ملفات وتقارير

ما حقيقة الرسالة التركية لإسرائيل حول خط "غاز المتوسط"؟

قال محلل سياسي تركي إن المزاعم الإسرائيلية حول وصول رسالة من تركيا يأتي في إطار "جس النبض"- جيتي
قال محلل سياسي تركي إن المزاعم الإسرائيلية حول وصول رسالة من تركيا يأتي في إطار "جس النبض"- جيتي

تناولت وسائل إعلام إسرائيلية قبل يومين، ما قالت إنها "رسالة تركية" وصلت إلى تل أبيب، حول استعداد أنقرة التفاوض حول السماح بمد خطوط أنابيب الغاز الإسرائيلية إلى أوروبا عبر المياه التركية، رغم التهديدات العلنية بوقف ذلك، بعد الاتفاق التركي الليبي حول ترسيم الحدود البحرية.


ونقل موقع "i24" الإسرائيلي عن الإذاعة العبرية الرسمية، أن مسؤولا تركيا نقل رسالة إلى إسرائيل في الأيام الأخيرة، مفادها أننا "نود أن تعيد إسرائيل النظر في إمكانية نقل الغاز من إسرائيل إلى أوروبا عبرنا"، بحسب ادعاء المصادر الإسرائيلية.


وأشار الموقع إلى أن "مسؤولين أتراك أبلغوا السفارة الإسرائيلية في أنقرة بأنهم لن يسمحوا بمد خط أنابيب، لكنهم منفتحون للحوار والمفاوضات مع إسرائيل حول قضية الغاز (..)، ورغم توعد الرئيس أردوغان، لكن رسالته الرئيسية كانت أننا نريد الحوار والتعاون وليس النزاع".


وحول حقيقة ذلك، يقول المحلل السياسي التركي بكير أتاجان إن "ما تدعيه الصحف الإسرائيلية يوجد فيه نوع من المبالغة"، موضحا أن "الحديث الإسرائيلي جاء ليعطي رسالة لتركيا بإلغاء اتفاقية تل أبيب مع أثينا، وكذلك رغبة بأن توافق أنقرة على طلب قديم مرفوض سابقا حول مرور مشروع أنابيب الغاز عبر الأراضي التركية".

 

اقرأ أيضا: تركيا تحذر اليونان وقبرص وإسرائيل ومصر من التنقيب دون إذنها


ويعتقد أتاجان في حديثه لـ"عربي21" أن المزاعم الإسرائيلية حول وصول رسالة من تركيا بهذا الخصوص، يأتي في إطار "جس النبض"، ومعرفة طبيعة الرد التركي، مضيفا أنه "الاتفاق التركي الليبي، يعطي وضع أفضل من الاتفاقيات الموقعة بين إسرائيل واليونان من جهة، وإسرائيل ومصر من جهة أخرى".


ويرى أتاجان أن "هناك استفادة مشتركة في منطقة شرق المتوسط لمصر وسوريا وإسرائيل وليبيا ولبنان وتركيا"، مشيرا إلى أن "أنقرة تريد فرض اتفاقياتها الجديدة مع ليبيا على الدول الأخرى، حتى لا يتم العمل بالاتفاقيات المعقودة بين هذه الدول واليونان".


وبحسب المحلل السياسي التركي، فإن "هناك حوارات سرية وغير مباشرة بين جميع الأطراف المعنية بمنطقة حوض البحر المتوسط، وهي مستمرة منذ الأسبوع الماضي"، متوقعا أن "يكون هناك توافقات في الفترة المقبلة، لإعطاء تسهيلات لجميع دول المنطقة، ولكن بواقع مختلف عن الحالي".

 

طلب إسرائيلي قديم


ويشير أتاجان إلى أن "هناك طلب إسرائيلي منذ فترة طويلة، بشأن مرور مشروع خط الأنابيب من الأراضي التركية، لكن أنقرة كانت ترفض ذلك من حيث المبدأ"، مبينا أن "إسرائيل بعد إلغائها اتفاقية مع الشركات اليونانية والأوروبية، عادت للتلميح حول الطلب القديم".


وحول فرص نجاح المشاريع الإسرائيلية مع التطورات الجديدة، يؤكد أتاجان أنها "غير ممكنة"، مرجئا ذلك إلى أمرين، "الأول يتعلق بالناحية التقنية والفنية، لأن مشروع الأنابيب الإسرائيلي غير ممكن تقنيا وكذلك يحتاج إلى تكلفة كبيرة".


ويتابع: "الأمر الثاني يتعلق بمحاولة إسرائيل والدول المؤيدة لها، الضغط على تركيا من خلال طرح هكذا مشروع"، موضحا أن "إسرائيل تقول لأنقرة في حال لم تقبوا هذا المشروع هذه المرة، فإن لدينا بدائل أخرى".

 

اقرأ أيضا: كيف يهدد اتفاق تركيا وليبيا مشاريع إسرائيل في "المتوسط"؟


ويستكمل أتاجان قائلا: "أتوقع أن تمارس دولا داعمة لإسرائيل مثل فرنسا وإنجلتر وروسيا وأمريكا واليونان ومصر، ضغوطا على تركيا، للقبول بالمقترح الإسرائيلي"، مشددا في الوقت ذاته على أن "تركيا ستكسب من المشروع، لكن المكسب الأكبر سيكون لإسرائيل"، وفق تقديره.


من جهته، يفسر الباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية أمجد جبريل الحديث الإسرائيلي عن "الرسالة التركية"، بالقول إن "هناك صراع إقليمية حول الغاز في البحر المتوسط، وتركيا في طرف وإسرائيل في الطرف الآخر (الطرف المصري القبرص اليوناني)".


وبناء على ذلك، يستبعد جبريل في حديثه لـ"عربي21" أن تكون الرسالة صحيحة، وأن "يكون تنفيذ مشترك للمشروع"، مضيفا أن "التسويات الإقليمية تبتعد ونقترب إلى التصعيد، وإن كانت مسألة الحوار مطروحة، لمحاولة احتواء التوتر أو إيجاد مخارج أو تخفيف تكلفة الصراع".

 

التحالفات الإقليمية


ولم يُغيّب جبريل الأزمة السياسية الإسرائيلية الداخلية عن الصراعات الإقليمية، منوها إلى أن "هذه الأزمة تعطي إسرائيل مساحة للتصعيد، واستخدام بعض الملفات ومنها ملف الغاز، في محاولة للتغطية على الأزمة الداخلية".


ويفيد المخص السياسي بأن "أزمة الغاز بمنطقة شرق المتوسط مرتبطة بالتحالفات الإقليمية، وإلى أي مدى يمكن أن تصمد، خصوصا التحالف الإسرائيلي مع مصر واليونان وقبرص"، معتقدا أن هذا التحالف ربما يصمد لعامين قادمين.


ويرى جبريل أن "أغلب الأطراف تتحدث عن الحوار، لكن السلوك الإسرائيلي يسير نحو التصعيد، لمحاولة إعادة فرض الأوزان الإقليمية ومناطق النفوذ"، مبينا أن "تركيا تتحرك استراتيجيا بشكل سليم، لضمان عدم سقوط حكومة الوفاق الليبية، لأن سقوطها سيضر بتوازانات معينة".


ويجدد تأكيده على أن "هناك صراع على من يكون القوى الإقليمية الأولى في المنطقة"، موضحا أن "تركيا لا تقبل أن تكون إسرائيل في هذا الموضع، وإسرائيل تحاول قدر الإمكان عرقلة هذا المسعى التركي، لكي تكون هي القوة الإقلمية الأولى بالمنطقة".


ويختتم جبريل حديثه بالقول إننا "في مرحلة انتقالية بالإقليم، وما يحدث الآن ليس بالضرورة سيستمر لفترات طويلة"، مشيرا إلى أهمية معرفة الموقف الأمريكي من كل هذه التطورات؛ الأزمة الليبية والاتفاق التركي الليبي، والصراع على الغاز في البحر المتوسط.

 
التعليقات (0)