صحافة دولية

كيف قرّب الانسحاب الأمريكي المفاجئ الأسد من أكراد سوريا؟

هل يوافق الأكراد على اتفاق مع النظام السوري بشأن منبج السورية؟- جيتي
هل يوافق الأكراد على اتفاق مع النظام السوري بشأن منبج السورية؟- جيتي

نشرت مجلة "فايس" الأمريكية تقريرا سلطت من خلاله الضوء على تحسن العلاقات بين أكراد سوريا والأسد عقب الانسحاب الأمريكي، حيث مثل خداع ترامب للأكراد وخذلانه لهم إنذارا بضرورة لجوئهم لخطة احتياطية، والسعي لكسب ود رئيس النظام السوري.
 
وقالت المجلة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعلن خلال الشهر الماضي عن بداية انسحاب القوات الأمريكية من سوريا.

 

ومنذ حوالي أسبوع، دعا مجلس سوريا الديمقراطية، الحليف الأكثر قوة للولايات المتحدة في الحرب ضد تنظيم الدولة في سوريا الذي يقوده الأكراد، قوات النظام السوري المدعومة من روسيا إلى أراضيها في شمال شرق البلاد، في شراكة لم يكن من الممكن تخيلها.
 
وأضافت المجلة أن الأكراد والأمريكيين يمتلكون تاريخا من التعاون المشترك، حيث كانت الطائرات الأمريكية تقصف مواقع المرتزقة الروس منذ سبعة أشهر فقط، وذلك عندما حاولوا استعادة الآبار النفطية التي يسيطر عليها الأكراد ومساعدة دمشق على السيطرة عليها.

 

وكان قرار انسحاب القوات الأمريكية محل انتقادات لاذعة من طرف مستشاري دونالد ترامب الذين لا زالوا رافضين له.
 
وحيال هذا الشأن، قال السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام إنه يعتزم تحذير الرئيس من تأثير انسحاب القوات الأمريكية على الأكراد، الذي سيجعلهم في صدام مباشر مع تنظيم الدولة والأتراك. ويمكن اعتبار تحالف دمشق مع الأكراد بمثابة غيض من فيض التحولات العديدة وغير المتوقعة على مستوى السلطة والنفوذ.

 

اقرأ أيضا: مصدر خاص بـ"عربي21" ينفي انسحاب "قسد" من منبج

 

ويرى محلل مركز الأمن الأمريكي الجديد للأبحاث، نيكولاس هيراس، أن تركيا وإيران وروسيا سيسعون لبسط نفوذهم في المناطق التي ستغادرها القوات الأمريكية.
 
وذكرت المجلة أن مساعي الدول الأجنبية لبسط نفوذها على أنقاض ومخلفات الأمريكيين قد بدأت بالفعل في مدينة منبج السورية.

 

وزعمت القوات السورية أنها نشرت قواتها في المدينة بناء على طلب من وحدات حماية الشعب الكردية. ولطالما اعتبَر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المدينة التي تبعد عن حدود بلاده مسافة 30 ميلا فقط مصدر قلق كبير، نظرا لأنها تضم الوحدات الكردية التي يعتبرها جماعات إرهابية.
 
وأشارت المجلة إلى أن مدينة منبج السورية ستتحول إلى أهم مناطق الصراع بين الأكراد وأعدائهم الكثيرين، بعد الانسحاب الكلي للقوات الأمريكية من المنطقة. وستمتلك تركيا منفذا إلى المدينة السورية للتصدي لوحدات حماية الشعب المنتشرة على أراضيها، وهو ما دفع القادة الأكراد إلى البحث عن سبيل للنجاة من المواجهات المرتقبة، ويبدو أنهم لم يجدوا غير بشار الأسد منقذا لهم.
 
وفي تصريح لها لمجلة "فايس"، أفادت الممثلة الدبلوماسية لمجلس سوريا الديمقراطية لدى الولايات المتحدة، سنام محمد: "نحن السوريون الآن ولا ندعي أننا منفصلون عن سوريا. لذلك، يجب على النظام الحاكم تحمل مسؤولية حماية سوريا من الغزو والاحتلال التركي".

 

اقرأ أيضا: هل ستشهد منبج احتكاكا بين تركيا وجيش الأسد؟

 

ونقلت المجلة عن المحلل السياسي نيكولاس هيراس قوله، إن الأسد وسوريا يمتلكان مصلحة مشتركة وواضحة لإبقاء تركيا على المحك، كما أن تسليم الأكراد السلطة لنظام الرئيس السوري "المستبد" سيمنحه الانتصار الأخير الذي يحتاجه لترسيخ حكمه داخل البلاد.

 

في المقابل، من شأن فشل هذه المخططات أن يؤدي إلى تدهور الأوضاع في المنطقة ويزيد من احتمال ظهور تنظيم الدولة من جديد.
 
وبينت المجلة أن الأكراد باتوا في وضع لا يحسدون عليه، حيث فشلت مفاوضات السلام مع الأسد خلال الأشهر الأخيرة، وبدأت تتلاشى تطلعاتهم في الاحتفاظ بسيادتهم السياسية في المناطق التي استحوذوا عليها.

 

وفي الوقت الحالي، سيضطر الأكراد لإعادة المفاوضات في ظل تنامي تهديد الغزو التركي في المستقبل القريب، دون وجود دعم أمريكي لتعزيز حظوظهم بالحفاظ على سيادتهم لشمال شرق سوريا.
 
وأفادت المجلة بأن اتباع استراتيجية التفاوض الجديدة قد يكون خيارا مكلفا بعض الشيء، حيث سيضطر الأكراد للتنازل عن بعض المرافق التي حصلوا عليها بصعوبة مثل حقول النفط في دير الزور ومدينتي الرقة وتل أبيض.

 

وفي هذا السياق، نوّه المحلل المتخصص في الشؤون السورية في جامعة أوكلاهوما، جوشوا لانديز، بأن "هناك صفقة يجب القيام بها، إذ تحتاج الحكومة السورية إلى الأكراد لحفظ النظام في الشمال، في حين يحتاج الأكراد إلى نظام بشار الأسد لحمايتهم من الأتراك".
 
وأوضحت المجلة أن الخوف من تكرار سيناريو ربيع 2018 يقود مساعي الأكراد لإتمام هذه المفاوضات، فهم يخشون وقوع اعتداءات بحقهم مثلما حدث في المنطقة الكردية لمحافظة حلب في هجوم عفرين.

 

ويبدو أن مستقبل الأقليات المسيحية والآشورية والسريانية الكبيرة في المنطقة قاتم بعض الشيء. ومن جهتها، قالت سنام محمد إنه في حال عدم تحرك المجتمع الدولي، سيؤدي الصراع في شمال شرق سوريا إلى حدوث وضع كارثي إنساني في مكان يضم ثلاثة ملايين شخص من جميع الأعراق والديانات.
 
وأشارت المجلة إلى أن القيادة العامة للمجلس العسكري السرياني حذرت من أن غزوا مثل هجوم عفرين قد يؤدي إلى انقراض المسيحية في المنطقة.

 

وأورد قائد هذا المجلس أن المسيحيين واليزيديين يواجهون خطر الإبادة، وأن هناك خطرا كبيرا من نهاية الوجود المسيحي في هذه المنطقة في ظل غياب أي طرف قادر على توفير الحماية التي كانت الولايات المتحدة تضطلع بتقديمها.

التعليقات (0)