ملفات وتقارير

المكالمات الهاتفية مع ترامب.. مخاطرة أكثر منها مكسبا دبلوماسيا

باحث بريطاني: مكالمة الرئيس على الهاتف محفوفة بمخاطر كبيرة- جيتي
باحث بريطاني: مكالمة الرئيس على الهاتف محفوفة بمخاطر كبيرة- جيتي

اعتاد الكل أن يعتبر ترتيب مكالمة هاتفية مع رئيس الولايات المتحدة مكسبا دبلوماسيا. إلا أن هذه المكالمات أصبحت تقترن على نحو متزايد بمخاطر جسيمة من تسريبات لوقائع ما دار فيها إلى ردود الفعل السياسية السلبية على الصعيد المحلي، وبدأ القلق يتسرب إلى نفوس المستشارين.


لا تزال تداعيات مكالمة ترامب في 25 تموز/ يوليو مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي تتوالى في كييف، كما أنها كانت سببا في بدء تحقيق في واشنطن للنظر في إمكانية عزل الرئيس.


ويريد النواب الأمريكيون الذين يقودون التحقيق الآن الاطلاع على مكالمات ترامب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وبعض من زعماء العالم الآخرين، واستند رئيس لجنة المخابرات بمجلس النواب في ذلك إلى مخاوف من أن يكون ترامب قد عرّض الأمن القومي للخطر.


وقال جيرار أرو، السفير الفرنسي في واشنطن حتى حزيران/ يونيو الماضي: "على الناس أن تتكيف مع واقع أن المكالمة الهاتفية مع ترامب ليست مثل أي مكالمة أخرى مع أي زعيم عادي". وكان السفير قد ساعد في تنظيم عدد من المكالمات بين الرئيس إيمانويل ماكرون والبيت الأبيض.


وبالنسبة لأي زعيم عالمي خاطب ترامب تثير إمكانية نشر النص الكامل للمكالمة القلق، ومن المرجح أن تؤدي مستقبلا إلى تغيير سير هذه المكالمات التي تعد عصب الدبلوماسية الدولية.


غير أن أرو أشار إلى أن التسريبات ربما تكون أهون مخاوف الزعماء، مستشهدا بميل ترامب للخوض في موضوعات غير متوقعة، ما يفقد محاوره التوازن.


وقال: "إذا أردت تحقيق تقدم على صعيد السياسة فتلك مشكلة حقيقية. وعلى رئيس كل دولة وحكومة أن يتكيف مع هذا اللاحوار". ومضى أرو يقول: "لقد ضاع كل شيء".

عناية أكبر


من الممكن أن يقال إن المؤشرات التحذيرية كانت موجودة منذ البداية.


فبعد أيام من تولي ترامب منصبه في كانون الثاني/ يناير 2017، أجرى مكالمة مع رئيس وزراء أستراليا حينذاك، مالكوم تيرنبول. وخلال المكالمة التي ظهرت فيها حدة الطبع، قال ترامب لتيرنبول: "أنت أسوأ مني"، وشكا من أن صفقة أمريكية مع أستراليا تتعلق بالهجرة "تظهرني بمظهر الغبي".


وسُرب نص المكالمة إلى صحيفة واشنطن بوست وسببت مشاكل لتيرنبول، الذي تصدى لترامب أثناء المكالمة، بسبب موقفه المتشدد المناهض للهجرة.


وفي الأسبوع الماضي، أكد مسؤولون بوزارة العدل الأمريكية أن ترامب أجرى مكالمات مع زعماء آخرين، بخلاف زيلينسكي؛ لكي يطلب منهم مساعدة المدعي العام وليام بار في تحقيقه الموسع في أسس التحقيق الذي أشرف عليه روبرت مولر في دور روسيا في الانتخابات الرئاسية لعام 2016.


ولم تُذكر أسماء هؤلاء الزعماء، لكن رئيس وزراء أستراليا سكوت موريسون أكد أنه تحدث مع ترامب بهذا الشأن. وقالت الحكومة البريطانية إن ترامب خاطب رئيس الوزراء بوريس جونسون في اليوم التالي لمكالمة ترامب مع زيلينسكي، وذكرت أن المكالمة تناولت موضوعات غير ذات صلة.


وقال جوناثان إيال، المدير الدولي للمعهد الملكي للخدمات المتحدة، إن العادة جرت أن تكون المكالمة مع الرئيس الأمريكي بمثابة الفوز بالجائزة الكبرى لزعماء العالم، لكن ترامب قلب الفكرة رأسا على عقب.


وقال: "مكالمة الرئيس على الهاتف محفوفة بمخاطر كبيرة. ومن الصعب بشدة تحاشي هذه المكالمات، لكن سيتوخى رؤساء الحكومات الآن عناية أكبر فيما يقولونه لترامب".

التزام بالجدية


تتطلب المكالمات بين الزعماء إعدادا يستغرق ساعات، واجتماعا لشرح الموقف قبل المكالمة، ويعد المستشارون ملاحظات تمهيدية ونقاط الحوار والردود في القضايا الصعبة التي قد يتطرق إليها الحديث وسياسات بعينها عند طلب التعاون.


وينصت للمكالمة عدة أفراد، بعضهم يدون وقائعها لإعداد نص يوزع على الإدارات الحكومية المعنية حتى يمكن التصرف في الأمر بعد ذلك.


وقال رئيس وزراء سابق لدولة عضو في الاتحاد الأوروبي إنه إذا تحدث مع ترامب الآن سيساوره أشد القلق من الخروج عن موضوع المكالمة، حتى إذا كان ذلك يعني الإخفاق في تحقيق التواصل مع ترامب الذي يميل للبحث عن النقاط المشتركة مثل الحديث عن رياضة الجولف، ويستخدم لغة غاية في البساطة.


وقال رئيس الوزراء السابق، الذي تحدث شريطة ألا ينشر اسمه لتجنب التأثير على علاقات بلاده مع الولايات المتحدة: "من الطبيعي أنك تريد أن تكون العلاقات طيبة مع رئيس الولايات المتحدة، لكنك في الوضع الحالي تريد أن تتقيد بالنص، وأن تجعله جافا للغاية".


وقال دبلوماسي كبير: "كثيرا ما يخطط لمكالمات بين رئيس وزرائه وزعماء آخرين، بل ويستمع إليها. إن التسريبات مصدر قلق دائما، غير أن السياسة الحزبية تمثل خطرا جديدا".


وأضاف أن من يخاطبون ترامب بحاجة للالتزام بالجدية "والحقائق المجردة"، وتحاشي حوارات مثل حوار زيلينسكي الذي كاد يصل فيه الزعيم الأوكراني إلى حد التزلف.


وشدد أرو على تلك النقطة، قائلا إنه نصح ماكرون بتجنب الرد على استفزازات ترامب.


وأضاف: "نصيحتي لماكرون ألا يرد، على تويتر على الأقل، لأن ترامب سيرد ردا أقوى وستخسر".


ولا تزال العلاقات بين بريطانيا والولايات المتحدة متأثرة بتسريب برقية شديدة الانتقاد لترامب كتبتها السفيرة البريطانية السابقة في واشنطن كيم داروك لصحيفة بريطانية.


ورد ترامب بوصف السفيرة على تويتر بأنها في "غاية الغباء"، واستقالت السفيرة بعد أيام.

اقرأ أيضا: مخبر ثان ينوي كشف معلومات عن مكالمة ترامب وزيلينسكي

التعليقات (0)