ملفات وتقارير

محللون يتحدثون بذكرى "هروب" الاحتلال من غزة في 2005

الشعب الفلسطيني بمقاومته استطاع إخراج المحتل من أكثر من 40 في المئة من الأراضي التي كان يسيطر عليها في القطاع- جيتي
الشعب الفلسطيني بمقاومته استطاع إخراج المحتل من أكثر من 40 في المئة من الأراضي التي كان يسيطر عليها في القطاع- جيتي

مع حلول الذكرى الـ16 لإتمام الاحتلال الإسرائيلي انسحابه الميداني الكامل من قطاع غزة، تسلط "عربي21" الضوء على أبرز الدروس واستخلاصات هذا الهروب الذي تم بحسب مختصين، بفعل ضربات المقاومة الفلسطينية وإبداعها في ابتكار أساليب جديدة. 

ومرت أمس الأحد، الذكرى الـ16 لانسحاب الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة، والذي تم بشكل نهائي في 12 أيلول/ سبتمبر 2005، تاركا خلفه نحو 21 مستوطنة كانت جاثمة على 35 في المئة تقريبا من مساحة القطاع البالغة 360 كيلومترا مربعا، علما بأن عملية الانسحاب على أصح التقديرات بدأت في 15 آب/ أغسطس 2005، حيث بدأ جيش الاحتلال بالانسحاب من القطاع الذي احتله عام 1967. 

إحباط الاحتلال 

 
وحول أهم الدروس المستفادة من انسحاب الاحتلال من القطاع، والذي تتزامن ذكراه هذا العام مع تصاعد عدوان جيش الاحتلال على كافة مركبات الشعب الفلسطيني وأماكن تواجده، أوضح أستاذ التاريخ الفلسطيني، النائب في المجلس التشريعي عاطف عدوان، أن "أول الدروس المستفادة؛ أن من يصر على حقة ويتمسك بالمقاومة، فلا بد أن يحقق ما يصبو إليه"، مؤكدا أن "قطاع غزة، مثل بؤرة لمقاومة الاحتلال". 

وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "الضغط المتواصل على العدو، جعل احتلاله للقطاع مكلفا أكثر من قدرته على الاستفادة، وجعله يفكر جديا في الهروب من القطاع، إضافة إلى أن المقاومة استخدمت أساليب جديدة لم يكن الاحتلال قادرا على مواجهتها، ومنها الأنفاق"، في إشارة منه لعملية حاجز "محفوظة" شمال مدينة خانيونس جنوب القطاع بتاريخ 27 حزيران/ يونيو 2004، والتي نفذتها "كتائب القسام" عبر تفجير نفق امتد تحت هذا الموقع العسكري، وأدى إلى مقتل وإصابة العديد من جنود الاحتلال. 

وأكد عدوان، أنه "كلما استحدثت المقاومة أساليب ووسائل جديدة، أوقع ذلك في نفس العدو الإحباط وعدم القدرة على تطوير أدواته لمواجهة هذه الوسائل، وهذا يؤكد أن المقاومة الفلسطينية لديها رؤى إبداعية"، منوها إلى أن "الشعب الفلسطيني المحاصر، شعب أصيل قادر على فهم طبيعية المعادلة العسكرية والأمنية ومعادلة الصمود، لذا فإنه استطاع أن ينجز في هذا المجال ويصبر مع المقاومة ويدعمها بكل قوة، وهذا مثل للمقاومة حاضنة شعبية حقيقة". 

وبين أنه "في حال تضافرت جهود المقاومة مع قبول أبناء المجتمع، فإن هذا يمثل أرضية متماسكة وقوية، تستطيع المقاومة أن تلجأ إليها في أي وقت وظرف، وبالتالي فإن هذه الشراكة يمكن أن تحقق إنجازات عالية في مجال المواجهة مع العدو، وهذا ما يمكن الاستفادة منه في الضفة والقدس، ابتكار وسائل للمقاومة جديدة مع الحرص على التماسك الشعبي وتنمية حاضنة المقاومة". 

قاعدة صلبة  

 
ونبه النائب الفلسطيني، إلى ضرورة أن "يكون لدى المقاومة دائما ما تفاجئ به العدو، وعندها، إذا وجد العدو أنه غير قادر على مواجهة هذه التطورات، فإنه سيشعر بالخيبة وعدم القدرة على الصمود". 

ومن بين النتائج والاستخلاصات المستفادة من انسحاب الاحتلال، نوه إلى أن "المقاومة تمكنت من أن تقيم في القطاع قاعدة للإسناد الحقيقي لها وللقضية الفلسطينية، فتمكنت من تطوير أسلحتها، وتجميع المجتمع الفلسطيني ليمثل قاعدة صلبة للمقاومة، حتى أصبحت غزة قلعة حقيقية في مواجهة الاحتلال". 

ورأى أستاذ التاريخ، أنه "لو لم يكن هناك هروب إسرائيلي، لما استطاعت المقاومة أن تجد السند وأن تمثل شوكة في حلق العدو الإسرائيلي، فكان هروب الاحتلال، خيرا للمقاومة ولمستقبل شعبنا الفلسطيني".


اقرأ أيضا: تقدير إسرائيلي: الانسحاب من غزة خطأ فادح استفادت منه حماس


من جانبه، أكد الخبير في الأمن القومي، إبراهيم حبيب، أن "الشعب الفلسطيني بمقاومته استطاع إخراج المحتل من أكثر من 40 في المئة من الأراضي التي كان يسيطر عليها في القطاع (مستوطنات وحواجز وثكنات أمنية)، وهذه الذكرى، تأتي لترسخ معنى المقاومة وجدية أحقيتها في قيادة الشعب الفلسطيني، سيما أنها هي التي لعبت الدور الرئيسي في إجبار الاحتلال على الخروج من القطاع". 

ونبه في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن "المقاومة تمكنت من رفع كلفة الاحتلال في القطاع، وهنا نستذكر مزاعم أرئيل شارون (رئيس وزراء الاحتلال الأسبق) عندما كان يتبجح بأن مستوطنة "نتساريم" في غزة كتل أبيب، وبعدها خرج منها صاغرا بفضل ضربات المقاومة". 

ولفت حبيب، إلى أن "ما دفع الاحتلال إلى الخروج بشكل رئيس كانت المقاومة، عندما استطاعت أن تضربه في المستوطنات والمواقع العسكرية على امتداد القطاع، وهو ما لم تفعله أي اتفاقيات". 

نمو المقاومة  

 
وأضاف: "مما سبق، يتضح أن الدرس الأول المستفاد؛ أن المقاومة هي الحل، وهي الطريق الوحيد الذي يمكن من خلاله أن نجبر الاحتلال على الرحيل عن أرضنا، وأي مفاوضات لن تجدي، والاحتلال يريد المفاوضات لكسب الوقت ولتحسين صورته أمام المجتمع الدولي، ولكي يحول بعضنا إلى مقاول أمني من الداخل، وهذا حال السلطة اليوم في الضفة الغربية المحتلة". 

وأوضح أن "الاحتلال فشل في كل هذا عندما انسحب من القطاع، وانكسر مشروعه بشكل أساسي، واستطاعت المقاومة الفلسطينية أن تبني نفسها بشكل كبير"، مؤكدا أن "الانسحاب الإسرائيلي من القطاع، أفسح المجال للمقاومة للازدهار والتقدم وتطوير ذاتها، ومنحها القدرة فيما بعد على كسب رأي الناس والفوز في انتخابات 2006، حتى إنه حينما حاول البعض من أفراد جلدتنا أن يتلاعب وينفذ أجندات خارجية، كانت له المقاومة بالمرصاد، واستطاعت أن تحافظ على كيان القطاع". 

وذكر الخبير الأمني، أن "هذا الحفاظ، كان له مردود إيجابي عندما سخرت كل منظومة الحكم لصالح المقاومة، ورأينا المنظومة الصاروخية للمقاومة كيف وصلت إلى كل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهذا بفضل التراكمات التي أفرزتها عملية الانسحاب الصهيوني من القطاع، ونجحت المقاومة في استثمارها". 

وعن كيفية الاستفادة من هذه الدروس والاستخلاصات في الخلاص من الاحتلال في باقي الأراضي المحتلة، نوه إلى أن "البيئة مختلفة لكن التجربة واحدة، وهذا يتطلب إطلاق يد المقاومة وتكثيف نشاطها ضد المحتل الصهيوني، ما سيجعل الاحتلال يحسب ألف حساب للمقاومة، وينظر إلى الكلفة العسكرية الكبيرة التي سيدفعها، ومن ثم دفعه لسلوك مسارات أخرى". 

وتابع حبيب: "أما أن يبقى الاحتلال وجيشه ينعم بالأمن نتيجة لوجود مقاول أمني من الداخل، فهذا وبال على شعبنا حتى هذه اللحظة، وهذا يتطلب إطلاق يد المقاومة في الضفة والقدس، لأنها الطريق الأسهل لنيل الحرية وإجبار الاحتلال على الرحيل عن أرضنا". 

وفي تقرير سابق لـ"عربي21"، حذرت فصائل فلسطينية من تواصل سياسة تشديد الحصار على قطاع غزة، لأن الانفجار قادم في وجه الاحتلال الإسرائيلي الذي دحر عن غزة، مطالبة الوسطاء والمجتمع الدولي بلجم إجراءات الحكومة الإسرائيلية. 

اقرأ أيضا:  بذكرى انسحاب الاحتلال من غزة.. فصائل لعربي21: الانفجار قادم 


التعليقات (0)