صحافة دولية

FA: لماذا تختلف الأخبار الزائفة عن كورونا عن مثيلتها بالسياسة؟

فورين أفيرز: علينا ألا نعامل الأخبار الزائفة عن كورونا مثل الأخبار المضللة عن السياسة- جيتي
فورين أفيرز: علينا ألا نعامل الأخبار الزائفة عن كورونا مثل الأخبار المضللة عن السياسة- جيتي

نشرت مجلة "فورين أفيرز" مقالا تحليليا مشتركا لكل من أستاذة الحكم في جامعة كورنيل، سارة كريبس، وأستاذ الحكم في كلية دارتموث، بريندان نيهان، يناقشان فيه طبيعة الأخبار الزائفة التي انتشرت حول منشأ وانتشار فيروس كورونا.

 

ويقول الكاتبان في مقالهما، الذي ترجمته "عربي21"، إن "هذه الأخبار في المحصلة النهائية ليست مثل بقية الأخبار الزائفة، خاصة السياسية، ويجب ألا تعامل بالطريقة ذاتها". 

 

ويبدأ الباحثان مقالهما بالقول: "في المحاولات اليائسة لمحاربة فيروس كورونا، حققت منصات التواصل الاجتماعي انتصارا مهما من ناحية تحديدها نشر المعلومات المضللة التي تهدد الحياة وربما أسهمت في تدهور الوباء، ويجب ألا يدفعنا هذا النجاح لتبني نهج مشابه للخطاب السياسي، الذي يقتضي حذرا أعظم".

 

ويشير الكاتبان إلى أن "شركات التكنولوجيا: (فيسبوك) و(تويتر) و(يوتيوب) تحركت سريعا لحذف المعلومات المضللة والكاذبة عن فيروس كورونا، التي تشجع الناس على القيام بأعمال تعرض حياتهم للخطر، وتعطي (غوغل) أولوية للمعلومات عن الفيروس التي تقدمها المنظمات الصحية الرسمية، مثل منظمة الصحة العالمية، وأنشأت فريق استجابة للحوادث يعمل على مدار الساعة، ومهمة هذا الفريق هي حذف المعلومات المضللة كلها، التي تظهر أثناء البحث على محرك البحث في (غوغل) و(يوتيوب)، وتعاونت شركة (واتساب)، التي تملكها شركة (فيسبوك)، مع منظمة الصحة العالمية، في توفير خدمات تعطي معلومات مباشرة عن الفيروس وانتشاره".

 

ويؤكد الكاتبان أن "هذا لا يعني عدم مرور المعلومات المضللة والخرافات والشائعات ونظريات المؤامرة عبر الإنترنت، فروسيا مثلا تحاول الاستفادة من تجربة الانتخابات الأمريكية عام 2016، وتقوم باستخدام المعلومات المضللة حول الفيروس لإثارة الاضطرابات السياسية في أوروبا والولايات المتحدة، إلا أن الشركات المسؤولة عن منصات التواصل الاجتماعي والإنترنت حظيت بثناء؛ لأنها قامت بجهود قوية وناجحة للحد من نشر المعلومات المضللة عن الفيروس، ونتيجة لهذا لم تنتشر معلومة أو نظرية مؤامرة على نطاق واسع بالطريقة التي انتشرت فيها معلومات كاذبة أثناء الكوارث والمآسي".

 

ويبين الباحثان أن "الحرب الرقمية ضد المعلومات المضللة تعود إلى الجدل حول مواقع (الأخبار المزيفة) في أثناء الحملات الرئاسية الأمريكية عام 2016، وحاولت شركات التكنولوجيا وصناع السياسة البحث عن طرق للرد على التضليل السياسي، وهي مشكلة تطرح أسئلة حول الدور المناسب للشركات الخاصة في الخطاب السياسي". 

 

ويرى الكاتبان أن "النجاح الحالي لمنصات التواصل الاجتماعي في تحديد ومنع المعلومات الضارة عن كوفيد-19 الذي يسببه فيروس كورونا المستجد، ربما يقود إلى آمال زائفة بتحقيق النجاح ذاته في مجالات أخرى، مثل الأخبار السياسية التي تنتشر فيها الأخبار الزائفة". 

 

ويلفت الباحثان إلى أن هذا ما تحدث عنه المعلق بن سميث في "نيويورك تايمز"، قائلا: "هل سيظل تدفق المعلومات المسؤولة متواصلا حتى بعد هذه الأزمة؟ وهل يمكن تطبيق ذلك على الحملة الرئاسية القادمة؟"، فيما مدح المؤسس المشارك للمؤشر العالمي للأخبار الكاذبة، داني روجرز، منصات التواصل في تصريحات لـ"واشنطن بوست"، قائلا: "هذا هو الوضع عندما يقررون اتخاذ موقف أو عمل شيء"، وأضاف أن منصات التواصل الاجتماعي "لم تكن لديها السياسة للتحرك (ضد التضليل السياسي) وعندما تتحرك تصبح قوة للخير".

 

وينوه الكاتبان إلى أن "رد منصات التواصل على المعلومات المتوفرة عن الفيروس كان صارما وفاعلا وضروريا، لكن لا يمكن ولا يجب تطبيق هذا النهج على السياسة، فالأساليب التي تنجح وتترك أثرها ضد المعلومات الصحية الخطيرة ستكون أقل فاعلية عند تطبيقها على الخطاب السياسي في الولايات المتحدة، فمن السهل اكتشاف المعلومات الكاذبة عن فيروس كورونا مقارنة مع الأخبار السياسية الكاذبة، ويمكن للمنصات تركيز بحثها على المحتويات الكاذبة وكذلك الموضوعات المحددة بدلا من الحاجة لتحديد وحذف عمليات التضليل حول أي موضوع مهما كان، فهذه الحدود تساعد على القيام بتعديل فعال من خلال الذكاء الصناعي". 

 

ويفيد الباحثان بأن "شركة (فيسبوك) أرسلت في منتصف آذار/ مارس الآلاف من مراقبي المحتويات إلى بيوتهم؛ خشية إصابتهم بالعدوى، وظل باستطاعتها الاعتماد على أجهزة التعرف لديها لحذف المعلومات الضارة عن الفيروس، ورغم بعض العثرات، من ناحية حجب بعض المواقع الشرعية، إلا أن النظام كان بالمجمل فعالا". 

 

ويشير الكاتبان إلى أن "المعايير التي تقوم على الدليل يسهل تطبيقها على الصحة والدواء، فمن المعروف والمتفق عليه أن شرب مواد النظافة خطير ولا يسهم في الشفاء من كوفيد-19".

 

ويجد الباحثان أنه "من هذا المنطلق فإنه يمكن تحديد زعم كاذب كهذا سريعا، وبالتالي حذفه، كما تفعل شركة (فيسبوك) بالتعاون مع المنظمات الدولية، وفي المقابل فإن معايير الحقيقة والدقة في السياسة موضوعية وعادة ما تثير الجدل". 

 

ويلفت الكاتبان إلى أنه "في ظل الظروف العادية فإن محاولة فحص المحتويات على منصات التواصل الاجتماعي وتقييمها تحتاج لتوازن بين حرية التعبير وما هو مضر بالرأي العام، وعادة ما يختلف الناس حول المحتوى الذي يجب منعه ومن له الحق في اتخاذ قرار هذا المنع، وبالمقارنة فإن الوباء أدى إلى حالة إجماع تدعو إلى منع المحتويات الضارة على الإنترنت، فالمعلومات عن كوفيد-19 هي مسألة حياة أو موت، ولهذا السبب تتعامل منصات التواصل الاجتماعي مع الموضوع بشكل مختلف، وكما أخبر مدير (فيسبوك) مارك زوكربيرغ، سميث من (نيويورك تايمز) في موضوع الوباء: (من السهل وضع السياسة التي تشبه أبيض/ أسود وبالتالي اتخاذ موقف متشدد)". 

 

ويجد الباحثان أنه "بالمقارنة فإن هذه الظروف لا تطبق على عملية التضليل في السياسة المحلية، التي تكون فيها الحاجة لحماية حرية التعبير أمرا ملحا، فالخطاب الزائف في السياسة هو نتيجة للعيش في مجتمع حر، (إلا في حالة تحوله إلى تشويه وتشهير يعاقب عليه القانون)، بالإضافة إلى أن الكشف عن كذب مزاعم في السياسة يحتاج لجهد أكبر بسبب صعوبة الحكم على طبيعة الحقيقة، ولهذا السبب فإن الإجماع على تحديد عمليات التضليل السياسي عبر الإنترنت لا يحظى بموافقة عامة، ولا تحذف شركة (فيسبوك) المعلومات الكاذبة من منصتها، لكنها تخفف من انتشار المقالات التي يقوم شركاء لهم بمهمتهم، وهي فحص ما جاء فيها والتوصل إلى أنها كاذبة ومخادعة".

 

وينوه الكاتبان إلى أنه "في السياق ذاته، وبناء على المعيار المعمول به في التلفاز، فإن (فيسبوك) لا تقوم بحذف الدعايات الكاذبة التي يدعمها المرشحون باستثناء حذف الإحصاءات غير الصحيحة أو كيفية التصويت". 

 

ويختم الباحثان مقالهما بالقول: "عندما تخف حدة فيروس كورونا يجب ألا تصبح المعايير التي تبنتها منصات التواصل الاجتماعي الوضع الطبيعي الجديد، فمجال المعلومات الطبية يختلف بشكل كبير عن السياسة التي يجب فيها حماية حرية الرأي عندما لا يعرض حياة الناس للخطر، وأفضل ما تقوم به الديمقراطيات الليبرالية هو تحديد انتشار التضليل السياسي لا اقتلاعه مثل الفيروس".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (1)
عرفني بنفسك أكثر كي أحميك
الثلاثاء، 31-03-2020 03:52 م
لا ثقة فيمن يقتات من خصوصيات الناس سواء بالبيع للشركات والترويج لها أو للديكتاتوريات والطغاة ومنتهكي حقوق الانسان والترويج لهم وباقي الحكومات والمخبرين