صحافة دولية

"نيويورك ريفيو أوف بوكس" تحاور المقاتلين السوريين في ليبيا

نيويورك ريفيو أوف بوكس: الدعم العسكري الخارجي للأطراف المتحاربة في ليبيا أسهم في زيادة الفوضى- جيتي
نيويورك ريفيو أوف بوكس: الدعم العسكري الخارجي للأطراف المتحاربة في ليبيا أسهم في زيادة الفوضى- جيتي

نشر موقع مجلة "نيويورك ريفيو أوف بوكس" تقريرا أعده فردريك ويهري، تحت عنوان "بين المقاتلين السوريين في التدخل التركي في ليبيا"، يلتقي فيه بعدد من المقاتلين السوريين الذين وصلوا للقتال في الحرب الليبية وعددهم 500 مقاتل. 

وينقل التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، عن هؤلاء المقاتلين، قولهم إنهم وصلوا قبل أيام، وبأنهم جزء من فرقة عدد أفرادها ألفا مقاتل بدأت طلائعها تتوافد تدريجيا إلى جانب المستشارين العسكريين الأتراك، وأضافوا أن هناك خططا لنشر ستة آلاف مقاتل في الحرب الليبية. 

ويقول ويهري إن وصول المقاتلين السوريين هو آخر تطور في رقعة الشطرنج الليبية التي بدأت منذ تدخل الناتو في هذا البلد الغني بالنفط، الذي تحول منذ سقوط معمر القذافي عام 2011 إلى مجموعة من المناطق والمدن والمليشيات التي تتبارز فيما بينها حول الثروة والسلطة. 

ويشير الموقع إلى أن الدعم العسكري الخارجي للأطراف المتحاربة أسهم في زيادة الفوضى، لافتا إلى أن الجولة الاخيرة من القتال بدأت في نيسان/ أبريل 2019، عندما قامت قوات موالية لخليفة حفتر بالهجوم على قوات حكومة الوفاق الوطني في العاصمة طرابلس التي تعترف بها الأمم المتحدة، ما أدى إلى مقتل أكثر من ألفي شخص عدد منهم من المدنيين إضافة إلى آلاف المشردين. 

ويفيد التقرير بأنه بسبب نبرة حفتر الديكتاتورية والمعادية للإسلاميين، فإن دولا مثل فرنسا والسعودية والإمارات وروسيا دعمته وزودته بالمقاتلات الحربية والطائرات دون طيار، وتركت خلفها أعدادا من الضحايا بين المدنيين، لافتا إلى أنه في أيلول/ سبتمبر 2019 وصلت قوة أجنبية أخرى تابعة لشركة التعهدات الأمنية "واغنر"، التي يديرها يفغني بريغوجين المعروف بـ"طباخ بوتين" نظرا لتقديمه خدمات الطعام للكرملين، وحرك مرتزقة "واغنر" الساحة بالنسبة لحفتر؛ نظرا لخبراتهم في القناصة وقدراتهم العسكرية.

ويقول الكاتب: "في الوقت ذاته رأيت عن قرب كيف نشر هؤلاء الروس الخوف بين المقاتلين التابعين لحكومة الوفاق الوطني، ما سمح لقوات حفتر بالتقدم ببطء نحو العاصمة، وهو ما دفع حكومة طرابلس لطلب المساعدة من حليفتها الوحيدة وهي تركيا". 

وينوه الموقع إلى أن تركيا بدأت منذ أيار/ مايو 2019 بطلعات بطائرات الدرون دعما لحكومة الوفاق الوطني، ووفرت لها عددا من المستشارين العسكريين والفنيين، وقد غيرت الحكومة التركية موقفها من نشر قوات على الأرض في كانون الثاني/ يناير، عندما قرر البرلمان تمرير معاهدة الدفاع المشترك مع حكومة الوفاق الوطني، مشيرا إلى أنه في الوقت الذي تحدث فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن العلاقات التاريخية بين البلدين، إلا أن المنافع الاقتصادية تقف وراء الخطوة. 

ويشير التقرير إلى معاهدة ترسيم الحدود البحرية مع حكومة الوفاق، التي تسمح لأنقرة بالتنقيب عن النفط والغاز في مياه البحر المتوسط، مشيرا إلى أن هذه المعاهدة هي جزء من خطة توسع تركي في ظل أردوغان، إلا أنها تحمل الكثير من المخاطر السياسية والداخلية، فمغامرة عسكرية في ليبيا قد تدخل تركيا في مستنقع الحرب. 

ويجد ويهري أن نشر مقاتلين سوريين يجنبه هذا السيناريو، ويمنحه القدرة على مواصلة تأثيره في المنطقة، مشيرا إلى أنه تم اختيار هؤلاء المقاتلين من الجماعات الوكيلة لتركيا التي تم نشرها في شمال سوريا، إلا أن المشكلة تتمثل في أنهم يقاتلون بعيدا عن مناطقهم القريبة من تركيا. 

ويذكر الموقع أن الحكومة التركية بدأت منذ نهاية العام الماضي بتجنيد هؤلاء المقاتلين للقتال في تركيا براتب ألفي دولار في الشهر، وعروض بمنح الجنسية التركية، مشيرا إلى أن قائد المجموعة، واسمه أحمد الذي التقاه الكاتب، يقول إنه حصل على الجنسية قبل خمسة أعوام، وبالنسبة له ولمن كانوا معه فإن علاقة معظمهم مع تركيا متجذرة لكونهم من أبناء الأقلية التركمانية في سوريا، وهم جزء من جماعة مسلحة مرتبطة بتركيا اسمها "كتائب السلطان مراد". 

ويورد التقرير نقلا عن أحمد، قوله: "أنتمي إلى الجيش التركي.. لدينا بيوت في إسطنبول أو غازي عينتاب"، مشيرا إلى أنه قبل وصوله إلى ليبيا كان جزءا من الجيش السوري الحر، الذي قاتل قوات بشار الأسد، وهو يعرف النظام السوري جيدا، فقد ولد في حلب لأب تركي وأم سورية، وكانت ملازما في الجيش السوري قبل انشقاقه بعد الحرب الأهلية عام 2011، وقاتل في حلب وحمص والقصير وإدلب. 

ويذكر الكاتب أن أحمد ذكر اسم صديقين أمريكيين وهما "جون وجوش"، اللذان كانا من ضمن عملاء "سي آي إيه"، الذين كانوا يسلحون الجيش السوري الحر، مشيرا إلى أنها كانت تجربة مليئة بالتقلب والخيانة، وكان سجينا لمدة تسعة أشهر في سجون جبهة النصرة الموالية لتنظيم القاعدة، مشيرا إلى أنه إلى جانب الجماعات الأخرى الموالية لتركيا، فإن "كتائب السلطان مراد" متهمة بارتكاب جرائم في الحملة العسكرية التي قامت بها تركيا عام 2019. 

ويورد الموقع نقلا عن المقاتلين السوريين، قولهم إنهم وصلوا من إسطنبول على متن طائرة عسكرية تركية إلى المطار الوحيد العامل في طرابلس، وقدموا أنفسهم لغرفة العمليات في المطار، التي يضم كادرها عسكريين أتراكا للعمل مع المقاتلين السوريين والقادة الليبيين، ومنهم كان أحمد الضراط، الذي التقاه الكاتب، وقاد المقاتلين في عدد من المعارك منذ عام 2011. 

 

ويلفت التقرير إلى أن الكاتب رافق الضراط عام 2016 عندما كان يخوض حربا ضد تنظيم الدولة في مدينة سرت، التي ساعدته فيها الطائرات والاستخبارات الأمريكية، ويقول إن إدارة ترامب سحبت الفرقة الصغيرة في طرابلس بعد هجوم حفتر عليها العام الماضي. 

ويستدرك ويهري بأنه رغم عودة مجموعات من الجنود الأمريكيين إلى غرب ليبيا، إلا أن الموقف الأمريكي لا يزال مبهما، و"يبدو أن التردد الأمريكي هو الذي دفع حكومة الوفاق المحاصرة للبحث عن دعم تركي ومن المقاتلين السوريين"، مشيرا إلى أن التدخل التركي السوري أدى إلى زيادة معنويات المقاتلين التابعين لحكومة الوفاق الوطني. 

وينقل الموقع عن الضراط، قوله: "نشعر بثقة متزايدة"، وأشار إلى اندماج المقاتلين السوريين سريعا في القوات الليبية، الذين شاركوا في المهام، وملأوا فراغات في خطوط القتال، وبدأوا بعد تعرفهم على تضاريس الجبهة في المشاركة في المهام القتالية.

ويورد التقرير نقلا عن القيادي السوري أحمد، قوله: "لقد امتزجنا كليا"، واعترف بأن في الوقت الذي كان فيه بعض المقاتلين من الجنود السابقين في جيش الأسد، فإن هناك عددا من المدنيين الذين خاضوا معارك أثناء الحرب الأهلية ودون تدريب عسكري رسمي، مشيرا إلى أنه لعدم تكرار أخطاء الجماعات الوكيلة في سوريا، فإنه انضم إلى المقاتلين أفراد من الشرطة العسكرية لمراقبة الانضباط. 

وينقل الكاتب عن عامل إغاثة ليبي، قوله إن منظمته لم تتلق تقارير عن انتهاكات ارتكبها المقاتلون السوريون، مستدركا بأن الليبيين ليسوا كلهم راضين عن وصول السوريين، فقد اعتبر بعضهم مشاركتهم إهانة للكرامة الليبية ومصدر إحراج لحكومة الوفاق الوطني، حيث حولت جماعة حفتر مشاعر السخط هذه إلى دعاية. 

ويورد الموقع نقلا عن مسؤول بارز في حكومة الوفاق، خالد المشري، قوله إنه لا يوجد مقاتلون سوريون، بل تركمان، ويعملون فقط في المهام اللوجستية، وفي الترجمة، دون المشاركة في المهام القتالية، مشيرا إلى أن كلامه يناقضه ما قاله المقاتلون أنفسهم. 

وينقل التقرير عن عناصر الجماعات المسلحة، قولهم إن كل ما يريدونه ليس جنودا، لكن مساعدات عسكرية متقدمة وطائرات دون طيار وأجهزة للتشويش، لافتا إلى أن المعدات بدأت تصل من تركيا، وظهر أثرها على ميزان القوة في المعركة أكثر مما فعل حضور السوريين. 

ويقول ويهري إنه بالمقارنة مع الوضع في سوريا، فإن المقاتلين يبدون مرتاحين بالمحيط حولهم، مشيرا إلى أنه كان لدى أحمد الوقت للتدرب على جهاز التدريب في الفيلا، واعترف بأن سوريا واحدا قتل منذ وصولهم إلى ليبيا، مع أن مصادر المعارضة تقول إن الرقم أعلى، حوالي 28 مقاتلا. 

ويفيد الموقع بأنه أحمد أكد شرعية الدور السوري في ليبيا، قائلا: "نحن لسنا مرتزقة.. تلقينا الدعوة من الجيش الليبي والشعب الليبي ونحن ضد الديكتاتورية". 

ويجد التقرير أن بعض السوريين لا يشتركون في هذا الرأي، ويرون أن التدخل التركي في ليبيا يحرف النظر عن القتال ضد نظام الأسد في سوريا، خاصة حول المعقل القوي للمعارضة في إدلب، مشيرا إلى قول محلل في تركيا في مكالمة عبر الهاتف، إن "هذه العملية في ليبيا أدت إلى شق بين فصائل المعارضة، وجاءت في وقت تعاني فيه إدلب وتحتاج للمقاتلين". 

وينوه الكاتب إلى أن آخرين يشيرون إلى أن المزايا الاقتصادية هي وراء مشاركة المقاتلين السوريين في ليبيا، لافتا إلى أن أحمد أجاب عن سؤال حول الوقت الذي سيبقون فيه في ليبيا، قائلا: "ما دامت هناك حاجة لنا.. لا نريد دمار ليبيا كما حدث لسوريا". 

وبحسب الموقع، فإن مقاتلا آخر يعتقد أن الهدف هو مواجهة القوى الخارجية التي تدعم حفتر، وقال: "بالنسبة لنا فإن روسيا هي العدو الأكبر"، وأكد أنهم قتلوا قبل يومين قناصا روسيا، مشيرا إلى قول دبلوماسي غربي إن المقاتلين السوريين "لديهم حساب يريدون تصفيته هنا.. تدفع لهم مبالغ جيدة". 

ويستدرك التقرير بأن الدعم الروسي لحفتر فيه نوع من التناقض، فقبل أسابيع بدأت "واغنر" بتقليل قواتها الداعمة لحفتر وتركت قناصة فقط، مشيرا إلى أن الانسحاب الجزئي جاء بعد لقاء بين أردوغان والرئيس فلاديمير بوتين، اللذين اتفقا على وقف إطلاق النار في 12 كانون الثاني/ يناير، لكن حفتر رفض توقيع الاتفاق بضغط من الإمارات، بحسب ما قيل. 

ويفيد ويهري بأن أوروبا ردت على المبادرة الروسية التركية بعقد مؤتمر برلين الأسبوع الماضي، الذي فشل في عقد لقاء بين حفتر ومنافسه في طرابلس، فائز السراج، فيما عبر داعمو حفتر الخارجيون، مثل فرنسا ومصر والإمارات، عن قدرة الجنرال على دخول طرابلس بالقوة. 

ويقول الموقع إن "موقف روسيا يظل غامضا، وإن كنت مستعدة لدعم حفتر في جولة جديدة من الحرب، ولو حدث هذا فسيرسل أردوغان أعدادا جديدة من المقاتلين السوريين، لكنه قد يسحبهم في لعبة الشطرنج الليبية لو حصل على تنازلات من روسيا". 

ويختم "نيويورك ريفيو أوف بوكس" تقريره بالإشارة إلى أن أحمد ليس مهتما بالمبادرات السياسية، فهي "للإعلام" و"لقاءات بين رئيسين"، لكنه ليس جاهلا للوضع، مشيرا إلى أن العالم أعطى إدلب للروس، متجنبا الحديث عن تواطؤ تركيا.


لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (1)
شكرا
الأحد، 09-02-2020 05:22 م
المفروض بالعنوان وضع التركمان السوريون اذن لا يوجد عربي سوري يرضى ان يترك بلده تحت الاحتلا ل الروسي والإيراني ليقاتل كمرتزق .