بورتريه

العالول.. "خيار عباس" الوريث من "الحرس القديم" (بورتريه)

العالول بورتريه
العالول بورتريه

اسمه لم يكن من بين قائمة الأسماء الكبيرة ذات الصيت المدوي المرشحة لخلافة محمود عباس.

محللون يقولون إن "ضعفه" ومحدودية تأثيره على مكانه عباس، رفعت من فرصه ليكون من بين "الورثة" المقربين من "أبو مازن".

ينتمي إلى الحرس القديم في القيادة الفلسطينية وفي حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، فهو كان رفيقا لياسر عرفات وخليل الوزير "أبو جهاد". 

ويتوقع خبراء أن يواصل سياسات سلفه عباس ذاتها دون أي تغيير يذكر.

يعرف محمود العالول، المولود في نابلس في عام 1950، باسم "أبو جهاد" أيضا، وهو حاصل على شهادة البكالوريوس في الجغرافيا من الجامعة العربية في بيروت.

انتمى العالول إلى حركة " فتح" في فترة مبكرة من حياته، واعتقل في عام 1967 بسبب نشاطاته ضد الاحتلال الإسرائيلي، وقضى نحو ثلاث سنوات في سجون الاحتلال الذي أبعده إلى الأردن في عام 1970.

عين مسؤولا في قسم القطاع الغربي في عمّان، وهي مؤسسة تابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية كانت تشرف على العمليات الفدائية ضد الاحتلال الإسرائيلي وتقوم بتمويل أفراد ومؤسسات فلسطينية في الضفة الغربية والقدس المحتلة وغزة.

وعمل في تلك الفترة تحت امرة الوزير الذي اغتيل في تونس من عملاء لـ"الموساد " الإسرائيلي في عام 1988.

وكُلف العالول برئاسة مكتب حركات التحرر في العالم، وهو مكتب كان دوره تعزيز علاقات الثورة الفلسطينية بالحركات التحريرية العالمية.

في 1973، قرر الاستقرار في لبنان، وتؤكد مصادر إعلامية فلسطينية أن العالول تولى قيادة "الوحدة الخاصة" التي أسرت في عام 1983 ثمانية جنود إسرائيليين، شكلوا ورقة رابحة لـ"فتح" التي تمكنت من تحرير 600 معتقل فلسطيني من سجون الاحتلال مقابل إطلاق سراحهم.

بعد خروج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان إلى تونس، واصل العالول العمل عن قرب مع الوزير، وشملت مهام العالول، من بين أمور أخرى، إنشاء قواعد تدريب لمقاتلي "فتح" في عدد من الدول العربية.

بعد اغتيال الوزير عين العالول رئيسا للجنة الأراضي المحتلة، التي كانت مكلفة بتوفير المساعدات المالية والعسكرية للفلسطينيين خلال الانتفاضة الأولى، التي اندلعت في عام 1987.

 

عودته للضفة

واعترضت سلطات الاحتلال بداية على عودة العالول إلى الضفة الغربية مع قيادة السلطة الفلسطينية، بعد التوقيع على اتفاقية أوسلو في عام 1993، بسبب دوره في "الأعمال العدائية" ضدها، لكنها ما لبثت أن غيرت  رأيها في وقت لاحق وسمحت بعودته.

واستشهد ابنه البكر "جهاد" عام 2000 خلال مواجهات مع الاحتلال بعيد اندلاع انتفاضة الأقصى.

في عام 1995، عين العالول محافظا لمدينة نابلس، أكبر المدن الفلسطينية في الضفة الغربية، لينتخب بعدها عضوا في اللجنة المركزية لـ" فتح" بفضل علاقته القريبة والودية مع "أبو مازن".

كما انتخب عضوا في المجلس التشريعي الفلسطيني في مناطق اكتسحتها حركة "حماس"، وعين وزيرا للعمل في حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية عام 2007 بالتشارك مع "حماس".

 

تصدره لقائمة الورثة

وسيتصدر العالول قائمة "الورثة" بعد أن اختارته اللجنة المركزية لـ" فتح" نائبا لرئيس الحركة محمود عباس في أذار/ مارس الجاري.

ولم يعين محمود عباس طوال سنواته الرئاسية التي امتدت على 12 عاما نائبا له، لكن التعب والمرض والضغط النفسي، وحتى لا تحدث مفاجآت أو صدمات من العيار الثقيل، ولتفويت الفرصة من أمام رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني عزيز الدويك (من حركة حماس) ليصبح الرئيس المقبل بموجب القانون الفلسطيني في حال غياب عباس.

من أجل ذلك وأشياء أخرى بقيت مستترة في ذهن "أبو مازن" لجأ عباس إلى تعيين العالول نائبا له، ليكون عمليا في منصب رئيس السلطة الفلسطينية، في حال وفاة عباس أو عدم قدرته على أداء منصبه ، وحتى موعد إجراء انتخابات جديدة.

وطرحت في السنوات الأخيرة، أسماء عدة لقياديين كثر في حركة "فتح" لتولي منصب عباس أو شغل منصب نائب الرئيس، وكان مروان البرغوثي الأبرز من بين تلك الأسماء، ورغم سجنه، تجنب عباس تعيينه نائبا له خشية من شعبيته.

ومن بين الأسماء المطروحة، ماجد فرج، رئيس جهاز المخابرات العامة القريب جدا من "أبو مازن"، والمقبول أمريكيا وإسرائيليا، وصاحب سجل طويل في ملاحقة المقاومين، وهناك أقاويل أنه أقام مؤخرا حلفا مع العالول لحسم معركة الخلافة القادمة.

وهناك أيضا المتربص والمتوثب جبريل الرجوب الذي اختير في موقع أمين سر اللجنة المركزية لـ"فتح" وهو يحظى بدعم جهاز الأمن الوقائي بالضفة الغربية.

ومن بين الأسماء أيضا عضو اللجنة المركزية لـ"فتح" حسين الشيخ المقرب من الرجوب الذي يحظى بعلاقات وثيقة مع الجنرال يوآف مردخاي منسق شؤون المناطق الفلسطينية في الحكومة الإسرائيلية.

إلى جانب كبير المفاوضين صائب عريقات.

وأخيرا يتقدم محمد دحلان، القيادي المفصول من "فتح" ويحظى بدعم الرباعية العربية، الأردن ومصر والسعودية والإمارات، ولديه دعم كبير في غزة، ويمتلك مجموعات مسلحة في مخيمات اللاجئين بلبنان والضفة الغربية، لكن بقاءه خارج الأراضي الفلسطينية يشكل عامل ضعف له.

 

"العصبة"


الصحافة الإسرائيلية تطلق على "ورثة "عباس "العصبة"، وتقول إن "العصبة" لا تزال "تفضل التسوية مع إسرائيل على دولة ثنائية القومية"، وتؤكد أن "هذه العصبة ستحذر بشكل كبير من التوجه إلى انتخابات فلسطينية، ترفع حماس إلى الحكم في الضفة أيضا".

الصحافة الإسرائيلية تعتبر العالول من "الصقور" في كل ما يتعلق بـ"إسرائيل"، وتتهمه بأنه "يشجع الفلسطينيين على تنفيذ عمليات والإضرار بالجنود الإسرائيليين"، وهو "ناشط في النضال لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية"، و"يعمل على منع نقل السفارة الأمريكية في إسرائيل إلى القدس ".

وفي الأسبوع الماضي، تحدثت تقارير عن أن عباس قال لأعضاء المجلس الثوري لـ"فتح" بأن العالول هو مرشحه المفضل لخلافته رئيسا للحركة، ويُعد المجلس ثاني أهم هيئة لصنع القرار بعد اللجنة المركزية لـ"فتح".

وأوضحت مصادر أن أحد الأسباب لتفضيل عباس، للعالول عن مرشحين آخرين، هي أنه يشاطر "أبو مازن"  استرتيجيته التي تدعو إلى الالتزام بـ"المقاومة الشعبية" وليس "الكفاح المسلح" ضد الاحتلال.

وكثيرا ما أعرب العالول عن آراء مماثلة لتلك التي يحملها عباس، فهو يعارض، القيادي في " فتح" محمد دحلان، الذي يعيش حاليا في في الإمارات العربية المتحدة، ويرفض أي دور له في "فتح" وفي السلطة.

ومثل عباس، يعتقد العالول أيضا بأن الولايات المتحدة لم تعد مؤهلة للعب "دور وسيط نزيه في أي عملية سلمية بين الفلسطينيين والإسرائيليين". 

ونُقل عن العالول قوله إن "الولايات المتحدة شريكة مع إسرائيل في انتهاك الحقوق الفلسطينية والاعتداءات على الشعب الفلسطيني".

ويعد العالول أن "أوسلو انتهت، وانتهى كل شيء مع هذا الاحتلال، ولم يبق من أوسلو إلا الاسم".

بتعيين العالول يكون عباس قد أغلق الباب أمام  دحلان، لكن محللين يقولون إن الوقت لا يزال مبكرا لحسم المسألة و الكشف عن "وريث " عباس صاحب الفرصة الأكبر.

ولا يستبعد أستاذ العلوم السياسية عبد الستار قاسم، أن " تمارس الولايات المتحدة الأمريكية الآن ضغطا ماليا وسياسيا ودبلوماسيا على السلطة لإجبارها على العودة لمسار التسوية والقبول بمدينة القدس عاصمة لإسرائيل".

ويتوقع قاسم أن تقوم واشنطن من خلال حلفائها في المنطقة بالإطاحة بكل قيادات السلطة بمن فيهم عباس.

ويقول خبراء في الشأن الفلسطيني إن عملية الإطاحة برئيس السلطة يجري التحضير لها منذ سنوات، وقد يكون السيناريو مشابها لما جرى مع ياسر عرفات في عام 2005. 

كما أن تنفيذ هذا السيناريو لا يحتاج سوى لتهيئة الرأي العام الفلسطيني لقبول الرئيس المقبل، بالإضافة لقياس مدى التزام الرئيس القادم بـ"الرؤية الأمريكية والإسرائيلية للسلام".

وبحسب ما ذهب إليه محللون، فإن عباس لا يريد نهاية تشبه نهاية "أبو عمار" ، وهو يدرك أنه لن يستطيع الموافقة على ما يسمى" صفقة القرن" بصيغتها الحالية، لذلك يبدو خيار تعيين نائب له من الحلقة الضيقة خيار الضرورة الذي لا بد منه، وفي أحسن الأحوال لا بأس بـ" وريث" يتوافق عليه مع القوى الإقليمية.

التعليقات (0)