ملفات وتقارير

حمروش والإبراهيمي يرفضان اللحاق.. ما مصير هيئة الحوار ؟

حاول أعضاء الهيئة في أول اجتماع استعادة الثقة المفقودة بينهم وبين المتظاهرين في الشارع بإعلان الرغبة بضم شخصيات للهيئة- جيتي
حاول أعضاء الهيئة في أول اجتماع استعادة الثقة المفقودة بينهم وبين المتظاهرين في الشارع بإعلان الرغبة بضم شخصيات للهيئة- جيتي

تُواجه هيئة الحوار والوساطة، التي أُعلن عن إنشائها نهاية الأسبوع الماضي في الجزائر، ضغطا كبيرا يرهن مستقبل عملها؛ بسبب عدم اقتناع الكثيرين بتشكيلتها، وعدم استجابة السلطة لبعض شروطها.


ومنذ الإعلان عن تشكيلتها، تعرضت هيئة الحوار إلى انتقادات شديدة، وصل بعضها إلى حد تخوين أعضائها، واتهامهم بالانخراط في أجندات السلطة، كما رفعت شعارات مناوئة لرئيسها كريم يونس في المظاهرات الأخيرة يوم الجمعة.


وصاحب الإعلان عن أعضاء هيئة الحوار جدل كبير، بعد الكشف عن بعض تفاصيل إنشائها، والتي تمت بطريقة سرية باتصال مباشر من المؤسسة العسكرية، كما كشف عن ذلك الناشط السياسي إسلام بن عطية الذي انسحب من التشكيلة في آخر لحظة.


وذكر أستاذ علم الاجتماع ناصر جابي هو الآخر أنه انسحب من الهيئة التي كان مقررا أن يكون فيها، بعد رفض السلطات التجاوب مع مطالب توسيع قائمة أعضائها لتكون أكثر تمثيلا، وعدم التجاوب مع بعض الشروط الموضوعة.


وبعد هذه الانتقادات، حاول أعضاء الهيئة في أول اجتماع لهم أمس، استعادة الثقة المفقودة بينهم وبين المتظاهرين في الشارع، من خلال الإعلان عن دعوة شخصيات جديدة إلى هيئة الحوار، والتأكيد على ضرورة تحقيق شروط التهدئة، وعلى رأسها إطلاق سراح معتقلي الحراك، وفك التضييق على العاصمة في أيام التظاهر، وفتح الإعلام العمومي أمام المعارضة.


مقاطعة أهم الشخصيات

 
لكن الشخصيات الثقيلة التي تم دعوتها للانضمام، عبّرت عن رفضها للانخراط في هذا المسعى، وفي مقدمتها رئيس الحكومة سابقا مولود حمروش، ووزير الخارجية سابقا أحمد طالب الإبراهيمي.


وأبرز حمروش في بيان له وزعه على وسائل الإعلام أن يرفض أن يكون له أي دور في الفترة الحالية، داعيا من يمسكون بمقاليد الحكم، التحرك من أجل الاستجابة للحراك، وتعبئة البلاد؛ تفاديا لوقوعها في فخاخ الفوضى".


ويعد حمروش الذي يعرف بأنه قائد الإصلاحات السياسية والاقتصادية في حكومة نهاية الثمانينات وبداية التسعينات، من أكثر الشخصيات المتداولة في وسائل الإعلام للمشاركة في تسيير المرحلة الحالية.


بدوره، يرفض  أحمد طالب الإبراهيمي الالتحاق بهيئة الحوار، وفق ما كشف مقرب منه لـ"عربي 21"، وذلك لأن المناخ الذي يحيط بالعملية يراه غير مناسب للانخراط في هذا المسعى.


وكان الإبراهيمي قبل أيام من إعلان هيئة الحوار نشر بيانا خاصا به، يبدي فيه استعدادا للتعاون، لكنه لم يتلق -وفق المحيطين به- أي اتصال رسمي لمناقشة أفكاره ورؤيته للحل.


ويقول مصطفى هميسي، الكاتب والناشط السياسي، إن هيئة الحوار رغم توفر أعضائها على حسن النية، إلا أن مصداقيتها ظهرت للوهلة الأولى ضعيفة، ما جعلها لا تلقى المساندة والدعم من كثير من الأطراف والشخصيات الوطنية المؤثرة.


وتوقع هميسي أن يستمر الجدل بشأن هذه الهيئة ومدى قدرتها على قيادة حوار يفضي إلى إجراء انتخابات رئاسية في أقرب الآجال، مشيرا إلى أن أمر نجاحها أو فشلها مرتبط بوجود إرادة سياسية حقيقية بإمكانها تذليل الصعاب التي تُواجه عملها.


وأبرز هميسي أن هذه الإرادة يجب أن تتوافر من كل الأطراف، سواء من السلطة التي يجب عليها أن توفر المناخ اللازم لإجراء حوار، أو من الطبقة السياسية التي يتشدد بعضها في طروحات قد تؤدي إلى إطالة أمد الأزمة.


خيبة أمل

 
ويظهر من خلال التفاعل السياسي عدم وجود حماس كبير لهذه الهيئة، إلا من طرف بعض الأحزاب التي رحبت بهذه الخطوة، مع احتفاظها ببعض التحفظات، مثل حزبي طلائع الحريات وجيل جديد.


وقال عبد الله جاب الله، رئيس جبهة العدالة والتنمية، إن النظام خيّب مرة أخرى آمال الشعب، وأعطى دليلا آخر على سوء نيّته في التعامل مع الثورة، وتعنته في الاستمرار في حكم الشعب رغما عنه فترة أخرى من الزمن .


واستغرب جاب الله في منشور له على فيسبوك، كيف أن النظام يريد أن يحصر المشكلة في الانتخابات الرئاسية، ويقفز على مطالب الشعب برحيل رئيس الدولة الحالي والوزير الأول وغيرهما من رموز الفساد والاستبداد، كما قال.

 

اقرأ أيضا : الإفراج عن اثنين من موقوفي الحراك بالجزائر.. ووعود بالتهدئة


من جانبه، قال ناصر حمدادوش، عضو المكتب الوطني لحركة مجتمع السلم، إنه من الواضح أن مستوى هذه اللجنة أقل بكثير من حجم التحديات التي تواجهها الجزائر.


وأبرز حمدادوش في تصريح لـ"عربي 21"، أن تشكيلة الهيئة التي لا تزال غير نهائية، وطريقة تعيينها والإخراج والسيئ لها طعن في مصداقيتها، مشيرا إلى أن الغموض لا يزال يكتنف الضمانات الحقيقية والمكتوبة لنجاحها، ويخدش سيادتها واستقلاليتها، ويشكك في مهامها وصلاحياتها، ولا يطمئن على مدى إلزامية مخرجاتها.


الانتخابات الرئاسية

 
وحول فرص نجاح هذه الهيئة في الوصول بالبلاد إلى الرئاسيات، يعتقد زهير بوعمامة أستاذ العلوم السياسية في جامعة تيبازة، بأن الذهاب إلى الانتخابات هذه المرة هو قرار تم اتخاذه على مستوى السلطة الفعلية، وسيكون بالهيئة أو دونها.


وأبرز بوعمامة في حديثه مع "عربي 21"، أن السلطة الفعلية (مصطلح يطلق على المؤسسة العسكرية) وجدت نفسها مضطرة للتعاطي بإيجابية مع مطالب الشارع؛ لأنها تخشى من الفشل مرة أخرى.


لذلك تحاول السلطة الفعلية، حسبه، من خلال تبني الحوار من دون أن تشرف مباشرة عليه أن تشرك أوسع قطاع ممكن في الطبقة السياسية والمجتمعية في صياغة وصفة الانتقال حتى توفر له شروط النجاح، ولكن ضمن رؤيتها وخارطة طريقها المعدلة المرتكزة على افتراض أن العودة السريعة للمسار الانتخابي هو حجر الزاوية في الحل.


ويرى بوعمامة أن السلطة الفعلية من خلال ذلك تحاول بناء مشروعية ظرفية لدى الشركاء في العملية السياسية، بمعنى القبول والالتزام بكيفية وآليات الانتقال المقترحة، بعد أن رسمت حدود وأسقف العملية، وهي بذلك تتحرك برغبة قوية في تأطير عملية الانتقال والتحكم في اللايقين المحيط بها وليس بالضرورة التحكم في مخرجاتها ونتائجها (أي من سيكون الرئيس القادم).


تنازلات السلطة

 
ومن أجل هذه الغاية، يعتقد أستاذ العلوم السياسية، أن السلطة ستتنازل مرة أخرى، وتنفذ بعض مطالب هيئة الحوار على صعيد إجراءات التهدئة؛ حتى تساعدها على النجاح بخلق أجواء من الثقة المتضعضعة الآن، وبتلبية طلب الأغلبية بذهاب الحكومة الحالية بعد انطلاق الحوار أو تنفيذا لتوصياته.


في المقابل، يضيف أنه سيكون على الطبقة السياسية وفاعلي الحراك التعامل بإيجابية أكثر مع هذه الخطوة من دون التنازل عن مطالبهم، إذا كانوا فعلا يؤمنون أن الحوار ليس هدفا لذاته، إنما هو سبيل الجزائريين الآمن، والوسيلة الأقل تكلفة للبلد للخروج من وضعية الانسداد الحالية.

التعليقات (1)
ناقد لا حاقد
الثلاثاء، 30-07-2019 03:58 ص
النية غير موجودة من الجيش لأن مازال يرى نفسه وصية على الشعب و أن الوطن جزء من الجيش و ليس العكس مازالوا يعتبرون الشعب و مطالبه المشروعة و الأساسية من عيش كريم توزيع عادل للثروات تنمية حقيقية و بناء دولة العدالة و الحرية الجيش بعقليته المتحجرة و المتعفنة مثله مثل الجيوش العربية هي ضد حقوق الشعوب و هي فقط لاستبعاد الناس و نهب الثروات و الخيرات باسم الوطن و الوطنية و التضحية و ضد مما يسمونها بالايادي الخارجية و التي في الحقيقة هي الآخرى تأخذ حصتها من الخيرات من حثالة عملائها من قيادة الجيش الحالية و التي هي فاسدة و منحلة اخلاقيا و انسانيا