ملفات وتقارير

ناشط سعودي: المملكة تشيطن الفلسطينيين.. وتسيء للإسلام

هل تخلت السعودية عن دعم القضية الفلسطينية؟ - واس
هل تخلت السعودية عن دعم القضية الفلسطينية؟ - واس

قال الأكاديمي والناشط السعودي، أحمد بن راشد بن سعيد، إن السعودية تمارس دعاية، تسيء للإسلام والقضية الفلسطينية، بالتزامن مع حملة لتجميل صورتها دوليا.


وفي مقاله المنشور في موقع "ميدل إيست آي" قال ابن سعيد، إن وسائل الإعلام السعودية تصف حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بأنها منظمة إرهابية، وتتهمها باتخاذ سكان قطاع غزة رهائن، وذلك لتحقيق أجندات خاصة.


ولفت إلى أن الإعلام السعودي يعمل على جبهتين؛ الأولى ترميم صورة المملكة في الخارج، والأخرى تضليل الناس في الداخل والهيمنة عليهم لتحقيق مصالحها.

 

اقرأ أيضا: تفاعل واسع مع هاشتاغ "فلسطين قضيتي" ردا على آخر مسيء

ولفت ابن سعيد إلى أن السعودية تتحكم في كل ما ينشر على الإنترنت، وتفرض عليه رقابة صارمة، إلى جانب الرقابة على الكتب، والصحف، والمجلات، والأفلام، والبرامج التلفزيونية، ووسائل التواصل الاجتماعي.


وبالتوازي مع ذلك، ترى السلطات أي نوع من النقد "خطيئة" وألقت القبض على العشرات من رجال الدين، والأكاديميين، والمثقفين البارزين.


ونوه إلى الحملة السعودية الأخيرة على القضية الفلسطينية، ورفع شعارات مثل "ليست قضيتي"، والحديث عن إسرائيل بلغة إيجابية.

 

وتاليا المقال كاملا:


في تقرير أخير لها، ذكرت قناة 24 الإخبارية السعودية أن جماعة الإخوان المسلمين تدعم الانفصاليين الجنوبيين في مدينة عدن اليمنية – وتلك كذبة بشعة، لأنه بات من المعلوم بالضرورة أن الانفصاليين إنما تدعمهم الإمارات العربية المتحدة، وهي الدولة المعادية بشدة للإخوان المسلمين.

 
وفي فلسطين تنعت وسائل الإعلام السعودية حركة حماس بأنها منظمة إرهابية وتتهمها باتخاذ الناس في غزة رهائن من أجل تحقيق أجندتها الخاصة.
 
هذان نموذجان فقط مما درجت عليه وسائل إعلام الدولة السعودية من نشر للدعاية السخيفة، وذلك في الوقت الذي تطلق فيه الحكومة حملة واسعة النطاق لترميم صورتها وللتحكم بما يُحكى عن سياساتها، سواء في الداخل أو في الخارج. تنطلق هذه الحملة المنافقة من الرغبة في تضليل الناس والهيمنة عليهم وتشويه الواقع سعياً لحماية المصالح السعودية.
 
رقابة صارمة
 
لا يوجد شيء اسمه حرية التعبير في المملكة العربية السعودية، حيث يجري التحكم بالإنترنت وتفرض عليها رقابة مكثفة، كما تفرض رقابة صارمة على الكتب والصحف والمجلات والأفلام وبرامج التلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي. وفي كل ذلك، تقوم وسائل الإعلام الجماهيرية بدور البوق الدعائي للمؤسسة الحاكمة.
 
والذي يفاقم من سوء الأوضاع هو الموقف الرسمي الذي يرى في أي نوع من النقد يتم توجيهه إلى الحكومة "خطيئة" خطيرة ربما أدت إلى تقويض الاستقرار في البلاد. ولذلك فإن القمع الذي تتعرض له الأصوات المستقلة في السعودية شديد جداً، حتى لو تم التعبير عن الآراء بشكل مبهم ودونما إشارة صريحة إلى السلطات السعودية.

 

 

لا يوجد شيء اسمه حرية التعبير في المملكة العربية السعودية، حيث يجري التحكم بالإنترنت وتفرض عليها رقابة مكثفة

 ولقد تم إلقاء القبض على العشرات من رجال الدين والمثقفين البارزين فيما أطلقت عليه منظمة هيومان رايتس واتش "القمع المنظم ضد المخالفين".
 
تحتل المملكة العربية السعودية الموقع 170 من بين 180 بلداً في مؤشر حرية الصحافة العالمي لعام 2020. وفي هذا المناخ القمعي، تُستبدل وسائل الإعلام المهنية بأبواق دعاية تخدم النظام، وتعمل على نشر رؤيته للعالم، وتشيطن خصومه محلياً وإقليمياً ودولياً.
 
في العادة لا يتم الترويج إلا لرواية واحدة، ولكن نظراً لأن السياسات السعودية تنزع هذه الأيام نحو المزاجية ويصعب التنبؤ بها، فقد ينتهي الأمر بوسائل الدعاية الموالية أن تناقض نفسها. ولا أدل على ذلك من أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كان ذات مرة يشاد به على أنه حليف معتمد وأهل للثقة، بينما صار الآن ينعت بالخليفة العثماني الجديد الذي يسعى لإرهاب المنطقة حتي تخضع لهيمنته.
 
في المقابل كان رئيس النظام في سوريا ذات مرة يصور على أنه وحش ينبغي الإطاحة به، أما الآن، فيقولون لنا إنه يمكن إعادة تأهيله، بل ويمكن أن يغدو حليفاً ضد تركيا. ولا مفر من أن تسعى أبواق الحكومة لتبرير هذا التقلب، حتى صار تويتر شاهداً على تناقضاته السخيفة.
 
المتصيدون السعوديون
 
لم تنج منصات وسائل التواصل الاجتماعي من قمع السعودية لحرية المعلومات. وتلاشت إمكانية تحول وسائل التواصل الاجتماعي إلى أدوات لتوصيل الرسائل السياسية تحت وطأة ضربة قاصمة وجهها لها التدخل المستمر من قبل الحكومة والرقابة الشديدة التي تمارسها عليها.

 

 

 

يحرك الدعاية السعودية هو فكرة أن جماعة الإخوان المسلمين وما يسمى بالإسلام السياسي هما العدوان الاستراتيجيان الأساسيان للمملكة

 يعتبر تويتر بالذات خطراً ينبغي ترويضه ومراقبته بل واستخدامه للسيطرة على من تسول له نفسه المعارضة. وعلى الرغم من أن تويتر يقوم بشكل منتظم بإلغاء الحسابات المرتبطة بهذه الشبكة التي تعمل على نشر المعلومات المضللة، إلا أن "جيش المتصيدين" السعودي مازال يقوى ويتمكن، ويتلاعب بأعداد "الإعجاب" وإعادة التغريد لبث الدعاية وإعطاء انطباع زائف بأن السياسات السعودية تتمتع بالتأييد الشعبي.
 
ومع ذلك لا تخدم مثل هذه الأفعال مصالح الدولة، بل على العكس من ذلك، من شأنها أن تسد الباب على وسيلة مهمة يمكن من خلالها معرفة الرأي العام ورصد توجهاته. لا يوجد في المملكة العربية السعودية شيء يمكن أن يطلق عليه "المجتمع المدني"، فلا وجود لهيئات تمثل الناس بشكل حقيقي ولا لكيانات يمكن من خلالها التأثير على عملية صناعة القرار.
 
ما يحرك الدعاية السعودية هو فكرة أن جماعة الإخوان المسلمين وما يسمى بالإسلام السياسي هما العدوان الاستراتيجيان الأساسيان للمملكة. وذلك هو السبب في دعم المملكة العربية السعودية للانقلاب الدموي في مصر في عام 2013، وهو الانقلاب العسكري الذي أطاح بأول حكومة منتخبة ديمقراطياً في تاريخ البلاد. وهو نفس السبب الذي من أجله تتخذ الدولة موقفاً عدائياً تجاه قطر، والتي انحازت إلى الديمقراطية المصرية وإلى الربيع العربي بشكل عام، وكذلك تجاه تركيا، التي تبنت مواقف مشابهة.
 
ازدهار الرهاب من الإسلام (الإسلاموفوبيا)
 
يبدو أن السلطات السعودية باتت مسكونة بالرعب من الإسلام نفسه، حتى راحت قناة العربية المملوكة للدولة تحرض ضد المساجد والمؤسسات الإسلامية الأخرى في الغرب، مدعية أنها تشكل خطراً وأنها ترتبط بجماعة الإخوان المسلمين، وأنها ممولة من قبل قطر أو من قبل تركيا. ولم تسلم كثير من المؤسسات في الغرب من مثل ذلك التحريض، فمن المتاحف السويسرية إلى المدارس الثانوية الفرنسية، تتعرض كثير من الهيئات للتشويه بحجة "ارتباطها بالجاليات المسلمة المسنودة من قبل قطر."
 
تصبغ العربية الوجود الإسلامي في أوروبا بأسره كما لو كان مرتبطاً أساساً بالإرهاب. فالإسلاموفوبيا (الرهاب من الإسلام) في ازدهار داخل أروقة الحكم في المملكة العربية السعودية، بل تجاوز مستواها ذلك الذي يشهده الناس في أوساط حركات اليمين المتطرف في برلين أو في باريس.
 
تحتاج المملكة العربية السعودية الآن أكثر من أي وقت مضى إلى شبكة دعايتها، حيث أنها ماتزال منخرطة في صراع مرير مع إيران وفي تنافس معها على الهيمنة الإقليمية، وتجدها في سبيل ذلك تتجه نحو إسرائيل طلباً للدعم تطبيقاً لفكرة "عدو عدوي صديقي" (أو لربما استغلت الحكومة السعودية ببساطة التهديد الإيراني لكي تبرر تقاربها مع إسرائيل). إلا أن مثل هذه الخطوة يمكن أن ترتد عكسياً على المملكة العربية السعودية.
 
تمخضت هذه المقاربة البائسة وقصيرة النظر من قبل النظام السعودي عن سياسة كارثية أخرى، تتمثل في الانقلاب على القضية الفلسطينية لصالح مشروع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المعروف باسم صفقة القرن. كما مضت المملكة العربية السعودية في حملة قمعية طالت عشرات المتعاطفين مع حركة حماس داخل البلد.
 
مهمة مستحيلة
 
تدور الدعاية السعودية حول نقطة مركزية واحدة، ألا وهي إثارة المشاعر القومية الغالية في أوساط الشباب، حتى أن شعارات مثل "السعودية للسعوديين" و "السعودية الكبرى" و "السعودية أولاً" باتت تساهم في إيجاد سردية جديدة وصفتها الباحثة مضاوي الرشيد  بالقول إنها "ليست مجرد حركة جماهيرية عفوية وإنما مبادرة تقودها الدولة برعاية ولي العهد نفسه."
 
يدعو هذا المنطق القومي الجديد ليس فقط إلى قطيعة مع التيار الديني المحافظ الذي كان مهيمناً من قبل، وإنما أيضاً إلى قطيعة مع أي التزام تجاه القضايا العربية والإسلامية – وبشكل خاص القضية الفلسطينية، بما في ذلك وضع مدينة القدس.
 
تتراوح وسائل الدعاية السعودية ما بين التضليل والكذب الصراح والشيطنة والتنابز بالألقاب واتخاذ أكباش فداء.
 
بمساندة من جيش المتصيدين السعودي، يدفع المعلقون والنشطاء عبر تويتر بأوسمة تهدف إلى نزع الشرعية عن القضية الفلسطينية، بشعارات مثل "فلسطين ليست قضيتي". وبينما يتم نزع الإنسانية عن الفلسطينيين يتم الحديث عن إسرائيل بشكل إيجابي. ورغم أن تلك مهمة مستحيلة إلا أن النظام السعودي ماض في إطلاق النار على قدمه.
 
لقد أفضت الحرب التي تشنها المملكة العربية السعودية على الربيع العربي وعلى الإخوان المسلمين إلى تدمير شرعيتها سياسياً ومعنوياً في نفس الوقت. إنه لوضع محزن وبائس.
  

 

ميدل إيست آي

التعليقات (0)