مقالات مختارة

لهذه الأسباب يهرولون نحو تل أبيب

محمد عايش
1300x600
1300x600

كنَّا في السابق ننتقد العرب بسبب "الهرولة المجانية" نحو تل أبيب، ونحو التطبيع مع إسرائيل، والحقيقة أن هذه "الهرولة" التطبيعية لم تعد مجانية كما كانت في السابق، فقد أصبحت الأنظمة العربية تقبض ثمنا لهذه الهرولة، ويتمثل هذا الثمن في الرضا الأمريكي والإسرائيلي الذي يؤدي إلى البقاء في السلطة مدة زمنية أطول!

يحلو لنتنياهو ووسائل إعلامه الإسرائيلية فضح العرب دوما، وتحويل الزيارات السرية إلى علنية، وتسريب مضامين العلاقات التي تجمع بين تل أبيب والعواصم العربية، ولذلك قال نتنياهو علانية إن "التطبيع متواصل مع العرب دون أي تقدم في العملية السياسية مع الفلسطينيين"، في إشارة واضحة إلى أن القضية الفلسطينية لم تعد عنصرا مؤثرا في السياسة العربية، وأن العرب يريدون القفز على الفلسطينيين من أجل الوصول إلى تل أبيب بأي ثمن.. وهم بذلك ينقضون المبادرة العربية التي طرحوها هم أنفسهم منذ عام 2002 عندما عرضوا تطبيعا جماعيا عربيا مع إسرائيل مقابل تحقيق السلام، وإذا بهم اليوم في 2018 يتسابقون نحو تطبيع جماعي عربي على الرغم من العدوان، ومن دون اكتراث بالسلام ولا بالعملية السياسية في المنطقة برمتها.

لم يعد سرا اليوم أن العديد من العواصم العربية أصبحت تتسابق من أجل التطبيع مع تل أبيب، وأن تطبيعها هذا ليس فيه أي مصلحة للفلسطينيين، ولا أي دعم لصمودهم، بل إن هذه الدول العربية تمارس الضغوط على السلطة الفلسطينية وعلى حركة حماس، وعلى الأردن أيضا؛ من أجل تمرير الرغبات الإسرائيلية والأمريكية.

مشكلة العرب أن الأنظمة التي تحكمهم ليست منتخبة، ولا تعبر عن ضمائرهم، ولذلك فإن هذه الأنظمة تضمن استقرارها وبقاءها في السلطة عبر تقديم فروض الولاء والطاعة لواشنطن وتل أبيب، ما يعني أنها تحصل على شرعيتها وتستمد وقود بقائها على قيد الحياة من الرضا الإسرائيلي، وهنا نفهم كيف ولماذا يتسابقون على تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وأين توجد القضية الفلسطينية في حساباتهم.. إنها على هامش الهامش.

الأنظمة العربية التي كانت قبل عقود قليلة فقط تريد أن ترمي الإسرائيليين في البحر، وكانت تُغرق اللاجئين الفلسطينيين وعودا بالعودة القريبة إلى منازلهم، أصبحت اليوم على استعداد لأن ترمي شعوبها في البحر من أجل إرضاء الإسرائيليين، أما الفلسطينيون على اختلاف تصنيفاتهم (فتح وحماس وسلطة ودحلان) فلم يعودوا يستحوذون على أي أهمية بالنسبة للأنظمة العربية التي تحاول تفتيتهم أكثر من توحيد كلمتهم.

لا تتوقف نتائج الهرولة التطبيعية العربية عند تهميش الفلسطينيين؛ فالأردن ومصر اللذان كانا وسيطين مهمّين لم يعودا كذلك، بل إن كل المعلومات تؤكد أن الأردن يتعرض لضغوط عربية بسبب موقفه من القدس المحتلة، والمفارقة الغريبة هنا أن أمريكا ذاتها لم تقطع مساعداتها عن الأردن بسبب موقفه من القدس، بينما قطعت دول عربية مساعداتها للأردن وتولّت مهمة الضغط عليه في هذا الملف، وهو ما تسبب بأزمته الاقتصادية التي تتفاقم حاليا وتتدحرج ككرة الثلج، حيث اضطرت الدولة الأردنية إلى سن قانون ضريبة قاس لتعويض المساعدات المقطوعة، ما دفع أعداد كبيرة من دافعي الضرائب للنزول إلى الشارع من أجل الاحتجاج.

المنطقة العربية تتغير بسرعة، والتغييرُ أمر طبيعي؛ إذ إنه من سنن الله في الأرض، لكنَّ المؤسف أننا في المئة سنة الأخيرة نتجه من سيئ إلى أسوأ، فقبل سنوات قليلة كنا نعيب على الدول العربية أنها تتفرج على الشعب الفلسطيني وهو يُذبح في بث مباشر على الهواء، بينما اليوم نتمنى على أنظمة العرب أن تقف موقف المتفرج وحسب.. وقبل سنوات قليلة كنا نعيب على الأردن توقيعه اتفاق السلام مع إسرائيل، واليوم نتمنى أن يوقف النظام الرسمي العربي ضغوطه على الأردن في ما يتعلق بقضية فلسطين.

عن صحيفة القدس العربي

1
التعليقات (1)
حرة
الثلاثاء، 18-12-2018 01:40 م
بسم الله الرحمن الرحيم لا انكر ان المقال تعرض للداء واسبابه الا ان اختلافي معه في نقطة واحدة وحيدة وهو حينما جمع كاتبنا الفاضل كل الفصاىل الفلسطينية في سلة واحدة ودحرجها على ساحة المقاومة والجهاد الا ان نهايتها حتما كانت مختلفة ولا اعتقد سيدي ان دحلان وعباس انتهيا حيث انتهىت حماس في الغايات والاهداف.

خبر عاجل