تقارير

جامعات فلسطين.. معاناة بالتأسيس ودور أكاديمي ووطني في الصمود

الفلسطينيون اتجهوا إلى التعليم مبكرا واتخذوه أداة لمقاومة الاحتلال- (جامعة بيرزيت)
الفلسطينيون اتجهوا إلى التعليم مبكرا واتخذوه أداة لمقاومة الاحتلال- (جامعة بيرزيت)

يعتبر الفلسطينيون التعليم ضرورة ملحة وليس ترفا أو لرفع المستوى الاجتماعي لهم، فقد تسببت عمليات اللجوء بعد حربي عام 1948 و1967 ونزوحهم عن أراضيهم وفقدانهم للكثير من أملاكهم في أن أصبح التعليم حاجة ماسة بسبب فقدان مصادر الرزق الأخرى وعدم وجود دولة توفر لهم التعليم والوظائف. 

فبعد "النكبة" لم يجد الفلسطينيون أمامهم سوى التعليم وباتت العائلة الفلسطينية مستعدة للتضحية بأساسياتها من أجل تأمين تكاليف تدريس أبنائها في الجامعات، وفي المقابل تعتمد على مساعدة هؤلاء الأبناء المادية المنتظمة بعد تخرجهم وحصولهم على وظائف غالبا خارج الوطن. ومن الطبيعي أن يعمل الطلاب الفلسطينيون المستحيل من أجل الحصول على قبول في إحدى الجامعات المحلية، فإن لم يتيسر ذلك ففي جامعة عربية، وإن عجزوا عن ذلك فلن يترددوا بتحمل نفقات التعليم في الجامعات الأوروبية أو حتى في الولايات المتحدة.
 
ورغم أن نواة التعليم الجامعي الفلسطيني كانت في بدايات القرن الماضي إلا أن التعليم الجامعي داخل فلسطين المحتلة لم يأخذ صفته الرسمية إلا في بدايات السبعينيات من القرن الماضي، وفي هذا التقرير سنركز على الجامعات التي تعتبر الأم أو التي كانت رائدة في التأسيس أو في لعب دور وطني وأكاديمي في تاريخ القضية الفلسطينية وكانت عنوانا للصمود والمقاومة.

وتأتي في المقدمة جامعة بيرزيت أقدم جامعة في فلسطين، ويعود تاريخ إنشائها إلى عام 1924 عندما تأسست كمدرسة ابتدائية في بلدة بيرزيت التي تتبع بلدية رام الله والبيرة بهدف توفير فرص التعليم للفتيات من بيرزيت والقرى المجاورة، وتطورت المدرسة لتصبح عام 1930 مدرسة ثانوية للبنين والبنات. 

 

 


في عام 1932 أصبحت تعرف باسم "مدرسة بيرزيت العليا"، وتغير إسمها عام 1942 إلى "كلية بيرزيت" رغم أنها بقيت مدرسة ثانوية. في عام 1953، أضيف للكلية الصف الجامعي الأول بفرعيه العلمي والأدبي، وتبعه الصف الجامعي الثاني في عام 1961، وألغيت الصفوف الابتدائية والإعدادية والثانوية تباعا حتى عام 1967. في عام 1972، تقرر الاستمرار في تطوير الكلية بالتوسع في الدراسة الجامعية لتصل إلى أربع سنوات تؤدي إلى درجة البكالوريوس في الآداب والعلوم، كما تقرر بناء حرم جامعي جديد على مشارف بلدة بيرزيت.

احتفلت الجامعة عام 1976 بتخريج أول فوج من حملة درجة البكالوريوس في الآداب وفي العلوم، وأصبحت الجامعة عضوا في اتحاد الجامعات العربية.

لعب خريجو جامعة بيرزيت دورا مهما في رسم الأحداث على الساحة الفلسطينية، وشاركت بشكل فاعل في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي.

وكانت التشكيلة السياسية لطلبة جامعة بيرزيت تعتبر حتى وقت قريب الانعكاس الفعلي للآراء السياسية في الشارع الفلسطيني، وذلك لأنها كانت تضم طلبة من مختلف المناطق والطبقات والتوجهات الفكرية الفلسطينية ولكونها من أعلى المؤسسات التعليمية العربية مستوى في فلسطين، كما أن طاقمها الأكاديمي كان يضم أيضا عددا من الشخصيات الفلسطينية البارزة مثل حنان عشراوي وسري نسيبة وعزمي بشارة وإبراهيم أبو لغد وغيرهم.

من الأحداث التي برزت فيها جامعة بيرزيت رجم طلبتها رئيس الوزراء الفرنسي السابق ليونيل غوسبان بالحصى إشارة منهم إلى عدم ترحيبهم بتصريحاته التي سبقت زيارته للجامعة التي وصفت المقاومة اللبنانية في جنوب لبنان بـ"الإرهابية".

وفي عام 2006 زار عالم الفلك البريطاني ستيفن هوكينغ جامعة بيرزيت في إطار جولة قام بها التقى خلالها مجموعة من العلماء والأكاديميين.

 

يذكر أن جامعة بيرزيت هي من أفضل الجامعات الفلسطينية ومن أفضل جامعات الشرق الأوسط من حيث المستوى الأكاديمي الذي تحتله.

فيما تعتبر جامعة النجاح الوطنية، التي تقع في مدينة نابلس، الشقيقة الأخرى لجامعة بيرزيت، فقد مرت بعدة مراحل منذ تأسيسها.. ففي عام 1918 كانت النجاح مدرسة ابتدائية تستقبل الطلاب من أنحاء فلسطين ومن بعض الأقطار العربية. وفي عام 1941 تطورت ليطلق عليها اسم كلية النجاح الوطنية.

 



وفي عام 1965 أصبحت معهدا لإعداد المعلمين، حيث كانت تمنح الدرجات المتوسطة في تخصصات مختلفة. وفي عام 1977 تحولت إلى جامعة أطلق عليها اسم "جامعة النجاح الوطنية". وانضمت الجامعة إلى مجلس اتحاد الجامعات العربية. ولعبت جامعة النجاح دورا رائدا في الحياة اليومية السياسية والاقتصادية الفلسطينية. وبرز منها العديد من المقاومين ورجال السياسة والاقتصاد الذين تبوؤوا مراكز مهمة في فلسطين أو الفصائل الفلسطينية المختلفة.

فيما تعتبر جامعة الخليل إحدى أهم الجامعات الفلسطينية؛ حيث تأسست الجامعة عام 1971 بداية ككلية للشريعة، وهي جامعة أسسها مجموعة من الشخصيات الفلسطينية.

 



وترسخت فكرة إنشاء جامعة في مدينة الخليل في أذهان مجموعة من أبنائها بعد وقوع بقية فلسطين في قبضة الاحتلال الإسرائيلي عام 1967، وبدأت نواة هذه الجامعة بتأسيس كلية الشريعة الإسلامية لتكون أول مؤسسة علمية للتعليم الجامعي في فلسطين عام 1971، إذ انتظم فيها 43 طالبا وطالبة من مختلف أرجاء فلسطين.

وتدخل ضمن قائمة الجامعات الأولى في فلسطين جامعة بيت لحم، وهي مؤسسة تعليمية مسيحية كاثوليكية مختلطة، يؤمها الطلبة من مختلف الديانات، ويرعاها الكرسي الرسولي، ويديرها الرهبان اللاساليون، وتهدف إلى توفير التعليم العالي للطلبة الفلسطينيين.

أثناء زيارة قداسة البابا بولس السادس للأراضي المقدسة عام 1964، أعرب عدد من الفلسطينيين عن رغبتهم في إنشاء جامعة لأبنائهم في وطنهم. رغبة اقتضت فترة زمنية في التشاور والدرس حتى عام 1972، حيث أوعز السفير البابوي بتشكيل لجنة مؤلفة من القادة المحليين ومدراء مدارس في الضفة الغربية والقدس الشرقية.

وفتحت جامعة بيت لحم أبوابها عام 1973، بدعم رجال التربية المحليين وتعاون المجمع الفاتيكاني للكنائس الشرقية والرهبان اللاساليين وزملائهم العلمانيين، وهي أول جامعة في الضفة الغربية، أقيمت على أرض تمتلكها الرهبنة اللاسالية في بيت لحم.

أما جامعة بوليتكنيك فلسطين فقد كانت بدايتها عام 1978 بمبادرة من رابطة الجامعيين لمحافظة الخليل، وكانت في البداية كلية فنية هندسية تمنح درجة الدبلوم، وتطورت عبر مسيرتها الطويلة لتمنح درجة البكالوريوس في بعض البرامج الهندسية في عام 1991. تحولت إلى جامعة في عام 1999 بأربع كليات تمنح درجات الدبلوم والبكالوريوس في العديد من البرامج الأكاديمية.

فيما تأسست كلية العلوم التربوية (كلية مجتمع رام الله) عام 1960 بجهود وكالة الغوث الدولية (الأونروا) من أجل توفير برنامج تدريب المعلمين اللاجئين الفلسطينيين. وكانت مدة الدراسة فيها سنتين دراسيتين، وقد تطورت عام 1992 إلى كلية جامعية تمنح درجة البكالوريوس ومدة الدراسة فيها أربع سنوات دراسية. وألحق بالكلية قسم التعليم المهني والتقني عام 1985 حتى أصبح يشمل العديد من التخصصات المتنوعة التجارية والهندسية والإلكترونية والبرمجة.

ورغم أن جامعة القدس في مدينة القدس كانت فكرة بدأت عام 1931 إلا أنها واجهت صعوبات في زمن الانتداب البريطاني، ولكن الجامعة رغم ذلك أصبحت واقعا في أبو ديس. انضمت جامعة القدس إلى اتحاد الجامعات العربية عام 1984 بعد توحيد أربع كليات كانت تعمل في مدينة القدس وهي كلية الدعوة وأصول الدين (تأسست عام 1978) والكلية العربية للمهن الصحية (تأسست عام 1979) وكلية العلوم والتكنولوجيا (تأسست عام 1979) وكلية هند الحسينية للبنات (تأسست عام 1982)، ثم تبعها إنشاء كلية الحقوق عام 1992 وكلية الطب عام 1994.

أما الجامعة الإسلامية في غزة فقد تأسست عام 1978، وهي عضو في اتحاد الجامعات العربية ورابطة الجامعات الإسلامية ورابطة جامعات البحر الأبيض المتوسط والاتحاد الدولي للجامعات وتربطها علاقات تعاون بالكثير من الجامعات العربية والأجنبية.

تهدف الجامعة إلى توفير جو أكاديمي لطلبتها ملتزم بالقيم الإسلامية ومراع لظروف الشعب الفلسطيني وتقاليده، وتسعى لوضع كل الإمكانيات المتاحة لخدمة العملية التعليمية، وتهتم بالجانب التطبيقي اهتمامها بالجانب النظري، كما أنها تهتم بتوظيف وسائل التكنولوجيا المتوفرة في خدمة العملية التعليمية.

هذا إضافة إلى عدد من الجامعات التي تأسست لاحقا ومن بينها: كلية وجدي نهاد أبو غربية الجامعية التكنولوجية (القدس)، وكلية فلسطين للتمريض (قطاع غزة)، وكلية فلسطين التقنية- رام الله للبنات (رام الله والبيرة)، وكلية فلسطين التقنية (دير البلح قطاع غزة)، وكلية فلسطين التقنية (العروب- الخليل)، وكلية دار الكلمة الجامعية للفنون والثقافة (بيت لحم)، وكلية ابن سينا للعلوم الصحية (نابلس)، وجامعة فلسطين التقنية (خضوري طولكرم)، وجامعة فلسطين الأهلية (بيت لحم)، وجامعة فلسطين (قطاع غزة)، وجامعة غزة (قطاع غزة)، وجامعة القدس المفتوحة (رام الله والبيرة)، وجامعة الاستقلال (أريحا)، وجامعة الأقصى (قطاع غزة)، وجامعة الأزهر (قطاع غزة)، والكلية الجامعية للعلوم والتكنولوجيا (قطاع غزة)، والكلية الجامعية للعلوم التطبيقية (قطاع غزة)، والجامعة العربية الأمريكية (جنين)، والجامعة الإسلامية (قطاع غزة).

التعليقات (0)