صحافة دولية

صحيفة ألمانية: لماذا تعتبر حماية البيانات موضوع العصر؟

أصبحت الشركات المتوسطة والجمعيات، وحتى العيادات الطبية، تخشى تنفيذ قانون حماية البيانات - أرشيفية
أصبحت الشركات المتوسطة والجمعيات، وحتى العيادات الطبية، تخشى تنفيذ قانون حماية البيانات - أرشيفية

نشرت صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" الألمانية مقال رأي للكاتب الألماني، فولفغانغ يانيش، تحدث فيه عن حماية البيانات من خلال قانون حماية البيانات الخاص بالاتحاد الأوروبي الذي سيساعد المستخدمين على التحكم في بياناتهم وحمايتها من سوء استغلال بعض الشركات.

وقال الكاتب، في مقاله الذي ترجمته "عربي21"، إن أوروبا نجحت أخيرا في سن قانون موحد، بعد الفشل الذي مُنيت به في التعامل مع أزمة اللاجئين وتآكل دولة القانون.

في هذا الإطار، أصبحت الشركات المتوسطة والجمعيات، وحتى العيادات الطبية، تخشى تنفيذ قانون حماية البيانات، بالنظر إلى التحذيرات والغرامات التي ينص عليها. في المقابل، تحوم المخاوف حول وقوف هذا القانون وراء تصاعد البيروقراطية.

وأفاد الكاتب أن حماية البيانات أصبحت موضوع العصر لأنها لا تتعلق بالبيانات فحسب، وإنما بحماية كل شيء، بداية من العادات والأفكار، ووصولا إلى منع تتبع آثار عمليات الشراء عبر الإنترنت، والاطلاع على الدردشات التي تمدّ الشركات بتنبؤات حول سلوك المستخدم. وقد أعطت المعرفة الشاملة الحق لهذه الشركات في التلاعب بالمستخدم، إذ تشاركه قرارات الشراء، وكذلك قرار اختيار مرشحه، حيث تمثل فضيحة كامبريدج أناليتيكا أفضل دليل على ذلك.

 

اقرأ أيضامدير فيسبوك مارك زاكربرغ أمام البرلمان الأوروبي الثلاثاء

وأورد الكاتب أن الاتحاد الأوروبي استطاع أن يحتل مكانا في تنظيم العالم الرقمي، ومواكبة التطور السريع لهذا المجال. فبغض النظر عن أن بعض بنود القانون في حاجة إلى مناقشة، إلا أن أوروبا تعتبر أول من وضع نهجا لإحكام السيطرة على استغلال البيانات. وقد كانت أوروبا طرفا في النزاع حول اختراق البيانات مع الولايات المتحدة، واستطاعت أخيرا أن تدلو بدلوها في هذا الأمر وفقا لمعاييرها الخاصة.

وأوضح الكاتب أن هذا القانون لا يعد بمثابة اختراع جديد، حيث تم اشتقاق أغلب بنوده من قوانين سابقة، بالإضافة إلى القوانين الألمانية في هذا المجال. لذلك، ليس من المستغرب أن يحتوي القانون على بنود تخلو من الصلابة. مع ذلك، لا شك في أنه سيساعد المستخدمين على التحكم بصورة أكبر في بياناتهم، مع منحهم الحق كاملا في الإفصاح عن بياناتهم كاملة أو إلغاء الحق تماما أو الإفصاح عن القليل منها فقط.

وأضاف الكاتب أن العالم الرقمي أصبح جزءا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، وأصبحنا واقعين تحت سيطرته، على الرغم من دعواتنا المستمرة للحفاظ على "استقلاليتنا". وفي الوقت الراهن، يستخدم الجميع الأجهزة الذكية وشبكات الاتصالات باستمرار، وطالما أن استخدامها لا يكلف أموالا، فذلك يشعر المستخدم براحة نفسية كبيرة. من جانبها، تحاول الشركات إبقاء الأمر على هذا النحو، من أجل استغلال المستخدمين البسطاء. ولكن، في حال كان المستخدم ملما بما يحدث، فسيتجنب سوء الاستغلال.

وبيّن الكاتب أن إحدى ركائز القانون الجديد تتمثل في تنوير المستخدم، ووضعه في مركز قوة للسيطرة على بياناته. أما بالنسبة لتلك الشركات، فقد أصبحت مهددة بعقوبات تتراوح بين 20 مليون يورو إلى 4 بالمئة من أرباحها، وهو ما أدى إلى خوف العديد من الشركات الصغرى من العقوبات المرتفعة.

وأشار الكاتب إلى أن السلطات لم تبدأ بعد في استخدام سلاح العقوبات، وأحد أهم الأمور التي ستدفع الشركات للقبول بالقانون الجديد هو مدى اعتداله. وعموما، دائما ما يجب أن تكون العقوبة مناسبة للوضع المالي والاقتصادي للشركة أو للأشخاص المتورطين. وحتى قبل إصدار القانون، تجاهلت العديد من الشركات حماية البيانات، لأن القوانين القديمة لم تكن تُطبّق على النحو الأمثل.

 

اقرأ أيضاكيف سيحمي الاتحاد الأوروبي الأطفال من مواقع التواصل؟

ويعتبر قانون حماية البيانات الألماني لسنة 1977، واحدا من القوانين القليلة في هذا المجال، الذي اقترحه بيتر شار. بناء على ذلك، نحن نتحدث عن العودة لتطبيق القانون وليس عن قانون جديد. وعند هذه النقطة، يبرز دور الدولة وسلطاتها كلاعب أساسي في حماية البيانات، حتى يتم تنفيذ القانون بصورة صحيحة.

وأورد الكاتب أن الشركات، التي تجني العديد من الأموال من خلال استغلال البيانات، تدّعي أن بيانات المستخدمين محمية، وأن سنّ قانون حماية لبيانات المستخدم كان بسبب ضغوطات مارستها مجموعات معينة. وفي الحقيقة، تُمكّن إعادة تطبيق قانون حماية البيانات في أوروبا الدول غير المتقدمة تكنولوجياً من السيطرة على العالم الرقمي فيها، وإخضاع مجموعات فاعلة للقانون.

وتابع الكاتب أن هذه التجربة تعد بمثابة مواجهة حاسمة بين التنظيم الحكومي لشؤون الدولة وقوتها الاقتصادية، خاصة في ظل اقتصاد حر لا يخضع للقوانين. ولا يعتمد نجاح التجربة على وجود لوائح جديدة فحسب، وإنما على تنفيذها كذلك. بالتالي، يجب أن تكون سلطة تنفيذ القانون الجديد ممولة ومجهزة بصورة كافية.

وفي الختام، قال الكاتب إن الدول يجب أن تتعاون فيما بينها على عدة أصعدة، فقانون حماية البيانات، بالإضافة إلى قانون مكافحة الاحتكار سيمثلان أسس تحجيم الشركات العملاقة، على غرار فيسبوك. نتيجة لذلك، يعد القانون خطوة أولى على طريق طويل، لم نصل حتى الآن إلى منتصفه.

 

اقرأ أيضاكيف استخدمت شركة بريطانية بيانات 50 مليون حساب "فيسبوك"؟

التعليقات (0)