مولر يحقق: شركة إسرائيلية ربما عملت لترامب بأموال إماراتية

كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن المحقق الخاص روبرت مولر يجري تحقيقا في تورط شركة إسرائيلية للتلاعب بمواقع التواصل الاجتماعي لصالح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في حملته الانتخابية عام 2016، وفي احتمالات أن يكون جورج نادر ممثل ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد قد دفع 2 مليون دولار لهذه الشركة لهذا الغرض.

وأضافت الصحيفة في تقرير أعده كل من مارك مازيتي ورونين بيرغمان ودافيد كيركباتريك وماغي هيبرمان، وترجمته "عربي21"، أن المحقق مولر وفريقه الذين يحققون بشأن التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، بدأوا بالتحقيق في ما إذا كانت الشركة الإسرائيلية متورطة أيضا في الحملة الانتخابية لترامب، بعد حصولهم على نسخ من العروض المقدمة من الشركة.

 

إقرأ أيضا: مولر يحقق في اجتماع سعودي إماراتي مع روس وإسرائيليين

 

وتاليا النص الكامل لتقرير الصحيفة كما ترجمته "عربي21":

 

أحد المسؤولين في حملة ترامب طلب من مؤسسة تابعة للمخابرات الإسرائيلية خططا للتلاعب بالرأي العام عبر الإنترنت.

أبدى ريك غيتس، أحد كبار المسؤولين في حملة ترامب، اهتماما بعرض من شركة إسرائيلية للتلاعب بالرأي العام عبر السوشال ميديا في عام 2016 بحسب ما تكشف الوثائق والمقابلات.

ذي نيويورك تايمز

تقرير من إعداد: مارك مازيتي ورونين بيرغمان ودافيد كيركباتريك وماغي هيبرمان

الثامن من أكتوبر 2018

واشنطن– طلب مسؤول كبير في حملة ترامب عروضاً في عام 2016 من شركة إسرائيلية لاستحداث هويات زائفة في الإنترنيت لاستخدامها عبر السوشال ميديا للتلاعب وجمع البيانات بهدف المساعدة في إلحاق الهزيمة بالمرشحين الجمهوريين المنافسين في الانتخابات التمهيدية وكذلك التغلب فيما بعد على هيلاري كلينتون، وذلك بحسب ما ورد في مقابلات أجريت مع أشخاص على اطلاع بالقضية وكذلك بحسب ما ورد في نسخ من العروض المقترحة. 

بدأ اهتمام حملة ترامب بهذا العمل في الوقت الذي كان فيه الروس يصعدون من جهودهم لمساعدة دونالد جيه ترامب. وعلى الرغم من أن مجالات الشركة الإسرائيلية كانت أضيق حيزاً مقارنة لحملة التدخل التي شنتها موسكو، ولا تبدو مرتبطة بها، إلا أن الوثائق تثبت أن أحد كبار مساعدي ترامب رأى فيما تقدمه هذه الشركة فرصة سانحة للقيام بمجهود يهدف إلى ترجيح كفة ترامب لدى جماهير الناخبين. 

اهتم ريك غيتس، المسؤول في الحملة، بشكل رئيسي بأحد العروض التي تمكنه من استخدام شخصيات وهمية لاستهداف وتغيير قناعات خمسة آلاف مندوب شاركوا في المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري لعام 2016 من خلال الهجوم على السيناتور تيد كروز من تكساس، والذي كان المنافس الرئيسي للسيد ترامب في ذلك الوقت. وكان هناك عرض آخر حول أبحاث معارضة وما يسمى "نشاطات استخباراتية استكمالية" حول السيدة كلينتون والأشخاص المقربين منها، وذلك بحسب ما ورد في نسخ من العروض تمكنت صحيفة نيويورك تايمز من الحصول عليها وفي مقابلات أجريت مع أربعة أشخاص شاركوا في إعداد الوثائق. 

وكان هناك عرض ثالث مقدم من شركة اسمها ساي-غروب موظفوها عملاء سابقون في المخابرات الإسرائيلية، يرسم العرض خطة تستمر لعدة شهور لمساعدة السيد ترامب في استخدام السوشال ميديا للمساعدة في الكشف عن الانقسامات والشقاقات بين الحملات والفصائل المنافسة له وتضخيم ما بينها من خلافات. استخدمت العروض، وهي جزء مما أطلقت عليه شركة ساي غروب اسم "مشروع روما"، أسماء رمزية للتعرف على اللاعبين – فكان يرمز إلى السيد ترامب باسم "الأسد" ويرمز إلى السيدة كلينتون باسم "الغابة". أما السيد كروز، الذي كان يخشى المسؤولون في حملة ترامب أن يقود تمرداً ضد الترشيح الجمهوري للرئاسة، فكان يرمز له باسم "الدب". 

لا يوجد دليل يثبت أن حملة ترامب تبنت أياً من العروض ونفذتها، كما أن السيد غيتس في نهاية المطاف لم يبد اهتماماً في ما لدى ساي غروب، بحسب ما أفاد به شخص مطلع على النقاشات التي جرت، وذلك جزئياً لأن مسؤولين آخرين في الحملة تمكنوا من تطوير استراتيجية للتعامل مع السوشال ميديا. يذكر أن مدير ساي غروب، واسمه جويل زامل، كان فعلاً قد التقى في أغسطس / آب من عام 2016 مع الابن البكر للرئيس دونالد ترامب، والذي يحمل نفس اسمه. 

وطبقا لما يقوله أشخاص على معرفة بما جرى في المقابلات، فإن المحققين الذين يعملون مع روبرت إس مولر الثالث، المحامي الخاص الذي يحقق في حملة روسيا لتخريب انتخابات 2016 وفيما إذا كان أحد في فريق ترامب قد تواطأ معهم في ذلك، كانوا قد حصلوا على نسخ من العروض واستجوبوا موظفين في شركة ساي غروب. 

كان السيد غيتس قد سمع لأول مرة عن الشغل الذي تقوم به شركة ساي غروب خلال اجتماع عقد في مارس 2016 داخل فندق ماندرين أورينتال على واجهة واشنطن المائية مع جورج بيرنباو، وهو مستشار جمهوري على علاقات وطيدة بمسؤولين حاليين وسابقين في الحكومة الإسرائيلية. وكان السيد غيتس قد انضم إلى حملة ترامب قبل ذلك بأيام مع بول مانافورت، شريكه في النشاط التجاري منذ مدة طويلة، وذلك سعياً لمنع تمرد المندوبين في المؤتمر الجمهوري وتحولهم من السيد ترامب إلى السيد كروز الذي كان المرشح المفضل داخل أوساط مؤسسة الحزب. 

وطبقاً لما قاله السيد بيرنباوم، عبر غيتس خلال ذلك الاجتماع عن اهتمامه باستخدام نفوذ السوشال ميديا والتلاعب كأداة في الحملة، وذلك سعياً لاستمالة المندوبين في مؤتمر الحزب الجمهوري نحو معسكر السيد ترامب. 

وقال بيرنباوم في مقابلة له: "لقد كان مهتماً في إيجاد التقنية التي تمكنه من تحقيق ما كانوا يبحثون عنه." تم التواصل مع السيد غيتس عبر أحد محاميه ولكنه رفض التعليق على ذلك. إلا أن شخصاً على اطلاع برواية السيد غيتس حول الاجتماع قال إن السيد بيرنباوم هو الذي بادر بإثارة موضوع الاستعانة بشركة خارجية للقيام بحملة السوشال ميديا. 

وكان مكتب المحامي الخاص قد وجه في العام الماضي تهماً متعددة للسيد مانافورت والسيد غيتس تتعلق بالفساد المالي والتهرب من الضريبة. وهذا العام أقر السيد غيتس بذنبه في عدد من التهم الموجهة إليه، وهو الآن يتعاون مع التحقيق الذي يجريه السيد مولر. 

ليس واضحاً ما إذا كانت المقترحات الخاصة بمشروع روما تصف عملاً كان يمكن أن يعتبر منتهكاً للقوانين المنظمة للمشاركة الأجنبية في الانتخابات الأمريكية. يذكر في هذا الصدد أن شركة ساي غروب وظفت مكتباً للمحاماة مقره واشنطن واسمه كوفينغتون أند بيرلنغ لكي يقوم بمراجعة قانونية ويعد تقريراً بشأنها. تم التواصل مع ستيوارت آيزنستات، الدبلوماسي الأمريكي السابق والشريك في مكتب المحاماة والذي ساهم في إعداد المراجعة القانونية، ولكنه رفض التعليق على ما خلص إليه التقرير. 

كما يُذكر أن السيد بيرنباوم  هو أحد موالي آرثر جيه فينكلستين، الناشط السياسي الجمهوري الأسطوري، وكان قد قضى سنوات يعمل مستشاراً لدى عدد من المرشحين في الانتخابات التي كانت تنظم في دول أجنبية. ومعروف أنه ساعد السيد فينكلستين في عام 1996 في صناعة النصر الذي حظي به بنجامين نتنياهو على شمعون بيريز وأصبح بفضله رئيساً لوزراء إسرائيل. 

منذ ذلك الحين والسيد بيرنباوم يعمل على نطاق واسع مستشاراً للحملات التي ينظمها السياسيون الإسرائيليون، وتمكن خلال ذلك من تطوير شبكة من العلاقات مع المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين الحاليين والسابقين. وعمل مستشاراً حول السياسة الخارجية لدى المرشح الرئاسي في انتخابات عام 2016 بن كارسون، جراح الأعصاب الذي يشغل الآن منصب وزير الإسكان والتنمية الحضرية. 

يبدو أن السيد بيرنباوم هو الذي بادر بالاتصال مع السيد غيتس بعد أن طلب عنوان بريده الإلكتروني من إيكارت ساجر، المستشار السياسي الذي عمل مع الرجلين، وذلك بهدف استشارة السيد غيتس حول التقنية التي يمكن أن يستخدمها عملاء كل من السيد غيتس والسيد مانافورت في أوروبا الشرقية. وكان اسم السيد ساجر قد ورد هذا العام في إحدى القضايا التي يعمل عليها فريق السيد مولر، حيث يُزعم بأن السيد مانافورت حاول التأثير على شهادة السيد ساجر أمام المحكمة في القضية التي يرفعها المحامي الخاص ضد السيد مانافورت. 

بعد لقائه داخل الفندق مع السيد غيتس في 2016، عمل السيد بيرنباوم بشكل مباشر مع موظفي شركة ساي غروب على إعادة صياغة المقترحات المقدمة لحملة ترامب، وذلك حسب ما أدلى به أشخاص على اطلاع بتلك المهمة. 

تَعِدُ جميع العروض بالتزام أعلى درجات السرية، بما في ذلك استخدام أسماء رمزية ووثائق محمية بكلمات مشفرة. تعج العروض المقترحة بالألفاظ غير المفهومة والتعبيرات الطنانة، ولكنها ترسم معالم حملة قوية يقوم فيها موظفو شركة ساي غروب بتنفيذ العمل الشاق الخاص بصياغة الرسائل التي يمكن أن تؤثر على المندوبين انطلاقاً من معرفة مسبقة بتكوينهم النفسي والاجتماعي.

ورد في الوثيقة الأولى، والمؤرخة في إبريل 2016، النص على أن الشركة "طلب منها تقديم عرض" من أجل "جمع المعلومات والقيام بخدمات التأثير في القناعات لصالح الحملة". وقد وعدت شركة ساي غروب بأن يقوم "ضباط مخابرات مخضرمون سابقون"  باستخدام مختلف الوسائل لتقييم ميولات ما يقرب من خمسة آلاف مندوب يشاركون في مؤتمر الحزب الجمهوري الذي تناط به مهمة اختيار المرشح الرئاسي. 

بعد جلاء حسابات السوشال ميديا وجميع المعلومات الأخرى المتاحة لإعداد ملف حول نفسية أي مندوب يمكن التأثير عليه لتغيير قناعاته، سوف يستخدم ما يزيد عن أربعين موظفاً من موظفي شركة ساي غروب هويات لمستخدمين مزيفين في السوشال ميديا "تبدو حقيقية" لإمطار ما يقرب من 2500 مستهدف بوابل من الرسائل المصممة خصيصاً والتي يقصد منها استمالتهم لصالح السيد ترامب. 

تتضمن الرسائل المشار إليها توصيفاً "للدوافع المستبطنة والخطط الخفية" للسيد كروز، وقد تبدو كما لو صدرت عن مؤيدين سابقين للسيد كروز أو جاءت من قبل أفراد متنفذين يشتركون مع الأشخاص المستهدفين في نفس الخلفيات والقناعات الفكرية. ويفترض أن يستمر وابل الرسائل لشهور، ويتضمن استخدام الإنترنيت وغيرها من الوسائل بما في ذلك المكالمات الهاتفية. 

كما قالت شركة ساي غروب إنها ستحصل على "معلومات فريدة" من خلال وسائل مختلفة بما في ذلك "المصادر السرية" و "المنصات الأيقونية المصممة خصيصاً". 

وحسبما جاء في المقترح، ستبدو كل مقاربة من هذه المقاربات كما لو كانت حقيقية ولا علاقة مباشرة لها بالحملة. وقيل حينها إن المهمة كانت ستكلف ما يزيد عن ثلاثة ملايين دولار، وذلك أن تنفيذ المهمة كان سيتطلب من شركة ساي غروب مضاعفة حجم العاملين فيها وتوظيف خمسين شخصاً إضافياً – بعضهم مواطنون أمريكيون – وكذلك استئجار مكاتب جديدة، بحسب شهادات أدلى بها موظفون سابقون في الشركة. 

وكان هناك عرض آخر ركز بشكل أساسي على جمع المعلومات عن السيدة كلينتون وعن عشرة من أفراد بطانتها، وذلك مما هو متاح لدى عموم الناس من بيانات بالإضافة إلى ما يمكن الحصول عليه من "نشاطات استخباراتية إضافية" غير محددة المعالم. ووعدت شركة ساي غروب بإعداد ملف حول كل واحد من الأشخاص المستهدفين، بما في ذلك الاستفادة من "أي معلومات استخباراتية يمكن الوصول إليها". 

هناك وثيقة ثالثة تركز على "الرسائل التي تصمم كما لو كانت واردة من طرف ثالث" والموجهة إلى الناخبين في أوساط الأقليات والنساء ممن لم يحسموا موقفهم بعد، وخاصة في الولايات التي كان من المتوقع أن تشهد معارك حامية الوطيس لكسب ود الناخبين. تَعِدُ هذه الوثيقة باختلاق شخصيات وهمية على الإنترنيت ستناط بها مهمة توجيه الرسائل التي تشيد بمكارم السيد ترامب وتسلط الضوء على نقاط الضعف لدى السيدة كلينتون أو تكشف عن الشقاقات والخلافات السائدة في صفوف المعارضة. 

على الرغم من أنه يبدو أن المسؤولين في حملة ترامب لم يقبلوا بأي من هذه العروض، إلا أن السيد زامل سعى لعرض خدمات الشركة على الأقل بشكل عام وذلك أثناء اللقاء الذي جرى في الثالث من أغسطس / آب من عام 2016 داخل برج ترامب وحضره نجل ترامب "دونالد ترامب الصغير". كان ذلك الاجتماع، الذي كشفت نيويورك التايمز النقاب عنه في شهر مايو / أيار، قد حضره أيضاً جورج نادر مبعوث حاكم دولة الإمارات العربية المتحدة وكذلك إريك برنس، أحد كبار المتبرعين للحزب الجمهوري ومؤسس شركة الخدمات الأمنية الخاصة التي كانت تعرف سابقاً باسم "بلاكووتر". 

قال موظفون سابقون في شركة ساي غروب إنه استباقاً للاجتماع الذي جرى في برج ترامب، طلب منهم السيد زامل إعداد نسخة محدثة من المقترح الثالث. إلا أن أحد محامي السيد زامل، واسمه مارك موكاسي، قال إن السيد زامل لم يناقش شخصياً أي مقترح محدد مع دونالد ترامب الصغير أو مع أي شخص آخر داخل حملة ترامب. 

قدم السيد نادر والسيد زامل روايتين مختلفتين بشأن ما إذا كان السيد زامل في نهاية المطاف قد نفذ مهمة السوشال ميديا لمساعدة حملة ترامب ولماذا دفع له السيد نادر مبلغ 2 مليون دولار بعد الانتخابات، وذلك بحسب ما شهد به أشخاص ناقشوا الموضوع مع الرجلين. 

يقول أشخاص على دراية جيدة بهذا الموضوع إن السيد مولر أبدى اهتماماً خاصاً بالسبب من وراء دفع هذا المبلغ. 

ليس واضحاً كيف ومتى بدأ مكتب المحامي الخاص التحقيق في عمل شركة ساي غروب، إلا أن ما هو معروف يقيناً أن عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) أمضوا ساعات وهم يستجوبون موظفي الشركة. وقام محققو المكتب هذا العام بتسليم أمر صادر عن المحكمة إلى الشرطة الإسرائيلية ووزارة العدل الإسرائيلية يخولهم بمصادرة أجهزة كومبيوتر من المكاتب السابقة لشركة ساي غروب والكائنة في بيتاح تيكفا شرقي تل أبيب. 

تخضع الشركة حالياً للتصفية.