صحافة دولية

MEE: "الجنايات" لم تنه التحقيق بجرائم القوات البريطانية بالعراق

هل تعاملت الحكومة البريطانية بجدية مع التهم الموجهة لقواتها التي غزت العراق؟- جيتي
هل تعاملت الحكومة البريطانية بجدية مع التهم الموجهة لقواتها التي غزت العراق؟- جيتي

نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني تقريرا لإيان كوبين، قال فيه إن المحققين في محكمة الجنايات الدولية يستمرون بالتحقيق في التهم وجرائم الحرب التي ارتكبتها القوات البريطانية في العراق، بحسب ما ترجمته "عربي21".

وكان تحقيق أولي خلص إلى أن "المعلومات المتوفرة تقدم أساسا معقولا" للاعتقاد بأن بعض الجنود البريطانيين ارتكبوا سلسلة جرائم ضد أشخاص محتجزين لديهم في السنوات التي أعقبت غزو العراق عام 2003.

وتتضمن تلك الجرائم القتل والتعذيب والاغتصاب، واعتداءات على الكرامة الشخصية، بحسب فاتو بنسودا، المدعي العام لدى محكمة الجنايات الدولية.

ولكن التحقيقات الحالية لمحكمة العدل الدولية في المملكة المتحدة لا تركز على الجرائم نفسها بقدر ما تركز على كيفية تحقيق الحكومة البريطانية سابقا في تلك التهم.

وهناك عدد من المزاعم بأن تحقيقات المملكة المتحدة في جرائم حرب محتملة لم تكن صادقة، حيث ادعى عدد من المحققين البريطانيين السابقين بأن الحكومة البريطانية أغلقت عددا من التحقيقات؛ لتجنب الإحراج للبلد.

وكان محقق سابق قال لبي بي سي ولصندي تايمز -اللتين قامتا بتحقيق مشترك- إنه "مشمئز" من الطريقة التي تم فيها إغلاق التحقيقات.

وقال: "وعدت العراقيين بأنها لن تكون عملية تبييض.. ولكن هذا بالضبط ما تحولت تلك التحقيقات إليه – لقد كان فشلا لنظام العدالة البريطاني".

وقال تقرير صادر عن مكتب بنسودا: "سيسعى المكتب للتأكد إن كان هناك أدلة على عدم مصداقية تلك التحقيقات".

وأضاف التقرير أن المكتب قلق بشأن التهم التي أثارها تحقيق بي بي سي، وصندي تايمز، حيث يظهر أن جهودا بذلت "لحماية تصرفات القوات البريطانية في العراق وأفغانستان من المسائلة الجنائية".

 

اقرأ أيضا: الحكومة البريطانية عاجزة عن حصر تعويضات "غزو العراق"

وقال التقرير إن هناك تهما "بالإهمال المتعمد والتزوير وتدمير الأدلة، إضافة إلى عرقلة أو منع بعض التحقيقات، والإنهاء السابق لأوانه في بعض القضايا".

وأضاف مكتب المدعي العام أنها والعاملين معها يحتاجون لتقييم التهم بشكل مستقل، إلا أن "التقارير تبدو مهمة في تقييمها لمصداقية الإجراءات الوطنية".

وبحسب ما علم الموقع، فإن محققي مكتب المدعي العام قاموا بمقابلة جنود سابقين ومحققين في المملكة المتحدة في الأشهر الأخيرة.

وقال رئيس هيئة الادعاء العام للجيش، وهي جهاز داخل وزارة الدفاع تقوم بدراسة ما يحال إليها من محققي الشرطة العسكرية، لبي بي سي، إنه مقتنع بأن محكمة الجنايات الدولية سوف تتخلى عن الأمر.

ولكن بنسودا أشارت إلى مشروع قانون مثير للجدل تحت عنوان "قانون العمليات الخارجية"، الذي تحاول وزارة الدفاع تمريره عبر البرلمان عندما يعود من إجازته الصيفية يوم الثلاثاء.

القانون الجديد المقترح سيمنح العفو للجنود الذين ارتكبوا جرائم خطيرة خلال خدمتهم في الخارج "بافتراض الحصانة ضد المقاضاة" بعد مرور أكثر من خمس سنوات على الجرائم.

ويقترح مشروع القانون أن يغطي هذا حتى الجرائم الخطيرة، مثل القتل والتعذيب، ولكن ليس الاغتصاب.

وقد أقلق هذا القانون جمعيات حقوق الإنسان، وأغضب العديد من الجنود السابقين الذين يقولون إن ذلك خطير ومهين.

وأشار المنتقدون الآخرون إلى أنه إن تم تمرير القانون فإن الجندي الذي اغتصب وقتل امرأة خلال الخدمة خارج المملكة المتحدة قبل أكثر من خمس سنوات يمكن أن يحاكم لاغتصابها، ولكن ليس لقتلها.

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، وقف حزب العمال المعارض ضد مشروع القانون، قائلا إن القانون سيقوض التزام المملكة المتحدة التاريخي بنظام دولي يقوم على الالتزام بالقوانين الدولية.

وتشدد محكمة الجنايات الدولية على أن التحقيقات التي تجريها ليست تحقيقات جرائم حرب رسمية في هذه المرحلة، لكنها "تحقيق تمهيدي" تم فتحه في أيار/ مايو 2014، لتحديد ما إذا كانت التهم وردة فعل المملكة المتحدة لها تستحق تحقيقا كاملا.

وفي بيان حول التحقيق التمهيدي ومشروع قانون العمليات الخارجية، قال مكتب بنسودا: "إن تم تبني مثل هذا القانون المحلي، فإن المكتب سيحتاج إلى دراسة أثر ذلك المحتمل على تمكن سلطات المملكة المتحدة على التحقيق في ومقاضاة جرائم يزعم أن أفرادا من القوات العسكرية البريطانية ارتكبوها في العراق".

وإن تم الاستنتاج بأن القانون سيعرقل إمكانية المملكة المتحدة التحقيق في أفعال قواتها العسكرية، هذا بدوره قد يؤدي إلى تحقيق كامل لمحكمة الجنايات الدولية.

وقالت محكمة الجنايات الدولية إن حكومة المملكة المتحدة تتعاون في التحقيق التمهيدي.

ولكن وزارة الدفاع ترفض الإفصاح عن حجم المبالغ التي دفعتها لتعويض آلاف الشكاوى التي تقدم بها مواطنون عراقيون، بدعوى الاحتجاز غير القانوني وسوء معاملة القوات البريطانية بين 2003 و2009.

وكانت الوزارة قد أعلنت عام 2017 بناء على طلب قدم بموجب قانون حرية المعلومات أنها دفعت 19.8 مليون جنيه إسترليني (26 مليون دولار) في 326 قضية تم رفعها في محاكم بريطانية. كما تم دفع 2.8 مليون دولار في 1145 حالة من الضباط البريطانيين في العراق.

وبحسب ما علم "ميدل إيست آي"، فإن ثلاثة أرباع الدعاوى تتعلق بتصرفات المحققين البريطانيين، التي تعترف وزارة الدفاع بأنه تم تدريبهم بطريقة تجعلهم عرضة لخرق اتفاقية جنيف.

وفي وقت سابق من هذا العام، وردا على طلب من "ميدل إيست آي" بموجب قانون حرية المعلومات، كشفت وزارة الدفاع أنه منذ عام 2017 ارتفع عدد طلبات التعويض إلى أكثر من 4400.

لكن الوزارة تقول إنه ليس بإمكانها التصريح بحجم التعويضات التي دفعت للدعاوى العراقية؛ بحجة أن سجلات التعويضات موزعة على العديد من الملفات المختلفة، وأن جمعها سيحتاج إلى أسابيع من العمل.

وقال عدد من كبار العسكريين السابقين للموقع إنهم يشكون بأن وزارة الدفاع لا تريد نشر الأرقام قبل أن يناقش البرلمان مشروع قانون العمليات الخارجية.

ويقول البعض إنهم يشكون بأن كبار المسؤولين في وزارة الدفاع يأملون بأن القانون الجديد سيحمي المحققين العسكريين من المحاكمة، خشية أنه إن وجد بعض العسكريين الصغار أنفسهم في المحكمة، سيتم طرح أسئلة صعبة بخصوص مسؤولية كبار القادة ووزراء الحكومة.

كما أن هناك احتمالا بأن وزارة الدفاع قلقة من جذب الانتباه إلى حجم الأموال التي دفعتها وزارة الدفاع من أموال دافعي الضرائب، في الوقت الذي لا تزال محكمة الجنايات الدولية تحقق في جرائم حرب مزعومة ارتكبتها القوات البريطانية.

التعليقات (0)