ملفات وتقارير

شد العصب الطائفي في لبنان.. من المستفيد؟

نائب عن تيار المستقبل يقول إنه لا بد من الإصغاء إلى مطالب المنتفضين في الساحات منذ أكثر من 120 يوما- جيتي
نائب عن تيار المستقبل يقول إنه لا بد من الإصغاء إلى مطالب المنتفضين في الساحات منذ أكثر من 120 يوما- جيتي

يتقلص حجم المتفائلين بإمكانية المضي في معالجة الأزمة الاقتصادية والمالية التي اشتدت في لبنان منذ قرابة 4 أشهر، على وقع التظاهرات والاحتجاجات المطالبة بالتغيير ومحاربة الفساد.

ومع اتخاذ حكومة حسان دياب كامل الخطوات الدستورية اللازمة، بات الطريق أمامها مشرعا لاتخاذ ما يلزم من تدابير وخطوات "إنقاذية"، بيد أن الطريق يبدو صعبا ومعقدا للغاية؛ لأسباب عدة، بعضها مرتبط بالطبقة السياسية وعلاقتها ببعضها البعض، والآخر شعبي رافض لحكومة لا يجدها سوى امتداد لمنظومة حكمت البلاد منذ أربعين سنة، ولم "تجلب له سوى الأزمات المتعددة".

ويبدو أن تيار المستقبل بزعامة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري مراقب للمشهد عن بعد، بانتظار خطوات سياسية مقبلة، في حين يتهمه البعض بمحاولة شد العصب المذهبي؛ بهدف تسجيل نقاط قوة للعودة مجددا إلى السلطة.

"الحقيقة والتشخيص"

وتحدث النائب عن تيار المستقبل، محمد الحجار، عن أزمة انعدام ثقة من قبل شريحة واسعة من المواطنين بالدولة، وبمن يديرون الشأن العام، ونوه بأن "المطلوب الإقرار بحقيقة وواقعية التشخيص، والمضي في خطوات إعادة ترميم الثقة، وإزالة كل الهواجس التي تقف عائقا أمام تحقيق ذلك"، مضيفا في تصريحات لـ"عربي21": "لا بد من الإصغاء إلى مطالب المنتفضين في الساحات منذ أكثر من 120 يوما؛ للمطالبة بمحاربة الفساد، والقضاء على حالة الترهل التي أصابت مفاصل الدولة ومؤسساتها، ومعالجة الأزمات الحياتية والاقتصادية التي يئن تحت وطأتها المواطن".

وأثنى الحجار على ما أسماه واقعية رئيس الحكومة السابق سعد الحريري؛ من خلال "استجابته لصوت المتظاهرين؛ بالمبادرة إلى تقديم استقالة حكومته بعد 10 أيام من اندلاع التظاهرات، وإقراره بوقوعه في أخطاء، بما يؤكد مصداقيته وجرأته وشفافيته، لكنه لم يلق الصدى الإيجابي من الأطراف السياسية الأخرى للمبادرة بخطوات صادمة وإيجابية على غرار ما قام به"، واصفا البيان الوزاري للحكومة الحالية بالضبابي، وبأنه "لا يحمل رؤية واضحة باتجاه حلحلة العقد المالية والاقتصادية، ولا يضع خطوات الإصلاح على سكة العمل الصحيح".

ولفت الحجار إلى أن "شعار الحكومة -وهو مواجهة التحديات- يتطلب عملا دؤوبا وسليما، غير أن المؤشرات الحالية لا تشي بحصول ذلك، ما يدفع إلى القلق على مصير الأوضاع في البلاد، وينذر بضرورة المعالجة الفعلية وليس القولية للأزمة التي تمر بها البلاد".

وعن المخاوف من انهيار بنيان الدولة والحديث عن الاتجاه إلى مؤتمر تأسيسي، قال: "الأزمة ليست متعلقة باتفاق الطائف (اتفاق عقد في مدينة الطائف السعودية عام 1989 وأنهى الحرب اللبنانية من خلال إعادة توزيع صلاحيات الرئاسات الثلاث)، بل الأمر متعلق بفهم وكيفية تطبيق هذا الاتفاق، فلو تم العمل به، بحسب ما أريد، له لكانت الأوضاع أفضل بكثير مما هي عليه الآن، غير أن المصالح الطائفية والحزبية والغايات الخاصة شوهت هذا الاتفاق، ما أدى إلى الانعكاسات السلبية التي نعاني منها حاليا"، داعيا إلى "ضرورة تقييم المرحلة السابقة بعيدا عن المصالح الضيقة؛ لإنقاذ لبنان من تخبطات ونفق مجهول لا تحمد عقباه".

 

اقرأ أيضا: الحريري يدعو لانتخابات مبكرة ويهاجم حزب الله وباسيل (شاهد)

"شد العصب"

ورأى مدير مؤسسة "لايف" الحقوقية، المحامي نبيل الحلبي، أن "المنظومة السياسية المتحكمة بالبلد منذ فترة ما زالت تقبض على مقدراته، وإن كان ذلك بالوكالة، من خلال حكومة حسان دياب"، مؤكدا في تصريحات لـ"عربي21" أن "الأحزاب والتيارات السياسية التي توافقت في السابق على نهب المال العام ومقدرات الدولة حافظت على سيطرتها في هذه الحكومة، التي لم تضع لغاية اللحظة أي خطوات جادة لمنع الانهيار الذي يسير باتجاهه لبنان، مع انعدام الاتصالات مع الجهات الدولية المعنية كالبنك الدولي، وإجراء مفاوضات معها؛ بهدف إنقاذ اللبنانيين من كارثة كبيرة قد نصل إليها خلال الأشهر القادمة".

ولفت إلى أن "التراشق بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر (الموالي لرئيس الجمهورية ميشال عون) يأتي في إطار خطة متبادلة لشد العصب الطائفي والمذهبي، وبهدف إعادة إنتاج تسوية جديدة بين الطرفين على حساب تطلعات اللبنانيين وطموحاتهم في التغيير ومعالجة الأزمات"، معتبرا ذلك "حيلة لم تعد تنطلي على اللبنانيين الذين لن يصدقوا هذه المرة كل من تسبب في إيصال البلاد إلى تلك المرحلة القاسية".

ورأى الحلبي أن "الثورة الحقيقية ستبدأ في لبنان بعد الربيع القادم، عندما يواجه لبنان الاستحقاقات المالية الدولية المتوجبة علينا، حيث إنه من المتوقع ارتفاع سعر الدولار إلى حد لم يسبق له مثيل، ويليه ارتفاع بالأسعار والسلع التموينية بما يؤثر ويهدد حياة المواطنين، ويدفع بهم جميعا نحو الشارع"، مبينا: "هذه المرة لن يستطيع أحد إيقافها؛ لأن الجوع قاهر، ولن يسكت عن ألمه حتى أولئك الذين يناصرون لغاية اللحظة أحزابهم السياسية".

وتوقع بأن يحدث التغيير من خلال هذه الأزمة، التي "ستفكك المنظومة السياسية الحالية وتحرقها، بما يسهل على الشعب اللبناني تغيير النظام"، متمنيا أن "لا تكون رحلة تغيير الوضع الراهن شاقة، على الرغم من أن سيطرة أمراء الحرب على مقدرات الدولة منذ 40 سنة يتطلب عملا تغييرا لا يقل مداه عن أشهر صعبة جدا ومخاضا صعبا، وصولا إلى الهدف المنشود".

 

اقرأ أيضا: هل يستطيع صندوق النقد الدولي سد "الثقب الأسود" في لبنان؟

التعليقات (0)