ملفات وتقارير

"حفتر" يحشد قواته نحو "طرابلس".. ما مصير الملتقى الوطني؟

القوات التابعة لحكومة الوفاق في الغرب الليبي أعلنت النفير والجاهزية لصد أي تقدم من قبل قوات "حفتر"- فيسبوك
القوات التابعة لحكومة الوفاق في الغرب الليبي أعلنت النفير والجاهزية لصد أي تقدم من قبل قوات "حفتر"- فيسبوك

في خطوة وصفت بالاستفزازية، توجهت قوات تابعة للواء الليبي، خليفة حفتر للعاصمة الليبية من أجل السيطرة عليها، وسط حالة من النفير بين قوات المنطقة الغربية لصد أي تقدم هناك، لتطرح الخطوة تساؤلات حول مصير الملتقى الوطني بعد هذا التصعيد، وأسباب انقلاب "حفتر" على كل الاتفاقات".

ووصلت بالفعل قوات تابعة لحفتر إلى قرب مدينة "غريان" (غرب البلاد) وتمركزت في جنوب المدينة، على أمل أن تواصل مسيرتها إلى العاصمة "طرابلس"، حسب ما صرح المتحدث باسم القوات، أحمد المسماري.

نفير وجاهزية

في المقابل، أعلنت القوات التابعة لحكومة الوفاق في الغرب الليبي، حالة النفير والجاهزية لصد أي تقدم من قبل قوات "حفتر"، بل أرسلت بعض قواتها إلى منطقة "غريان" لطرد هذه المجموعات القادمة من الشرق الليبي، وذلك تنفيذا لقرار رئيس الحكومة، فائز السراج والذي أعلن حالة النفير.

كما أكد وزير الداخلية بحكومة الوفاق، فتحي باشاغا، أن "قواته على أهبة الاستعداد للتصدي لأي محاولة تنال من أمن العاصمة وتعرض المدنيين للخطر، محذرا جميع الأطراف من خطورة الرهان على قوة السلاح لتغليب رأي سياسي بعينه"، وفق الصفحة الرسمية للوزارة.

وقال رئيس مجلس الدولة الليبي، خالد المشري إنهم في تواصل مع المجلس الرئاسي والسفارات الأجنبية بعد التطورات الأخيرة جنوب غريان لتجنيب المنطقة الصراع العسكري، متسائلا عن ضمانات الالتزام بالملتقى الجامع في ظل وجود الأمين العام بطرابلس وحملات التصعيد العسكرية الأخيرة.

غضب دولي

من جهته، أكد الأمين العام للأمم المتحدة والذي يزور "طرابلس" حاليا، أنطونيو غوتيريش في بيان مقتضب وصل "عربي21" نسخة منه أنه "لا يوجد حل عسكري في ليبيا، وأن الحوار فقط بين الليبيين هو الذي يمكنه حل المشكلات الليبية، معربا عن قلقه إزاء التحركات العسكرية الأخيرة، داعيا إلى التهدئة وضبط النفس".

 

اقرأ أيضا: حفتر يسيطر على مدينة قريبة من طرابلس ويهدد بصراع جديد

وأثارت الخطوة المفاجئة والغريبة من الجنرال "حفتر" ردود فعل محلية ودولية وتساؤلات حول: مصير الملتقى الوطني المرتقب في الشهر المقبل، وما وراء هذا التصعيد الآن وأهدافه؟

تفاهم وتهدئة

وقال وزير الدفاع الليبي السابق، محمد البرغثي، إنه "لا يجب أبدا وقوع اقتتال بين الليبيين فكلهم أبناء شعب واحد، ويجب أن يتم التفاهم بين كل من "السراج وحفتر" على نزع سلاح "الميليشيات" وتسليمها دون اشتباكات، وأن يسلم المطلوبين من زعماء هذه "الميليشيات" أنفسهم للقضاء لمحاكمتهم".

وأضاف في تصريحات لـ"عربي21": "أما بخصوص تأثير هذه التحركات على الملتقى الوطني، فمما لا شك فيه أنها ستؤثر خاصة عندما يكون التهديد باستخدام السلاح من كلا الطرفين، وعلى العسكريين في الغرب الليبي أن يرفضوا أية أوامر من القائد الأعلى هناك بمواجهة وحدات تابعة للجيش النظامي"، حسب قوله.

انتصار "حفتر" بمباركة أممية

ورأى الباحث الليبي ومدير مركز "بيان" للدراسات، نزار كريكش أنه "يمكن استخلاص سيناريوهين من هذه التحركات، أولهما: دخول "حفتر" طرابلس عبر مشهد درامي مخرج بعناية بدون حرب كبيرة ليصبح أمراً واقعاً في الملتقى الوطني أو أي استحقاقات سياسية قادمة".

وأضاف في تصريحات لـ"عربي21": "أما السيناريو الثاني فهو أن قواته ستشهد بعض المقاومة الشرسة خاصة في جنوب طرابلس لكنها ستصبح صعبة على الطرفين لكن تحدث فيها مفاجآت قد تكون لصالح حفتر عسكريا أو من خلال الوصول إلى اتفاق ترعاه قوى دولية ومن ثم يباركه مجلس الأمن ويمضي".

وتابع: "في كلتا الحالتين سيكون هناك ترسيخ لقوى أمنية تضمن السيطرة على سلوك كافة المجموعات المسلحة ومحاربتها وتصفيتها خاصة "الإسلامية" منها، وما يحدث هو تحفيز للمشهد للدخول في أروقة الحكم ومصادر الثروة بطريقة تحظى باتفاق ما"، حسب كلامه.

وبسؤاله عن مصير الملتقى الوطني، قال كريكش: "الملتقى الجامع سيكون مجرد قضية هامشية تبارك العنف السياسي والقمع للحريات بطريقة الأمم المتحدة بإضافة بعض العبارات كمدنية الدولة والحفاظ على الحريات وهي مجرد كلمات"، حسب تقديره.

خطأ ومأزق عسكري

لكن المحلل السياسي والمستشار السابق لحفتر، محمد بويصير أشار إلى أن "هذا الاستفزاز من قبل "حفتر" هو خطوة ضد انعقاد المؤتمر الوطني، وهو يريد به تحقيق بعض الأهداف ومنها، ممارسة ضغوطات على الملتقى لتحقيق أكبر مكاسب كونه يستشعر خسارته، لكن يبدو أن هناك خطأ في حساباته".

 

اقرأ أيضا: حفتر يعلن رسميا بدء استهداف طرابلس للسيطرة عليها (شاهد)


ووصف في تصريحه لـ"عربي21" موقف البعثة الأممية ومبعوثها بـ"الغامض"، كونه لم يحدد الطرف الذي يمارس الضغوطات والاستفزازات"، حسب تعبيره.

وحول قدرة "حفتر" على دخول العاصمة فعلا، قال بويصير: "احتمالية نشوب حرب قائمة خاصة إذا استمر المال الإماراتي في دعمه، لكن هناك موقف معارض له يقوى كل ساعة، وهناك اجتماع في مدينة مصراتة وغالبا سيعلنون تحركهم ضده وهذا يعني أن "حفتر" سيصبح في مأزق عسكري حقيقي"، كما قال.

"الملتقى أو الحرب"

وقال الكاتب الليبي، عبدالرزاق العرادي إن "تحركات "حفتر" وفي وجود الأمين العام للأمم المتحدة خطوة مسيئة وتجهض شهور من العمل الشاق لإقناع الجميع بأهمية الحل السلمي عبر الملتقى الوطني والحديث عن تفاهمات "أبوظبي" وحتى الجماعات المسلحة بدأت تتعاطى بإيجابية مع بهذا الحل".

وأضاف: "بعد كل هذا تأتي هذه التحركات لتضعنا على شفا حرب لو وقعت فلن تتوقف وستصبح ليبيا ملاذا للإرهابيين الفارين من سوريا والعراق بدلا من توحيد الجيش في الجنوب للتصدي للإرهاب وللجريمة المنظمة وللهجرة غير القانونية"، وفق رأيه.

وقال لـ"عربي21": "الحقيقة الوضع حرج جدا الآن والبعثة والمجتمع الدولي على المحك، إما الملتقى وإما حرب -لا قدر الله- لا تبقي ولا تذر مع ما يصاحبها من تسلل "الإرهاب" من جديد"، كما صرح.

"تصعيد وحرب نفسية"

وأكد المدون والناشط الليبي، قدور سعيدي أن "حفتر" يلعب الآن على حبلين: الموافقة المبدئية على الملتقى الوطني، وفي نفس الوقت التصعيد الإعلامي والاستفزازات العسكرية من أجل خلط الأوراق، فإما السيطرة على إحدى المدن الكبرى في الغرب أو الحرب والتخويف النفسي من أجل تحقيق أعلى المكاسب في "غدامس" (مكان انعقاد الملتقى الوطني)".

واستدرك قائلا: "لكن كل هذا لا يتم دون ضوء أخضر من بعض القوى الإقليمية وتخاذل كامل وانقسام فيما يسمى بتيار ثورة "فبراير" في الغرب الليبي"، حسب تصريحاته لـ"عربي21".

دور "مصراتة"

وقال الطبيب العسكري من مدينة مصراتة (غرب ليبيا)، محمد الطويل إن "تحركات "حفتر" وقواته إلى الغرب الليبي هدفه إثبات الأخير للعالم أنه المسيطر الفعلي على الأرض وأنه لا معنى للحوار أو الملتقى الجامع إلا بالرجوع إليه وتلبية مطالبه، وهو يريد الوصول للعاصمة ولن يتوجه إلى مدينة مصراتة".

وكشف في تصريح لـ"عربي21" أن "هناك تحشيدا من قوات المنطقة العسكرية الوسطى والتي غالبيتها من مدينة "مصراتة" بهدف التوجه إلى "طرابلس" لتأمينها قبل محاولة "حفتر" دخولها، وهم ما قد يغير قواعد اللعبة العسكرية"، حسب كلامه.

التعليقات (0)