مقالات مختارة

الأمريكيون العرب والسباق «الديمقراطي»

جيمس زغبي
1300x600
1300x600

بعد 36 عاما من ترحيب القس جيسي جاكسون بالأمريكيين العرب لأول مرة في «ائتلاف قوس قزح» الذي شكله، سعى عدد من المرشحين الرئاسيين «الديمقراطيين» إلى كسب تأييد الجماعات الأمريكية العربية في السباقات الانتخابية الديمقراطية التمهيدية للرئاسة لعام 2020. فقد أصبحت مشاركة الجالية العربية حقيقة مقبولة. والحال لم يكن هكذا دوما.

فقد كانت ثمانينيات القرن الماضي صعبة بشكل خاص حين بدأ العرب الأمريكيون ينتظمون في جماعة ذات نفوذ. فقد كانت بعض الجماعات اليهودية الأمريكية الكبيرة تعتبرنا تهديدا لهيمنتها في الجدل بشأن السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، ولذا لم يدخروا جهدا لعزلنا وتشويه سمعتنا وإسكات أصواتنا.

 

وأذعن بعض السياسيين لهذا الضغط من الجماعات الأمريكية اليهودية، واضطر مرشحون إلى رد مساهمات الأمريكيين العرب ورفض دعمهم وطرد العاملين منهم من الحملات. ثم واجهنا ما أطلقنا عليه «سياسة الاستبعاد»، وركزنا الطاقة والموارد لتسجيل وحشد الناخبين الأمريكيين العرب. وبدأت حقبة جديدة حين تزايدت أعدادنا ومشاركتنا في العملية السياسية ودخلت الجالية العربية التيار الرئيس من السياسة الأمريكية.

وفي مدن مثل ديربورن وميشيجن التي طالما اشتهرت بأن فيها أكبر تجمع للأمريكيين العرب في الولايات المتحدة، يعني هذا التغيير أن الانتقال مما يصفه المسؤولون المحليون ب «المشكلة العربية» إلى ناخبين مسجلين قد يرجحون جانبا ما في الانتخابات. وعلى المستوى القومي، كان القس جاكسون هو أول من أدرك فوائد الترحيب بالناخبين الأمريكيين العرب في ائتلافه. وقبل ذلك كان يجري النظر إلينا باعتبارنا «الأطفال الجدد في المبنى»، وكانت هناك ضغوط لرفض مشاركتنا، ولذا رصدت وسائل الإعلام كل اجتماع لجاكسون معنا.

وبنهاية المعركة الصعبة في الانتخابات التمهيدية عام 1988، صرح لي جاكسون، قبل الانتخابات التمهيدية في كاليفورنيا، قائلا: «لقد أصبح التعامل مع جاليتك طبيعيا الآن. هذا انتصار». وهذا التوجه الخاص بأن تصبح الجالية العربية جماعة انتخابية منظمة ونشطة استمر حتى انتخابات 2000. فقد أشارت مجلة نيوزويك أن الناخبين الأمريكيين العرب «قد يثبتون أنهم حاسمون في ولايات محورية مثل ميشيجن وأوهايو ونيوجيرسي».

وبعد 20 سنة، أدى تجمع الأمريكيين العرب في ولايات متأرجحة الولاء بين الحزبين إلى لفت انتباه عدد قليل من المرشحين البارزين إلى الجالية. وهناك عدد من الولايات ستكون حاسمة لأي مرشح رئاسي كي يفوز في نوفمبر وهي أيضا مقر لأكبر تجمعات من الأمريكيين العرب مثل فلوريدا وميشيجن وبنسلفانيا وأوهايو وتكساس وفيرجينيا.

 

وهذا ما جعلنا نشهد هذا العام متنافسين أساسيين على ترشيح الحزب «الديمقراطي» ينخرطون في مساع غير مسبوقة لم ترصدها الصحافة لكسب أصوات الأمريكيين العرب أثناء الانتخابات التمهيدية لهذا العام. فقد دأبت حملة السيناتور بيرني ساندرز على نشر لافتات وصور على مواقع التواصل الاجتماعي باللغة العربية. وحصل ساندرز على دعم من أمريكيين عرب بارزين على امتداد البلاد وحفز الأمريكيين العرب الشباب على دعمه.

وفعلت السيناتورة إليزابيث وارين الشيء نفسه. فقد ذكرت في إحدى خطبها أن هناك «لحظات قوة وتضامن هائلين بفضل الحركات التي حظيت بدعم من المسلمين السود وداكني البشرة والأمريكيين العرب». وتناولت «وارين» قضايا كثيرة ذات اهتمام مشترك بين هذه الجاليات. وكلا الحملتين ضمتا أمريكيين عربا كمستشارين أو في مناصب كبيرة في الحملة. ولدى جو بايدن، نائب الرئيس السابق، أيضا عدد من الأمريكيين العرب في حملته وخاصة في ميشيجن.

وبصفة عامة، يشترك الناخبون الأمريكيون العرب إلى حد كبير مع معظم الأمريكيين في القضايا التي تهمهم، وإن يكن لديهم مخاوف متزايدة بشأن قضايا مثل الحريات المدنية والتمييز والسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط. والرئيس دونالد ترامب لن يخطب ود الناخبين الأمريكيين العرب على الأرجح؛ لأن سياساته عزلت إلى حد كبير جانبا كبيرا من الجالية ما ختم 16 عاما من انقسام الأمريكيين العرب بين «جمهوريين» و«ديمقراطيين»- مع وجود أقلية كبيرة من المستقلين- ليصبحوا كتلة تصويت ديمقراطية يعتمد عليها.

ورغم أن ولايات ذات جاليات عربية قوية مثل كاليفورنيا وميشيجن صوتت بالفعل، لكن نصف الأمريكيين العرب لم تتح لهم الفرصة بعد للتصويت في الانتخابات الرئاسية التمهيدية. والولايات التي بها عدد كبير من الأمريكيين العرب والتي لم تصوت بعد تتضمن فلوريدا وإيلينوي وأوهايو وماريلاند ونيويورك وبنسلفانيا ونيوجيرسي.

وبعد ذلك سنمضي في طريقنا إلى الانتخابات العامة في نوفمبر المقبل باجتهاد الأمريكيين العرب لتعزيز نجاحهم السابق الذي مكنهم من أن يصبحوا جماعة انتخابية مهمة وسط جمهور الناخبين الأمريكيين الواسع والمتنوع.

 

ويستطيع الأمريكيون العرب السعي لإخضاع المرشحين والمسؤولين المنتخبين للمساءلة ليس فقط لما قاموا به في الماضي لكن أيضا لما يعتزمون القيام به في المستقبل. وهذه أهم خطوة يمكننا المضي فيها لنصبح قوة مدنية طبيعية لا تستطيع أي حملة انتخابية تجاهلها الآن وفي المستقبل.

(الاتحاد الإماراتية)

0
التعليقات (0)