صحافة دولية

أنجلوس تايمز: لماذا تدعم السعودية بلدا دمرته بالمليارات؟

أنجلوس تايمز: الخبراء في حقوق الإنسان يشككون في الدوافع خلف مبادرة المملكة- أ ف ب
أنجلوس تايمز: الخبراء في حقوق الإنسان يشككون في الدوافع خلف مبادرة المملكة- أ ف ب

نشرت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" تقريرا للصحافية آن سايمونز، تقول فيه إن السعودية قامت بمبادرة استدعت المديح والسخرية في آن واحد.

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن السعودية أعلنت يوم الاثنين عن نيتها تقديم 1.5 مليار دولار لليمن، كمساعدات إنسانية بعد ثلاث سنوات من الحرب التي دمرت البنية التحتية للبلد، وخربت اقتصاده، وتسببت بالجوع والمرض على نطاق واسع. 

وتكشف سايمونز عن أنه سيتم التبرع بالمال للأمم المتحدة، حيث يمثل المبلغ نصف الذي ورد في النداء الإنساني الصادر عن الأمم المتحدة، والبالغ 2.96 مليار دولار، مشيرة إلى أن هذا يعد أكبر نداء إنساني لليمن، الذي يعاني مما وصفته الأمم المتحدة بـ"أسوأ أزمة إنسانية من فعل الإنسان في وقتنا الحاضر". 

وتلفت الصحيفة إلى أن الصراع هو بين القوات الموالية للحكومة، التي يدعمها تحالف من 9 أعضاء تقوده السعودية، ضد الحوثيين الشيعة الذين تدعمهم إيران، مشيرة إلى أن هذه الحرب تسببت بمقتل ما يقدر بـ10 آلاف شخص، بالإضافة إلى تشريد مليوني شخص آخرين.

 

ويورد التقرير نقلا عن بيان من التحالف، قوله إن رزمة المساعدات تهدف إلى سد حاجات اليمنيين في المحافظات جميعها، من خلال تحسين توصيل المساعدات الإنسانية، بما في ذلك الأغذية والإمدادات الطبية والسلع التجارية، مشيرا إلى أنه سيتم توزيع المبلغ على وكالات الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة.

 

وتفيد الكاتبة بأن التحالف وعد بمبلغ 40 مليون دولار لتوسيع قدرة المرافئ اليمنية لاستقبال المزيد من الشحنات، و30 مليون دولار لتحسين الطرق، لافتة إلى أن السعودية أعلنت الأسبوع الماضي بأنها تبرعت بمبلغ ملياري دولار للبنك المركزي اليمني؛ لتشجيع الاستقرار الاقتصادي، وتحسين مستوى الحياة لليمنيين، بحسب ما ورد في البيان.


وتذكر الصحيفة أن التحالف وعد بإرسال طائرات تجارية كل يوم، تحمل المساعدات من جيزان في السعودية لمناطق سيطرة التحالف في محافظة مأرب، وإنشاء 17 "ممرا آمنا .. لضمان النقل البري للمساعدات للمنظمات غير الحكومية التي تعمل داخل اليمن"، بحسب البيان.

وينوه التقرير إلى أن الأمم المتحدة تقدر بأن أكثر من 22 مليون شخص يحتاجون المساعدات الإنسانية، ومن هؤلاء حوالي 8 ملايين شارفوا على المجاعة، بالإضافة إلى أن هناك حوالي 1.8 مليون طفل تحت سن الخامسة من العمر يعانون من سوء التغذية الحاد، كما أن الكوليرا منتشرة على نطاق واسع. 

 

وتقول سايمونز إن الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، امتدح "الجهود السعودية لتخفيف المعاناة" عن شعبه، بحسب بيان صادر عن التحالف، مستدركة بأن بعض المحللين والخبراء في حقوق الإنسان يشككون في الدوافع خلف مبادرة المملكة، حيث سماها البعض "فرقعة إعلامية"، في الوقت الذي قال فيه آخرون إنها محاولة لإسكات الانتقادات لتصرفات التحالف خلال الحرب، وتحويل الرواية المحيطة بالصراع لصالحه.

وتبين الصحيفة أن التحالف يتهم بقتل المدنيين في القصف العشوائي الذي دمر البنية التحتية لليمن، بما في ذلك الطرقات ومرافق تنقية المياه والمصانع والمدارس والمستشفيات، واتهم مراقبو حقوق الإنسان التحالف بمنع وصول المساعدات ومصادرتها، منوهة إلى أنه ينضم إلى السعودية في التحالف كل من مصر والأردن والكويت والبحرين وقطر والسودان والمغرب والإمارات، "أما أمريكا فإنها لا تشارك في التحالف إلا أنها انتقدت لبيع السلاح للسعودية".

وينقل التقرير عن كبير المحللين العسكريين في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات أليكساندر غتوسكي، قوله: "مع تقدم التحالف ضد الحوثيين فإنه يزيد غضب المدافعين عن حقوق الإنسان.. ولا يستطيع التحالف إنتاج رواية حول المسائل الاستراتيجية الموجودة على المحك -حرية الملاحة، والنفوذ الإيراني الإقليمي المؤذي، والتهديد المستمر من تنظيم القاعدة- في الوقت الذي تسيطر فيه الأزمة الإنسانية على التغطية الصحافية لليمن".

وتورد الكاتبة نقلا عن الباحثة في الشأن اليمني لدى "هيومان رايتس ووتش" كرستين بكرلي، قولها بأنه من المهم ألا يتم التقليل من شأن الأخطاء التي وقع فيها التحالف بسبب تبرع المملكة.

 

وتضيف بكرلي: "رأيتم خلال الصراع أعضاء في التحالف، وبالذات السعودية، يستخدمون نفوذهم المادي في جهود مختلفة لمحاولة التغطية على انتهاكات خطيرة وحقيقية يقوم بها التحالف في اليمن.. وما يقلقني هو أن تكون هذه المبادرة السخية، مع أنها مهمة لدعم العمل الإنساني، ليست إظهارا لنوايا حسنة بأنه سيكون هناك تغير في الطريقة التي تعمل فيها السعودية في اليمن".

وتتابع بكرلي قائلة إن السعودية في الماضي استخدمت التهديد بقطع المساعدات للأمم المتحدة ودول أخرى، في محاولة منها لتجنب التدقيق فيما تفعل، حيث نشرت تقارير العام الماضي حول حذف اسم السعودية من "قائمة العار" التي تنشرها الأمم المتحدة للانتهاكات الإنسانية ضد الأطفال اليمنيين، بعد أن هددت السعودية بالامتناع عن دفع ملايين الدولارات التي تدعم برامج إنسانية مختلفة للأمم المتحدة.

وتقول بكرلي: "يمكن الاحتفاء بتمويل الأعمال الإنسانية وفي الوقت ذاته جعل الأمور واضحة جدا، وهو أن ذلك لا يمنح ترخيصا بارتكاب الانتهاكات التي تفاقم أو تؤدي إلى أزمات إنسانية يهدف ذلك التمويل لمعالجتها".  

وتفيد الصحيفة بأن المحللين يعترفون بأن التحالف ليس الجاني الوحيد في صراع اليمن، بل إن الحوثيين قاموا بارتكاب انتهاكات، مشيرة إلى أنه في بيان صدر عن التحالف عزا سفير المملكة في اليمن محمد سعيد الجابر "التراجع السائد في الأمن الغذائي والمائي لإعاقة (الحوثيين) للمساعدات الإنسانية، ورفضهم لحل سياسي".

وينقل التقرير عن الزميلة الباحثة في معهد "أمريكان إنتربرايز"، وهو معهد فكري في واشنطن، كاثرين زمرمان، قولها إن السعوديين يحاولون "فرض كيفية إيصال المساعدات على الأرض"، فمثلا تريد المملكة جعل جيزان هي المركز الرئيسي لتشرف على الإمدادات الواردة كلها.

وتضيف زمرمان: "الفكرة هي إن كانت المساعدات الإنسانية قادمة من خلال السعودية إلى مواقع التوزيع الأخرى حتى يتمكن التحالف من حصار المرافئ الأخرى في اليمن، ولا ينتقد لمنع وصول المساعدات الإنسانية".

وتبين سايمونز أن الخطة السعودية في اليمن تحول المركز الرئيسي من ميناء الحديدة، الذي كانت تدخل منه معظم المواد الغذائية المستوردة، والذي يقع تحت سيطرة الحوثيين، إلى مدينة مأرب، التي تقع تحت سيطرة التحالف "وهي أقل مركزية بصفتها نقطة توزيع"، بحسب زمرمان.

وترى زمرمان أن ذلك "سيؤدي إلى تسييس المساعدات في اليمن"؛ لأن السعوديين سينقلون مراكز المساعدات إلى الأماكن التي تتوفر فيها شبكات موالية للتحالف، وفق التقرير.

 

وتختم "لوس أنجلوس تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول زمرمان: "بنقل موارد المساعدات فإنهم يأملون في الحصول على دعم المجتمعات المحلية، الذين يحاولون الحصول على دعمهم.. إن السعوديين يشترون الدعم المحلي والدولي عن طريق معالجة وضع إنساني كارثي أدوا دورا في خلقه".

التعليقات (0)