صحافة دولية

NYT: كيف كشف انتشار كورونا عن غياب في القيادة العالمية؟

نيويورك تايمز: انتشار كورونا كشف عن غياب في القيادة العالمية- جيتي
نيويورك تايمز: انتشار كورونا كشف عن غياب في القيادة العالمية- جيتي

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا للكاتب مارك لاندلر، يقول فيه إن الرد الدولي المتخبط على انتشار فيروس كورونا خلق حالة فراغ قيادي. 

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن قادة العالم كانوا آخر من يتحدث عن خطورة الوباء، وبدت أصواتهم مثل جوقة متنافرة النغمات، في وقت غابت فيه الولايات المتحدة عن دورها التقليدي. 

 

ويلفت لاندلر إلى أن رئيس المصرف المركزي الأوروبي حذر من إمكانية تحفيز فيروس كورونا أزمة مالية كتلك التي حدثت في عام 2008، مشيرا إلى أنه في برلين قالت المستشارة أنجيلا ميركل، إن الفيروس قد يصيب ثلثي الألمان، فيما قرر رئيس الوزراء البريطاني تخصيص 40 مليار دولار حزمة إنقاذ لتحصين اقتصاده من الصدمة.

 

وتفيد الصحيفة بأنه في الوقت الذي يتزايد فيه عدد المصابين بالفيروس، وتفقد الأسواق المالية من طوكيو إلى نيويورك نشاطها، فإن قادة العالم بدأوا أخيرا يعثرون على صوتهم بشأن خطورة ما أصبح الآن وبشكل رسمي وباء. 

 

ويجد التقرير أن ما يحصل لا يتجاوز نغمة نشاز وثرثرة متنافرة من سياسيين يكافح كل منهم بطريقته للتعامل مع تحديات متعددة يمثلها الفيروس وأثره المدمر على المستشفيات والطواقم الطبية، إلى أثره المدمر على الاقتصاد وتزايد حالات الوفاة. 

 

ويقول الكاتب إن الكورال يفتقد القائد، وهو الدور الذي أدته في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن الرئيس دونالد ترامب فشل في العمل مع قادة العالم لتشكيل رد، مفضلا تقديم وعود ببناء جدار على حدود بلاده، بدلا من الاستماع إلى نصيحة الباحثين والخبراء الطبيين الأمريكيين. 

 

وتنوه الصحيفة إلى أن ترامب فرض، في خطاب ألقاه ليلة الأربعاء من مكتبه البيضاوي، حظر سفر مدته 30 يوما على السفر بين أمريكا وأوروبا، زاعما، دون تقديم أدلة، أن الاستجابة الخاملة من الاتحاد الأوروبي كانت السبب في انتقال حالات جديدة عبر الأطلسي إلى أمريكا، ما أدى إلى زرع "عناقيد جديدة وكبيرة" من مسافرين قدموا من القارة الأوروبية. 

 

ويذكر التقرير أن وزير خارجية ترامب، مايك بومبيو، يفضل استخدام اسم "فيروس ووهان"، في محاولة لشيطنة البلد الذي بدأ فيه الفيروس، بشكل يعقد الجهود الدولية لمواجهة الفيروس. 

 

ويبين لاندلر أن الموقف ذاته من ازدراء العلوم وتشويه سمعتها ظهر من قادة الصين وإيران، ومنع العلماء والخبراء من الخارج من المشاركة في جهود احتواء الفيروس، بالإضافة إلى الحكومات الشعبوية الأوروبية، التي فضلت خدمة الذات، وتركت الناس يواجهون أوضاعا غير واضحة.

 

وتشير الصحيفة إلى أنه بدلا من المساعدة في مواجهة الفيروس، فإن قادة أقوياء، مثل فلاديمير بوتين وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، قررا انتهاز فرصة انشغال العالم بفيروس كورونا والبدء في حرب أسعار النفط وتعزيز قبضتهما على السلطة. 

 

ويجد التقرير أنه "مع ذلك فإن من البساطة تحميل ترامب مسؤولية الفشل في معالجة الفيروس، أو لوم قادة العالم جميعا، وجزء من المشكلة نابع من الوباء ذاته والطبيعة الشيطانية التي يتميز بها".

 

ويفيد الكاتب بأن فيروس كورونا قاوم الأدوات التي استخدمها العالم ضد آفات عالمية سابقة، ونظرا لغموض الطريقة التي ينتشر فيها الفيروس، فإنه قاد الدول إلى استخدام طرق متباينة لمواجهته، مشيرا إلى أن غياب المعايير في عملية فحص المصابين، أو إلغاء التجمعات العامة في الأماكن العامة أو الحجر الصحي، عمق من القلق العام، وأدى إلى تراجع ثقة الناس بقادتهم.

 

وتقول الصحيفة إن الصدمات المتتابعة على العرض والطلب، التي أغلقت مصانع "آيفون" في الصين، وتركت القوارب النهرية في البندقية فارغة، وأدت إلى هجرة المسافرين للفنادق والسفن السياحية والطائرات، تعد ظاهرة جديدة ربما لا يمكن الرد عليها بالأسلحة ذاتها التي استخدمتها الحكومات ضد التفكك الذي أعقب هجمات 11/ 9 أو الأزمة المالية العالمية عام 2008. 

 

وينقل التقرير عن رئيس مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، ريتشارد هاس، قوله: "تعد طبيعة هذه الأزمة مختلفة من الناحية الكمية مقارنة مع عام 2008؛ لأن الطرق التقليدية ليست فاعلة.. حتى لو قررت أمريكا ممارسة دورها القيادي، فإن الطريق المعروفة لن تكون ذات علاقة هذه المرة". 

 

ويقول لاندلر إن بريطانيا حصلت على المديح لردها الاقتصادي القوي، الذي ضم بالإضافة إلى مليارات الجنيهات للمستشفيات والعمال الذين همشهم المرض، تخفيض سعر الفائدة. 

 

وتستدرك الصحيفة بأنه رغم هذا فإن الأسواق المالية انهارت، وإن لم تكن بدرجة ما عاناه وول ستريت، فرفض المستثمرون مقترح وزير الخزانة ستيفن منوشين، الذي يسمح للأمريكيين بتأجيل دفع ضريبة الدخل، التي قال إنها قد تضخ 200 مليار دولار للاقتصاد. 

 

ويلفت التقرير إلى أن فكرة ترامب الكبرى، وهي تخفيض ضريبة الراتب، لم يقبلها مجلس النواب الذي يسيطر عليه الديمقراطيون، وقرر بدلا من ذلك تشريع قرار يقدم المساعدة المالية للمرضى والعمال والعائلات الذين تضرروا من الوباء الذي يتحرك بسرعة. 

 

ويذكر الكاتب أنه بالنسبة لهاس، فإن التركيز على تخفيف آثار الوباء الاقتصادية مفهوم في ضوء الأوضاع التي تعيشها الأسواق لكنها خطوات غير ناضجة، وقال إن على البلدان تكريس جهودها لإبطاء وتخفيف انتشار الفيروس قبل البدء في برامج مالية لإصلاح الاقتصاد المدمر. 

 

وترى الصحيفة أن المشكلة هي أن الجهود، باستثناء بعض الحالات، كانت عقيمة، ففي الولايات المتحدة كان الفشل في تطوير معدات فحص وندرة الفحوص سببا في عدم قدرة المسؤولين على تكوين صورة حول طبيعة المرض وانتشاره في الولايات المتحدة، وحتى بعد ظهور أول حالة في أمريكا. 

 

وينوه التقرير إلى أن شجارا اندلع في إيطاليا، التي تعد من أكثر المناطق المنكوبة، بين المسؤولين السياسيين والخبراء الطبيين حول عمليات الفحص، وإن كانت الحكومة تقوم بفحص كثير من الناس في لومبارديا، أو أنها تبالغ في الأرقام وتخلق حالة من الفزع، مشيرا إلى أن الرد الإيطالي قد يضعف أكثر من خلال حركة المعارضة للتلقيح، التي تبنتها ذات مرة الحركة الشعبوية، خمس نجوم، التي سيطرت على آخر حكومة. 

 

ويورد لاندلر نقلا عن الخبير في جامعة كامبريدج، الدكتور كريس سميث، قوله إن مقارنة رد دولة بأخرى أمر صعب نظرا لاختلاف المعايير في الفحص والتشخيص حول العالم. 

 

وتشير الصحيفة إلى أن الأرقام في الصين بدأت تتزايد بشكل فلكي بعدما بدأت السلطات في تسجل الحالات بناء على الأعراض وليس الفحوصات المخبرية، وهي الطريقة التي تلجأ إليها معظم الدول، مستدركة بأنه حتى الفحوصات المخبرية قد تؤدي إلى نتائج مختلفة في أماكن أخرى.

 

وينقل التقرير عن الدكتور سميث، تعليقه قائلا: "تقوم دول مختلفة بأعمال مختلفة.. أنت لا تقارن تفاحة بتفاحة". 

 

ويقول الكاتب إن صعود الحركات الشعبوية قلل من المحفزات للتعاون، مشيرا إلى أن القادة الأوروبيين اتفقوا يوم الثلاثاء في مؤتمر عبر الفيديو على ميزانية 25 مليون يورو للاستثمار، وتخفيف القواعد التي تغطي الطيران من أجل الحد من الآثار على الاقتصاد، لكنهم لم يتفقوا على الاعتراضات الوطنية المتعلقة بالمشاركة في الأجهزة الطبية، مثل الأقنعة وأجهزة التنفس، خاصة أن الموضوعات الصحية من مسؤولية الحكومات الوطنية، ووضعت ألمانيا ودولة التشيك القيود على تصدير هذه الأجهزة للحفاظ عليها من أجل مواطني البلدين. 

 

وتلفت الصحيفة إلى أنه عندما قالت المستشارة ميركل إن الفيروس قد يصيب ما بين 60-70% من الألمان، فإنها عللت النسبة بأنها بناء "على إجماع الخبراء"، وكانت نسبة صريحة تعبر عن حجم المشكلة، وصدرت عن زعيم سياسي، وهو ما عزز موقعها بصفتها شخصية ليبرالية مضادة لترامب، وقالت: "سنعمل ما يجب عمله.. لن نسأل كل يوم ماذا يعني هذا للعجز" في الميزانية. 

 

ويجد التقرير أنه مع ذلك فإن موقف ميركل أضعف من خلال صعود اليمين المتطرف في ألمانيا، ورفضت تقديم المساعدة إلى إيطاليا لترى الصين تقدم المساعدة للإيطاليين، وحزم مساعدات تضم مليوني قناع و100 ألف جهاز تنفس صناعي. 

 

وينوه لاندلر إلى أن بريطانيا، التي خرجت من الاتحاد الأوروبي ولم يشملها قرار ترامب للمنع، فيها مخاوف من صعوبة حصولها على اللقاح، أو أنها قد تدفع ثمنا أعلى من بقية الدول. 

 

وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن حكومة جونسون، التي فازت بناء على أجندة شعبية "لننهي البريكسيت"، تعاني حول كيفية التواصل مع المواطنين بشأن الوباء.

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)