صحافة دولية

NYT: كيف يكشف قانون الجنسية بالهند عن تعصب مودي الأعمى؟

نيويورك تايمز: على الدول الديمقراطية جميعها أن ترفع صوتها ضد قانون الجنسية في الهند- جيتي
نيويورك تايمز: على الدول الديمقراطية جميعها أن ترفع صوتها ضد قانون الجنسية في الهند- جيتي

قالت صحيفة "نيويورك تايمز" في افتتاحيتها إن قانون الجنسية الجديد في الهند يساعد اللاجئين غير المسلمين من الدول ذات الأغلبية المسلمة، لكنه يتجاهل اللاجئين المسلمين من دول أخرى.

 

وتقول الافتتاحية، التي ترجمتها "عربي21"، إن "قانون الجنسية الجديد في الهند قد يبدو في ظاهره معقولا في عرضه جنسية سريعة للمهاجرين من الأقليات الدينية في الدول المجاورة، فما هو الذي يمكن أن تبغضه في توفير ملجأ للأقليات التي تواجه القمع في دول غالبيتها من المسلمين؟".

 

وتجيب الصحيفة قائلة: "الكثير، كما أعرب عن ذلك مسلمو الهند، الذين يشكلون 14% من الشعب، من خلال اندلاع المظاهرات عبر الهند بعد أن تم سن القانون من حزب رئيس الوزراء ناريندرا مودي الهندوسي القومي (بهارتيا جاناتا) الأسبوع الماضي".

 

وتشير الافتتاحية إلى أن "الشيطان يكمن في التفاصيل المفقودة، فالجنسية السريعة معروضة على الهندوس والمسيحيين والبوذيين والسيخ والزرادشتيين والجانيين، وليس للمسلمين، والدول الوحيدة المسماة في القانون هي باكستان وبنغلاديش وأفغانستان، أما الجيران الآخرون من سريلانكا إلى الصين، حيث لا يشكل المسلمون أغلبية فلم تذكر".

وتجد الصحيفة أن "الرسالة الواضحة من ذلك هي أن الدول ذات الأغلبية المسلمة المجاورة للهند تقمع الهندوس وغيرهم من الأقليات، وأن المسلمين من تلك البلدان لا يمكن أن يكونوا لاجئين، حتى الناس مثل الروهينغيا، الذين وصل بعضهم إلى الهند بعد الهروب إلى بنغلاديش فرارا من القمع الوحشي في ميانمار".

 

وتلفت الافتتاحية إلى أن "القانون، كما لخصه 200 مليون مسلم في الهند، لا علاقة له بمساعدة اللاجئين، لكنه يحاول تماما من خلال حملة مودي ووزير الداخلية، أميت شاه، تهميش المسلمين وجعل الهند وطنا للهندوس، الذين يشكلون 80% من عدد السكان البالغ 1.3 مليار".

 

وتنوه الصحيفة إلى أن "حكومة مودي قامت الصيف الماضي بإلغاء الحكم الذاتي في كشمير، ونزعت عنها صفة الولاية، وهي الولاية الهندية الوحيدة ذات الأكثرية المسلمة، واعتقلت الكثير من قادتها، وأغلقت الإنترنت، وصعد مودي بقوة العمل بموجب برنامج اختبار لمنح الجنسية في ولاية آسام في شمال شرق الهند، تاركا حوالي مليوني شخص، كثير منهم مسلمون، بلا جنسية، ووعد مودي بتوسيع العملية، التي تتطلب من الهنود إثبات أنهم هنود، لتشمل الهند جميعها، وتقوم ببناء معتقلات كبيرة لاحتجاز من يعجز عن إثبات ذلك".

 

وتقول الافتتاحية إنه "كغيرها من الحكومات الأخرى في أنحاء العالم، التي حولت موضوع المهاجرين دون أوراق إلى قضية قومية، بينهم الرئيس ترامب، قام شاه بشيطنة المستهدفين من حملة الاعتقالات، وهم المهاجرون المسلمون من بنغلاديش، الذين يشير إليهم بمصطلح (النمل الأبيض)".

وتفيد الصحيفة بأن "تلك التحركات الأولى لم تجد مقاومة كبيرة، لكن قانون الجنسية في المقابل أثار مظاهرات غاضبة في أنحاء الهند، بعضها تم قمعه بشراسة من الشرطة والجيش، وقامت الحكومة بقطع الإنترنت في عدة أقاليم، وهو تكتيك ضد المعارضة تستخدمه الهند أكثر من أي حكومة تميل نحو الاستبداد في العالم، بادعاء أن ذلك ضروري لمنع العنف وانتشار الشائعات الكاذبة، وليس هناك إنترنت في كشمير منذ آب/ أغسطس، وتعد الهند هي الرائدة في عدد مرات إغلاق الإنترنت". 

 

وتجد الافتتاحية أنه "مع ذلك فإن ردة الفعل لقانون الجنسية فاجأ مودي، الذي تمت إعادة انتخابه بهامش مريح في انتخابات أيار/ مايو الماضي، لكنه لم يظهر أي علامة على التراجعـ وقد صعد للسلطة عن طريق ذم المسلمين، وهذا أحد المعتقدات الأساسية للقوميين الهندوس، وعندما كان مودي حاكما لولاية كوجرات، تم قتل آلاف الناس وتشريد عشرات الآلاف من بيوتهم، في عنف طائفي كان معظم ضحاياه من المسلمين".

 

وتقول الصحيفة: "ليس هذا ما كان يجب أن تكون عليه الهند، فقد كانت رؤية مهاتما غاندي (الذي قتله قومي هندوسي) وجوهر لال نهرو بعد تقسيم الهند التي حكمها البريطانيون إلى باكستان، ذات الأكثرية المسلمة والهند، ذات الأكثرية الهندوسية، هو جعل الهند جمهورية علمانية ديمقراطية يتمتع فيها المواطنون من الأديان جميعها بحرياتهم المدنية".

 

وتشير الافتتاحية إلى أنه "منذ أن تسلم رئاسة الوزراء في 2014، عمل مودي بنشاط لتغيير ذلك، لدرجة أنه أعاد كتابة كتب التاريخ ليستثني منها الحكام المسلمين -الذين شادوا تاج محل وغيره- وغير الأسماء الرسمية للأماكن من الأسماء الإسلامية إلى الهندوسية، بالإضافة إلى أن الغوغاء الهندوس الذي يقتلون المسلمين قليلا ما تتم معاقبتهم". 

 

وتبين الصحيفة أن "قانون الجنسية هو أول فعل يربط المواطنة بالدين، ما يقوض من الركائز الأساسية لديمقراطية الهند، وانضم إلى المظاهرات بعض الهنود الليبراليين من غير المسلمين، بينهم أعضاء في حزب الكونغرس الذي كان مهيمنا في الماضي، كما انتقدت منظمات حقوق الإنسان والحكومات القانون بشدة، ووصف مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة القانون بأنه (تمييزي في الواقع)، وأصدرت وزارة الخارجية الأمريكية بيانا حث الهند على (حماية حقوق أقلياتها الدينية تماشيا مع الدستور الهندي وقيمها الديمقراطية)، لكن للأسف كان وقع هذا سيكون أكثر مصداقية لو كانت إدارة ترامب تتعامل مع المهاجرين غير الشرعيين بأسلوب يتماشى مع القيم الديمقراطية الأمريكية". 

 

وتختم "نيويورك تايمز" افتتاحيتها بالقول إن "قبضة مودي على السلطة تبقى قوية، لكن المظاهرات في الهند وخارجها أثبتت أن هناك حدودا لما يسمح به الهنود له في سعيه لتنفيذ أجنداته القومية الهندوسية، وقد يتم منع قانون الجنسية في المحكمة الهندية العليا، التي ستبدأ النظر فيه في كانون الثاني/ يناير، لكن إن لم يتم ذلك، فإن على الدول الديمقراطية جميعها أن ترفع صوتها ضد قانون وسياسة قومية تقوم على التمييز وتهدد الديمقراطية الهندية".

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)

خبر عاجل