اقتصاد عربي

"الفساد" يؤجج احتجاجات لبنان.. واقتصاديون: هذا ما يجب فعله

الحكومة اللبنانية تقرر فرض ضريبة على الواتساب 0.2 دولار يوميا أي ما يقارب 6 دولار شهريا- جيتي
الحكومة اللبنانية تقرر فرض ضريبة على الواتساب 0.2 دولار يوميا أي ما يقارب 6 دولار شهريا- جيتي

تشهد لبنان احتجاجات واسعة على خلفية إعلان الحكومة اللبنانية عن عزمها فرض ضرائب جديدة العام المقبل، من بينها فرض ضريبة على موقع التواصل الاجتماعي "واتساب" بمعدل 0.2 دولار يوميا أي ما يقارب 6 دولار شهريا.

 

وشملت موازنة 2019، رفع الضريبة على فوائد وعائدات وإيرادات الحسابات الدائنة، وكذلك حسابات التوفير لدى المصارف من 7 بالمئة إلى 10 بالمئة، ومنع التوظيف والتعاقد بكل أشكاله ومسمياته في القطاع العام، بما فيه التعليمي والعسكري لمدة ثلاث سنوات.


ويعاني اقتصاد البلاد من تفاقم الدين العام حيث يقدر بأكثر من 86 مليار دولار والذي يمثل نحو 150 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي، وتمثل خدمة الدين 35 بالمئة من الموازنة، و11 بالمائة لسد ديون مؤسسة الكهرباء. 


وتعاني مؤسسة كهرباء لبنان من ديون متراكمة بإجمالي 2500 مليار ليرة لبنانية (1.6 مليار دولار)، حيث خصصت الموازنة سلفه لها 1306 مليار ليرة (870 مليون دولار)، يضاف إليها ديون سابقة تقدر بنحو 1194 مليار ليرة (796 مليون دولار).
 

وتُظهر تقديرات صندوق النقد الدولي أن نسبة الجباية الضريبية في لبنان تبلغ نحو 50 بالمئة فقط، ويقدر مسؤولون في جمعية المصارف حجم التهرب الضريبي بنحو مليار ونصف مليار دولار سنويا.


وأدت الاحتجاجات الشعبية في لبنان، إلى تراجع السندات الدولارية اللبنانية 1.9 سنت، وتكبدت سندات استحقاق 2025 أكبر انخفاض في شهرين، لتتراجع إلى 67.09 سنتا للدولار.

 

وتزايدت المخاوف في الأيام الأخيرة من احتمال مراجعة سعر الصرف الثابت لليرة اللبنانية، إذ ذكرت وسائل إعلام أن المصارف ومكاتب الصرافة حدت من بيع الدولار خشية تراجع احتياطي العملات الأجنبية، حتى بات من الصعب سحب مبالغ بالدولار من آلات الصرف الآلي. 


وأرجع الخبير الاقتصادي، نسيب غبريل، تفاقم الأزمات الاقتصادية في لبنان إلى فشل السلطة التنفيذية في تنفيذ وعودها الإصلاحية، والاكتفاء بفرض ضرائب ورسوم جديدة على المواطن والقطاع الخاص.


وأوضح غبريل، في تصريحات لـ"عربي21" أن زيادة الضرائب والرسوم تمس الوضع المعيشي للمواطن بشكل مباشر، لافتا إلى أنه تم زيادة الضرائب والرسوم في موازنتي 2018 و2019 على التوالي، وتعتزم الحكومة فرض المزيد من الضرائب والرسوم خلال موازنة 2020.

 

أقرأ أيضا: موازنة لبنان 2019.. خفض للعجز دون إصلاحات حقيقية

وتابع غبريل: "المواطن شعر أنه هو المستهدف الوحيد من تلك الإصلاحات، وبخاصة أنه لم يرى بالمقابل بادرة حسن نية من قبل الوزراء و النواب وكبار المسؤولين الذين رفضوا مقترح خفض رواتبهم بـ 50 بالمئة لمدة عام".


وحول الأدوات التي يمكن للحكومة اتباعها للخروج من تلك الأزمة، يرى غبريل، أنه يجب أن يكون هناك إجراءات عملية بالعمق تؤدي إلى تعزيز الثقة، وخلق سيولة في الأسواق لتفعيل الحركة الاقتصادية.

 

وأردف: "أبرز هذه الإجراءات تتمثل في خفض رواتب الوزراء والنواب وكبار المسؤولين 50 بالمئة، وإلغاء معاشات النواب السابقين، وإلغاء الآلاف من الوظائف الوهمية في القطاع العام، إلى جانب مكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين ومكافحة التهرب الضريبي و الجمركي".

وفيما يخص مساهمة الدول المانحة في الاقتصاد اللبناني في حل تلك الأزمة، قال غبريل، إن هذه الدول تشترط تطبيق إصلاحات اقتصادية قبل ضخ أموالهم في المشاريع المستهدفة".

وإثر تراجع أسعار السندات الدولارية وأسباب انخفاضها، أشار الغبيري، إلى أن تلك السندات  بالأصل منخفضة منذ النصف الثاني لعام 2018 وانخفاض اليوم هو انخفاض طفيف جدا، لافتا إلى أن انخفاض 2018 يرجع إلى أسباب خارجية منها خروج رؤوس الأموال من الأسواق الناشئة إلى الولايات المتحدة بالإضافة لاتساع عجز الموازنة اللبنانية.


وأكد الغبيري، أن ما يساعد على رفع أسعار السندات هو اتخاذ خطوات إيجابية تبرهن عن جدية السلطة في اتخاذ إصلاحات تجنب الاقتصاد اللبناني فرض ضرائب جديدة وتركز على خفض النفقات العامة، ومكافحة التهرب الضريبي، ومكافحة الجباية، وضبط المعابر الغير شرعية. 

 

أقرأ أيضا: هل تنقذ "إصلاحات الحريري" اقتصاد لبنان من الإفلاس؟

من جانبه قال الخبير الاقتصادي، جاسم عجاقة، إن الوضع الاقتصادي في لبنان صعب، مشيرا إلى وجود تراجع في الأوضاع الاقتصادية المتمثلة في زيادة البطالة، وارتفاع بالأسعار، وتراجع هائل في الخدمات الاجتماعية.

 

وأوضح عجاقة، خلال حديثه لـ"عربي21" أن الأهم من ذلك هو الفساد المحمي بالمحاصصة السياسية الطائفية الحزبية البغيضة، مؤكدا أن ما يحدث من احتجاجات يعد ترجمة لهذا الاحتقان.


ويرى عجاقة، أن الأداة الوحيدة لحل تلك الأزمات هو مكافحة الفساد، الذي يعد علة لبنان وآفته الأساسية، مضيفا أن أصحاب النفوذ لم تخلوا أيديهم من هذا الفساد.

 

وأردف: "إذا لم تتخذ السلطة السياسية القرار بمحاربة الفساد سيظل لبنان يشهد هذه الإشكاليات"، داعيا الحكومة إلى التخلي عن بعض الامتيازات الخاصة لامتصاص الغضب الشعبي وإرضاء المواطنين بتخفيف الأعباء المعيشية عن كاهلهم.

 

التعليقات (0)