صحافة إسرائيلية

"هآرتس": الاحتلال يسعى إلى تصفية محكمة الجنايات الدولية

أقرت المحكمة الدولية بأن فلسطين تعتبر دولة وللمدعية صلاحية فتح تحقيق حول جرائم حرب إسرائيلية- الأناضول
أقرت المحكمة الدولية بأن فلسطين تعتبر دولة وللمدعية صلاحية فتح تحقيق حول جرائم حرب إسرائيلية- الأناضول

أكدت صحيفة عبرية، أن الحكومة الإسرائيلية بزعامة المتهم بالفساد بنيامين نتنياهو، تعمل جاهدة خلال الأسابيع القادمة، على تصفية محكمة الجنايات الدولية، وهي المحكمة الأولى التي شكلتها الإنسانية.

الاحتلال تجاوز الخطوط 

وأوضحت صحيفة "هآرتس" في مقال للكاتب ميخائيل سفارد، وهو محام إسرائيلي وناشط سياسي متخصص في قانون حقوق الإنسان الدولي وقوانين الحرب، أن "حكومة إسرائيل تتفاخر بالتعبير عن اعترافها بأهمية وضرورة وجود محكمة تقوم بتنفيذ تطبيق ناجع لسلطة القانون، وتمنع الحصانة عن "مجرمين دوليين"، كما أنها ساهمت بحماس في كل مراحل إعداد دستور محكمة الجنايات الدولية"، منوهة إلى أن هذا "الاقتباس تم أخذه من بيان إسرائيل أثناء توقيعها على ميثاق روما". 

وأضافت: "القلائل يعرفون ذلك، لكن في اليوم الأخير من عام 2000 وقعت إسرائيل على ميثاق روما الذي يعتبر دستور محكمة الجنايات"، موضحة أن "إسرائيل أعلنت فيما بعد، أنها لن تصادق على الدستور، لذلك فهي لم تصبح عضوة في المحكمة". 

وأشارت الصحيفة، إلى أن "الأمر استغرق خمسين سنة حتى نجح المجتمع الدولي في تشكيل هيئة قضائية ثابتة ودولية، ستقوم بالحكم على أشخاص متهمين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم عدائية.."، مضيفة أنه "منذ 1948 (عام النكبة الفلسطينية وطرد الشعب الفلسطيني من وطنه على يد العصابات الصهيونية) عند طرح الفكرة لأول مرة في قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة وحتى 1998، عندما تم طرح ميثاق روما للتوقيع فقد كانت إسرائيل تطمح للوقوف على رأس المؤيدين لتشكيلها". 


وقالت: "هكذا كان الأمر، لكنه لم يستمر، ففي السنوات الأخيرة تجاوزت إسرائيل الخطوط، وتسلحت بشكل جيد قبيل حرب غير تقليدية ضد جسم أيدت تشكيله في السابق، وفي الأسابيع القادمة تنوي الحكومة الإسرائيلية إخراج خطتها إلى حيز التنفيذ، الأمر العسكري نحو هدف طموح؛ هو تصفية محكمة الجنايات الدولية الأولى التي شكلتها الإنسانية".

 

اقرأ أيضا: جنرال : 3 قضايا مقلقة في "الجنائية".. منها المستوطنات

ولفتت إلى أنه "من أجل معرفة كم هو حقيقي وكبير الخطر الذي تتعرض له المحكمة، فيجب معرفة إلى أي زاوية أدخلها الملف الفلسطيني، فالمحكمة بدأت نشاطها في 2002، وتضم في عضويتها أكثر من 120 دولة، علما بأن الولايات المتحدة والصين وروسيا ليست أعضاء بها، ولأن هذه الدول العظمى الثلاث معادية لها، فإن القوة السياسية والتمويلية جاءت من دول غرب أوروبا، وجميعها أعضاء فيها، حيث يعتبر تشكيلها ضمانا، أن من ارتكبوا الجرائم لن يتهربوا من القانون". 


ونوهت "هآرتس"، إلى أنه "منذ تشكيل المحكمة فقد قدمت لوائح اتهام ضد 9 دول أفريقية، ما يفسر الانتقاد الشديد جدا الذي وجه لها في السنوات الأخيرة، فرغم أنها محكمة دولية، إلا أنها فعليا تحولت إلى محكمة لجرائم الأفارقة، وأنها تسري على الضعفاء سياسيا، وهناك من يقولون، إنه نظرا لأن دول غربية تنفذ جرائم، لكن لا تتم محاكمتها في المحكمة، فإن الأمر يتعلق بذراع كولونيالية إمبريالية أخرى للغرب". 

ورقة تخيف تل أبيب 

وأكدت أن "هذا الانتقاد أوجد خطرا حقيقيا على المحكمة، ودول كثيرة في أفريقيا هددت بإلغاء التوقيع..، وبناء على ذلك، فقد طلبت المدعية العامة الأولى من قضاة المحكمة التقرير بأنه يوجد لها صلاحية لمناقشة الاشتباه بارتكاب جرائم تم تنفيذها في إطار النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني، ما وضع المحكمة أمام معضلة شديدة".. 


من جهة، فإن "رفض الطلب سيؤكد الشبهة وسيزيد انتقاد المحكمة، أنها تخشى مواجهة دولة غربية، وأنها تفضل التركيز على المجرمين من دول ضعيفة سياسيا وعسكريا واقتصاديا"، مؤكدة أن "إسرائيل معروفة في العالم، كمرتكبة جرائم تسلسلية؛ بناء المستوطنات، الهجمات على قطاع غزة التي تسببت بقتل آلاف المدنيين، ونظام الأبرتهايد الواضح الذي أوجدته". 

ومن جهة أخرى، فإن "الهرب من التحقيق مع الإسرائيليين يمكن أن يقود لموجة انسحابات من المحكمة تعرض أساس وجودها، كما أن البدء في التحقيق مع الإسرائيليين سيقود المحكمة بشكل مباشر إلى شفا الهاوية، حيث إن إسرائيل قوية سياسيا في العالم، وهي لا تخجل من شن حرب على القانون الدولي". 

 

اقرأ أيضا: الاحتلال يعين ضابطا رفيعا لمواجهة قرار محكمة لاهاي

وفي سياق حربها ضد محكمة الجنايات، فإنها "في القريب ستستخدم إسرائيل ضغطا غير مسبوق على دول في غرب أوروبا من أجل تهديدهم بالانسحاب، ولكن هل دولة مثل ألمانيا، ستصمت أمام هذا الضغط؟ هل تستطيع سياسيا تسليم إسرائيليين يهود ستصدر ضدهم أوامر اعتقال؟.. لأنه لا توجد إمكانية لتكون عضوة في المحكمة ولا تنفذ الأوامر التي يصدرها القضاة فيها"، معتبرة أن "انسحاب دول غربية من المحكمة سيؤدي إلى نهايتها"، بحسب الصحيفة. 


ورأت أنه "من الصعب رؤية كيف ستحل هذه المعضلة، ولكن المؤكد في هذا الجانب، أنه للمرة الأولى يوجد للفلسطينيين ورقة تخيف جدا إسرائيل". 


وذكرت "هآرتس"، أن "قرية الخان الأحمر على سبيل المثال، إذا كانت إسرائيل تريد أن تساعدها كل من ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وغيرها من الدول، فالحد الأدنى الذي ستطلبه منها، عدم تنفيذ المزيد من جرائم الحرب، لذلك، فإن إخلاء الخان الأحمر يبدو أبعد من أي وقت مضى"، منبهة إلى أن "عدم ارتكاب جرائم حرب أحيانا يكون هو الخيار". 

وقررت الدائرة التمهيدية الأولى للمحكمة الجنائية الدولية الجمعة الماضي، بشأن الاختصاص الإقليمي للمحكمة في الأراضي الفلسطينية التي تحتلها "إسرائيل" منذ عام 1967، وهو ما يمهد للتحقيق بشأن انتهاكات وجرائم الاحتلال.   

وأقرت المحكمة الدولية بأن "فلسطين تعتبر دولة، ولذلك يوجد للمدعية صلاحية فتح تحقيق حول جرائم حرب في الضفة الغربية، قطاع غزة والقدس الشرقية".

التعليقات (0)