سياسة عربية

هل الحراكات في العراق قادرة على تحريره من الهيمنة الإيرانية؟

عراقية تحمل لافتة وسط التظاهرات بالعاصمة العراقية بغداد- جيتي
عراقية تحمل لافتة وسط التظاهرات بالعاصمة العراقية بغداد- جيتي

أظهرت الحراكات الشعبية المتأججة هذه الأيام في العراق، استياءها الشديد من التدخل الإيراني في الشأن العراقي، وعبرت عن رفضها لهيمنة طهران على العراق من خلال شعاراتها المنادية بإخراج من الساحة، ومهاجمة القوى والرموز والشخصيات العراقية المرتبطة بإيران.

ووفقا لمحللين فإن أسباب الرفض الشعبي العراقي للهيمنة الإيرانية ترجع إلى جملة السياسات التي مارستها القوى والأحزاب والشخصيات السياسية والدينية المرتبطة بإيران، والتي أفضت إلى إفقار الشعب العراقي، وحرمانه من ثروات بلاده، لصالح الزمرة الحاكمة الفاسدة.

ومن اللافت للنظر في تلك الحراكات والاحتجاجات الشعبية، أن قواها الفاعلة والمؤثرة هي قوى ومجاميع جماهيرية شيعية، خاصة في محافظات الجنوب العراقي المعروفة بولائها المذهبي، والتي أقدمت على مهاجمة رموز ومرجعيات شيعية لم يكن أحد يجرؤ من قبل على انتقادها فضلا عن مهاجمتها بحسب مراقبين.

تلك الاحتجاجات الشعبية الواسعة تثير تساؤلات ملحة حول مدى قدرتها على تحرير العراق من الهيمنة الإيرانية، ورجوعه إلى أهله وقواه الوطنية الحقيقية بعيدا عن تحكم القوى والأحزاب والمرجعيات الدينية المنفذة للسياسات الإيرانية في العراق؟.

وفي هذا السياق أشار المحلل السياسي العراقي، الدكتور حيدر سلمان إلى أن "الحراك الجماهيري القوي الذي تشهده الساحة العراقية ناتج عن تدخل أغلب المحيط الإقليمي والعالمي في شؤونه، بل باتت كل الكتل والقوى السياسية غير قادرة على النجاح دون الاستناد لأي لاعب قوي أكان إقليميا أم عالميا".

وأضاف سليمان "على أن اللاعب الإقليمي الإيراني كان هو الأقوى في تشكيل الحكومة الأخيرة بعد انتخابات شابها الكثير من التزوير، وابتعاد غالبية العراقيين عن المشاركة فيها حتى بلغ عدد الذين لم يشاركوا في تلك العملية 77% حسب الإحصائيات الخاصة بمفوضية الانتخابات".

 

وتابع حديثه لـ"عربي21" بالقول "وهو ما ولد حالة احتقان، انفجرت نتيجة تراكمات متعددة لسنين طويلة، وبالتالي كانت حصة طهران منها الأكبر دون شك، على اعتبار أن التشكيل الأخير كان بمباركتها، وواشنطن بدلا من التصحيح ابتعدت عن الشارع العراقي ككل".

وعن مدى تأثير الحراكات الشعبية على النفوذ الإيراني في العراق، أكدّ سلمان أنها "ستقلل من وجوده على المستوى السياسي، لينتقل إلى الخفاء بعد أن كان علنيا، خوفا من ردات الفعل الشعبية التي لم تعد تحتمل التدخلات ككل، خاصة الإيرانية منها".


إقرأ أيضا: توسع الاحتجاج بالعراق.. وقائد عمليات بغداد يؤيد التظاهرات

 
من جهته لفت الكاتب والأكاديمي العراقي، الدكتور فاضل البدراني إلى أن "قواعد اللعبة اختلفت عما كانت عليه منذ 2003م، والشرعية عادت بيد الشعب الذي تحول إلى قوة فاعلة بعد تجاوزه للثقافة الطائفية والمذهبية، لذا فإن تغيير النظام السياسي بات قريبا جدا" على حد قوله.

وأردف "عندما توحد العراقيون وأعلنوا مجلس عزاء الطائفية في ميدان التحرير وسط بغداد، فإنهم عبروا بذلك عن رؤية الشباب العراقي التي ضعفت أمامها هيبة الأطراف الدينية والإسلام السياسي، وإيران أصبحت بنظر الجميع بلدا ليس صديقا، خاصة في المحافظات الجنوبية التي هتفت ضد إيران".

ووصف البدراني احتجاجات محافظات الجنوب بـ"التحول النوعي الرافض للوجود الإيراني، وكذلك فإن الأمر ينسحب على غالبية الطبقة السياسية المرتبطة بأجندات خارجية ومعادية".

وردا على سؤال "عربي21" إن كانت الاحتجاجات الشعبية الواسعة ستفضي إلى تراجع حضور وتأثير القوى والأحزاب المرتبطة بإيران في العراق، أكدّ البدراني أن "الحراك الشعبي عندما رفع صوته بانتقاد الأحزاب والقوى الحاكمة بالعراق، فإنما استهدف النفوذ الإيراني القوي بالعراق منذ 2003، وأصبح هدف الشباب الخلاص من ذلك النفوذ".

وتعليقا على فرص نجاح الحراك الشعبي في تحرير العراق من الهيمنة الإيرانية، رأى أستاذ الإعلام في الجامعات العراقية أن "الحراك الشعبي أصبح يمتلك فرصة كبيرة لإبعاد العراق عن النفوذ الإيراني" وفق وصفه.

بدوره قلل الأكاديمي الأردني، الخبير بالشأن الإيراني، الدكتور نبيل العتوم من قدرة "الحراكات الشعبية في العراق على تحريره من النفوذ الإيراني، على الرغم من كثرة أعداد المشاركين فيها"، واصفا ذلك بـ"الفرصة الضئيلة" لأسباب واعتبارات عديدة.

وذكر العتوم لـ"عربي21" أن من أبرز تلك الأسباب "غياب القيادة الكاريزمية عن تلك الحراكات والاحتجاجات، لأنه لا يمكن لأي ثورة أن تنجح بدون قيادات واعية، كما هو الحال في كل الثورات التي نجحت عالميا".

أما ثاني الأسباب فيتمثل، وفق العتوم بـ"وجود ما يعرف بالقوة الصلبة (أي الميليشيات العراقية المسلحة والمدعومة سياسيا وعسكريا وماليا بشكل مباشر من إيران) وهي القادرة على إجهاض الاحتجاجات الشعبية باستخدام القوة العسكرية المفرطة".

وأشار العتوم إلى أن تلك الميليشيات أقدمت في الأيام الماضية على "ارتكاب مجازر بحق المعتصمين، مع وجود قاسم سليماني في العراق، وإشرافه بشكل مباشر على فض تلك الاعتصامات".

وشدد على أن "إيران تسعى بكل السبل للالتفاف على الحراكات الشعبية، فقد أوعزت إلى مقتدى الصدر لركوب موجة الاحتجاجات، لتجييرها لصالحه، مع أن ورقته انكشفت في أوساط المحتجين والمتظاهرين، ولم تعد تلك الحيل تنطلي عليهم".

وركز العتوم في ختام حديثه على مدى الخسارة التي مُنيت بها إيران في العراق نتيجة سياساتها الاستحواذية والتسلطية هناك، واصفا طبيعة خسارتها بأنها "فقدت أكبر خزان بشري داعم للطموحات الإيرانية في المنطقة" والذي انقلب عليها وبات يطالب بخروجها من العراق، وتركه لأهله وقواه الوطنية الحرة". 

التعليقات (1)
جمال هياجنه
الأحد، 03-11-2019 09:17 م
عندما يعود العراقيين الى عروبتهم والى الاسلام الحقيقي غير المثقل بالاوهام التاريخيه وليس اسلام الملالي والعمائم الخاضعه لتوجيهات الايات في طهران وقم