كتاب عربي 21

عباس إذ يشارك في المؤامرة ويستخفّ بشعبه.. أين الحل؟

ياسر الزعاترة
1300x600
1300x600

يواصل محمود عباس ارتكاب المحرّمات الوطنية، على نحو لم يعرفه التاريخ الفلسطيني منذ "الانتداب"، الأمر الذي لا يفاجئنا في واقع الحال، فمن تجرّأ على الوقوف على الضد من إجماع الشعب الفلسطيني وقواه، وعلى الضد من رئيسه (عرفات حينها)؛ أعني في "انتفاضة الأقصى"، ثم رضي أن يُستخدم من قبل أعداء الشعب في التآمر على ذلك الرئيس؛ لن يُستغرَب منه أن يذهب أبعد من ذلك بكثير، وهو ما نتابعه منذ وراثته للرئاسات الثلاث عام 2004.


بعد يومين من مشاركته عبر وزير خارجيته؛ بجانب مصر والأردن، في لقاء في القاهرة، لم تكن خلاصته غير دعم مسار "السلام الاقتصادي"، وبغياب أي أفق سياسي؛ فاجأ عباس الشعب الفلسطيني بسهرة في بيت وزير حرب الاحتلال (غانتس) في القدس، وبحضور ذراعيْه في التعاون مع الغزاة (حسين الشيخ وماجد فرج).


لمجريات اللقاء روايتان، وكلتاهما تثيران القهر والسخرية في آن.


الأولى هي رواية الوزارة التي يقودها (غانتس)، والتي أصدرت بيانا قالت فيه إنه وعباس تباحثا في "قضايا أمنية ومدنية على المحك"، مضيفة أن اللقاء "ركّز على الاهتمام المشترك بتعزيز التنسيق الأمني، والحفاظ على الاستقرار الأمني، ومنع الإرهاب والعنف"، وأن غانتس أبلغ عباس "أنه يعتزم مواصلة الإجراءات الهادفة إلى تعزيز الثقة في المجالين الاقتصادي والمدني".


ولكي يكتمل مشهد السخرية، أخبرتنا القناة التاسعة الإسرائيلية عن ماهية المكافآت التي سيقدّمها "غانتس" لعباس، والتي كانت كالتالي: "نحو 30 مليون دولار (مدفوعات ضريبية)، تحديث بيانات 6000 فلسطيني من الضفة الغربية و3500 من قطاع غزة، لأسباب إنسانية (المقصود تجديد هوياتهم الإسرائيلية التي تسمح لهم بالدخول والخروج)، و600 تصريح لكبار رجال الأعمال الفلسطينيين، بالإضافة إلى 500 تصريح لدخول إسرائيل بالسيارة، وعشرات من بطاقات الـ"VIP" لمسؤولين في السلطة".


الرواية الأخرى قدّمها وزير الشؤون المدنية في السلطة (حسين الشيخ)، حيث قال: "التقى السيد الرئيس محمود عباس بالوزير بني غانتس، حيث تناول الاجتماع أهمية خلق أفق سياسي يؤدي إلى حل سياسي وفق قرارات الشرعية الدولية، وكذلك الأوضاع الميدانية المتوترة بسبب ممارسات المستوطنين، وتناول الاجتماع العديد من القضايا الأمنية والاقتصادية والإنسانية".


لاحظوا كيف قدّم (الشيخ) الجانب السياسي على الجوانب الأخرى في اللقاء، وهو ما يثير السخرية أيضا لسببين؛ الأول أن الكل يعرف أن اللقاء لم يكن لأجل التفاوض وفتح أفق لحل سياسي، بل لأجل القضايا الأمنية، وحيث يريد الاحتلال ضمان الهدوء في الضفة، وسط مخاوف اشتعالها من جديد. أما السبب الثاني، فيتمثل في سؤال حل سياسي يطارده عباس منذ 17 عاما بلا جدوى، ويأتي الآن كي يقنعنا بإمكانيته مع أكثر رؤساء الحكومات تطرّفا (بينيت)، والذي يصرخ بلاءاته الوقحة كل يوم، ضد "الدولة الفلسطينية"؛ أيا كانت، وضد وقف الاستيطان والتهويد.


الأكثر إثارة للسخرية في المشهد يتمثل في طقس احتفالي له دلالاته، حيث أهدى "غانتس" عباس عبوة من زيت الزيتون "الإسرائيلي"، بحسب تعبيره!


لقاء العار المذكور جاء بعد أسابيع من تصعيد القمع والاعتقالات في الضفة الغربية، ومن تصاعد اعتداءات المستوطنين، ومن جملة تصريحات وممارسات إسرائيلية تستخف بالشعب الفلسطيني، وكل ذلك مقابل سلسلة من العمليات البطولية التي أثارت مخاوف الصهاينة من اندلاع انتفاضة جديدة في الضفة، الأمر الذي استدعى جلب عباس إلى بيت "غانتس"، كي يتم التأكيد على استمراره في جلب الهدوء (أكد ذلك دون مواربة)، في حين كان قادة الكيان يضغطون على الأمريكان والأوروبيين كي يدعموا السلطة ماليا كي لا تنهار.


ما يجب التأكيد عليه مرارا وتكرارا هنا هو أن ما يقترفه عباس راهنا، هو ركن أساسي من التمهيد لمشروع "السلام الاقتصادي" الذي يتبناه "بينيت" وكل ساسة الكيان، والذي يقوم على ترك قضايا السياسة والحلول، والحديث عن الهدوء والاستثمار، مع توسيع دوائر التطبيع العربي، وصولا إلى تجميد القضية، وجعل المؤقت دائما، وقد يتطوّر الأمر إلى مشروع "الوطن البديل"، أي ربط الضفة الغربية كسكان مع الأردن، وكل ذلك عبر تهجير ناعم وفق سياسة الحدود المفتوحة، وفي ظل صعوبة وضع الفلسطينيين في "الكانتونات" التي يعيشون فيها راهنا.


هذه السياسة يدعمها "بايدن" والحزب الديمقراطي الذي يعرف أن أحدا لا يمكنه التوقيع على حل سياسي بالتفاصيل التي يريدها الصهاينة، والتي لا تعترف للفلسطينيين بأي شبر من فلسطين، بل فقط بإمكانية العيش، لأن اعترافا كهذا، ينسف رواية الغزاة من أساسها (تغريدة الناطق باسم خارجية أمريكا كانت واضحة في "الترحيب بلقاء عباس وغانتس"، وبحديث عن "الأمن والحرية والازدهار"، دون ذكر للحل السياسي).


كيف يمكن الرد على هذه السياسة التي ينتهجها عباس، وفي ظل استمرار "قبيلته الحزبية" (فتح) في منحه الولاء والشرعية، بل وفي ظل صعوبة القول إن ورثته سيختطون مسارا آخر غير مساره؟
لا بد من تفاهم قوى المقاومة، وبخاصة (حماس والجهاد والجبهة الشعبية) على صيغة جديدة لقيادة الشعب الفلسطيني، وإعلان البراءة من عباس وسياساته، واستقطاب شرفاء من فتح، بجانب رموز مستقلين من شعبنا في الداخل والخارج، وكل ذلك في معرض فتح أفق جديد للقضية.


أما الأهم من ذلك، فهو ما قلناه سابقا، ونقوله ممثلا في العمل على تصعيد المقاومة في الضفة بكل وسيلة ممكنة، وبخاصة عبر العمليات الفردية التي تعلن الفصائل تبني منفذيها، وإبعاد الفاشلين من هذه القوى عن إدارة الملف، وصولا إلى إطلاق الانتفاضة رغم أنف عباس.


كل ذلك، مع حملة إعلامية وسياسية لا تتوقف لفضح هذا المسار، وتجريم من يختطونه، ومن يؤيدونه، ووقف التعامل معه كاجتهاد سياسي مقبول.

1
التعليقات (1)
هذا وقت القتال وليس وقت الكلام - صوت الفقر يعلو فوق كل الأصوات
الأحد، 02-01-2022 12:15 ص
يا رجل الكل مشارك في المؤامرة، حتى كورونا واللقاحات مؤامرة، حياتنا منذ زمن بعيد مؤامرة علينا وحتى يومنا هذا، بدء رسالة الإسلام كانت هناك مؤامرة بل مؤامرات، ثم يخرج علينا أناس أغبياء وجهلة يرفضون مبدأ المؤامرة الذي قام النظام العالمي الجديد بتسخيف هذه المؤامرة ثم بعد ذلك وبعد فوات الأوان تكتشفون بأنها مؤامرة ويكون الأوان قد فات وقد حقق النظام العالمي أهدافه، حتى العلم لم يترك للعلماء وأصبح سياسة، حتى أفضى العلماء يسوقون مؤامرات علينا.