ملفات وتقارير

ما حجم مشاركة روسيا في حملة التصعيد على إدلب؟

عززت روسيا قاعدتها العسكرية في حميميم بالعشرات من الطائرات الحربية والمروحية منذ مطلع العام الجاري- الأناضول
عززت روسيا قاعدتها العسكرية في حميميم بالعشرات من الطائرات الحربية والمروحية منذ مطلع العام الجاري- الأناضول

في خضم ما يجري من تصعيد عسكري من جانب النظام السوري في أرياف حماة وإدلب، تُطرح العديد من التساؤلات عن حجم المشاركة الروسية في العمليات العسكرية التي تصاعدت مع بدء الشهر الجاري.


وفي اعتراف واضح بحجم المشاركة الروسية في حملة التصعيد على مناطق المعارضة شمال غربي سوريا، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن "الاستخدام القتالي للطائرات الروسية في سوريا كشف عن أوجه قصور فني في المقاتلات والمروحيات الروسية".


وبحسب صحيفة "آر بي كا" الروسية، أكد بوتين خلال اجتماع عسكري في مدينة سوتشي الأربعاء، أنه "كان من المستحيل الكشف عن هذا القصور أثناء الاختبارات في ميادين التدريب".


ولا تخفي روسيا مشاركتها في العمليات العسكرية التي تدور في مناطق مشمولة باتفاق "سوتشي"، حيث دأب المسؤولون الروس على إطلاق سيل من التهديدات المتتالية قبيل التصعيد، الأمر الذي حدا بمراقبين إلى اعتبار أن التصعيد هو بقرار روسي محض.


نوايا مبطنة


وما يؤكد ذلك، تعزيز روسيا قاعدتها العسكرية في حميميم بالعشرات من الطائرات الحربية والمروحية، منذ مطلع العام الجاري.


جاء ذلك، في تقرير نشره موقع "زمان الوصل" في شباط/ فبراير الماضي، أكد فيه وصول العشرات من الطائرات والمروحيات الحربية الروسية تباعا إلى قاعدة "حميميم"، مشيرا إلى أن القاعدة غصت بالطائرات من جميع الأصناف.


ونقلا عن مصدر عسكري، أوضح الموقع أن عدد الطائرات الحربية الروسية في قاعدة "حميميم" ارتفع من 30 إلى 50 طائرة حتى الآن من طرازات مختلفة ومتنوعة تشمل (سوخوي 25 وسوخوي24 وسوخوي 30 وسوخوي 34 وسوخوي 35 وميغ29)، بالإضافة إلى طائرتي حرب إلكترونية من طراز "اليوشن 20" وطائرتي نقل من طراز "انتونوف 26" و"انتونوف 70"، بالإضافة إلى طائرتي قيادة جوية "اليوشن a-50y"، وعدد غير ثابت من طائرات الشحن من طراز "اليوشن 76 و"انتونوف 124 روسلان".

 

اقرأ أيضا: تركيا تحذر: هجوم النظام السوري بإدلب قد يفسد كل شيء


وأضاف "زمان الوصل" أن عدد المروحيات الروسية من كافة الأصناف بلغ 44 مروحية، بعد أن كان العدد أقل من 30 مروحية في نهاية العام الماضي.


وبالمقابل، أكد أن كميات كبيرة من الحاويات المحملة بالذخائر الجوية قد أصبحت داخل مطار "حميميم"، ووصلت عبر السفن وطائرات الشحن الروسية العملاقة بشكل متتال خلال الفترة السابقة.


وفي تعليقه على ذلك، أرجع الباحث المتخصص بالشأن الروسي الدكتور محمود الحمزة، المشاركة القوية للروس في المعارك البرية في محيط إدلب إلى أسباب عدة، في مقدمتها نفاذ صبر موسكو، لأن عدم حسم مستقبل إدلب يؤخر بدء مرحلة إعادة الإعمار، حيث الاستقرار ضروري للبداية في مرحلة إعادة الإعمار، وتدفق الأموال إلى سوريا.


وقال إن "الفكرة الرئيسية أن روسيا تستعجل إنهاء المعارك في كل سوريا، لتعلن للعالم أن العملية السياسية باتت ممكنة، وأن إعادة الإعمار أصبحت ممكنة أيضا".


ورأى في اتصال مع "عربي21" من موسكو، أنه "بغض النظر عن حجم مشاركة الجنود الروس، فإنها صرحت لأكثر من مرة أن مشاركتها في قصف إدلب وكذلك في الهجوم البري، يأتي ردا على استهداف قاعدة حميميم الساحلية"، منوها إلى أن "قصف حميميم يشكل قلقا لروسيا، لأن القاعدة تعتبر نقطة قيادة القوات الروسية في كل سوريا".


بنك الأهداف


ووفق معطيات استقتها "عربي21" من مصادر ميدانية متواجدة في محيط إدلب، فإن المقاتلات الروسية ركزت في قصفها لمناطق المعارضة على الأهداف المدنية الحيوية بالدرجة الأولى.


وأكدت المصادر أن الطائرات الروسية التي تقلع من قاعدة حميميم، استهدفت المنشآت الصحية والنقاط الطبية التابعة لمديرات صحة حماة وإدلب، حيث أخرج القصف الروسي مراكز صحية عدة عن الخدمة، منها مستشفى كفرنبل الجراحي، ومستشفى نبض الحياة في بلدة حاس، ومستشفى ترملا لأمراض النساء والتوليد، ومستشفى المغارة في بلدة كفرزيتا، وعدد من النقاط الطبية الصغيرة الأخرى.

 

اقرأ أيضا: النابلسي يخاطب أهل إدلب وحماة في ظل حملة النظام (شاهد)


وإلى جانب المراكز الصحية، ركزت روسيا ضرباتها الجوية على المدارس ومراكز الدفاع المدني (الخوذ البيضاء)، والتجمعات المدنية لإجبار السكان على النزوح.


وفي هذا الصدد، أكد مدير منظمة "الدفاع المدني" رائد الصالح، تعرض أكثر من 50 مركزا للدفاع المدني للاستهداف المباشر من قبل روسيا والنظام السوري، في شمال غربي سوريا، منذ بداية العام الجاري.


وأوضح في تصريحات خاصة لـ"عربي21"، أن فرق الدفاع المدني تعرضت لهجمات مكثفة مع بداية شهر أيار/ مايو الجاري، من قبل المقاتلات الروسية، نجم عنها مقتل ثلاثة عناصر من متطوعي الدفاع المدني، فضلا عن تدمير العشرات من الآليات والمعدات التي تستخدمها الفرق في عملها الإنقاذي.


وبيّن الصالح، أن المراكز المستهدفة من قبل روسيا مؤخرا، هي مركز كفرنبودة، وكفرنبل، وقلعة المضيق، معتبرا أن "ما يجري من استهداف مباشر للدفاع المدني، هو جزء من سياسة روسية تهدف لتدمير كل المنشآت التي تقدم خدمات للمدنيين".


وأضاف الصالح، أن روسيا تتقصد أن تنزل عقابا جماعيا بالمدنيين، الذين يقطنون في المناطق الخارجة عن سياسية النظام، متهما روسيا بارتكاب جرائم حرب، بحرمانها سكان هذه المناطق من الخدمات الأساسية، التي تمكنهم من البقاء على قيد الحياة.


المشاركة البرية


من جانبه، أكد الخبير العسكري والاستراتيجي، العميد أحمد رحال، في حديث لـ"عربي21"، مشاركة الجنود الروس في معارك النظام في ريف حماة الشمالي (وسط البلاد)، موضحا أن لدى القوات الروسية في حماة نقاط عسكرية كبيرة.


وقال إن "الجنود الروس يتولون تشغيل الراجمات الروسية الثقيلة مثل منظومة "بي إم-30 سميرتش، والمنظومات الأخرى والقاذفات والدبابات"، مبينا أن الخبراء الروس والجنود غالبا يتوزعون في الأنساق الخلفية للمعارك، لأن الأسلحة التي يتسلمون تشغيلها تكون موجود على بعد كيلو مترات عدة عن الجبهات الأمامية.


وفي تعليقه على مشاركة روسيا، عدّ الإعلامي في "شبكة الثورة السورية" مجدي أبو ريان، في حديث لـ"عربي21" أن مشاركة الجنود الروس تؤشر إلي أهمية المعارك المصيرية بإدلب، لكل الأطراف، سواء للنظام والأطراف الداعمة له، أو للمعارضة.


وقال: "لم يعد هناك من تجزئة للحرب، والرغبة الروسية باقتلاع المعارضة باتت واضحة"، منهيا بالقول: "كل ذلك يؤكد أن الأدوار موزعة، وأن الحرب مصيرية للجميع، ولذلك تستعجل روسيا حسمها".

التعليقات (0)