صحافة دولية

كاتبة سورية: هذا ما جرى للبلاد منذ تسع سنوات

تسع سنوات مرت على انطلاق انتفاضة سلمية في سوريا ضد نظام بشار الأسد، تحولت إلى مشهد مأساوي- جيتي
تسع سنوات مرت على انطلاق انتفاضة سلمية في سوريا ضد نظام بشار الأسد، تحولت إلى مشهد مأساوي- جيتي

نشرت صحيفة "ABC" الإسبانية حوارا مع الكاتبة السورية ديمة ونوس، التي أصدرت مؤخرا كتابا بعنوان "الخائفون"، حيث شددت على أن بلدها لا يشهد، منذ تسع سنوات، حربا أهلية، بل يواجه أعمال قتل ينفذها النظام بحق الشعب، وصولا إلى سيطرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على كل شيء.

وأجرت الصحيفة الحوار، الذي ترجمته "عربي21"، بالتزامن مع حلول الذكرى السنوية التاسعة لانطلاق الانتفاضة السلمية في سوريا ضد نظام بشار الأسد. ومنذ ذلك الحين، بحسب الصحيفة، أصبح ملايين الأبرياء معتادين على العيش في خوف من الاعتقال، ومن القنابل ومن الاختطاف، ومن فقدان كل من يحبونه.

 

وفي حديثها عن الخوف تقول ونوس: "خلال مرحلة طفولتي كنا نخاف من كل شيء، النظام والسلطة والجيش وحتى الناس".

 

وتاليا نص الحوار كما نشرته "ABC":

لسنوات، تحدث الغرب عن حرب أهلية في سوريا، ولكن لا يبدو أنك توافقين على هذا الاسم.

ديمة ونوس: من الخطأ القول إنها حرب أهلية، خاصة أن جميع الصحفيين يسألونني عن كيفية سير الحرب الأهلية في سوريا. الحرب الأهلية هي حرب بين المواطنين، لكن في هذه الحالة الحرب قائمة على نظام علوي، يعمل على تدمير شعبه. أنا لا أتحدث عن الناس، بل عن السلطة. الغربيون لا يعرفون حقيقة ما يحدث في سوريا، إذ أن هناك انطباعا بأن الأسد يقود نظامًا علمانيًا يحمي الأقليات ويحارب الإرهاب. وفي الحقيقة، لا يولي الغرب أهمية لما يحدث في سوريا.

ماذا خسرت في هذه السنوات؟

لقد عانيت كثيرا، وفقدت هويتي ولا علاقة لهذا بالأمة أو القومية. لقد فقدت هوية امتلاك مكان للعيش فيه وفقدت منزلي ووالدي، لقد فقدت كل شيء. على الرغم من أنني ما زلت أحمل جواز السفر السوري، إلا أنه ليس لدي الحق في دخول البلاد. من السهل فقدان الذاكرة والقدرة على زيارة المكان الذي نشأت فيه، لكنني في الوقت نفسه أعتقد أن حياتي بدأت سنة 2011.

هل هو نفس الخوف الذي يخيم على الرجال والنساء في سوريا؟

أنا أعارض تنظيم مؤتمرات لمناقشة حقوق السوريين، عندما يحرم الرجال والنساء من حقوقهم. لكن تعتبر حقوق المرأة هي الأسوأ على الإطلاق، كما أنه ليس من السهل أن تتمتع المرأة بحقوقها خاصة مع وجود الكثير من التحيزات والإشاعات حول التقاليد والحياة الخاصة. إن الخوف يسيطر على الناس، لدي العديد من الأصدقاء الذين أصيبوا بالجنون بعد الثورة، خاصة في أوروبا لأنهم فقدوا كل شيء. إنه لأمر صعب للغاية.

حتى الأسد يعاني من هذا الجنون؟

الأسد مدعوم من الروس والإيرانيين، وهو لا يعتقد أن مصيره سيكون مثل القذافي. قبل بضعة أسابيع، حل بوتين ضيفا في سوريا لزيارة بشار الأسد. بوتين هو الذي يسيطر على الجيش ويسيطر على كل شيء. وبالطبع، يخشى بشار الأسد من فقدان القدرة على استخدام هذا الخوف ضد الناس.

 

اقرأ أيضا: إنسايدر: كيف غيرت تركيا المعادلة العسكرية ضد روسيا بإدلب؟

لماذا ألّفت كتابا عن الخوف؟

انتقلت إلى بيروت عندما بدأت الثورة السورية في سنة 2011. من هناك، حاولت تأليف رواية، ولكن كان من الصعب جدا العثور على قصة مجدية. في كل مرة حاولت فيها الكتابة عن الثورة، لم يكن هناك مجال للخيال لما يحدث في سوريا، كما أنني لم أستطع كتابة أي شيء لمدة ثلاث سنوات. لكن التفكير بالخوف الذي شعرت به، هو الأمر المشترك بين جميع السوريين.

لقد عشنا في رعب لأكثر من 40 عامًا، أولاً مع حافظ الأسد ثم مع ابنه. على مر السنين، يأخذك تراكم الخوف إلى حد تتوقف فيه عن الشعور بالخوف. من المفيد جدًا أن تكون قادرًا على تحليل الحاضر والمستقبل ولكن دون تحيز. لا أريد أن أكتب عن العنف، كلنا نعلم أن هذا النظام هو أسوأ ما حدث في سوريا.

هل مررت بهذا الخوف؟

لقد نشأت في بيئة عائلية شديدة التمرد ومنفتحة للغاية، لقد ارتدت المدارس التي يسيطر عليها حزب البعث العربي الاشتراكي. شعرت أن الخوف كان في كل مكان، حتى في الهواء. لم أكن خائفة من الاعتقال، لكن ابنة خالتي في سوريا اعتقلت عدة مرات، علما بأنها ممثلة مشهورة جدا. أراد النظام أن يغادر جميع المثقفين البلاد. في الواقع، كان والدي علويًا وكانت والدتي سنية، ومن الخطر جدًا أن تكون علويًا مثل الأسد ومعارضا للحكومة في ذات الوقت. 

هل تحاكي الرواية تجربتك؟

ليس بالتحديد، على الرغم من وجود أشياء مشتركة بالطبع لأنني كاتبة، كما أنه لا يمكنني فصل نفسي عن مشاعري وذاكرتي بنسبة 100 بالمئة. أرى نفسي تقريبا في جميع الكتب التي ألّفتها.

أنت تثقفين نفسك فقط من خلال الخوف

كان الخوف عبارة عن عقلية وطريق للتربية، كل صباح كان على جميع الطلاب الهتاف من أجل حياة حافظ الأسد، ومن بعده بشار الأسد. كانت صوره معلقة في كل مكان فالجميع لديهم صور للأسد.

يقوم منظمو الرحلات السياحية بزيارة سوريا لبعض الوقت وبالسياحة

دائما ما يذهب السياح إلى المناطق التي يسيطر عليها نظام الأسد وروسيا، إنه نوع من تطبيع العلاقات. اليوم، يحظر على ملايين السوريين دخول البلاد مرة أخرى. فعلى سبيل المثال، هناك مخرجون سينمائيون يستخدمون المدن المدمرة لنشر الأكاذيب، على غرار أن النظام السوري يحارب الإرهاب. ومن غير الإنساني استخدام هذا التدمير للترويج للسياحة والسينما.

في هذه السنوات التسع، نشر العديد من المؤلفين الغربيين كتبا عن الأسد والسوريين وتنظيم الدولة، لكن في المكتبات الإسبانية لا يكاد يوجد أي مؤلفين سوريين.

نعم، السبب الأول هو اللغة. فمعظم السوريين الذين غادروا البلاد لا يتحدثون لغة أخرى غير العربية. في نظام التعليم في سوريا، نتعلم القليل من اللغة الإنجليزية أو الفرنسية في المدرسة، ونصل إلى الجامعة دون القدرة على التعبير عن أنفسنا. كانت سياسة بشار الأسد هي عزل الناس. لم يتعلم المثقفون لغة البلد الذي لجأوا إليه لأنهم يحتفظون بفكرة العودة إلى سوريا في غضون عامين أو ثلاثة.

التعليقات (1)
القيصر
الإثنين، 16-03-2020 05:48 ص
مع احترامي لكل كاتبة وكاتب انه فقط ضياع للوقت ان يسرد المرء عن بلاده لصحف اجنبية او مخابرات اجنبية ، وهم من فعل كل هذه الحروب في بلادنا !!! وما قانون قيصر ببعيد !!! وهم يرون النملة في بلادنا .