اقتصاد عربي

خسائر حادة لحرب النفط بين قوات حفتر وحكومة الوفاق الليبية

حرب موازية في ليبيا وقودها النفط الذي يمثل المورد الرئيسي وشبه الوحيد للشعب الليبي من العملة الصعبة- جيتي
حرب موازية في ليبيا وقودها النفط الذي يمثل المورد الرئيسي وشبه الوحيد للشعب الليبي من العملة الصعبة- جيتي

تكبدت ليبيا خسائر حادة في حرب النفط الدائرة بين قوات حكومة الوفاق المعترف بها دوليا، وقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، التي فشلت في دخول العاصمة الليبية طرابلس، وتعرضت مؤخرا لهزيمة عسكرية نكراء.

 

وردا على إغلاق قوات حفتر لحقول وموانئ النفط الليبية للي ذراع حكومة الوفاق وإضعاف قواتها، قامت الأخيرة خلال أسبوع واحد بقصف 5 ناقلات نفط كانت قادمة من الشرق لتموين الأولى في جبهات القتال بالمنطقة الغربية.


حرب موازية في البلاد وقودها النفط، الذي يمثل المورد الرئيسي وشبه الوحيد للشعب الليبي من العملة الصعبة. والصراع على الموارد وتقسيم الثروات، أحد الأسباب الخفية لهذه الحرب، التي يدفع ثمنها الجميع.

فمنذ إغلاق القبائل الموالية لحفتر حقول وموانئ النفط في 17 يناير/كانون الثاني الماضي، خسرت البلاد نحو 4 مليارات دولار، وتقلص الإنتاج من أكثر من مليون برميل يوميا قبل الإغلاق إلى أقل من 90 ألف برميل يوميا في الوقت الحالي.

وأدى ذلك إلى تقليص حكومة الوفاق لموازنة 2020 من 55 مليار دينار ليبي (31 مليار دولار) إلى 38 مليار دينار (21 مليار دولار)، بحسب وزير المالية علي العيساوي، خاصة بعد انهيار أسعار النفط إثر تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي عقب اجتياح فيروس كورونا لمعظم دول العالم.

 

اقرأ أيضا: "الوفاق" تتقدم غرب طرابلس.. سيطرت على أسلحة مصرية وإماراتية

وتراجع الموازنة بمعدل الثلث سيؤثر بشكل تلقائي على مشاريع الحكومة الإنمائية خاصة في البنى التحتية، وإذا استمر الإغلاق لفترة طويلة فقد يطال الأمر مرتبات الموظفين حتى في المنطقتين الشرقية والجنوبية التي تسيطر عليهما قوات حفتر

وتسبب تقلص الإنتاج إلى اضطرار المؤسسة الليبية للنفط في طرابلس لاستيراد المحروقات بعدما كانت تصدرها، خاصة بعد إيقاف مصفاة النفط بمدينة الزاوية (50 كلم غربي طرابلس).

وأدى هذا الوضع إلى أزمة وقود حتى في المدن التي يسيطر عليها حفتر غرب البلاد مثل ترهونة (90 كلم جنوب شرقي طرابلس)، وفي مدن وبلدات إقليم فزان (جنوبا)، التي تجد مؤسسة النفط صعوبة في تزويدها بالوقود برا نظرا للقتال الواقع جنوب العاصمة.

ورغم الضرر الواقع، حتى على أنصاره، من وقف تصدير النفط، إلا أن حفتر يسير وفق مقولة "عليّ وعلى أعدائي"، في محاولة لكسر عزيمة الحكومة المعترف بها دوليا، في مقاومة قواته، أو إثارة الناس في طرابلس والمنطقة الغربية ضد المجلس الرئاسي بقيادة فائز السراج، لإحداث فتنة وفوضى.

لكن "السحر انقلب على الساحر"، إذ تعاني المنطقة الشرقية هي الأخرى من أزمة وقود، رغم إعلان مؤسسة النفط في العاصمة إرسال سفينة وقود إلى ميناء بنغازي (ألف كلم شرقي طرابلس) مؤخرا، لكن ومع ذلك تحدثت وسائل إعلام محلية خلال الأسابيع الأخيرة، بينها موقع "بوابة الوسط"، الداعم لحفتر، عن طوابير أمام محطات الوقود ولساعات في مدينة طبرق (شرقا).

طيران الوفاق يستهدف إمدادت الوقود لحفتر

عندما أغلق أتباع حفتر، حقول وموانئ النفط، ظن أن آلياته لن تطالها أزمة الوقود حتى ولو تضرر المدنيون في المناطق التي يسيطر عليها، نظرا لامتلاك قواته خزاناتها الخاصة، غير أن قوات الوفاق كان لها رأي آخر.

فمع الأيام الأولى لانطلاق عملية "عاصفة السلام"، في 25 مارس/آذار المنصرم، شرعت طائرات الوفاق في استهداف شاحنات نقل الوقود لقوات حفتر، القادمة من بنغازي وقاعدة الجفرة الجوية (650 كلم جنوب شرقي طرابلس) لإمداد عناصره في مدينتي بني وليد (180 كلم جنوب شرقي طرابلس)، وترهونة (90 كلم جنوب شرقي طرابلس)، ومنها إلى جبهات القتال جنوبي طرابلس.

 

اقرأ أيضا: حفتر يستخدم أوراقا جديدة للضغط على طرابلس.. هل ينجح؟

واستهدف طيران الوفاق، في 2 أبريل/نيسان الجاري، ناقلة وقود في منطقة أمراح، بمحور الوشكة، غربي مدينة سرت (450 كلم شرقي طرابلس)، التي تشهد قتالا عنيفا مع كتائب مدينة مصراتة (200 كلم شرقي طرابلس).

وفي 3 أبريل، وجه طيران الوفاق ضربة قوية لإمدادات الوقود نحو جنوبي طرابلس، حيث أغار على ثلاث ناقلات وقود جنوبي بني وليد، وبعد ثلاثة أيام فجر ناقلة وقود بالمدخل الشمالي لنفس المدينة.

وتعول قوات الوفاق من خلال استهداف قوافل الوقود على إضعاف قدرة دبابات وآليات حفتر على التحرك والمناورة في ساحات المعارك، ما يقلص فعاليتها في القتال، ويعرقل من تقدمها في المحاور الجنوبية لطرابلس.

وسبق لحكومة الوفاق أن قلصت تزويد المنطقة الشرقية بوقود الطائرات، بعد أن لاحظت أن حفتر يستغل هذا الوقود لتزويد طائراته الحربية، لقصف العاصمة وجبهات القتال المختلفة.

كما أن تراجع أسعار النفط خلال الأسابيع الأخيرة إلى ما دون الـ40 دولارا، أثّر حتى على ممولي حفتر الرئيسيين، وبالأخص الإمارات، ما سينعكس ذلك تلقائيا على حجم دعمهم المالي والتمويني لقوات الشرق الليبي.

فإصرار حفتر على اقتحام طرابلس والسيطرة على كامل ليبيا، بأي ثمن، ولو اضطره ذلك لتدمير البنية التحية للبلاد، النفطية منها بل وحتى المائية والكهربائية، لن يجلب له النصر القريب بل الهزيمة، ولن يحصد سوى استياء المواطنين وغضبهم، بما فيهم مؤيدوه الذين يتضررون كما غيرهم من الشعب الليبي من خططه المجنونة، التي قد تعيد البلاد إلى زمن ما قبل النفط.

التعليقات (0)