اقتصاد دولي

مستقبل غامض ينتظر شركات الطيران الأوروبية بعد إفلاس "مونارك"

فيي السنوات الثلاث الماضية تم إنقاذ مونارك من الانهيار مرتين- أرشيفية
فيي السنوات الثلاث الماضية تم إنقاذ مونارك من الانهيار مرتين- أرشيفية
استيقظ أكثر من 750 ألف شخص، الاثنين الماضي، ليجدوا أنفسهم أمام ما يخشى منه كل شخص يقضي عطلة في الخارج، إذ تم إلغاء رحلاتهم بعد أن انهارت شركة الطيران التي كانوا يستخدمونها.

وكانت "مونارك"، وهي خامس أكبر شركة طيران في المملكة المتحدة، قد دخلت تحت الإدارة القضائية في الساعات الأولى من الصباح بعد أن فشلت المجموعة في العثور على مشتر في اللحظة الأخيرة لأعمالها.

وفي اليوم نفسه، أطلقت حكومة المملكة المتحدة "أكبر عملية إعادة إلى الوطن على الإطلاق في زمن السلم"، وبدأت رحلات جوية إلى الوطن للدفعة الأولى من 110 آلاف شخص تقطعت بهم السبل في الخارج - وهي عملية من المتوقع أن تستغرق أسبوعين. لكن ما يقدر بـ750 ألفا من عملاء مونارك ألغيت رحلاتهم المستقبلية.

انهيار مونارك يسلط الضوء على الكيفية التي أصبحت عليها السوق الأوروبية لرحلات الطيران القصيرة. وهو ثالث انهيار لشركة طيران أوروبية خلال ستة أشهر، بعدما تقدمت كل من "إير برلين و"أليطاليا" بطلب لإعلان إفلاسها هذا الصيف، عقب معاناة ومنافسة شديدة من الشركات المتنافسة.

ومع أن السوق الأوروبية للنقل كانت تنافسية للغاية على مدى العقدين الماضيين، في الوقت الذي زادت فيه شركات الطيران الاقتصادي من حصتها السوقية، إلا أن انخفاض أسعار الوقود ساهم في زيادة حدة المنافسة في السنوات الأخيرة.

يقول جوناثان ووبر، محلل الطيران في مركز كابا للطيران: "حافظت بعض شركات الطيران على استمراريتها لفترة أطول مما كان يمكن أن تفعل، ووضع بعضها مزيدا من القدرة التشغيلية نتيجة رخص الوقود".

شركات تستهلك حصصها

ويضيف: "لكن هناك آلية تصحيح ذاتي هنا، وفرة القدرة تؤدي إلى انخفاض إيرادات الوحدات، والشركات التي لا تملك قاعدة تكلفة للبقاء على قيد الحياة تعاني فعلا في نهاية المطاف وتختفي". ويتابع: "الأمر يحتاج إلى هذا الوضع للتخلص من الجزء غير الفعال في القطاع".

تتمثل إحدى المشاكل الحرجة في استهلاك شركات الطيران الاقتصادي لحصتها في السوق على مدى السنوات الـ30 الماضية، في الوقت الذي كانت تركز فيه بقوة على الأسعار الرخيصة. في أوروبا، شهد هذا شركات مثل "ريانير" و"إيزي جيت" وهي تنتزع حصصا من سوق النقل لمسافات قصيرة. 

وقبل 15 عاما فقط، كان لشركات الطيران الاقتصادي ما يزيد قليلا على 9 في المائة من حصة السوق في أوروبا. وهي توفر اليوم أكثر من 40 في المائة من طاقة شركات الطيران المجدولة في أوروبا الغربية.

وأدى هذا إلى تغيير جذري في السوق، مع قيام شركات الطيران التي تقدم الخدمات الكاملة بتقليد كثير من الممارسات التي أدخلت بنجاح من قبل الناقلات منخفضة التكلفة. وتحول معظم شركات النقل إلى تقديم أسعار للمقعد فقط، وفرض رسوم على الأمتعة وغيرها من الخدمات.

ونتيجة لذلك، أصبح من الصعب كثيرا التمييز بين عروض الخدمات المقدمة من شركة طيران اقتصادي وأخرى تقليدية لأن السوق كانت تركز على السعر.

معارك في إسبانيا

وشهدت إسبانيا واحدة من أعنف المعارك في السوق. كان الطاقة الفائضة في البلاد أحد الأسباب الرئيسية لتخلى مونارك عن كفاحها بعد عجزها عن المنافسة مع انخفاض الأسعار المعروضة.

وتشكل السوق الإسبانية، جنبا إلى جنب مع البرتغالية، نحو 80 في المائة من أعمالها بعد أن اضطرت إلى تقليص الرحلات الجوية إلى مصر وتركيا وتونس، حيث عانت السياحة بعد هجمات إرهابية.

وتظهر بيانات OAG، وهي شركة بيانات خاصة بالسفر الجوي، أن إسبانيا شهدت إضافة نحو 16 مليون مقعد إلى السوق خلال العامين الماضيين، نتيجة لزيادة شركات النقل في جميع أنحاء أوروبا طاقتها هناك بعد إخلاء الأسواق ذات المخاطر العالية. وكان العام الرئيسي هو 2016 الذي سجل نموا سنويا بلغ 14 في المائة. وبحسب جون غرانت، من OAG: "بالنسبة لسوق ناضجة هذا مستوى غير مسبوق تقريبا من الزيادة".

ومن المرجح أن تجذب طاقة شركات الطيران المعتلة اهتمام منافسيها. وجميع شركات الطيران التي دخلت إجراءات الإعسار هذا العام – مونارك وإير برلين وأليطاليا - بينها شيء واحد مشترك: أنها كانت تعاني منذ سنوات. وقد شهدت انخفاض حصتها مع انتقال المزيد من الطاقة المنخفضة التكلفة إلى السوق.

محاولات إنقاذ

وفي السنوات الثلاث الماضية تم إنقاذ مونارك من الانهيار مرتين من خلال حقن مالي في حالات الطوارئ من مجموعة جريبول كابيتال الاستثمارية ـ مقرها لندن ـ التي اشترت شركة الطيران في عام 2014 – قبل ساعتين من الإعسار. وفي السنة المنتهية في تشرين الأول/ أكتوبر 2016 أبلغت مونارك عن خسارة بلغت 291 مليون جنيه، مقارنة بأرباح وصلت إلى 27 مليون جنيه في عام 2015.

وتعرضت شركة إير برلين الألمانية لضغوط لفترة من الوقت بعد ارتفاع خسائرها إلى ملياري يورو على مدى السنوات الست الماضية، وصافي الدين إلى 1.2 مليار يورو. وقد عانت من أجل المنافسة مع ناقلات منخفضة التكلفة وحاولت عدة نماذج أعمال مختلفة على مر السنين.

في الوقت نفسه، لا يمكن أن تتنافس قاعدة أليطاليا مرتفعة التكلفة ببساطة مع الانتشار المتزايد للناقلات منخفضة التكلفة في السوق الأوروبية القصيرة والمتوسطة. وعانى الناقل الإيطالي من أجل تحقيق أرباح صافية للعام بأكمله على مدى أكثر من عشر سنوات.
التعليقات (0)

خبر عاجل