مقالات مختارة

لماذا يغيب رونالدو عندما لا يتوج؟

حفيظ دراجي
1300x600
1300x600

للمرة الثانية على التوالي، يغيب كريستيانو رونالدو عن حفل تتويج أفضل لاعب في العالم لجائزة «فرانس فوتبول»، بعد غيابه السنة الماضية أيضا عن حفل توزيع جائزة أفضل لاعب في أوروبا التي نالها لوكا مودريتش، وغيابه عن حفل الفيفا، في سيناريو يؤكد من خلاله أنه لا يقبل سوى الزعامة، وليس الوصافة أو المركز الثالث في التصنيفين الأوروبي والعالمي، ويعطي الانطباع بأنه غير راض ويستحق التتويج دوما، ما جعله يتعرض لانتقادات مودريتش العام الماضي، عندما قال في رده عن غياب رونالدو: «يبدو أن الجوائز تكون لها قيمة عندما تفوز بها»، ليأتي الدور هذه المرة على الهولندي فيرجيل فان دايك، الذي سخر من الغياب هذه السنة، وتساءل: «هل رونالدو كان مرشحا حتى يحضر»، في تصريح تناقلته كل وسائل الإعلام، وكانت مادة دسمة في وسائل التواصل الاجتماعي بعد الحفل.


كلنا يذكر ما قاله السنة الماضية وكيل أعمال رونالدو، جورج مينديز، الذي وصف خسارة رونالدو لجائزة أفضل لاعب في أوروبا لصالح مودريتش بـ«الأمر السخيف»؛ احتجاجا على نتائج الاستفتاء، ما أدى برونالدو إلى الغياب عن الحفل قبل ساعات فقط من إقامته، لكن لا أحد اعتبر الغياب إساءة للاتحاد الأوروبي وللمتوج لوكا مودريتش، في وقت اعتبر البعض الآخر تصريح فان دايك مستفزا ومسيئا لرونالدو الذي غاب أيضا هذه المرة عن تتويج ميسي بلقب أفضل لاعب في العالم، بحسب مجلة «فرانس فوتبول» وصنع الحدث بغيابه، الذي اعتبره بعض التقارير الإعلامية بمثابة قلة احترام اتجاه اللاعبين والصحفيين وعشاق كرة القدم، وعدم تقبل لنتائج الاستفتاءات التي لا تصنفه أولا.


تصرف رونالدو المتكرر خلال موسمين متتاليين منذ انضمامه لليوفي، يمكن وضعه أيضا في خانة الغرور والكبرياء الزائد عن اللزوم الذي يقوده إلى الاحتجاج بطريقته على نتائج التصويت، وربما يكون بداية نهاية المنافسة على الألقاب الفردية للاعب فقد الكثير من بريقه منذ مغادرته الريال بعدما كان يتقاسم مع ميسي كل الاستحقاقات والتتويجات على مدى عشر سنوات، قبل أن يتفوق عليه النجم الأرجنتيني بحصوله على الجائزة السادسة من نوعها، مقابل خمسة للبرتغالي في سنة لم يتألق فيها النجمان مع البارسا والريال، لم يتوجا فيها بدوري الأبطال، لكن فوز رونالدو بدوري الأمم الأوروبية في وقت أخفق ميسي مع الأرجنتين في كوبا أمريكا، كان يمكن أن يمنحه أفضلية التتويج بلقب أفضل لاعب في العالم بحسب بعض المتابعين.


أما تتويج فان دايك بلقب أفضل لاعب في حفل الاتحاد الأوروبي لهذه السنة الذي حضره رونالدو، فقد كان كافيا كي يفصل في النزاع بين ميسي ورونالدو ويخفف من حجم الضغوطات على رونالدو الذي كان سيحضر حفل «فرانس فوتبول» لو كان التاج الجديد من نصيبه، مثلما فعل في حفل الاتحاد الأوروبي الذي كان موجودا فيه بعد علمه أن ميسي لن يتوج.

 

يبدو أن مشكلة رونالدو ليست في الجائزة بقدر ما هي في تتويج ميسي الذي لا يرضيه طبعا، في وقت رشح البعض النجم السنغالي ساديو ماني للتتويج هذا الموسم بحكم مساهمته الكبيرة في تتويج ليفربول بلقب دوري الأبطال، وحصوله على المركز الثاني في ترتيب هدافي الدوري الإنكليزي، وقيادته لمنتخب بلاده إلى نهائي كاس أمم أفريقيا في القاهرة.


المتوج للمرة السادسة ليو ميسي يبدو من جهته أكثر تجاوبا مع النتائج مهما كانت، مقارنة برونالدو، وهو الذي كان يحضر الحفلات حتى عندما كان المتوج رونالدو، ليصنع الذي يحسب ويزيد من قيمته الإعلامية والجماهيرية، إضاقة إلى وزنه من الناحية الفنية التي يكون فيها متألقا حتى ولو أخفق مع البارسا والأرجنتين في تحقيق الألقاب. على مدى عشر سنوات لم يسبق لميسي أن تغيب عن احتفالات التتويج، ولم يسبق أن صدر منه تصريحا يعبر فيه عن احتجاجه أو امتعاضه من خيارات الجماهير والإعلام والهيئات التي تنظم الاستفتاءات.


بعيدا عن الحسابات والحضور من الغياب، فان الثلاثي الأول لجائزة «فرانس فوتبول» كلهم يستحقون الجائزة لأنهم نجوم كبار، وفي الوقت ذاته لا أحد يستحقها لأنهم لم يسطعوا خلال السنة مقارنة بمواسم سابقة، ميسي أخفق مع منتخب بلاده في كوبا أمريكا ومع البارسا في التتويج بدوري الأبطال، ورونالدو دفع ثمن مغادرته للريال إلى فريق كبير في دوري مختلف لم يعد فيه النجم الأوحد الذي يصنع الفارق، بل صار يستبدله مدربه كل مرة، في حين تألق فان دايك المدافع وليس الهداف أو المهاري الفنان الذي يصنع الفارق هجوميا، وهو العامل الذي منع الكثير من المدافعين المتميزين سابقا من الفوز بالتتويجات الفردية التي تمنح عادة للمتميز فنيا ومهاريا في صناعة اللعب وتسجيل الأهداف.


رونالدو يصنع الحدث عندما يـتألق ويتميز، ويصنع الحدث عندما يتوج ويحضر الحفلات، ويصنع الحدث أيضا عندما يغيب عنها ويخفق في التتويج؛ لأنه ببساطة رونالدو بكل ما يحمله الاسم من فخامة ورصيد كروي وفني، حتى لو تعرض للانتقادات على غيابه عندما لا يتوج، لتبقى الجوائز ذات قيمة فنية وإعلامية وجماهيرية، سواء حضر المرشحون أو غابوا.

(القدس العربي)

0
التعليقات (0)