صحافة دولية

مسؤول إيراني سابق: إيران لم تطلب الأزمة ولن تقبل تنمر ترامب

موسويان: كان تكثيف تخصيب اليورانيوم ردا لا مفر منه على التحركات الأمريكية- جيتي
موسويان: كان تكثيف تخصيب اليورانيوم ردا لا مفر منه على التحركات الأمريكية- جيتي

نشرت صحيفة "الغارديان" مقالا للأكاديمي والمفاوض الإيراني السابق حسين موسويان، يقول فيه إن ترامب انسحب في أيار/ مايو 2018 من اتفاقية خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)، التي كانت مصممة لمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية، وتم التوصل إليها بعد 12 عاما من المفاوضات الشاملة.

 

ويقول موسويان في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن أمريكا بدأت بفرض عقوبات اقتصادية وسياسية جديدة تستهدف ليس فقط قطاعات الاقتصاد الإيراني المختلفة، بل أيضا أهم كيانات الدولة ومسؤوليها، وفرض هذه العقوبات قوض تقريبا إمكانية أي جهود دبلوماسية لحل الأزمة، التي ستكون لها تداعيات سياسية، ليس لإيران وأمريكا فقط، بل للمنطقة كلها. الوضع الحالي خطير إلى أبعد الحدود، حيث إيران ترد على الأفعال العدوانية بزيادة مستوى تخصيب اليورانيوم".

 

ويرى الكاتب أن "عودة ظهور الخصومة بين إيران وأمريكا -بعد فترة من الانفراج تحت رئاسة أوباما- هي أخطر التحديات للسلام والأمن في الشرق الأوسط، ومع ذلك فقد أغلقت سياسات ترامب العدوانية القنوات الدبلوماسية التقليدية كلها".

 

ويفيد موسويان بأن "التعاون يحتاج إلى حوار بين المؤسستين العسكريتين في المنطقة، فالقيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم) وقوات القدس في الحرس الثوري الإيراني هما القيادتان العسكريتان المسؤولتان عن العمليات الخارجية للبلدين، وتصنيف الحرس الثوري الإيراني، منظمة إرهابية -ورد إيران ضد (سنتكوم)- أنهيا أي احتمال للتفاوض بين هاتين المؤسستين المهمتين".

 

ويشير المسؤول السابق إلى أن "إدارة ترامب قامت بفرض عقوبات على أهم مصادر السلطة بحسب الدستور، المرشد الأعلى، آية الله علي خامنئي، فكما هو الحال في أمريكا، حيث يملك الرئيس السلطة لتحديد توجهات السياسة الخارجية، فإن المرشد الأعلى في إيران هو الذي يحدد توجه السياسة الخارجية للبلد، ويجب علينا ألا ننسى بأن المرشد الأعلى هو الذي سمح بمفاوضات مباشرة مع أمريكا في الشأن النووي الإيراني ابتداء، وبفرض عقوبات على علي خامنئي فإن ترامب قتل أي فرصة لتقارب دبلوماسي ما دام رئيسا، وليست القيادة السياسية لعلي خامنئي هي المهمة هنا، فهو زعيم ديني شيعي لديه ملايين الأتباع من الشيعة، وليس في إيران فقط، لكن أيضا في العراق وباكستان وأفغانستان والهند والبحرين وغيرها".

 

ويلفت موسويان إلى أنه "إضافة إلى ذلك، فإن وزير الخزانة ستيفن منوخين، قال بأن إدارة ترامب تسعى لفرض عقوبات على وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، الذي تعلم في أمريكا، وهو أحد أكثر الدبلوماسيين الإيرانيين تميزا في تاريخ إيران الحديث، وهناك من يقارن ظريف برئيس الوزراء ذي الشعبية العالية محمد مصدق، الذي قام بتأميم صناعة النفط الإيرانية، والذي أطيح به بانقلاب دبرته بريطانيا وأمريكا". 

 

ويجد الكاتب أن "فرض عقوبات على ظريف خطأ إن كانت أمريكا تسعى للتفاعل ثانية مع إيران؛ لأنه مسؤول عن القنوات الدبلوماسية المسؤولة عن حل هذه الأزمة، وقد قالت ويندي شيرمان، التي قادت فريق التفاوض الأمريكي في المفاوضات التي أدت إلى اتفاقية 2015: (لا أستطيع التفكير في شيء أقل منطقية من فرض عقوبات على شخصي رئيسي يمكن أن يكون مفيدا إن كانت هناك مفاوضات مع أمريكا)". 

 

ويؤكد موسويان أن "صفقة إيران النووية هي أكثر الاتفاقيات شمولية في تاريخ الحد من انتشار الأسلحة النووية، وكجزء من الاتفاقية وافقت إيران على أكثر الإجراءات تطفلية، وأكثر الحدود التي يمكن فرضها على بلد ليس عضوا في اتفاقية منع الانتشار النووي صرامة، إضافة إلى ذلك فإن وكالة الطاقة النووية الدولية قالت مؤخرا إن إيران كانت ملتزمة تماما ببنود وشروط JCPOA".

 

ويستدرك المسؤول بأنه "في الوقت الذي التزمت فيه إيران بجانبها من الصفقة، تمت مكافأتها بالعقوبات والضغط الإضافي، وتمت سرقة ما كانت إيران ستجنيه من فوائد. إن إدارة ترامب اتخذت قرارا بتقويض الإرث الدبلوماسي لأوباما، لكنها قد لا تكون أدركت تماما أنها بفعل ذلك فإنها ستقضي على أي احتمال للتوصل إلى حل دبلوماسي خاص بها".

 

وينوه موسويان إلى أن "ترامب عرض باستمرار الحوار مع المسؤولين الإيرانيين، لكن أفعاله كانت الأكثر عدوانية منذ ثورة عام 1979، واستخدام هذه العروض اللفظية للمفاوضات في الوقت ذاته الذي يتم فيه فرض عقوبات مدمرة ليست استراتيجية لجعل إيران تخضع". 

 

ويبين الكاتب أن "إيران حذرت قوى العالم مقدما بأنه إذا فشلت الأطراف الأخرى في الالتزام بتعهداتها، فإنها ستبدأ هي بتخفيض الالتزام بتعهداتها بموجب JCPOA. وكخطوة أولى، على مدى الأيام القليلة الماضية، زادت من حد 300 كغم في حجم مخزونها من اليورانيوم، وأعلنت أيضا أنها ستزيد من نسبة تخصيب اليورانيوم إلى أعلى من نسبة 3.67%، التي حددتها لها الاتفاقية، وبالإضافة إلى ذلك، فإن الرئيس الإيراني، حسن روحاني أخبر حكومته بأن مفاعل آراك سيعاد إلى تصميمه الأصلي، الذي زعم بأن سيكون قادرا على إنتاج البلوتونيوم". 

 

ويقول موسويان: "من الضروري الإشارة إلى أن هذه هي المرة الأولى التي تخرق فيها إيران اتفاقية JCPOA فمنذ ـن انسحبت إدارة ترامب من الاتفاقية العام الماضي بقيت إيران صابرة وتنتظر بقية الأطراف المشاركة في الاتفاقية للوفاء بتعهداتها، لكن النتيجة الوحيدة كانت هي زيادة الضغط والعقوبات، فلا يمكن التوقع من إيران أن تلتزم بصفقة عندما يفشل الآخرون بالالتزام بتعهداتهم".

 

ويشير المسؤول الإيراني إلى أن "ترامب وحده استطاع تدمير 12 عاما من المفاوضات المكثفة بين إيران والقوى الدولية بالانسحاب من الصفقة النووية، واختار طريق السياسات العدوانية الخطير، والإجراءات التي زادت من احتمال وقوع صراع كارثي في الشرق الأوسط، لكن يبدو أنه يدرك أن مواجهة عسكرية مع إيران ستكون كارثية من النواحي جميعها، إلا أنه يجب عليه أن يدرك أيضا أن إيران لا تستسلم أبدا للتنمر".

 

ويختم موسويان مقاله بالقول: "إن كان ترامب يريد حقا حل هذه الأزمة، التي هي من صنعه، فإنه يحتاج أن يقوم بالعودة السريعة عن استراتيجيته، عودة تسمح لكلا البلدين بحفظ ماء الوجه، حينها فقط يمكن أن تصبح الدبلوماسية ذات المصداقية ممكنة مرة أخرى".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)