قضايا وآراء

ضررٌ وضرار.. محطّة التطبيع الإماراتية

عاهد نبيل
1300x600
1300x600

لو افترضنا جدلا أنَّ تطبيعَ دولةٍ ما لعلاقاتها مع الكيان الصهيوني ضررٌ، فالضرارُ إذن دفعُ دولٍ غيرها للتطبيع معه.

جدلٌ ما سبقَ، فما هو مُتَّفَقٌ عليه أنَّ التطبيعَ خيانةٌ لا ضرر، ودفعُ الآخرين عليه هو عيْنُها لا ضرار فقط.

وإذا ما تحدَّثنا عن إمارات بن زايد، قد نتجاوز كلَّ المفاهيم المذكورة أعلاه، فالبعض يوصِّف العلاقة الإماراتية الصهيونية بأنَّها تحالفٌ استراتيجيٌّ بمستويات تعاونٍ مختلفة وما المجلس الانتقالي اليمني عنّا ببعيد.

الألماسٌ مُتصهيِن!!

البدايات تزامنت ولحظة تأسيس بورصة دبي للألماس في عام 2004م، والموافقة الصهيونية على قبول عضوية دبي في الاتحاد العالمي لبورصات الألماس آنذاك؛ كانت حاضرة.

تجارةٌ تضاعفت بمرّاتٍ ثمان عن ذي قبل، والمقابل المقبول صهيونيا أنْ يطالَ تسهيلٌ للحركة رجالَ أعمالِ كيانِه المزعوم، يواجهه تسهيلُ وصولٍ لرجالِ أعمالٍ إماراتيين للكيان، وعلى رأسهم رئيس البورصة أحمد بن سليم والذي بالمناسبة زار خلال شباط/ فبراير الماضي الكيان الصهيوني، في زيارة مُعلَنَة للمشاركة في فعاليات أسبوع الألماس العالمي.

تسهيلٌ غير معلن، طالما أنَّ القوانين الإماراتية آنذاك لا تسمح بذلك، فحملات المقاطعة بشراستها تمنع حتى التفكير في التغيير. فاختار تاجر الألماس الصهيوني "ليف ليفيف" الالتفاف عليها بشراكةٍ مع رجل الأعمال المغربي الفلسطيني عارف بن خضرا؛ أفرزت "ليفانت"، وهي سلسلة متاجر المجوهرات والأزياء الأشهر في دبي.

ليفيف لم يكُن استثناء، فإمبراطور الألماس الصهيوني "بيني شتاينميتز" امتلك أيضا تجارة للماس في دبي، وهو الشريك لمجموعة "دي بير" المملوكة لعائلة يهودية في جنوب أفريقيا، والمعروفة بأنها أكبر موزع للألماس في العالم.

ألماسُه امتدّ ليصل في عام 2008م إلى توقيعه عقدِ شراكةٍ درة تاج الإمارة "موانئ دبي"، لإنشاء عدد من الفنادق والمشروعات العقارية في جمهورية الجبل الأسود.

ألماسٌ مُخَضَّبٌ بالدمِ وأبعد ما يكون عن البريق، فهذا ليفيف مشهورٌ باستثماراته في بناء المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، وذلك شتاينميتز المعروف بدعمه لواء الإجرام الصهيوني "جيفعاتي"، مرتكب المجازر خلال حرب الكيان "الرصاص المصبوب" ضد قطاع غزة نهاية عام 2008م.

مستوطناتٌ إماراتية!!

صحيحٌ أنّها لم تكن تقيم علاقات رسمية مع الكيان الصهيوني، لكنها أسهمت في قطاع المستوطنات الصهيونية إيابا في الضفة الغربية عبر ليفيف، وذهابا في قطاع غزة عبر رئيس مجلس أكبر المجموعات العقارية الإماراتية، "إعمار"، "محمد العبار"، الملتحِف بحكام أبو ظبي.

العبار صاحب الاتصال الأرفع من حيث المستوى بلقائه قادة الكيان الصهيوني آنذاك "شارون" و"بيريز"، تزامنا مع تنفيذ خطة الانسحاب أحادي الجانب من قطاع غزة. وهو الذي قدّم لهما عرضا مغريا يُقدّر بــ56 مليون دولار لشراء 21 مستوطنة صهيونية كان الكيان يخطِّط لتدميرها قبل الانسحاب.

تمثَّلت الخطة في أن تقوم "إعمار" بافتتاح فرع لها في الأراضي الفلسطينية، ومن ثمّ الاستثمار في مستوطنات قطاع غزة والعمل على إعادة بيعها للفلسطينيين.

تسريب الخبر في حينها وضع العبار في مرمى نيران الانتقادات الإماراتية الرسمية وغير الرسمية، مما دفعته للإنكار الذي لن يطول، حيث أوضحت التفاصيلَ كافة تسريباتُ ويكيليكس خلال نشرها اللقاء الذي دار في تلك الأوقات بين السفير الأمريكي في الإمارات "ميشيل ساسون" وولي عهد أبو ظبي "محمد بن زايد"؛ الذي أشار إلى أنّه لم يكن معترضا على خطة العبار بقدر ما اعترض على طريقته، حيث النصيحة التي وجهها له تمثلت بأنّه كان لزاما عليه تمهيد الأمر للفلسطينيين أولا قبل الانتقال للخطوات الأخرى.

غضبٌ من العلانية!!

تُظهر ويكيليكس في تسريباتها نظرةَ الإمارات للعلاقة مع الكيان الصهيوني، والتي كانت تتمثل بأنّه لا مشكلة فيها طالما بقيت طيّ الكتمان.

فهذا بن زايد كشف عن غضبه لمستشار وزير الخارجية الأمريكي "نيكولاس بيرنز" مطلع عام 2007م من إعلان جمعية يهودية داعمة للكيان الصهيوني نيتها زيارة أبو ظبي، حيث كانت القيادة الإماراتية ترغب في أن تبقى الزيارة قيد السرية، مؤكِّدا في الوقت ذاته لبيرنز أن الإمارات لا ترى في إسرائيل عدوا، ومظهرا تسامحا غير موجود البتة إذا ما ارتبط الأمر بأيٍّ من حركات الإسلام السياسي أو حتى حركات المقاومة الفلسطينية.

علانية لعلّها تكون مطلوبة إذا ما ارتبط الأمر بالفزّاعة الإيرانية خصوصا، والتي لن يكون آخرها الحديث عن صديق سرّي جديد للكيان الصهيوني؛ متمثّل بالمجلس الانتقالي اليمني المدعوم إماراتيا.

تزكية عوفر!!

يتَضح من خلال تتبع الأحداث أنَّ ثمّة مباركة بل تزكية صهيونية للإمارات، يراها البعض مبكِّرَة؛ لأنّ عامين فقط انقضتا منذ بدء العلاقات الاقتصادية. ففي عام 2006م كانت المساعي الإماراتية أنْ تحصل شركة موانئ دبي على عقد إدارة ست موانئ أمريكية رئيسة، وقد جوبهت برفضٍ كبير من الكونغرس الأمريكي آنذاك، بحجّة أنّه لا عقود لشركات لا تقيم علاقات علنية مع الشركات الصهيونية. فهرولت التزكية الصهيونية من رجل أعمال الكيان الصهيوني "عيدان عوفر" عبر خطابٍ منه للكونغرس؛ أثنى خلاله على الخدمات التي تقدّمها شركة موانئ دبي والتسهيلات المخصصة للشركات الصهيونية.

صحيحٌ أنّ شركة موانئ دبي لم تحصل على الصفقة، إلا أنّها واصلت العمل بعدها مع عوفر متخطيَّة الحدود الجغرافية بشراكةٍ تمّ من خلالها إنشاء محطة حاويات في ميناء شمالي إسبانيا، تبعتها شراكةٍ أخرى مع مجموعة "إلعاد" الصهيونية تم من خلالها إقامة مشروع ضحم باسم "الشاطئ الجنوبي" في سنغافورة.

هذه السلسلة لم تتوقف، بل تضخَّمَت بشكل ملحوظ مع نهجٍ متَّبع بأَنْ تكون الشركات الصهيونية مسجّلة جغرافيا خارج نطاق الكيان الصهيوني، أو يتم توقيع العقود عبر وكلاء كما حصل في عام 2007م مع شركة "شيمر" التي تتخذ من مستوطنة "أفيفيم" مقرّا لها؛ حين وقّعت العقد لإنشاء مزرعة للجمال في دبي عبر وكيل إنجليزي نيابة عنها.

إمارة كوتشافي!!

لم تكُن طائرة الإيرباص السويسرية "A319" التي تتبع أسطول شركة "برايفت إير" كمثيلاتها، فقد انطلقت من مطار بن غوريون الصهيوني إلى مطار أبو ظبي.

الرجل الصهيوني الخمسيني "ماتي كوتشافي" ميّز أيضا هذه الطائرة، إن علمنا خصوصا أنّه قضى خدمته العسكرية في الوحدة 8200 المعروفة بأنّها العين التجسسية الكبرى للكيان الصهيوني، ومن ثم انتقل خلال تسعينيات القرن الماضي إلى نيويورك، مستثمرا في مجال العقارات حتى بات ذائع الصيت فيها.

صيتٌ استثمره مطلع العام 2007م لينتقل للمحطة الفارقة في حياته، حينما قرّر أن يرمي بثقله في مجال المراقبة الالكترونية؛ حيث إعلانه تأسيس شركته آسيا غلوبال تكنولوجي "AGT" في زيورخ السويسرية.

هذه الشركة اليوم تعمل في قارات العالم الخمس بعقود تتجاوز الثماني مليارات دولار، 800 مليون منها مع الإمارات العربية المتحدة، حيث توفر الشركة منظومة مراقبة للبنى التحتية الأساسية وحقول النفط.

سبق ذلك بعامٍ سلوكٌ أمنيٌّ إماراتيٌّ كان مثارَ استغرابٍ كبيرٍ، حيث الإصرار الإماراتي الكبير على استثمار مبلغ 20 مليون دولار في عقد واحد للحصول على صور من القمر الصناعي الصهيوني "إيمدج سات"، ذي ذو القدرات التصويرية الهائلة، وهو الذي تم إطلاقه عبر شركة "إيروس بي" من محطّة برية مُنْشَأة خصيصا في أبو ظبي.

هذا القمر أطلقه الكيان الصهيوني بغرض التجسّس على الأنشطة النووية الإيرانية، ولربما كانت المساعي الإماراتية تتمثل في الحصول على صور الجزر المتنازع عليها مع إيران، وهذا امتيازٌ صهيونيٌّ مُنِحَ للإمارات فقط دون غيرها.

وبالعودة إلى كوتشافي ومنذ انطلاقه في العمل داخل الحدود الإماراتية، نجح خلال ثماني سنوات في تأسيس "عين الصقر"، أحد أكثر أنظمة المراقبة الشاملة تكاملا في العالم والمُزَوَّد بآلاف الكاميرات وأجهزة الاستشعار، ومعلومات هائلة يتم جمعها في قاعدة بيانات "ويسدوم" التي يشرف عليها كوتشافي شخصيا عبر إحدى أكبر شركاته "لوجيك إندستريز"، ومقرها الكيان الصهيوني، بمجلسِ إدارةٍ برئاسة رئيسٍ سابق لجهاز الاستخبارات العسكرية "أمان"، وهو "عاموس ملكا".

كوتشافي بعقليته الأمنية وبـ"عين الصقر" بات يستحوذ على بنية استخبارية شديدة الإحكام، تتجاوز مسألة تأمين المنشآت الحيوية إلى حدّ الرقابة الصارمة على كافة أشكال الاتصالات في الإمارات.

بل بات قريبا من تحقيق حلمه القديم بإنشاء منظومة غير مسبوقة تجمع بين سمات غرف الأخبار ومجتمعات الاستخبارات، ولهذا الغرض أنشأ شركة "فوكاتيف" في محاولة منه لتغطية الاتجاهات الجماهيرية بدقّة متناهية، والتي يرى قصورا كبيرا في قياسها من قبل الصحافة التقليدية، حيث يستطيع عبر فوكاتيف تحليلَ ملايين المنشورات من مواقع التواصل الاجتماعي وقياس مدى تأثيرها ليقوم بتقديم تحليل طيفي لذلك، ومن ثمّ يقوم بهندسة الرأي العام في نفس المواقع. وهذا ما يُعتَبَر "منجم ذهب استخباري" للكيان الصهيوني.

كلُّ ذلك لن يكون بمعزل عن المشاركة الصهيونية الرسمية التي كانت مقرَّرة فى معرض إكسبو دبي 2020م قبل أن يتمّ تأجيله. ومثل تلك العلاقة الإماراتية بشركة "NSO" الصهيونية المتَّهمة باختراقها هواتف العديد من الساسة وعلى وجه الخصوص برنامج الواتساب، لصالح محمد بن زايد.

تجارةٌ سَتَبور!!

على الرغم من التنامي الكبير في الشراكة الصهيونية الإماراتية، إلا أنّ تحفظا صهيونيا أوقف صفقة طائرات بدون طيّار في عام 2012م كان مُفترضا إتمامها بعد أن سدّدت الإمارات جزء من ثمنها. وهو ما استُدركَ إماراتيا حينما قامت الإمارات بعقد صفقة مدرعات لجيشها من تصنيع شركة "رافائيل" الصهيونية، ولكن عبر عالم الألماس، حيث رجل الأعمال الجنوب أفريقي "ديفيد هيرشويتز" المساهم في شركة "ريفا" للصناعات العسكرية.

تطول القائمة من رجال الأعمال والشركات صهيونية المنشأ من ممارسي الأنشطة التجارية في الإمارات، وعلى وجه الخصوص الأمنية منها، وإحداها شركة "ديفيد مايدان" التي تقدّم خدمات في مجال الأمن الداخلي للإمارات، مع الإشارة إلى أنّ مايدان هو أحد العاملين في جهاز الموساد الصهيوني لثلاثين عاما، إضافة لعمله مستشارا لنتنياهو لشؤون أسرى الحرب والجنود المفقودين حتى نهاية عام 2014م.

بشكل عام تُقدّر صحيفة "إنتليجنس أون لاين" الفرنسية حجم التجارة الأمنية بين الإمارات والكيان الصهيوني بقرابة ثلاثة مليارات دولار سنويا.

لحومٌ حرام!!

من المنطق أَنْ يستأثر الكيان الصهيوني على نصيب الأسد من حجم التجارة بينه وبين الإمارات، فالتدفقات المالية جلُّ خطِّ سيرِها باتجاهه.

أمّا الهامش المتبقّي فيرتبط بتجارة إماراتية لشركات أبناء زايد، على رأسها شركة "إمارات المستقبل" المملوكة 40 في المئة من أسهمها لمنصور بن زايد، وفق تحقيقات أجراها موقع "ميدل إيست آي"، في حين يعمل في مجلس إدارتها رجلا أعمالٍ أردنيان شهيران: عصام حجازي وعبد الرازق غوشة رئاسة ونيابة تواليا. وتُعَرِّف الشركة نفسها كإحدى الشركات الرائدة في تصدير المواد الغذائية والحيوانات، وتقوم بتصدير الماشية من خلال شركة شحن مملوكة لها في أستراليا ويرأسها أحمد غوشة، وهو أحد أعضاء عائلة غوشة الشريكة في المجموعة الرئيسية. ووفقا لتحقيقات ميدل إيست آي، فإنَّ "حجازي وغوشة" كانا الموردّين الرئيسيين للأبقار إلى الكيان الصهيوني حتى عام 2012م، قبل أن يتم فتح الأسواق بشكل جزئي أمام القطعان القادمة من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

مُنْزَلَقُ التطبيع!!

لم يكُن يوما تطبيع الإمارات مع الكيان الصهيوني وليدا للصدفة، فجذوره الماسية تجعلنا لا نستغرب كثيرا مشاركة إماراتية لمناورات أمريكية صهيونية إيطالية في الأراضي اليونانية في آذار/ مارس 2017م، فقد انزلقت الإمارات قبل ذلك في مناورات "العلم الأحمر" بصحراء ولاية نيفادا الأمريكية 2016م، ويجب أن لا ننسى أنَّ ثمّة مناورات مشتركة تم عقدها أواخر نيسان/ إبريل 2019م.

وسبق ذلك نهاية عام 2015م تمثيل مؤسسي صهيوني في أبو ظبي تحت إطار المقر الدائم للوكالة الدولية للطاقة المتجددة التابعة للأمم المتحدة، والذي دعم الكيان الصهيوني وجودَه في الإمارات على حساب ألمانيا.

وهذا ما سُبِق أيضا في كانون الأول/ ديسمبر 2013م بسماحٍ للرئيس الصهيوني بإلقاء كلمة الافتتاح في مؤتمر الأمن الخليجي عبر الفيديو كونفرانس، في خطوة أوضحت أنّ الإمارات باتت غير مُهتمّة بأيِّ قناع تستر به عورة علاقاتها بالكيان الصهيوني.

ومما يُذكَر أيضا أنَّه وفي أواخر تشرين الأول/ أكتوبر 2017م، استضافت الإمارات رياضيين صهاينة للمشاركة في بطولة "غراند سلام أبو ظبي للجودو"، وشهدت تتويجهم بميداليات متنوّعة، وسط اعتذار إماراتي عن عدم رفع العَلم الصهيوني وعزف نشيد الكيان، مع تعهّد بالسماح بذلك في نسخ أخرى.

والحال ذاته في آذار/ مارس 2018م حين شارك سائقان صهيونيان في "رالي أبو ظبي الصحراوي" بالإمارات، أحدث جولات بطولة كأس العالم للراليات الصحراوية "كروس كانتري"، وذلك بعد أن تلقيا دعوة رسمية من منظِّمي المسابقة، وهذا اعتبر سابقة، في حين أكّدت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الصهيونية أنَّ السائقَين دخلا الإمارات بجوازات سفرهما الصهيونية، برفقة ثلاثة فنيين من أفراد الطاقم.

نُصْحُ الصديق!!

لعلّ رؤيةَ الإمارات اليوم لعملية الضمّ الصهيونية للضفة الغربية تختلف عمّا يراه الكيان الصهيوني، نظرا لأنّها ترغب في المضي قُدُما بعلاقاتها معه دون أيِّ منغِّصاتٍ لحظية.

وهذا ما دفع سفيرها في واشنطن "يوسف العتيبة" لكتابة رسالة صريحة إلى الرأي العام والأوساط السياسية الصهيونية خلاصتها: "الضّم أو التطبيع"، حيث ترى الإمارات أن عملية الضم قد تشعل العنف وتزعزع الاستقرار في المنطقة بأكملها، وهذا ما سيقوِّض التطبيع العربي- الصهيوني، مؤكِّدا أنّ للإمارات القدرة على أن تكون بوابة مفتوحة أمام الكيان الصهيوني لربطه بالمنطقة والعالم، وأن الفرصة مواتية لبناء علاقات حميمة.

وهو نفس سياق حديث ولي عهد أبو ظبي "محمد بن زايد"، حين قال إنّ الإمارات ترفض خطوة ضم أراضٍ فلسطينية بصورة غير قانونية.

والجدير بالذكر أنّ العتيبة نفسه ووفقا لموقع "إنترسيبت" الأمريكي قاد اتصالات حثيثة مع جهات أمريكية وصهيونية رسمية، لمنع عقد مؤتمر لحماس في الدوحة مطلع حزيران/ يونيو 2017م.

جائحة التطبيع!!

كانت لجائحة "كورونا" حصة من الخطوات التطبيعية الإماراتية، حيث أعلنت شركتان من القطاع الخاص الإماراتي إحداهما "مجموعة 42"، وشركتان صهيونيتان، هما "رافاييل للأنظمة العسكرية" و"إسرائيل لصناعات الطيران"، خلال حزيران/ يونيو الماضي، إطلاق مشاريع مشتركة في المجال الطبي، بحجة أنّه من الواجب وضع مصلحة الإنسان والبشرية وحمايتها في مقدمة الأولويات، للعمل معا من أجل التخلص من جائحة لم يشهد العالم مثيلا لها.

وهذا ما سبقته خطوة إماراتية بإرسالها طائرتي مساعدات إلى مطار بن غوريون مقدَّمة إلى السلطة الفلسطينية، والتي بدورها رفضتها لعدم التنسيق المسبق معها، بينما رأت فصائل فلسطينية ذلك تطبيعا إماراتيا مرفوضا.

لا غرابة، ففي السادس عشر من حزيران/ يونيو الماضي، قال وزير الدولة الإماراتية للشؤون الخارجية خلال كلمة له أمام مؤتمر للجنة الأمريكية اليهودية: "التواصل مع إسرائيل مهم وسيؤدي لنتائج أفضل من مسارات أخرى اتُّبِعت في الماضي".

في الخاصرة!!

كشف الربيع العربي الوجه الحقيقي لإمارات المؤامرات، فلم يكُن اغتيال الفلسطيني محمود المبحوح قبل ذلك في دبي ولا طرد ابن بلده رياض شكوكاني من الإمارات؛ مجرَّدَ جُمَلٍ اعتراضية في السياسة الإماراتية، فبعثة الهلال الأحمر الإماراتي التجسسية على المقاومة الفلسطينية خلال الحرب الصهيونية "الرصاص المصبوب" على غزة؛ لم تَحِدْ عن هذه السياسة.

إذن، قضيةٌ فلسطينية مستهدفةٌ إماراتيا، وهذه المرّة القدس في مرمى الهدف، فشركة الثريا الإماراتية المملوكة لمحمد دحلان انتقلت إليها ملكية بعض عقاراتٍ بيعَت لفتى دحلان الفلسطيني فادي السلامين، في خطوة اعتبرها الكثيرون أنّها مقدّمةٌ لنقلها إلى المؤسسات الاستيطانية في العاصمة الفلسطينية، وهذا ما يُعتبر ضربة جديدة في خاصرة فلسطين؛ لأنَّ سابِقَ الضربات حاضرة، لعلَّ أسوأها معنويا تعزيةٌ إماراتية بوفاة السفّاح الصهيوني "أرئيل شارون".

صورةٌ مُنتَظَرَة!!

الاندفاع الإماراتي الرسمي نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني بهذا الشكل المريب تجعل الكثيرين في موقفِ انتظارِ صورةٍ يلتقطها نتنياهو خلال إحدى لقاءاته مع شيخ إماراتي.

ليس في الأمر مبالغة، ولكنه تسلسلٌ طبيعيٌ فارضٌ لنفسه، بالنظر لخطوات وزير خارجية الإمارات "عبد الله بن زايد" الذي قام في عام 2006م بالطلب من الساسة الأمريكان توقيع اتفاقية تجارة حرّة مع أبو ظبي، وهذا ما يعني فتح التجارة مع الكيان الصهيوني، ثم اصطحب سفير دولته "يوسف العتيبة" للقاءِ نتنياهو في نيويورك خلال عام 2012م مع قليلٍ من الحذر، والذي لم يمنع الصحافة من معرفته فيما بعد.

حذرٌ اخترق جدارَه وزيرُ الخارجية الصهيوني "يسرائيل كاتس" حينما أعلن عن لقائه وزير خارجية عربي في أيلول/ سبتمبر 2019م، ومن ثمّ قتله الصحفي الصهيوني "إيدي كوهين" حينما أعلن في الأسبوع الأخير من نفس الشهر خلال لقاءٍ تلفزيوني.

كما يجب أن لا نعزل ما سرّبته إحدى وثائق ويكيليكس عن العلاقة الشخصية التي تربط عبد الله بن زايد بوزيرة الخارجية الصهيونية السابقة "تسيبي ليفني".

لكلِّ ما سبق، فلم يكن في أذهاننا إلا سؤالٌ واحد فقط: متى ستُلتَقَط الصورة؟ أمَّا السؤال عن المكان والكيفية فلم يكن يَهُمُّنا كثيرا لأنَّ حاسِمَها صهيونيٌّ أمَّا الحاكم الإماراتي فهو تَبَع.

التعليقات (0)