر رفع القدرات والإمكانيات الدفاعية وتقوية التحالفات مع الدول التي تساند مطالب الشعب السوري".

وشدد على أن المعارضة لن تتوانى عن اتخاذ القرار المناسب وفق الخيارات المتاحة في كل فترة لإنفاذ القرار 2254 والقرار 2118.

ونوه البحرة، بأن المبدأ العام هو المحافظة على ما نملك من أدوات مهما صغرت أو كبرت وزيادة فاعليتها، وبنفس الوقت العمل على باقي المسارات التي ذكرتها، مؤكدا أن "استمرار العملية السياسية حية في جنيف يمكّن هيئة التفاوض من العمل على تلك المسارات ويقويها فيها".

وأكد أن المعارضة لن تقف مكتوفة الأيدي، وتقوم بمراجعة كل السبل المتاحة بعد كل دورة من اجتماعات الدستورية ونتخذ القرارات اللازمة وفق ما يخدم الشعب والوطن السوري.

وتوجه البحرة بالشكر لجميع أعضاء اللجنة الدستورية قائلاً: "أشكرهم على عملهم التطوعي بشكل كامل في اللجنة، فهم لا يتقاضون أي مرتبات أو مكافآت أو تعويضات لقاء ذلك، ويتحملون بنفس الوقت مسؤولياتهم الوطنية بكل جدية، وهؤلاء مثل الأبطال على خط المواجهة في الجبهة، مختتما بالتساؤل: "هل هناك عاقل يطلب من هؤلاء المرابطين ترك نقاط رباطهم والعودة لمنازلهم لتصبح خطوط الجبهة مفتوحة أمام خصمهم؟".

 

اقرأ أيضا: مفكر سوري: اللجنة الدستورية تحوّلت إلى "ملهاة" لخداعنا


"الخلل الحقيقي"

من جانبها، وصفت عضو اللجنة الدستورية في المجتمع المدني الدكتورة سميرة مبيض، الحديث عن السقف الزمني للعملية الدستورية بـ"الأمر سطحي"، وقالت: "لا أهمية له، لأنه يبتعد عن مسببات الخلل الحقيقي".

وقالت لـ"عربي21": يجب إعادة تشكيل اللجنة المصغرة وفقاً لمعايير شفافة وتشمل جميع السوريين، وليس وفقا للمحسوبيات"، مضيفة أنه "بعد إعادة هيكلة اللجنة وتحييد هيمنة النظام والمعارضة عنها نتحدث حينها عن سقف زمني وفق معطيات فاعلة للتغيير، وليس وفق معطيات تقاسم السلطة".

في المقابل، انتقد الباحث في مركز "الحوار السوري" الدكتور محمد سالم، عدم موافقة هيئة التفاوض على طلب تحديد موعد زمني لإنجاز الدستور، قائلاً لـ"عربي21": "يؤكد هذا عبثية هذا المسار وإدراك أعضاء اللجنة لذلك، وأن هذا المسار عملياً ليس إلا إضاعة للوقت، وإعطاء الأمم المتحدة والمجتمع الدولي ذريعة للتنصل من إيجاد حل سياسي حقيقي من خلال شرعنة هذه العملية".

وأكد سالم أن حالة المماطلة، تعطي الأمم المتحدة والدول الفاعلة الحجة للقول إنها تحاول السير في حل سياسي" علماً بأن "الجميع يدرك عبثية هذا المسار وعدم وجود أي أمل منه، بل إن هنالك تخوفا من صيرورته إلى دعم دستور العام 2012 وشرعنة نظام الأسد".


يذكر أن الجولة السابعة من اجتماعات اللجنة الدستورية التي عقدت في آذار/ مارس الماضي بمشاركة المعارضة والنظام والمجتمع المدني والأمم المتحدة، كانت قد انتهت للفشل، بدلالة عدم كتابة أي مادة دستورية للآن، رغم أن اللجنة باشرت أولى جولاتها في أواخر العام 2019.   

 

التعليقات (0)