قضايا وآراء

تصريحات بومبيو نفخ في بركان

خالد الشولي
1300x600
1300x600

 تواصل الإدارة الحالية للولايات المتحدة التصريحات والإعلانات الخاصة بالصراع العربي الفلسطيني - الإسرائيلي، واضعة بذلك حُفراً على طريق الدولة المستقلة التي يسعى إليها الفلسطينيون، وهي كمن يحاول أن يطفئ بركاناً بنفخة من فمه.


جاءت تصريحات السيد وزير الخارجية الأمريكي حول المستوطنات الإسرائيلية، بعد الصفعات التي تلقتها "إسرائيل" في الجمعية العامة من خلال عدة قرارات تساند الحق الفلسطيني وتؤكد على عدم شرعية الاستيطان، وبعد القرار المهم الذي صدر عن محكمة العدل الأوروبية في قضية الوسم التجاري الخاص بمنتجات المستوطنات، في مخالفة واضحة وصريحة للقانون الدولي الرافض للاستيطان الإسرائيلي، ناهيك عن مخالفته للرأي القانون الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية في سنة 1978 والذي أكد أيضاً على أن بناء المستوطنات يتعارض مع القانون الدولي، ما يجعل من تصريح السيد/ مايك بومبيو متناقضاً بصورة مباشرة مع توجهات المجتمع الدولي عدا عن السياسة الأمريكية السابقة خاصة في عهد الرئيس السابق/ باراك أوباما التي أدانت المستوطنات. 


إن سياسية الإدارة الامريكية في التعامل مع الملف الفلسطيني والإجراءات التي تتخذها في هذا الشأن برغم تصريح السيد/ بومبيو وحال الواقع القانوني يؤكد على انها تشكل مخالفة صريحة لما هو ثابت من قواعد في القانون الدولي والقانون الدولي الانساني.


إن استقراء الظروف المحيطة بالقضية الفلسطينية تستدعي التأكيد على ان فلسطين كدولة تمتع بالسيادة الكاملة منذ 1921 رغم عدم قدرة الشعب الفلسطيني على ممارسة حقه في هذه السيادة.
كما أن دولة الاحتلال الاسرائيلي، بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 273 الصادر في سنة 1948 والقاضي بقبول عضويتها في الامم المتحدة، قد أعلنت التزامها باحترام القرارات 181 و 194 التي تعترف للشعب الفلسطيني بمبدأ حق تقرير المصير والحق في عودة اللاجئين مع التعويض.


يمثل إصدار مؤسسات الشرعية الدولية لأكثر من 226 قراراً، ومنها قرار مجلس الأمن رقم 2334 بتاريخ 23 ديسمبر 2016، تأكيداً على عدم شرعية جميع الانشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية بما فيها القدس الشرقية واعتبار هذه الافعال شكلاً من أشكال الانتهاكات الصارخة للقانون الدولي.
 
ان استمرار سلطات الاحتلال الاسرائيلي بممارسة عدوانها وارتكابها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في حق الشعب الفلسطيني أمام نظر المجتمع الدولي وتلقيها كل اشكال الدعم في ذلك من الولايات المتحدة ومنه الدعم المتمثل بتصريحات تشرعن انتهاكاته للقانون الدولي وآخرها الاستيطان، كل ذلك لن يغير الثابت في قواعد القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، أن الشعب الفلسطيني له حقوق غير قابلة للتصرف، ومنها حقه في تقرير المصير واقامة دولته المستقلة كاملة السيادة في حدود الرابع من حزيران 1967 بما فيها القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين. إن خطط واجراءات الولايات المتحدة الامريكية الهادفة لتصفية حقوق الشعب الفلسطيني الثابتة وغير القابة للتصرف تتعارض بصورة أساسية ولا لبس فيها مع عشرات القرارات الدولية التي تؤكد على تلك الحقوق، ، وتقوض فرص تحقيق سلام شامل وعادل في منطقة الشرق الاوسط.


كما تخالف الإجراءات الأمريكية ما استُقر عليه دولياً من ضرورة قيام دولتين مستقلتين بسيادة كاملة، إحداها فلسطينية تعيش جنباً إلى جنب مع دولة الاحتلال الاسرائيلي، عدا عن ما تنطوي عليه تلك الإجراءات من تغيير الوضع القائم بشكل ممنهج يمنع قيام الدولتين التي يسعى إليها المجتمع الدولي.
إن من واجب المجتمع الدولي أن يساعد الشعب الفلسطيني في نيل حقوقه و تأمين عيشه الكريم، وإن أي خطوات دولية يجب أن تتماشى مع هذا الهدف انسجاماً مع القواعد الثابتة في القانون الدولي، ودون المساس بحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف.


بدا أنه من الثابت أن إرادة الإدارة الامريكية من خلال إجراءاتها ضد الحقوق الفلسطينية، تتجه الى الالتفاف على الارادة الفلسطينية برفض كافة الخطوات الهادفة الى استبدال الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني.
من المؤسف أن محاولات فرض هذه الخطط تعطي سلطات الاحتلال الإسرائيلي رخصة لزيادة هجماتها الاستيطانية في مناطق الضفة الغربية ومدينة القدس المحتلة، والسماح للجماعات الدينية المتطرفة والمستوطنين بالتسلّط على الفلسطينيين وممتلكاتهم، بما يشكل استمراراً لسياسة تهويد المدينة المقدسة، وامتداداً لمساعي التطهير العرقي، ما يؤكد الاتهامات لسلطات الاحتلال الإسرائيلية بفرضها نظام "أبارتهايد" ضد الفلسطينيين، في إطار المحاولات الدؤوبة لطمس الهوية الفلسطينية.


إن تصريحات السيد وزير الخارجية الأمريكي حول الاستيطان، وما سبقها من خطوات أمريكية تهدف إلى نسف حقوق الشعب الفلسطيني الثابتة وغير القابلة للتصرف، بالمخالفة لما استقر عليه الرأي الدولي فيما يتعلق بالنزاع العربي الفلسطيني_ الإسرائيلي، يجعل من الواجب على الفلسطينيين اتخاذ سلسلة من الإجراءات والتدابير، وفي اولها حشد المجتمع الدولي لإلزام الاحتلال الإسرائيلي بالامتثال لقرارته، وضمان تنفيذها بإقامة الدولة الفلسطينية ذات السيادة الكاملة في حدود آمنة. ومن ثم العمل على حشد تأييد مجموعات الضغط داخل الولايات المتحدة للعمل على إلزام الإدارة الأمريكية بقرارات الشرعة الدولية الخاصة بحقوق الشعب الفلسطيني والبحث في امكانية التوجه الى قضاء الولايات المتحدة من اجل الطعن على هذه التصريحات التي تمس بحقوق الشعب الفلسطيني وتنتهك قواعد القانون الدولي.


ان دعوة دول الاقليم الى عدم الرضوخ لإملاءات السياسة الامريكية الهادفة الى تعزيز الاحتلال الاسرائيلي وفتح سياسة التطبيع على مصراعيها بدون أي مقابل معتبر قائم على تطبيق قرارات الشرعة الدولية، يجب ان تكون ايضا من الويات تحرك شامل للدبلوماسية الفلسطينية بكافة اشكالها.


تكثيف الضغط على الاتحاد الاوروبي ودوله الاعضاء، الذي اعلن في اكثر من مناسبة ومن خلال العديد من المواقف رفضه لبناء المستوطنات على الاراضي المحتلة واعتبرها غير شرعية ومتناقضة مع القانون والاعراف الدولية المستقرة، من اجل تحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية، والتدخل الفاعل من اجل تحقيق طموحات وتطلعات الشعب الفلسطيني وحماية ممتلكاته.


وستبقى الحقوق الفلسطينية ثابتة وأكيدة رغم كل اجراءات الاحتلال الهادفة الى تفريغ الارض ونقل غير سكانها اليها وبرغم اجراءات الولايات المتحدة في دعم دولة الاحتلال، هذه الاجراءات التي يمكن تكييفها على انها جريمة الاشتراك والتواطؤ في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية في حق الشعب الفلسطيني وارضه.

 

[email protected]


 
التعليقات (0)