مقابلات

"عربي21" تحاور رئيس مركز دراسات الرأي العام بمصر

الخضري تحدث عن حالة غضب كبيرة جراء ما فعلته الثورة المضادة بمصر- عربي21
الخضري تحدث عن حالة غضب كبيرة جراء ما فعلته الثورة المضادة بمصر- عربي21

مصر تعيش مرحلة مخاض وغضب بسبب ممارسات الثورة المضادة

 

ثورة يناير لا تزال تحظى بتأييد شعبي وتنتظر اللحظة المناسبة

 

تراجع شديد في شعبية السيسي بسبب فشله في إدارة الأزمات التي تواجهه

 

المؤسسة العسكرية تنتظر اللحظ

ة المناسبة للخلاص من السيسي ولكن بغطاء شعبي

 

الربيع العربي لا يزال يحظى بالتأييد والحضور لدي الشعوب رغم مؤامرات الثورة المضادة

 

مساحات التغيير تتمدد وتتسع

 

سقوط أنظمة مهمة شجع على التمسك باستكمال المشروع الثوري

 

الإعلام المصري وصل لمرحلة غير مسبوقة من الانحطاط والتدني

 

سيطرة الأجهزة الأمنية أضرت كثيرا بالمنظومة الإعلامية بمصر

 

إعلام المعارضة بالخارج لا يخلو من المصالح رغم وجود بعض التجارب الناجحة

 

تأييد الإعلام العربي صاحب المهنية لثورات الشعوب شيء جيد رغم تقاطع بعض المصالح

قال رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام مصطفى خضري، إن مصر تعيش مرحلة مخاض وغضب كبير، والسبب الرئيسي في ذلك، الأزمات التي صنعتها الثورة المضادة والتي تمر بأسوأ مراحلها، جراء ما تعانيه من انهيار اقتصادي أو أزمة سد النهضة أو ما يجري على الحدود مع ليبيا.

 

وأشار إلى أن الثورة المضادة يقابلها تأييد شعبي لثورة يناير رغم ما جرى لأبنائها من قمع وتشريد، وتنتظر فقط اللحظة المناسبة لاستعادة نفسها مرة أخرى، خاصة في ظل ما تعانيه إدارة قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي من تخبط وفشل في كافة الملفات.

وكشف خضري في حواره لـ"عربي21" عن تدني شعبية قائد الانقلاب بشكل كبير، حيث وصلت إلى 3% طبقا لدراسة أجراها مؤخرا المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام، وهي النسبة التي يمثلها أصحاب المصالح والمستفيدين من نظام السيسي، الذي يحتاج لمعجزة -بحسب خضري- لاستعادة شعبيته، أو اتخاذ قرارات جريئة، من قبيل ضرب سد النهضة أو تحقيق مصالحة مجتمعية والإفراج عن المعتقلين أو الصدام مع الكيان الصهيوني.

وحول مستقبل الربيع العربي قال رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام، إن الربيع العربي لا يزال يحظى بشعبية وحضور في الشارع العربي رغم كل ما قامت به الثورة المضادة ،حيث لا يزال الشعب العربي وتحديدا الشباب يتوق إلى التغيير، خاصة بعد النجاح في إسقاط عدة أنظمة ليست بالقليلة، مشيرا إلى تمدد الربيع العربي جغرافيا وزمانيا في البلاد العربية، رغم التآمر عليه.

وحول الملف الإعلامي داخل مصر تحديدا، أكد على تراجع هذا الإعلام ووصفه بالانحطاط المهني والأخلاقي وأنه يفتقد المهنية والأخلاقية بسبب سيطرة أجهزة سيادية عليه، مما أضر به كثيرا ووصل به لمرحلة يمكن وصفه فيها بالفاشية.

 

وعلى صعيد الإعلام المعارض بالخارج، فقد اعتبره إعلام باحث عن المصالح أكثر منه رسالة إعلامية حقيقية، باستثناء تجارب محدودة وفردية، ورحب بأي إعلام يدعم الربيع العربي والتغيير، ولكن أكد على أن هناك مصالح تتقاطع مع هذا الدعم من جانب هذا الإعلام، ولكن اعتبره إعلاما يتمتع بالمهنية وصاحب تجارب ناجحة.

كيف ترى الوضع في مصر في هذه الفترة بشكل عام؟


مصر في مرحلة مخاض، وهناك فرص متقاربة أمام طرفي الصراع، فرغم أن مؤيدي ثورة يناير ما بين شريد وسجين؛ إلا أنهم يمتلكون تأييد الشارع، بالإضافة إلى فشل الطرف الآخر حتى الآن في توطيد حكمه، فالثورة المضادة تعيش أسوأ مراحلها، حيث الانهيار الاقتصادي، وكارثة السد الإثيوبي، والمشكلات الأمنية في سيناء، والاضطرابات على الحدود الليبية، ناهيك عن تقزم الدور المصري في المحيط العربي والإفريقي والإسلامي.

وكيف ترى شعبية السيسي في الفترة الأخيرة لدى المصريين؟


حسب آخر دراسات المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام "تكامل مصر" والتي تم إجراؤها مطلع العام الحالي؛ فإن شعبية السيسي الآن لا تزيد عن 3% من المجتمع، وهي نسبة متدنية جدا لا تسمح له بالاستمرار في الحكم حتى ولو كان يمتلك قوة السلاح.

وما تأثير الأزمة الاقتصادية وأزمة سد النهضة وأزمة كورونا على هذه الشعبية؟


لقد وصلت شعبية السيسي إلى مرحلة الثبات فمهما يحدث الآن على الأرض من سلبيات؛ فإن نسبة الـ 3% من المجتمع والتي تؤيد الجنرال لن تنقص، فتلك النسبة ثابتة منذ سنتين وهذا يعني أنها تمثل الكتلة الحرجة للمنتفعين من النظام والذين يقفون معه في خندق واحد.

هل من الممكن أن يقوم بإجراء ما كمحاولة لرفع شعبيته المتراجعة؟


طبعا، في السياسة لا يوجد مستحيل، لكن نظام الجنرال لا يستعين بالمستشارين المناسبين، الذين يمكنهم التلاعب بالشارع وإعادة كسب المؤيدين، وذلك بعكس نظام مبارك الذي كان يستعين بأفضل الكوادر السياسية والإعلامية التي مكنته من الاستمرار في الحكم لثلاثة عقود.

هل هناك قرارت ما يمكن أن تسهم في رفع شعبيته؟


هناك طريقتان لرفع الشعبية: الأولى عن طريق الرفع التدريجي للشعبية باستخدام الاستمالات العاطفية والشعبوية، لكن هذه الطريقة تحتاج لوقت وجهد متصل، وتحتاج أيضا لقرارات اقتصادية واجتماعية تدعمها، أما الطريقة الثانية فهي قلب الرأي العام بحدث مفصلي يغير توجهات الشارع، وفي حالة مصر هناك ثلاثة قرارات لو حدث أحدها لانقلب الرأي العام بسرعة وإيجابية لصالح الجنرال السيسي: الأول هو توجيه ضربة عسكرية ناجحة للسد الإثيوبي، والثاني عمل مصالحة مجتمعية مع التيارات الإسلامية وإخراج كافة المعتقلين من السجون. أما الثالث -وهو الأقل احتمالية - نشوب حرب بين مصر والكيان الصهيوني.

هل يمكن أن يقوم الجيش بتحرك ما إذا تواصل فشل السيسي وبدأ صبر الناس ينفد؟


نعم، وأعتقد أن المؤسسة العسكرية تنتظر اللحظة المناسبة للتخلص من السيسي، لكن المعضلة في وجود الطريقة المناسبة، فعصر الانقلابات العسكرية قد ولى، والمؤسسة العسكرية تحتاج لغطاء مدني حتى تتخلص من السيسي، هذا الغطاء غير موجود حاليا نظرا لحالة عدم الثقة التي تشوب العلاقة بين المؤسسة العسكرية والتيارات السياسية ذات القدرة على الحشد الشعبي كجماعة الإخوان المسلمين.

برأيك لا يزال الربيع العربي يحظى بشعبية وحضور في الشارع العربي؟


نعم، فكما يقول أقطاب الصوفية من ذاق عرف، والثورة المضادة حتى وإن أصابت البعض بالإحباط والقنوط؛ إلا أنها صنعت حافزا لدى الكثيرين، خاصة الفئات العمرية أقل من 40 سنة، تلك الفئات التي عاصرت ثورة يناير وهي في مراحل المراهقة الحالمة والشبابية الفتية.

لكن في المقابل هل استطاعت الثورة المضادة تخويف المواطن العربي من أي تحرك في الشارع؟


لا يمكننا إنكار التأثير السلبي لعنف الثورة المضادة، إلا أن الشعوب العربية تتناقل ثورات الربيع جغرافيا وزمانيا، فما إن تنهش الثورة المضادة إحدى بلدان الربيع العربي؛ حتى تشب الثورة في بلد آخر، وهكذا دواليك، فالشعوب التي ذاقت الحرية لن تستسلم، وثورات التغيير ستنتصر في النهاية، لكن الأمر مسألة وقت، ومن درس التاريخ سيعرف أن كل الثورات العظيمة مرت بتلك المراحل التي تمكنت فيها الثورة المضادة مؤقتا من الحكم ثم انزاحت بفعل السنن الكونية أو كما يقول العلمانيون "الحتمية التاريخية".

هل الثورة المضادة استطاعت أن تصنع لها أتباعا في الشارع العربي؟


من الطبيعي أن يكون لكل نظام حكم طبقة من المستفيدين، هذا بالإضافة إلى طبقة من العوام دائما ما تؤيد كل حاكم، إما خوفا أو طمعا، ولا يمكننا إهمال تأثير الإعلام والدراما في تشويه الحقائق والتأثير على بعض الناس، إلا أن الاستمرار في الحكم يحتاج لأكثر من ذلك، فمن يؤيد الثورات المضادة طمعا في مصلحة ما؛ سيعارضها لمصالح أخرى، ومن يؤيدها خوفا؛ سيقف في وجهها إذا خبت نار قوتها.

هل تمثل التجربة التونسية والسودانية تجارب إيجابية وناجحة؟


التجربة التونسية تمر بمرحلة اضطراب، فهي وإن أحرزت بعض التقدم على المستوى السياسي؛ إلا أنه من المرجح وقوعها قريبا فريسة للثورة المضادة، خاصة وأنها دولة صغيرة والجوار الاستراتيجي لها يعيش على صفيح ساخن، أما السودان الشقيق فمشواره طويل، والثورة المضادة هناك تخدمها مصالح إقليمية ودولية ستعمل على تمديد عمرها.

ماذا عن مصر وهل سيظل الوضع أم سيحصل تحرك يغير الأوضاع؟


لنكن واقعيين، فبعد المذابح التي حدثت؛ لن تأتي الثورة في مصر بالضربة القاضية، ولن تشتعل بشكل فجائي، لكنها ستمر بمرحلة وسيطة يحدث فيها تقارب مصالح بين نظام الدولة (الجيش، والأجهزة السيادية) وبين جماعة الإخوان المسلمين كأكبر التيارات السياسية القادرة على الحشد، يتم على أثر ذلك امتصاص غضب الشارع بشكل مؤقت، واستبدال النظام الحاكم بآآخر يتم إدارته من وراء الستار، وهو ما سيضع الربيع المصري لفترة ما في الثلاجة السياسية.


الملف الإعلامي

كيف ترى وضع الإعلام المصري المحلي الآن؟


وصل إلى أدنى منحنى الانحطاط المهني والأخلاقي، فقد تحول الإعلام المصري إلى نسخ رديئة من الإعلام الفاشيستي.

وما تقييمك لمحتواه ومدى إقناعه للمشاهد؟


يفتقر المحتوى لأدنى معايير المهنية والاحترافية، فبرامج التوك شو تقدم نفس المحتوى بنفس التوجهات بل إنها تتبادل نفس الضيوف، أما الصحف الورقية فنظرة واحدة لمانشيتتها الرئيسية ستكتشف نفس العناوين بنفس الصيغ تقريبا، فالذين يديرون الإعلام المحلي الآن يريدون استخدام استراتيجية تكرار المحتوى الإعلامي للتأثير على المشاهدين، ونسي هؤلاء أننا في عصر السماوات المفتوحة وتلك الاستراتيجية قد عفا عليها الزمن وانتهت صلاحيتها.

هل هناك شواهد حقيقية على تراجع هذا الإعلام رغم تولي أجهزة سيادية إدارته؟


حجم مشاهدة البرامج السياسية وتوزيع الصحف الورقية دليل كاف على مدى تراجع الإعلام المصري.

لماذا يهرب المشاهد المصري من هذا الإعلام؟


المشاهد المصري معذور، فالإعلام المصري حاليا مليء بالوجوه الإعلامية والتناول الإعلامي غير المهني والقضايا النقاشية التافهة، ناهيك عن التكرار الممل لنفس المحتوى وبنفس الطريقة.

وهل تدخل أجهزة سيادية في إدارته أضرته؟

 

 طبعا، فالقائمون على إدارة الإعلام المصري حاليا من العسكريين (جيش وشرطة)، وهؤلاء لهم ثقافة وطريقة تفكير تتعارض مع حرية الإعلام ومهنيته.

المحاولات الأخيرة باستدعاء إعلاميين تم إيقافهم هل يؤكد فشل الإعلاميين الحاليين؟

 
نعم ولكن ليس ذلك فقط، بل أيضا لوجود صراع بين الأجهزة السيادية التي تدير المشهد المصري، ولكل جهاز منهم رجاله وإعلاميوه الذين يفرضهم على الساحة الإعلامية لينفذوا أهدافه واستراتيجياته.

وهل بوسع هؤلاء إصلاح الوضع واستعادة المشاهد المصري؟


يمكن أن يحدث ذلك إذا تغيرت الجهات التي تدير الإعلام المصري، وتغيرت الاستراتيجيات العتيقة الفاشلة، وتم الاعتماد على محترفين يمكنهم إعادة إنتاج الإعلام المصري بشكل مهني.

كيف ترى إعلام المعارضة أو الإعلام المهاجر خارج مصر؟


لقد تحول إعلام المعارضة على مدار السنوات السابقة إلى أصحاب مصالح، وتحول الخطاب الإعلامي لكثير من مقدمي البرامج إلى خطاب استعراضي لتسويق أنفسهم. ويمكن استثناء بعض التجارب الإعلامية والصحفية الجادة، لكنها تظل تجارب فردية واستثنائية.

بماذا تفسر استقطابه أعدادا من المشاهدين من الداخل المصري ومن بينهم معارضون للإخوان؟


ليس ذلك لجودة إعلام المعارضة؛ ولكن بسبب انحطاط الإعلام المصري وتأييده المطلق لنظام السيسي الذي ناصب العداء لكل فئات المجتمع، لذا يميل الشارع لكل من يعارض السيسي ويقدح فيه حتى وإن كان مخالفا لأيدولوجيته السياسية.

وكيف ترى الإعلام العربي المؤيد للربيع العربي؟

 
لا يوجد في العالم إعلام محايد، فالحياد أكذوبة، وأي وسيلة إعلامية لابد وأن تخدم مصالح مموليها.

 

وهل هذا الإعلام يقوم بدوره كما ينبغي؟

هذا أمر نسبي، فما يجب وما لا يجب يختلف من قضية لأخرى، ومن طرف لأخر، لكن لا يمكننا إنكار أن ثورات الربيع العربي قد استفادت من هذا الإعلام، حتى ولو لم يعمل لصالحها بشكل أساسي، لكنه على الأقل قد ألقى الضوء على أحداثها وساعدها في حشد الشارع العربي.

وما تقييمك للمواقع والصحف العربية التي انطلقت مؤخرا داعمة للتغيير والربيع العربي؟

لا يمكن قصر أسباب انطلاق هذه الصحف على دعم الربيع العربي، فهناك بنوك أهداف لمموليها، ربما تتقاطع هذه الأهداف أحيانا مع ثورات الربيع العربي، لكن إذا تصادمت المصالح؛ سيتغير المحتوى الإعلامي لتلك الصحف بما يحقق أهداف مموليها فقط ولو على حساب الربيع العربي.

وهل استطاعت أن تقوم بدورها وتقنع القارئ العربي بنفسها؟

 

رداءة الإعلام المؤيد للثورات المضادة يجبر الشعوب على متابعة هذه الصحف، على الأقل هي تمتلك الحد الأدنى من المهنية والاحترافية، فالقارئ يستطيع التمييز بين الغث والثمين

التعليقات (0)