فنون منوعة

"The Platform": حين يجتمع البشر على مائدة "الطبقية"

المنصة 2
المنصة 2

المنصة أو "The Platform" فيلم "طبقي" بامتياز، يضع الناس في طبقات ثلاث؛ أعلى وأسفل ويائسون، أو كما يسميهم الفيلم "ساقطون"، أولئك الذين لم يتكيفوا مع طبقتهم، فقرروا رمي أنفسهم ليتخلصوا من بؤسهم.


الطبقة في الفيلم هي "سجن" اختياري، أو إجباري، دخلها البعض بذنب ارتكبوه، أو طمعا في ميزة يبحثون عنها، يتسلح البعض بالفكر ويقتنون كتابا، فيما يعول آخرون على القوة ويحتفظون بسكين.


وفي هذا الفيلم الإسباني الساخر من إخراج غالدير غاستيلو أوروتيا، المعيار الوحيد للصعود أو النزول في سجن من مئتي طبقة بعضها فوق بعض هو "الحظ" فقط، تنام وتصحو لتجد نفسك تنتمي إلى طبقى أعلى أو أدنى، طبقة احتقرتها بالأمس، أو طبقة تسمح لك باحتقار من هم أدنى منك اليوم.


ما يحرك سكان الطبقات في الفيلم هو الغريزة، وكل ما عليهم فعله كما يقول ساكن الطبقة الـ48 العجوز "تريماغاسي" هو أن يأكلوا فقط، قبل أن يفوت الأوان.


اقرأ أيضا: "باراسايت": أخلاق "المسحوقين".. والعيش على فتات الآخرين

 

طبقية لا يتكلم فيها صاحب الطبقة الأعلى مع من هم أسفل منه، فقط لأنهم في الأسفل، لكنه أيضا لا يستطيع التكلم مع من هم في الطبقة العليا، لأنهم لن يستمعوا إليه.


طبقية يبصق فيها "الأعلى" على الطعام قبل أن ينزل إلى أسفل لأن الذين هم أعلى منه فعلوا ذلك على الأغلب، فلماذا لا يمارس بدوره بعض السلطة والدناءة؟!


قد ينتهي الشهر الجديد بالسكان في طبقة أعلى وفرصة أفضل في طعام لم يمسه كثيرون، أو في طبقة أسفل منها تحرمهم من بعض الطعام وتضاعف فرص حصولهم على البصاق بدلا منه، أو ربما لا شيء.


لكن إن كان الصعود إلى أعلى يحتاج إلى "الحظ" فإنه بوسعك أن تنزل إلى أسفل بمحض إرادتك وهو أمر مستبعد "منطقيا" لكنك قد تكون مجبرا أحيانا.


اقرأ أيضا: "سوبرمان".. توبة الشيوعي الأحمر بطل موسكو قبل متروبوليس

 

يوصل الفيلم رسائل قصيرة وسريعة في اتجاهات كثيرة: الإعلانات، الهجرة غير الشرعية، الجريمة والعقاب، الذنب.


طبقات كان يمكنها أن تتعاون فيما بينها ليكفي الطعام جميع من في السجن، لكنها دعوات "شيوعية" يرفضها من يسكن في الأعلى، ولا يقبلها من هم في الأسفل لأنهم "أوغاد" ينتظرون الصعود إلى أعلى، ليمارسوا بدورهم بعض الدناءة.


يعيش العجوز مع شريكه في الطبقة الشاب "غورينغ" شهرا كاملا، يتمنع الشاب في أوله عن أكل مخلفات الطعام، ثم لا يلبث الجوع أن يجبره على تناول اليسير من الطعام "النظيف" لكن المعايير تختفي شيئا فشيء لدى "غورينغ" حتى أصبح "يستمتع" بوجبته التي تقزز منها سابقا.


"شهر العسل" ينتهي سريعا، ويجد الشاب والعجوز نفسيهما في الطبقة الـ171، ما يعني صراعا أكبر على الطعام، إن وجد، يوثق الرجل الشاب "القوي" الذي يشكل خطرا على عجوز ضعيف في طبقة أقل حظا، فـ"الجوع يجلب الجنون".


حوار مليء بالأفكار والرسائل، كيف يودي عدم الثقة بالصداقة، ثم يحولها إلى صراع تعقبه جريمة، وكيف يحاول البعض إقناعك بأن يقتطع من لحمك كي يأكل، ويقنعك أيضا أنه رحيم بك وسيترك لك بعض الوقت لتشفى جراحك، وننجو سويا!


عجوز يرى أنه وإن أودى به الحظ العاثر إلى السجن، فإن الأخطاء التي سيرتكبها لاحقا لن يحمل وزرها، ويؤمن بأن الذنب يحمله من هم في الطبقات العليا الذين أجبروه على ذلك، فيفعلها مطمئنا.


لم يحترق الفيلم بعد، سنترك لك فرصة مشاهدته.

 

التعليقات (1)
أحمد أحمد
الإثنين، 18-05-2020 01:43 ص
إنها الصورة القصوى للطبقية التي توصل إليها الليبرالية المتوحشة