صحافة دولية

WP: كورونا يشكف عمق الهوّة بين ترامب و"عمّه جون"

ترامب لطالما قال إنه يشترك مع عمه، عالم الفيزياء الشهير، في الانتماء لسلالة فريدة من "العبقرية الفائقة"- جيتي
ترامب لطالما قال إنه يشترك مع عمه، عالم الفيزياء الشهير، في الانتماء لسلالة فريدة من "العبقرية الفائقة"- جيتي

ألقى تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية الضوء على تصريحات الرئيس دونالد ترامب المثيرة للجدل، التي يتدخل فيها بعمل خبراء الصحة، ويدلي باقتراحات "خطيرة" للعلاج أو الوقاية من فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19"، الذي ينهش البلاد.

 

وذكّر الكاتب "مايكل كرانيش" في تقريره، الذي ترجمته "عربي21"، بعم الرئيس الأمريكي، العالم المشهور "جون ترامب"، الذي كان قد قدم نظرية لعلاج أحد الأمراض عبر الحقن المباشر بالإلكترونات، متسائلا عما إذا كان الرئيس قد استدعى ذلك وتقمصه لدى اقتراحه حقن مرضى كورونا بمحاليل التعقيم.

ويشير "كرانيش" إلى أن ترامب لطالما قال إنه يشترك مع عمه، الذي درس الفيزياء في معهد ماستشوستس للتكنولوجيا MIT وتوفي عام 1985، في الانتماء لسلالة فريدة من "العبقرية الفائقة"، وأنهما يشتركان بنفس الجينات.

والواضح في واقعة "الحقن بالمحاليل"، بحسب الكاتب، هو أن ترامب سعى مجددا لتصوير نفسه على أنه رجل لديه معرفة بالعلوم لأن عمه كان مشهورا جدا.

 

ويشدد الكاتب على اعتبار أن جهود ترامب في الأسابيع الأخيرة أبرزت الهوة الواسعة بينه وبين عمه، فالأخير صاغ أفكارا تم توثيقها حول قتل فيروس الكبد الوبائي في أرشيف التاريخ المحكي لجامعة MIT، ومع أنه لم يستطع تطبيق نظريته إلا أنها كانت قائمة على بحث علمي دقيق، وكان عالما أشيد به لإنجازاته في إنقاذ حياة مرضى السرطان، وتنظيف البيئة، ومساعدة الجيش في الحرب العالمية الثانية من خلال تكنولوجيا الرادار، ومنح الميدالية الوطنية للعلوم.

في المقابل، أشار الرئيس ترامب لسنوات إلى الجينات التي يشترك فيها مع عمه في محاولة ليثبت أنه أيضا يمتلك ذكاء علميا، وهو جهد حاول التأكيد عليه خلال تعامله مع فيروس كورونا المستجد.

وقال الرئيس في 6 آذار/ مارس بينما كان يناقش فيروس كورونا في مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها: "نعم أفهم ذلك.. ربما كان علي أن أفعل ذلك بدلا من الترشح للرئاسة"، في تلميح منه لإمكاناته العلمية.

وكان قد قال خلال حملته الرئاسية لـ"سي أن أن": "لدي عم ذهب إلى [جامعة] MIT وهو بروفيسور كبير. الدكتور جون ترامب. عبقري. إنها في دمي، أنا ذكي". وقال لصحيفة "بوستون غلوب" إنه هو وعمه لديهما "جينات جيدة".

وينقل الكاتب عن "صديق للعائلة" كان يعرف جون ترامب شخصيا، قوله إن الأخير كان سيفزعه ادعاء "دونالد" المعرفة العلمية عندما يروج لاستخدام أدوية غير مثبته وغيرها من أساليب العلاج.

وقال "جون فان دي غراف"، الذي كان أبوه العالم المشهور "روبرت فان دي غراف" شريكا تجاريا على مدى طويل لعمّ الرئيس الأمريكي: "إن جون ترامب الذي أعرفه كان ليفزع".

وأضاف أنه انضم إلى أبيه في عدة محادثات مع جون ترامب ويتذكره كرجل يلتزم بالاختبار الدقيق للأفكار، ما كان ليوافق على الطريقة التي يروج فيها الرئيس لأفكار خطيرة على أنها علاج لفيروس كورونا المستجد.

 

وتابع: "كان سينزعج جدا مما فعله الرئيس ترامب وكان سيقول انظر إلى العلم'".

ولم يستجب البيت الأبيض لطلب التعليق على تصريحات "دي غراف" الخاصة بـ"واشنطن بوست".

وضمن تعليقاته على الفيروس، شجع ترامب استخدام علاج مضاد للملاريا (هيدروكسيكلورين) وقال إنه "يغير اللعبة" وأنه "ليس لدى المرضى ما يخسرونه".

ولكن إدارة الأغذية والأدوية حذرت بعد ذلك من أن فعالية العقار لم تثبت لعلاج الإصابة بفيروس كورونا وأن استخدامه دون مراقبة يمكن أن يؤدي إلى تعقيدات وحتى وفاة.

وبشكل منفصل اقترح ترامب خلال إيجاز البيت الأبيض أن يدرس العلماء إمكانية حقن سوائل التعقيم في جسد المصابين للقضاء على الفيروس. ولكن بعد أن حذر المسؤولون الصحيون من تناول شيء من تلك المواد قال الرئيس إنه كان يمزح.

ويبرر ترامب غزواته في عالم توزيع النصائح العلمية بما يسميه الصفات المشتركة بينه وبين عمه. ولكن من درسوا جون ترامب يقولون بأنهم لا يرون مبررا لربط ذكاء الشخصين.

وقال إدوارد فينر الذي قضى خمس سنوات على بحث علمي في جامعة يورك في كندا، ركز فيه على الشراكة بين روبرت فان دي غراف وجون ترامب: "ما يذهلني أكثر هو مدى اختلاف [الرئيس ترامب] عن عمه. أتمنى لو كان عمه حيا ليلهم الرئيس قليلا. أظن أن تصريحات [الرئيس] المتهورة كانت ستصدمه وتروعه".

ولكن هناك من يتبنى في أوساط العائلة فكرة تشابه الكفاءة الفكرية لدى الرئيس وعمه. ففي مقابلة هاتفية مع "واشنطن بوست" قالت كريستين فليب، ابنته جون ترامب، إنها تتذكر أن أسرتها وأسرة دونالد ترامب كانتا تخرجان معا، معربة عن اعتقادها بوجود صفات مشتركة بين أبيها والرئيس.

وقالت فليب: "أعتقد أن لديه خلفية جيدة بكونه ذكيا جدا"، معتبرة أن منتقديه يتأثرون بـ "الأخبار الكاذبة"، مرددة ما يقوله ترامب.

وادعاء ترامب بأنه يشارك عمه الذكاء لم يتم دعمه بالسجل الأكاديمي أو الجوائز. وقال ترامب إن قبوله في ما كان يدعى حينها Wharton School of Finance التابعة لجامعة بنسلفانيا هو دليل على "عبقرية خارقة"، لأنها كانت بحسب قوله "أصعب كلية للحصول على قبول وأفضل مدرسة في العالم".

وفي الواقع، كما ذكرت "واشنطن بوست" العام الماضي في تقرير لها أن الكلية التي درس فيها ترامب تقبل أكثر من 40 بالمئة ممن يقدمون طلبات الالتحاق بها، وقابل ترامب آنذاك مسؤولا في الكلية كان صديقا مقربا من أخيه الأكبر. وقال ذلك المسؤول، واسمه "جيمز نولان"، إن القبول "لم يكن صعبا جدا" في ذلك الوقت وأنه لا يعتقد أن ترامب كان "عبقريا".

 

اقرأ أيضا: NYT: إدارة ترامب كذبت على الأمريكيين بشأن انتشار كورونا


كان جون ترامب أحد العلماء المشهورين في القرن [العشرين]. وتم منحه ميداليات من رئيسين هما هاري ترومان ورونالد ريغان بالإضافة لجائزة من الملك جورج السادس، ملك بريطانيا. فقد ساعد في تطوير أجهزة الرادار التي كانت ضرورية في الحرب العالمية الثانية.

ولد جون عام 1907 لعائلة ترامب التي استقرت في نيويورك، وكان أبوه هو فريد ترامب، جد الرئيس. وعندما كان جون 11 عاما، مات أبوه بمرض الانفلونزا خلال جائحة 1918. وشقيقه "فريد" هو والد الرئيس.

ونشأ جون وفريد معا، وتوجه جون إلى الدراسة الجامعية بينما ركز فريد على التطوير العقاري.

وبعد الدراسة في كل من معهد البوليتكنك في بروكلين وجامعتي كولوميا وMIT، بدأ بالعمل على مشاريع رائدة.

وبعد فشله في جهوده للقضاء على فيروس الكبد الوبائي، ساعد ترامب في تطوير جهاز بفرق جهد بلغ 2 مليون فولت يستطيع علاج المرضى، بالذات مرضى السرطان الذين كانوا بحاجة لعلاج قوي ولكن عالي الدقة لحماية الأنسجة المحيطة. وكان ذلك أحد أهم إنجازاته الطبية التي أنقذت أرواحا كثيرة.


وخلال الحرب العالمية الثانية قام ترامب بتطوير الرادار الذي ساعد القوات الأمريكية وأنتج أجهزة تشويش قوضت اتصالات العدو. واعتبر عمله مهما جدا حتى أنه صاحب الجيوش في أوروبا لتحسين أداء الأجهزة.

وخلال الحرب كان جون ترامب يعمل مع لجنة الأبحاث الدفاعية القومية عندما طلب مكتب التحقيقات الفيدرالية منه التحقيق في ما إذا كان مهندس الكهرباء الأمريكي الصربي "نيكولا تسلا" قد اخترع جهاز "أشعة الموت" الذي ربما يكون قد وقع بيد العدو.

وذهب "جون" بالفعل إلى غرفة الفندق التي توفي فيها تسلا وقضى ثلاثة أيام يتفحص أوراقه قبل التوصل إلى الاستنتاج بأنه لا يوجد ما يشير إلى أن العالم توصل إلى فكرة "عملية" للسلاح.

كما استخدم جون ترامب علمه لحل المشاكل البيئية بما في ذلك جهود لتنظيف بعض أنواع المخلفات وهو ما غطته وكالة "أسوشييتد برس" آنذاك في تقرير بعنوان "حل مشكلة المخلفات الصلبة في المجاري".

وذكر التقرير قول جون ترامب بأن التجربة مهمة جدا لأنها تثبت أن شعاع الالكترونات يقتل الفيروسات التي تعيش في المجاري وهو ما يعكس تقديره للسياسات البيئية والصحة العامة.

بينما استشهد الرئيس ترامب بأقوال عمه للادعاء بأن التغيرات البيئية التي ربطتها منظمة الصحة العالمية بزيادة الفيروسات هي مجرد "خدعة" .

وفي مقابلة أجرتها وكالة "أسوشييتد برس" عام 2016 مع المرشح الرئاسي، آنذاك، ترامب، سئل عن رأيه في قول العلماء بأن التغير المناخي "قارب نقطة لا يمكن عكسه بعدها"، رد ترامب: "لا، لا. البعض يقول ذلك والبعض الآخر يقول غير ذلك. أعني أن هناك علماء في الجانبين. عمي كان أستاذا عظيما في جامعة MIT لسنوات عديدة. الدكتور جون ترامب. أنا لم أتحدث معه في هذا الموضوع بالذات، ولكن لدي حدس طبيعي للعلم وأقول إن هناك علماء على جانبي الصورة".


ولكن في الواقع، بحسب الصحيفة، فإن 97 بالمئة من علماء المناخ يرون بأن الحراة تزداد وبحسب "ناسا" فإن الاحتمال الأكبر هو أن ذلك يحدث بسبب أنشطة الإنسان.

وبعد وفاة جون ترامب عام 1985 قام ريغان بمنحه الميدالية القومية للعلوم "لإدخاله أجهزة جديدة وأساليب للاستخدام الواسع لتطبيق إشعاع الأيونات للطب والصناعة والفيزياء النووية".

وكتب شريك تجاري، دينس روبنسون نعيا لجون ترامب في مجلة "Physics Today" فقال فيها إن جون ترامب "كان لين العريكة ولطيفا ومراعايا للجميع، ولم يكن مهددا أو متكبرا في أخلاقه حتى تحت الضغط .. كان في ظاهره ومظهره أكثر الرجال اعتدالا. وكان ينظم الحقائق بعناية وبشكل مقنع".

وهذه الصورة تتناقض تماما مع صورة الرئيس ترامب من مهاجمة لأعدائه والشكوى والترويج لأفكار غير مثبتة، بحسب الكاتب.

التعليقات (0)