ملفات وتقارير

منع الاعتكاف في الأقصى.. إجراء اعتيادي أم قرار سياسي؟

المسجد الأقصى- فليكر
المسجد الأقصى- فليكر

ما زالت ردود الفعل تتوالى حول قرار وزارة الأوقاف الأردنية منع الاعتكاف في المسجد الأقصى خلال ليالي شهر رمضان، وقصر ذلك على العشر الأواخر منه، حيث استهجنت مئات التغريدات القرار عبر هاشتاغ "منع الاعتكاف خذلان".

وأثارت تصريحاتُ وزير الأوقاف الأردني محمد الخلايلة التعليقات الرافضة لقرار الوزارة، والتي قال فيها إن الاعتكاف في المسجد الأقصى لم يكن قائما منذ عام 1967 سوى في العشر الأواخر من شهر رمضان.

وأضاف الوزير أثناء حضوره جلسة عقدتها لجنة فلسطين النيابية، الاثنين، أنه "لا يوجد أي بُعد سياسي لعدم فتح المسجد للاعتكاف، وإنما الأمر طبيعي ومعمول به سابقاً".

ولفت إلى أن العاهل الأردني عبدالله الثاني "قاد جهودا دبلوماسية حثيثة لمنع أي مضايقات تحرم المصلين من دخول المسجد الأقصى المبارك، قبل حلول شهر رمضان المبارك، وهو ما لمسناه في اليوم الأول من الشهر الفضيل، إلا أن الأعياد والمناسبات اليهودية أدت إلى حدوث مضايقات".

تنسيق مع الاحتلال

وقال عضو اللجنة النيابية، النائب محمد أبو صعيليك، إن المقدسيين قادرون على أن يفرضوا قرارهم على الأوقاف الأردنية والاحتلال معاً، وذلك في حال وفدوا إلى المسجد بأعداد كبيرة، وأصروا على الاعتكاف.

وأضاف لـ"عربي21" أن وزارة الأوقاف تنسق مع الجهات الأمنية الإسرائيلية، "ولكني لا أعرف آلية هذا التنسيق"، مؤكداً أن الوزارة لن تجرؤ على منع حشود كبيرة من الاعتكاف في المسجد.

ودعا أبو صعيليك إلى تحفيز الفلسطينيين بكل الوسائل على الاعتكاف في المسجد الأقصى خلال العشر الأواسط من رمضان، وذلك لحماية المسجد من مخططات الصهاينة خلال أعياد الفصح اليهودية، والوقوف بوجه المتطرفين اليهود الذين يسعون لذبح قرابينهم في باحات الأقصى.

وكان مدير المسجد الأقصى الشيخ عمر الكسواني، قد أعلن السبت الفائت، أن دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس قررت أن الاعتكاف يبدأ في 20 رمضان، مضيفاً أن "من أراد الاعتكاف الليلة فليذهب إلى مسجد اللولو (باب العامود) ومسجد المئذنة الحمراء في حارة السعدية".

 

 

اقرأ أيضا: بينيت: لا نية لذبح قرابين بالأقصى.. وإبعاد المسؤول عن الدعوة


وأوضح الباحث في شؤون القدس والمسجد الأقصى، زياد ابحيص، أن المصلين الذين "طردهم" مدير المسجد الأقصى كانوا "أكثر من 200 شخص، جلّهم قادمون من الضفة الغربية لأداء عبادة الاعتكاف"، مشيراً إلى أنهم "ذهبوا إلى مسجد اللولو فوجدوه مغلقاً، في حين لم يتسع لهم مسجد المئذنة لأنه صغير جداً".

وقال لـ"عربي21" إن "الاعتكاف كان دوماً أحد المواضيع الأساسية للمواجهة بين الفلسطينيين والاحتلال"، مؤكداً تصريحات وزير الأوقاف الأردني حول قصر الاعتكاف على العشر الأواخر ليست صحيحة ولا دقيقة.

تسلسل تاريخي

واستعرض ابحيص التسلسل التاريخي للاعتكاف في رمضان، مبيناً أنه "بعد احتلال الضفة عام 1967 مباشرة؛ توقف الاعتكاف في المسجد الأقصى حتى في الليالي العشر الأواخر من رمضان، وذلك إلى سنة 1970، حيث سُمح بالاعتكاف في ليلة الـ27 منفردة".

وأضاف أنه "بحلول تسعينات القرن الماضي، إبان ظهور الحركة الإسلامية وصعودها؛ بدأ الاعتكاف يعود إلى المسجد في العشر الأواخر من رمضان"، لافتاً إلى أنه "قد يحصل أن يتمكن بعض الناس من الاعتكاف خلال السنوات السابقة لذلك، إلا أن ذلك لم يكن أمرا معتادا".

وتابع ابحيص: "في 2014 أثناء حرب غزة؛ حاول الاحتلال أن يستغل هذه الحرب ليمنع الاعتكاف نهائيا في جميع ليالي رمضان، فكانت النتيجة مواجهة حقيقية مع شباب الأقصى في 27 رمضان، حيث جرى إحراق مركز للشرطة الإسرائيلية، ما دفع الاحتلال إلى السماح بالاعتكاف في 2015 منذ الليلة الأولى من رمضان".

وأوضح أنه "في 2016 سعى الاحتلال إلى الرجوع للوضع الوسط، بحيث لا يُفتح المسجد للاعتكاف سوى في العشر الأواخر، وكان له ما أراد".

وبيّن ابحيص أنه "في 2019 أعيدت محاولة فتح الاعتكاف منذ الليلة الأولى، وتبنت الأوقاف نفس الموقف الحالي، وشارك بعض حراس الأقصى في طرد المعتكفين وإغلاق المسجد القبلي"، مضيفاً أنه "في الليلة الثانية والثالثة أصر المقدسيون على فتح المسجد للاعتكاف، ما دفع شرطة الاحتلال إلى إخلاء الأقصى من المعتكفين كل ليلة، سوى ليالي الجُمَع والعشر الأواخر".

ولفت إلى أنه "في عام 2020 كان الأقصى مغلقاً، وفي 2021 كانت القيود ما زالت قائمة، وفي السنة الحالية قرر الشباب المقدسي أن يبدأ الاعتكاف في المسجد الأقصى ابتداءً من ليلة السابع من رمضان، فقوبلوا بمنع الأوقاف لهم".

قرار سياسي

وأكد ابحيص أن "هذا السياق التاريخي يكذب تماما فكرة أن قرار الأوقاف منفصل عن إرادة الاحتلال"، مؤكدا أن "الوزارة الأردنية انتقلت بقرارها إلى موقع الإدارة الوسيطة؛ التي تعبّر عن رغبات الاحتلال، وتضفي عليها المشروعية الإسلامية".

واستهجن تأكيد وزير الأوقاف الأردني أن منع الاعتكاف ليس له "خلفية سياسية"، متسائلاً: "كيف يكون ذلك صحيحاً وهو موضوع خلاف مع الاحتلال".

ورأى ابحيص أن ما يؤكد الخلفية السياسية لهذا القرار "حصول خمسة لقاءات بين مسؤولين أردنيين وقادة إسرائيليين أساسيين، وهم قائد الشاباك ووزير الأمن الداخلي ووزير الخارجية ووزير حرب الاحتلال والرئيس الصهيوني، وتبع ذلك في بداية رمضان اتصال هاتفي من رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينيت" مع العاهل الأردني.

وتساءل: "ما هو السند الشرعي الذي اعتمدت عليه وزارة الأوقاف لمنع الاعتكاف في ليالي رمضان سوى بالعشر الأواخر في المسجد الأقصى الذي شُرع شد الرحال إليه، والسماح به في مسجد اللولو والمئذنة الحمراء التي لم يُشرع شد الرحال إليهما".

وأضاف ابحيص: "لا أستطيع أن أفهم لماذا تصر الأوقاف الأردنية على وضع نفسها في هذا الموقف، وهي التي يجب أن تعزز الاعتكاف، وتدعو الناس إلى الرباط في المسجد الأقصى للدفاع عنه".

وجاء قرار منع الاعتكاف، في الوقت الذي تحشد جماعات "الهيكل" المزعوم مناصريها لاقتحام المسجد الأقصى في "عيد الفصح"، وإقامة الطقوس فيه، ومحاولة إدخال "قربان الفصح" إلى الأقصى، مساء الجمعة القادم، الموافق 14 رمضان.

ويحل "عيد الفصح" العبري هذا العام، متقاطعاً مع الأسبوع الثالث من شهر رمضان المبارك، ما بين 16-22 من شهر نيسان/ أبريل الجاري.

يشار إلى أن دائرة أوقاف القدس، التابعة لوزارة الأوقاف والمقدسات والشؤون الإسلامية في الأردن، هي المشرف الرسمي على المسجد الأقصى وأوقاف القدس، بموجب القانون الدولي، الذي يعتبر الأردن آخر سلطة محلية مشرفة على تلك المقدسات قبل احتلالها من جانب إسرائيل.

واحتفظ الأردن بحقه في الإشراف على الشؤون الدينية في القدس بموجب اتفاقية "وادي عربة"، التي وقعها مع إسرائيل في 1994.

 

 


 

 


 

 

 

 


التعليقات (2)
محمد غازى
الجمعة، 15-04-2022 02:23 ص
ألم تثبت الحفريات ألتى قامت بها حول المسجد ألأقصى، أنه لم يكن هناك هيكل كما يدعى بنو صهيون؟ لماذا لم يتم حينها، إعلان أممى أن المسجد ألأقصى، لم يقم على أنقاض الهيكل المزعوم، وأنه خالص للمسلمين، وأن نبيهم محمد أم فيه ألأنبياء كلهم من قبل.
Alsikawi Jaffa-Palestine
الخميس، 14-04-2022 04:48 م
عن أية وصاية ورعاية للمسجد ألأقصى ألحديث، هل نسينا من سلم ألقدس وألأقصى تسليم مفتاح، من منع المقاومة في ألقدس بشكل خاص وألضفة بشكل عام، ومن يكون هذا ألمُسمى اردن أو وزير أوقافه هذا ليسمحوا أو يمنعوا، من ناحية أُخرى كيف يكون من تم إختراعه أصلآ "ألأردن" ليكون خط دفاع عن صهيون، رعاية ألمسجد ألأقصى. أدعوا كما دعت جميع ألفصال ألجميع للتوجه للأقصى وألمرابطة فيه، وسنرى حينها أي عرص أُردني يستطيع مواجهتنا.