سياسة عربية

الغنوشي: دعوات حل البرلمان "فوضى".. وثورتنا ليست للتصدير

نفى وجود تنافر أو صراع مع الرئاسة- صفحة الغنوشي
نفى وجود تنافر أو صراع مع الرئاسة- صفحة الغنوشي

وصف رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي، دعوات حل البرلمان، بـ"الفوضى" نافيا في الوقت ذاته وجود أي "تنافر" مع الرئيس قيس سعيد.

وقال الغنوشي إن "التظاهر والاحتجاج وكل أنواع التعبير الفردي والجماعي من مظاهر الديمقراطية، ففي الحياة الديمقراطية هناك من يحكم وهناك من يعارض ويحتج، ولكن هذه الاحتجاجات تكون سلمية وفق أطرها القانونية".

وأضاف: "أما إذا تحوّلت إلى إضرار بالملك العام والخاص، وحرق ونهب وتعطيل لمؤسّسات الدولة ومصالح المواطنين، فذلك يعبر عن الفوضى وليس عن المعارضة، ومن واجب الدولة أن تتصدّى للفوضى وأن تحمي المعارضة السلمية".

واعتبر الغنوشي أن دعوات حل البرلمان تمثل "دعوات فوضى واستقواء بالشارع، وركوب على مشكلات حقيقية خاصة بعد جائحة كورونا".

ولفت إلى أن "الدستور التونسي وضع آليات محددة لحلّ البرلمان، ومن يريد أن يذهب بهذا الاتجاه، فعليه أن يتّبع الآليات الدستوريّة، وستظلّ مثل هذه الدعوات خارج السياق الدستوري، فتلتقي موضوعيا مع الفوضى التي تهدد كيان الدولة ومصالح الشعب".

وفي معرض حديثه عن صعوبات يواجهها الائتلاف الحاكم مؤخرا بسبب خلافات، يرى الغنوشي أنّ "بلادنا تُجابهُ تحديات غير مسبوقة بسبب تفشي كورونا وما خلّفه من آثار وتداعيات اقتصادية واجتماعية بالغة الأهميّة، ولن نستطيع مجابهة هذه التحديات إلاّ بحكومة يحكُمها تضامنٌ وتآزر حقيقي وحولها حزام سياسي واسع يسندها".

وحذر من أنه "لا أحد اليوم بإمكانه الجزم بأنّه قادر بمفرده على مجابهة الوضع الناشئ".

وشدد على أن "المجابهة الفاعلة والناجعة تكون بتعزيز الوحدة الوطنيّة، وبناء توافقات واسعة تشمل جميع الفاعلين السياسيين، في صدارتهم مكوّنات الائتلاف الحاكم الحالي، والمنظمات الوطنية من مثل الاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد الأعراف، واتحاد الفلاحين بما يضمنُ تكاتف الجهود، ويمنحُ الحكومة القدرة على تجاوز الوضع الصعب".

إلا أن الغنوشي أبدى أسفه من أن "البعض لا يزال مسكونا بالمعارك الوهميّة، وأغلبها يعود إلى رؤى أيديولوجية واعتبارات مصلحية ضيّقة"، داعيا جميع الأطراف إلى "رفع درجة الوعي بما يتهدّد البلاد".

وأوضح الغنوشي أن "قضايا التنمية والمالية العموميّة والمديونية ووضعية المؤسّسات العموميّة مقلقة وفيها درجات مختلفة من التعقيد، يُضاف إليها المسألة الاجتماعيّة خاصة في رهانات التشغيل والمحافظة على مواطن الشغل، فالخبراء اليوم يتوقّعون ارتفاع عدد العاطلين عن العمل في بلادنا إلى مليون و100 ألف بنهاية 2020".


وأكد الغنوشي أن هذه الأوضاع تستوجب من الجميع "الجلوس مع بعض، في رئاسة الحكومة والبرلمان والرئاسة لتعميق المقاربات، دون استبعاد أو إقصاء لأيّ طرف أو جهة، مع الانفتاح على المنظمات الوطنيّة، ونُشرّع معا وجميعا لرؤية وطنيّة شاملة ومتكاملة قادرة على الاستجابة لتطلعات شعبنا في الحياة الكريمة، وتحسين ظروف عيشه وإنقاذ الاقتصاد وحماية دولتنا".

وتعليقا على تقارير إعلامية، فقد نفى الغنوشي وجود أي أزمة بينه وبين والرئيس سعيد.

وقال بهذا الشأن: "الواقع أصدق من هذه الادّعاءات التي تعملُ أطراف مشبوهة، محليّة وخارجيّة، على محاولة تسويقها".

وأشار إلى أن "الاتصالات واللقاءات مستمرة بيننا ورئيسي الدولة والحكومة، ولا وجود لأيّ مؤشّر عن تنافر أو صراع صلاحيات، بالعكس أثبتت الأسابيع الأخيرة حجم التنسيق الكبير وأنّ سياسة التشاور قائمة، بل هي تتعزّز من يوم إلى آخر".

وأكد الغنوشي أن ما سبق "تجسّد في ذهاب الدولة موحّدة بمواجهة كورونا، والتوافق حول الصعوبات والتحديات التي تُواجه بلادنا في ظلّ توتّرات تشهدها المنطقة".

وبالنسبة له، فإن "مؤسّسات الحكم المختلفة اليوم واعية بدقّة الظرف، وبأنّ الأولوية المطلقة الآن هي الوحدة الوطنية ورصّ الصفوف لمجابهة الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية للوباء، والوقوف بوجه محاولات الإضرار بالسلم الأهلي والأمن العام بالبلاد".

واعتبر أن "الحديث عن صراع الصلاحيات مُجانبٌ للواقع فهي محدّدة بالدستور، ونحن جميعا متّفقون على احترام القانون".

إلا أن الغنوشي أكد "أنّ الاختلاف في بعض وجهات النظر لا يعني مطلقا نزاعا أو صراعا، بل هو اختلاف طبيعي بزاوية النظر إلى بعض الملفات المطروحة، وفي تقدير بعض المواقف الطارئة وما يلزمها من إجراءات أو تحرّكات، وهو اختلاف محمود لأنّه يُثري في النهاية المقاربات الوطنية وخيارات الدولة وتوجّهاتها الكبرى".

وكشف الغنوشي أنه "ستكون هناك اجتماعات دوريّة بقصر قرطاج بإشراف رئيس الدولة، لتدارس الأوضاع وتوحيد وجهات النظر وخطط العمل المستقبلية، للنهوض بمناعة الوطن وخدمة لكلّ فئات الشعب".

وتعليقا على رفض أحزاب تونسية، الموقف المعلن مما يجري في ليبيا، وتأييد حكومة الوفاق المعترف بها دوليا، قال الغنوشي: "لا توجد دولة مستقلة بذاتها لا تتأثر بمحيطها، وفي الحالة الليبية، فإن تونس تتأثر بشكل مباشر وبالغ بما يجري في الشقيقة ليبيا".

وأوضح: "لنا حدود مشتركة طويلة، وتبادل تجاري وعلاقات اقتصادية واجتماعية، فالأمن والاقتصاد التونسيين يتأثران بما يجري في الجارة ليبيا ولذلك فإن الأمن الليبي من نظيره التونسي والعكس صحيح، ورؤيتنا أنّ الحلّ السياسي في ليبيا هو الطريق الأسلم لتجاوز حالة اللاأمن والفوضى".

وتابع: "أن يجلس أبناء ليبيا إلى طاولة الحوار ويقبلوا بالعيش المشترك ويتجاوزوا الإقصاء، ذلك ما نأمله".

واستطرد: "أمام ما يجري في ليبيا، لا يمكن لدول الجوار أن تعيش اللامبالاة، فإذا كان هناك حريقٌ لدى جارك فلا يمكنك أن تكون محايدا فالواجب والضرورة يقتضيان أن تساهم في إطفاء الحريق، ولذلك فإن الحياد السلبي لا معنى له، فنحن ندعو إلى الحياد الإيجابي القائم على قاعدة الدفع بكلّ الفرقاء إلى حل سياسي وسلمي".

وشدد الغنوشي، على أنه "في تواصلنا مع حكومة الوفاق، لم نخرج على ضوابط الدبلوماسية التونسية، فالدولة ورئيسها في تواصل مع قيادة الوفاق لأنّها الممثل للسيادة وفق الشرعية الدولية، وقد سبق وأن التقينا بالسيد عقيلة صالح ممثل برلمان طبرق وهو ما ينسجم مع مقولة الحياد".

وأوضح أن "ما يجمعنا بليبيا ليست المصالح فقط، وإن كانت ضرورية، تجمعنا بها القيم من الأخوة والتعاون والسلام وحُسن الجوار، ولذلك نحن نشتغل ونتواصل وفق هذه الرؤية".

وأضاف أن "من يحتجّ على تواصلنا، فهؤلاء يقترحون البديل عن الشرعيّة أن نتواصل مع تنظيمات غير معترف بها، وهو ما يضرّ بمصلحة الدولة التونسية وشعبها".

وحول التسريبات الإعلامية بشأن قوى تهدف إلى إسقاط الثورة التونسية وتدعم قوى معارضة لها، قال الغنوشي: "بعيدا عن نظرية المؤامرة وانسجاما مع منطق التاريخ، فإن لكلّ ثورة من يقف ضدّها ويعمل على الإطاحة بها، والربيع العربي الذي افتتح من تونس تعارضه العديد من القوى خوفا من الحرية وحفظا لمصالحها".

واعتبر أن "هذا الأمر لم يعد خافيا على أحد، بل أصبحت العديد من الدول تجاهر بذلك علنا، وبالرغم من تأكيدنا منذ البداية أنّ الثورة التونسيّة ليست للتصدير إلاّ أنّ ذلك لم يمنعهم من استهدافنا".

وأردف: "المشكلة في هذه القوى المضادة للثورة التونسية أنّها تعاند التاريخ ولا نعرف أيّ قوةٍ نجحت في هذه المعاندة، والتحوّلات العميقة في العالم العربي ماضية إلى غايتها لأنّها تعبير عن إرادة الشعوب وتوقها إلى الحرية والعدل".

وأكد الغنوشي أنه "ليس من المعقول أن يبقى العالم العربي خارج روح العصر وقيمها، فالثورة وضعته في قلب القيم وداخل حراك العصر، والصعوبات التي تواجهها إرادة الشعوب ليست تراجعا عن المسار، بل هي مشكلاتٌ ظرفيّة وبنيويّة تلازم أي تغيّر اجتماعي أو سياسي كلما كان التقدّم في الزمن كان التغلّب عليها أكثر إمكانا".

التعليقات (1)
بوطيب المغرب
الثلاثاء، 02-06-2020 11:55 ص
يا سيد الغنوشي..حين تصل حاضنتك الى معارضتك داخل حزبك عليك بالرحيا اليوم قبل الغد..انت انتقدت تشدد مرسي و اليوم تفعل نفس الشيئ