ملفات وتقارير

ما وراء حديث الأردن عن استئناف التفاوض بين السلطة و"إسرائيل"؟

أقر وزير الخارجية الأردني بوجود تحديات تتعلق بالتركيبة السياسية الحالية للحكومة الإسرائيلية- بترا
أقر وزير الخارجية الأردني بوجود تحديات تتعلق بالتركيبة السياسية الحالية للحكومة الإسرائيلية- بترا
أثار الحديث الأخير لوزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، عن جهود "مكثفة" يقوم بها الأردن ومصر وفلسطين والولايات المتحدة، لإعادة إطلاق مفاوضات إسرائيلية-فلسطينية باتجاه "حل الدولتين"، تساؤلات حول نجاح هذه المحاولة، في ظل حكومة يمينية أكدت مرارا رفضها لهذا "الحل".

وقال الصفدي في مقابلة خاصة مع قناة "العربية"، السبت، إن "حل الدولتين هو السبيل الوحيد لحل القضية الفلسطينية، وبديل حل الدولتين هو حل الدولة الواحدة، وليس حل الدولة الواحدة حلا".

وأكد وجود جهود أردنية مصرية فلسطينية أمريكية "مكثفة" من أجل إعادة إطلاق مفاوضات جادة وفاعلة باتجاه حل الدولتين، لافتاً إلى أن "العمل الأردني ينصبّ على إيجاد أفق سياسي حقيقي للتقدم نحو السلام، وفي الوقت ذاته التحرك بشكل سريع لإيجاد أفق اقتصادي للفلسطينيين".

وأقر الصفدي بوجود "تحديات تتعلق بالتركيبة السياسية الحالية للحكومة الإسرائيلية"، لكنه أعرب عن اعتقاده بأن "الجميع يعمل من أجل إيجاد أفق حقيقي".

واعتبر أن الولايات المتحدة "شريك أساسي، ودورها قيادي، لكن دول المنطقة عليها القيام بما هو مطلوب منها، وإيجاد الظروف الكفيلة بإعادة إطلاق هذه المفاوضات" وفق قوله.

وجاءت تصريحات الصفدي بعد يومين من لقائه نظيره الأمريكي أنتوني بلينكن في واشنطن، حيث تناولا علاقات البلدين، وقضايا إقليمية، بينها الشأنان الفلسطيني والسوري، وفق بيان لوزارة الخارجية الأردنية.

"عودة الدور الأردني"

ويرى مراقبون أن اتفاقات التطبيع الأخيرة بين عمّان وتل أبيب، وانفراج العلاقات بين الجانبين؛ ساهم في عودة الدور الأردني بقوة في المنطقة، خصوصا ما يتعلق بالقضية الفلسطينية وملف المفاوضات بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي.

ورأى مدير عام الطريق مركز الثالث للاستشارات الاستراتيجية، عمر الرداد، أن "التطورات التي شهدتها العلاقات الأردنية-الإسرائيلية منذ قدوم حكومة بينيت، وفرت أسبابا جديدة للأردن ساهمت في إعادة دوره على صعيد القضية الفلسطينية.

ولفت إلى أن ذلك تزامن مع دور أردني في "قيادة الانفتاح على الحكومة السورية، في إطار ثنائي وإقليمي، عبر مشروع طاقة ضخم بالاشتراك مع مصر ولبنان، فيما تطورت علاقاته مع العراق عبر الشراكة الثلاثية بين بغداد وعمان والقاهرة".

وقال رداد لـ"عربي21" إن "مرجعيات لقاءات وزير الخارجية الأردني في هذه المرحلة، ترتبط بالتطورات المتسارعة في الإقليم، بما فيها المفاوضات الإيرانية مع أمريكا والقوى الكبرى حول الملف النووي، والتي يبدو أنها تحقق تقدما لا يظهره المحتوى الإعلامي لإيران وتلك الدول بصور مباشرة".

وتابع: "إضافة إلى ذلك؛ فهناك لقاءات بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، تؤكد مخرجاتها أن هناك أجواء جديدة تقدم فرصة لانطلاق مفاوضات جادة بين الجانبين، لا سيما أن الحكومة الإسرائيلية الجديدة تحاول تقديم صورة مختلفة عن حكومة نتنياهو، ولو بحدود تخفيض مستويات الصدام والتوتر".

ولفت رداد إلى أن الاستراتيجية الأردنية إزاء القضية الفلسطينية تقوم على جملة من الثوابت، أبرزها إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، والقدس، ووقف الاستيطان في الضفة الغربية، والتنسيق بكل ذلك أولا مع الجانب الفلسطيني، ثم مع مصر والدول العربية، بما فيها دول اتفاق أبراهام".

وأضاف: "علاوة على ذلك؛ فللأردن مصالح وحقوق متفق عليها في مفاوضات الحل النهائي، من بينها الحدود، والمياه، والأماكن المقدسة، والأمن الإقليمي".

"علاقة عضوية مع الاحتلال"

ويأتي الحراك السياسي الأردني الأخير بعد سلسلة من "الاتفاقات التطبيعية" التي عقدتها عمّان مع تل أبيب، وشملت مجالات الزراعة والمياه والطاقة وزيادة الصادرات الأردنية إلى الضفة الغربية، وكان آخرها ما سُمي بـ"إعلان النوايا" الذي وُقع في 22 تشرين الثاني/ نوفمبر الفائت، بتمويل إماراتي ورعاية أمريكية، ويقضي بتزويد دولة الاحتلال الأردن بالمياه، مقابل أن يزوِّده الأخير بالكهرباء.

ورأى المحلل السياسي هشام البستاني، أن "الدور الحالي للأردن الرسمي؛ هو الالتحاق بالكيان الصهيوني بالمعنى العضوي العميق، من خلال اتفاقات الطاقة والكهرباء والمياه التي أبرمها معه، والتحول الوظيفي إلى معبر لمتطلبات الدمج الإقليمي لإسرائيل مع محيطها".

وقال لـ"عربي21" إن "الأردن يسعى من خلال لقاءاته الخارجية، للتعمية على تبعيته الارتهانية للكيان الصهيوني في المجالات الاستراتيجية الكبرى (الطاقة والكهرباء، ومؤخرا المياه)"، لافتا إلى أن "الإدانة الأردنية للاستيطان وللانتهاكات الإسرائيلية في القدس وغيرها، دون فك ارتباطه مع من يرتكب كل هذه الجرائم، تمثل خطا كلاميا فارغا".
 
وأشار إلى أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب "أهمل الدور الأردني لهامشيّته، وخطا خطوات كبرى في تنفيذ ما سمّاه بصفقة القرن، دون أي اعتبار أو إعلام للأردن الرسمي"، مضيفا أن الرئيس الحالي للولايات المتحدة جو بايدن "يسير على النهج ذاته، مع فارق إدراج الأردن الرسمي في مشاوراته وحسب".

وأوضح البستاني أن "ثمة خللا هائلا في موازين القوى بين الفلسطينيين من جهة، والصهاينة من جهة أخرى، وخللا آخر بموازين القوى بين مجمل المجموعات العربية الحاكمة وتوجّهاتها ووظيفيّتها، وبين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية وشراكتهما العضوية المستمرة".

وتابع: "الحديث عن أي مفاوضات في ظل اختلال توازن القوى الفادح هذا؛ هو غطاء لمزيد من المكاسب الصهيونية، والعلاقات بين الصهاينة والمحيط الرسمي العربي، وإضاعة حقوق الفلسطينيين، وتفكيك العدالة التاريخية المأمول تحققها، وترسيخ الظلم التاريخي الذي يمثله المشروع الاستعماري الاستيطاني الصهيوني".

وقال البستاني إن هناك توجها واضحا في المنطقة لإنهاء "لاطبيعية" و"لاشرعية" المشروع الاستعماري الاستيطاني الصهيوني، وتطبيعه بشكل كامل ونهائي في المنطقة، وإغلاق هذا الملف، وتحويل "فلسطين" و"الفلسطينيين" إلى قضايا إجرائية وفنية تبحث إلى ما لا نهاية، وتنتهي مع الوقت.

ولفت إلى أن "اتفاقيات أبراهام تمثل خطوة على هذا الطريق، إضافة إلى الترويج لرئيس حكومة الاحتلال الحالي، اليميني المتطرف نفتالي بينيت، على أنه شخص يمكن التفاهم معه؛ بالمقارنة مع سلفه نتنياهو".

وأضاف البستاني: "ناهيك عن ربط خطوط الغاز وشبكة الكهرباء العربية بإسرائيل، وإيصالها إلى لبنان عبر سوريا، وهو الطريق الذي سيؤدي إلى الإدماج العضوي العميق والقسري للصهاينة في بنية المنطقة، مع إعطائهم اليد العليا فيها".

وتجدر الإشارة إلى أن الأردن مرتبط بـ"اتفاقية سلام" مع "إسرائيل" منذ عام 1994، في ما عرف باتفاقية "وادي عربة" (صحراء أردنية محاذية لفلسطين)، والتي نصت على إنهاء حالة العداء بين البلدين، وتطبيق أحكام ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي بشأن العلاقات بين الدول.

وفي عام 2016، وقّع الأردن اتفاقية لشراء الغاز من "إسرائيل"، تنص على تزويد الأردن بنحو 45 مليار متر مكعب من الغاز، على مدار 15 عاما، اعتباراً من كانون الثاني/ يناير 2020.
التعليقات (0)