ملفات وتقارير

هل تغير موقف القاهرة من حفتر ومشروعه عقب زيارة "دبيبة"؟

دبيبة زار القاهرة في أول جولة خارجية له- الرئاسة المصرية
دبيبة زار القاهرة في أول جولة خارجية له- الرئاسة المصرية

أثارت زيارة رئيس الوزراء الليبي الجديد عبد الحميد دبيبة إلى القاهرة، ردود فعل على أكثر من صعيد، خاصة بعد تعهد القاهرة بدعم السلطة الجديدة والشعب الليبي.


وتطرح الزيارة التي تعد الأولى لدبيبة خارج البلاد، تساؤلات حول التوجه الجديد في ليبيا، وهل أنهى الدعم المصري لحفتر ومشروعه، أم إن ما تقوم به القاهرة هو تكتيك لكسب الوقت وتحين الفرصة.


وفي هذا السياق أكد عدد من الخبراء في تصريحات خاصة لـ"عربي21" على عدم تخلي مصر وشركائها بليبيا عن مشروع حفتر بشكل نهائي، وليس بالضرورة عبر شخص حفتر، ولكن من خلال أكثر من سيناريو.. فإما بتحيّن الفرصة والانقضاض مرة أخرى وتحقيق المشروع عسكريا إذا سمحت الفرصة، أو توظيف الانتخابات القادمة في تحقيق هذا المشروع بالدفع بمن يمثلونه سواء حفتر أو نجل القذافي.


ومؤخرا استقبل قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي رئيس الحكومة الليبية الجديدة عبدالحميد دبيبة، مؤكدًا حرص مصر على تقديم جميع خبراتها وتجربتها لخدمة ليبيا، وتعد هذه الزيارة الأولى لدبيبة خارج ليبيا وهو ما جعلها تحمل أهمية خاصة وتطرح حولها الكثير من التساؤلات.


تكتيك وانقضاض وترقب


وفي سياق تعليقه على هذه الزيارة أكد مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير عبدالله الأشعل، على أن التوجه المصري الأخير تجاه ملف الأزمة الليبية يأتي بضغوط أمريكية، خاصة بعد وصول جو بايدن للبيت الأبيض والذي طالب بمعالجة جديدة لمناطق النزاع بالشرق الأوسط، وتمثل ذلك في تعليمات واضحة ومباشرة للسعودية والإمارات بتسوية الملف اليمني، وكذلك تعليمات لمصر بتسوية الملف الليبي، وعليه فقد صارت مصر جزءا من الحل وعدم التصعيد العسكري والابتعاد عن الطرح الروسي المؤيد للشرق الليبي بقيادة حفتر من خلال إرسال المرتزقة هناك.

 

اقرأ أيضا: لماذا رفض دبيبة لقاء حفتر خلال زيارته للشرق الليبي؟

وحول ما إذا كان ما يجرى من جانب مصر هو عن قناعة أم تكتيك، فقد قال الأشعل لـ"عربي21" إن "ما يجري هو تكتيك لاحتواء الموقف وعدم الصدام مع واشنطن في هذا التوقيت، لأن معسكر داعمي حفتر مؤمنون بمشروعه وليس بالضرورة بشخصه، وربما يكون هناك انقضاض في أي وقت بالتنسيق مع روسيا والإمارات إذا سنحت الفرصة، خاصة أن مصر تريد أنظمة عسكرية بالدول المحيطة بها لتعمق تجربتها بالمنطقة والتغطية على ما جرى من انقلاب السيسي، وهو ما تم بالسودان وما كان وشيكا بليبيا".


وأوضح الأشعل أنه "في حال عدم التمكن من العودة إلى المشروع العسكري بقيادة حفتر، فإن هناك فرصة أخرى يحشد لها الجميع، وهي الانتخابات التي ستعقد في ديسمبر القادم، وكل ما يجرى الآن هو في سياق المرحلة الانتقالية، ولكن الحسم الحقيقي للوضع سيكون خلال هذه الانتخابات"، مؤكدا أن "هذه الانتخابات ستكون معركة ساخنة وكل طرف سيدفع بكل أوراقه ورجاله، فإذا لم يتم طرح حفتر فإنه يمكن طرح سيف الاسلام القذافي ممثلا عن معسكر الشرق وفي المقابل سيكون معسكر الغرب منتبها لذلك جيدا ولن يسمح بعودة الثورة المضادة مرة أخرى".


خضوع لإدارة بايدن


من جانبه أكد أستاذ العلاقات الدولية بجامعة عمر المختار والمهتم بالشأن الليبي سيد أبو الخير على ما ذهب إليه الأشعل، مشيرا إلى أن ما تقوم به مصر بشأن الأزمة الليبية مؤخرا، يأتي استجابة لرغبة أمريكية خاصة في ظل الإدارة الجديدة بقيادة جو بايدن التي تريد تصفير الأزمات بالوطن العربي وخاصة ليبيا.

 

اقرأ أيضا: ما سر توقيت زيارة رئيس حكومة ليبيا الجديد إلى مصر؟

وأضاف لـ"عربي21" أن "الإدارة الأمريكية تدعم تبني حل سياسي وإبعاد خليفة حفتر عن المشهد، مشيرا إلى حرص مصر على حماية قوات حفتر، حتى لا يسيطر الثوار على ليبيا كاملة وكذلك ليكون لها يد فى الترتيبات النهائية فى ليبيا، وهو جزء من الخطة الأمريكية لضمان عدم خروج ليبيا عن الهيمنة الأمريكية في نهاية المطاف وحتى يكون لها دور في الانتخابات المقبلة، فما زالت مصر تحتفظ بعلاقات قوية مع بعض قبائل الشرق في محاولة منها للتأثير على النظام القادم في ليبيا".


توجه وقناعة وتحرك مدروس


أما الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والمتخصص في العلاقات العربية، سامح راشد فقد أكد  أن ما تقوم به مصر هو تحرك محسوب ومدروس وبقناعة تامة وبرؤية واضحة وتصرف براغماتي يحقق المصلحة المصرية، انطلاقا من سياسة مصرية معتدلة بين أطراف عديدة لها رؤيتها وأجندتها.


وحول الرسائل التي ترسلها هذه الزيارة ودلالاتها أكد راشد لـ"عربي21" أن مصر متمسكة بالحل السياسي بليبيا على أن يكون ذلك بأيدي الليبيين وليس بأيدي آخرين، مشيرا في ذلك إلى قبول مصر لمبادرات عديدة سابقة، ومؤكدا أن هذا كان توجها مصريا، خاصة في السنتين الأخيرتين، "تحديدا بعد فشل هجوم حفتر على طرابلس وهو الذي أكد أن الحل العسكري لن يكون سهلا، وهو ما استشعرته القاهرة عقب هذا الفشل وتبنت الطرح السياسي لاحقاً".


وحول مدى التمسك بحفتر كورقة من جانب داعميه سواء مصر أو غيرها، فقد أكد الباحث بمركز الأهرام أن "ألف باء السياسة تقول، إن من معه ورقة يلعب بها في أي أزمة سياسية لا يمكن الإلقاء بها سريعا، بل إنه يظل متمسكا بها لآخر لحظة، لتحقيق أقصى مكسب وهنا ليس حفتر كشخص ولكن كمشروع، لافتا إلى أن الانتخابات القادمة ستكون مسرحا مهما لاستعمال هذه الأوراق، سواء بالدفع بحفتر أو بعقيلة أو بسيف الاسلام القذافي، لتمثيل واستكمال مشروع حفتر وهو ما ستكشف عنه هذه الانتخابات".

التعليقات (0)