كتاب عربي 21

الذكرى الثامنة لرحيل فضل الله: من يستكمل مشروع التجديد؟

قاسم قصير
1300x600
1300x600
في أجواء إحياء الذكرى الثامنة لرحيل العلامة المجدد المرجع السيد محمد حسين فضل الله، أثيرت في بعض اللقاءات الفكرية التي عقدت في بيروت أسئلة عديدة حول مستقبل المشروع التجديدي الذي طرحه السيد فضل الله، وعلاقة هذا المشروع بغيره من مشاريع التجديد الفكري في العالم العربي والإسلامي، والأسباب التي أدت وتؤدي إلى فشل معظم هذه المشاريع، وكيف يمكن الخروج من الدائرة المغلقة التي تعاني منها معظم الدول العربية والإسلامية، وخصوصا في هذه المرحلة الخطيرة وفي ظل انتشار الصراعات المذهبية والقومية والقطرية، ومن الذي يستطيع استكمال مشروع التجديد العربي والإسلامي..

وهذه أبرز الأسئلة والإشكالات التي طرحت في بعض هذه اللقاءات:

أولا: المشروع التجديدي للسيد محمد حسين فضل الله هو امتداد لكل المشاريع التجديدية التي طرحها علماء ومفكرو العالم العربي والإسلامي، منذ العلامة الشيخ محمد عبده والسيد جمال الدين الأفغاني والعلامة النائيني والعلامة السيد محسن الأمين، ومرورا بالإمام حسن البنا والعلامة الطبطبائي والمفكر مالك بن نبي والشهيد محمد باقر الصدر والدكتور علي شريعتي والإمام الخميني والدكتور فتحي يكن والدكتور حسن الترابي والعلامة الشيخ محمد مهدي شمس الدين والعلامة الشيخ فيصل المولوي والعلامة الشيخ يوسف القرضاوي، وغيرهم من قادة الحركة الإسلامية.

ثانيا: التجديد في الفكر الإسلامي حقق العديد من النجاحات في بعض المراحل، وساهم في عودة الإسلام إلى ساحة الحياة وقدّم طروحات عديدة من أجل مواكبة العصر ومعالجة المشكلات المستجدة، لكن المشاريع التجديدية سواء كانت سياسية أو فكرية أو فقهية، تواجه عادة بأصحاب الاتجاهات الجامدة أو التقليدية، مما يؤدي إلى إعاقتها أو تراجعها في بعض الأحيان.

ثالثا: الانتكاسات التي واجهتها الحركات الإسلامية في بعض المحطات الهامة، ولا سيما في العمل التطبيقي للمشروع الإسلامي، أدت إلى بروز أسئلة جديدة حول مستقبل المشروع الإسلامي، وهل لا زال الإسلام قادرا على تقديم حلول جديدة لهذه الإشكالات والأزمات المستجدة.

رابعا: لقد قام المشروع التجديدي على أسس عددة ومنها: الوحدة الإسلامية، ومواجهة الاستعمار أو الاستكبار العالمي، وتبني خيار المقاومة في مواجهة الاحتلال، والعودة للقرآن كأساس ثابت للحكم على كل القضايا والموضوعات والاجتهادات، ومواكبة متغيرات الزمان والمكان والتصالح بين العلم والدين، ورفض الغلو والتطرف والشخصانية والعمل لبناء دولة العدالة والمساواة، والاهتمام بالقيم الأخلاقية والعودة لمقاصد الشريعة، وإن كل من يحمل هذه الأفكار والطروحات من علماء أو مفكرين أو حركات إسلامية يكملون مسيرة التجديد في المشروع الإسلامي.

خامسا: نحن اليوم بحاجة إلى قراءة نقدية شاملة للتجربة الإسلامية بكل تجلياتها، والاعتراف بالأخطاء التي حصلت خلال عملية تطبيق المشروع الإسلامي على الأرض. وإن ابتعاد الحركات الإسلامية عن الروح الوحدوية وعودتها إلى كهوف المذهبية والانغلاق؛ هو السبب الأساس وراء الانتكاسة الحاصلة اليوم في بعض الساحات الإسلامية.

سادسا: لا يمكن الاعتماد اليوم على شخصية محددة أو حركة معينة من أجل استكمال مشروع التجديد الإسلامي، بل نحن بحاجة لعمل جماعي أو مؤسساتي من اجل استكمال هذا المشروع، ولا بد من إعادة التواصل بين مختلف الجهات والحركات والمؤسسات الإسلامية أو القومية لطرح رؤية جديدة قادرة على مواجهة التحديات المختلفة والمستجدة، ولا سيما في السنوات السبع الأخيرة.

وانطلاقا من الحديث الشريف الذي يقول: "يبعث الله على رأس كل مئة عام من يجدد لهذه الأمة أمر دينها"، فإن ما نحتاج إليه اليوم ثورة تجديدية قادرة على مواكبة المتغيرات واستكمال المشروع التجديدي الذي طرحه علماء ومفكرو الأمة خلال الأعوام المئة الماضية. والسيد محمد حسين فضل الله حلقة من حلقات التجديد الفكري والفقهي والسياسي. ونحن بحاجة اليوم لمن يتابع هذه المسيرة ويستكملها؛ لأن الزمن لا يتوقف عند شخصية معينة أو مفكر أو مجدد في مرحلة معينة.
التعليقات (4)
مُواكب
الخميس، 05-07-2018 04:45 م
في أجواء أكثر المثقفين يَصرُّ البعض على أن حزب البعث هو " فكر " هذا الحزب الذي أوصل العراق وسورية إلى الواقع الحالي الذي نعيشه، وقاد البلدين إلى أسوأ ديكتاتوريتين في تاريخ الإنسانية، وما زال هذا الحزب، لدى بعض الناس " فكر " وكذلك الشيعة الذين يقتلون ويُهجرون الناس بالملايين ويتمسكون ببشار أسد ويعملون كجيش مُشاة لزعيم المافيا العالمية، السيد بوتين، ما زال هناك أحد، كل المعلق كلثم، يعتقد أن الشيعة هم مسلمون ! من هو الكافر إذن ؟ لو كان هناك شيعي مُعتدل لتمرد على الشيعة القتلة ولثار ضدهم. بيننا وبينهم الله وهو أحكم الحاكمين.
كلثم
الخميس، 05-07-2018 09:36 ص
الشيعة مسلمون، ونحن أهل السنة لن نتخلى عن مبادئنا الأصلية، حتى يصبح الصوت الشيعي المعتدل صوتا مسموعا ومستقلا عن راية السلفية الشيعية متمثلة في المشروع الشيعي الإيراني مع أدواته خصوصا حزب الله اللبناني.
مُواكب
الخميس، 05-07-2018 12:14 ص
كفى من استعمال كلمة " إسلام " من قبل أجهل الناس بدين الله ! الشيعة هي دين حافظ أسد وبشار أسد، هل هناك شيعي واحد يستطيع إنكار هذه الحقيقة؟ وهل هناك شيعي واحد يستطيع إنكار أنَّهم يُقاتلون أهل السنة تحت رايات الصليب الروسي؟ لا مكان لكم بين المسلمين، ومكانكم في المحاكم فوق الأرض أمام البشر وفي السماء أمام الله.
ناجي
الأربعاء، 04-07-2018 06:09 م
يا أستاذ قاسم، أحيي روحك الوحدوية، ولكنك السبب الأهم لضرب الجهود الوحدوية هو محاربة حزب الله والخط الإيراني لفكر العلامة فضل الله. إن من يوغل في الحرب المذهبية في سوريا، تارة يهب للدفاع عن المراقد المقدسة، وتارة يرفع راية الحسين في حرب داخلية، لهو الجهة الجديرة بالعتب والمساءلة عن سبب ضرب المشروع الوحدوي. إن سنة العراق هم ضحايا النظام العربي الخليجي المتآكل والمتخاذل من جهة، وهم أيضا ضحايا المشروع الطائفي المقيت الذي يريد المالكي فيه الانتقام لقتلة الحسين. لمعري لو عاد الحسين إلينا لقتلهم أجمعين. المشروع الوحدوي للعلامة الكبير الراحل محمد حسين فضل الله لم ينل شرف الرضا في الولي الفقيه ومشروعه الحصري والوحيد في لبنان. وأنت سيد العارفين عن المساجد التي حوصرت، والأفكار التي اغتيلت، والأموال التي أنفقت، والذمم التي بيعت. لقد قابل المشروع الوحدوي للسيد فضل الله مشروعات مماثلة من طوائف اسلامية وشخصيات وحدوية، لكننا يا صديقي في غابة الولي الفقيه حيث البقاء للأقوى لا للأفضل.