مقابلات

محسن عبد الحميد: موقف "علماء المسلمين" أضاع السنة بالعراق

تناول السياسي الإسلامي أساس مأساة السنة في  العراق- صفحته على فيسبوك
تناول السياسي الإسلامي أساس مأساة السنة في العراق- صفحته على فيسبوك
* موقف هيئة علماء المسلمين برفض الانخراط بالعملية السياسية أضاع أهل السنة بالعراق

* حذرنا من خطورة الانعزال عن صدارة المشهد السياسي على تقسيم العراق مستقبلا

* رفضت أن أسلم على الرئيس الأمريكي في البيت الأبيض الذي احتل بلادنا وقتل شعبنا

* الإخوان قاموا بمراجعات عدة وغيروا اسمهم إلى تيار العدل والإحسان

أكد القيادي الإسلامي العراقي، محسن عبد الحميد، أن الموقف الذي اتخذه الشيخ حارث الضاري برفض المشاركة في العملية السياسية، "كلف أهل السنة الكثير، حيث أخرجهم من المعادلة وتسبب في ضياعهم الذي يعانون منه اليوم"، مشيرا إلى أن هذا "تسبب في تهميشهم تماما وإخراجهم من قيادة المشهد الفاعل بالعراق فيما بعد".

من جهة أخرى، قال عبد الحميد، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، إن جماعة الإخوان في العراق قامت بمراجعات كثيرة، ومن ذلك تغيير اسمها، "وتقدمت للحصول على ترخيص رسمي باسم تيار العدل والإحسان منذ بضعة أشهر".

وأشار عبد الحميد إلى أنه رفض مقابلة الرئيس الأمريكي في عام 2004 "عندما زرنا واشنطن من أجل إرجاع ممثلية العراق في الأمم المتحدة، وأبلغت رئيس ذلك الشهر عدنان الباججي أنني لا أستطيع أن أسلم على من احتل بلادنا وقتل شعبنا ولن أزور البيت الأبيض".

والدكتور محسن عبد الحميد هو من مواليد مدينة كركوك سنة 1937م، ودرس الابتدائية والمتوسطة في مدينة السليمانية، والإعدادية في مدينة كركوك. وتخرج في قسم اللغة العربية من دار المعلمين العالية "كلية التربية حاليا" في بغداد عام 1959م. اعتقل عام 1966م في بغداد مع أعضاء قيادة الحزب الإسلامي العراقي، ثم أطلق سراحه. وأثناء إقامته في القاهرة، اعتقل لمدة 55 يوما إثر سوء العلاقة بين العراق ومصر آنذاك.

وكان له نشاط بارز في الدعوة والإرشاد وتأليف الكتب المنوعة، وقد أودع السجن في حكم الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، ثم أطلق سراحه بعد تدخل شخصيات إسلامية وعربية. وبالرغم من ذلك لم يغادر العراق، بل كان يقول قولته المشهورة: "والله لو وضعوا المشنقة في باب داري لن أغادر العراق".

وإلى نص الحوار:

حرصنا على وحدة العراق

* ما هي قصة مشاركتكم في مجلس الحكم الانتقالي في العراق عقب احتلال العراق في 2003؟

- عندما احتل العراق سنة 2003 درسنا الوضع في قيادة الحركة الإخوان المسلمين وواجهتها السياسية الحزب الإسلامي العراقي؛ فوجدنا أن وضع العراق المعقد يومئذ يحتاج منا إلى موقف إيجابي حكيم من أجل الحفاظ على وحدة العراق وعدم تفتيت نسيجه الاجتماعي، بعد أن أدركنا أننا كحزب سياسي علني لا بد أن يشترك في العملية السياسية؛ من أجل أن يأخذ أهل السنة مكانهم في مستقبل العراق، واعتمدنا في موقفنا على الأدلة الشرعية كاملة. وكنا نعتقد أن مقاومة المحتل الأمريكي بدون أن يشترك في ذلك الشيعة والكرد سيلحق ضررا بالغا في مستقبل وحدة الشعب العراقي، وسيهمش أهل السنة في المستقبل إذا لم يعوا ذلك بعد أن همشوا أنفسهم. ومع الأسف الشديد هذا الذي حصل.

* كيف تعاطيتم مع سيل الاتهامات التي لاحقتكم آنذاك بوضع يدكم بيد الأمريكان؟

- لم نصدر فتوى بحرمة المقاومة؛ لأننا لم نجد لنا الحق في ذلك، وبينّا لهم وبينا لإخوتهم في المقاومة الشرعية أن يكونوا هم على ثغر وأن يتركونا على ثغر، ولكنهم لم يقتنعوا بذلك وبدأوا بتخويننا واتهامنا بشتى أنواع الاتهامات. وبطلب من عدد من رؤساء المقاومة آنذاك، اجتمعت بهم، وبيّنت لهم الخطورة في انفرادهم الضيق في مثلث معروف، وأقنعتهم بالأدلة الشرعية على صحة موقفنا، ولكنهم أصروا على ما كانوا عليه.

موقف الهيئة أضاع حقوق السنة

* ما حقيقة ما يقال من أن فتاوى ومواقف "هيئة علماء المسلمين" في العراق آنذاك هي من ضيعت أهل السنة في العراق؟

- النتائج النهائية التي انتهى إليها أهل السنة في العراق تثبت ذلك بصورة قطعية. لقد نصحناهم، ولا سيما المرحوم الشيخ حارث الضاري، ولكن لم يُفد. وتدريجيا ابتعد الكثير ممن شعروا بأن هذا الموقف سُيردي بأهل السنة إلى الهلاك. سامحهم الله.. وسامحنا إذا كنا مخطئين في اجتهادنا.

* هل كان موقفكم سلبيا أمام الاحتلال؟

- إن موقفنا كان واضحا للقاصي والداني في داخل العراق وخارجه، كما أن تصريحاتنا لفضائيات العالم وأجهزة اعلامنا آنذاك واضحةٌ لمن يريد أن يصل إلى الحقيقة؛ بأن مقاومتنا السياسية للاحتلال كانت قوية وموجعة للأمريكان، الأمر الذي دفع للهجوم الدائم من الأجهزة الأمنية التابعة للاحتلال على مقراتنا الحزبية، ليقوموا أخيرا بمداهمة بيتي واعتقالي واعتقال أبنائي في يوم 30 أيار/ مايو 2005. ولولا أن جميع الكتل السياسية هددت بالمظاهرات العارمة ردا على اعتقالي وأبنائي؛ لكنت بقيت مدة طويلة داخل المعتقل. ومن جهة أُخرى، عندما ذهبت مع ترويكة الرؤساء في مجلس الحكم العراقي إلى نيويورك لإرجاع ممثلية الأمم المتحدة إلى بغداد؛ رفضت زيارة الرئيس الأمريكي في مكتبه البيضاوي ولم أزر البيت الأبيض ضمن الوفد.

* لماذا.. هل أنت من رفض الذهاب للقاء الرئيس الأمريكي، أم أنهم لم يوجهوا لك الدعوة؟

- بالطبع أنا الذي رفضت مقابلته، وقلت لرئيس ذلك الشهر، الدكتور عدنان الباججي: "كيف أزور الرئيس الأمريكي وأسلم عليه علنا؛ وهو من احتل بلادي وقتل شعبي؟ هل أبارك له جرائمه في حقنا؟! لن أذهب معكم".

البعثيون ودورهم

* ما حقيقة الدور البعثي في إبعاد السنة عن المشاركة في العملية السياسية؟

- كان موقف البعثيين أساسيا في إعاقة توجه أهل السنة العرب في العراق نحو الدخول في العملية السياسية، وكأنه كان مرتبا من خلال حملات التحريض لهم بالابتعاد عن التعامل مع المحتل، في الوقت الذي ينفرد فيه بقية المكونات بملء الفراغ الذي يتركه أهل السن، وإصرار البعثيين على مواصلة تخوين السنة المنخرطين في العملية السياسية دون استهداف غيرهم من المكونات الأخرى؛ الأمر ترتب عليه ضياع حقوق أهل السنة في العراق وخروجهم تدريجيا من المشهد السياسي، كما هو واضح الآن، وكأن لسان حال البعثيين آنذاك يجسد المقولة التي تقول: "إذا مِتُ ظمآنا فلا نزل القطر أو المثل المصري: "علي وعلى أعدائي".

* تمت دعوتكم من قبل الرئاسة المصرية في 2004، فهل تواصلتم مع قيادة الإخوان بالقاهرة آنذاك؟

- طلبت في زيارتي الرسمية التي استضافتني فيها الحكومة المصرية بزيارة مكتب الإرشاد وبلقاء فضيلة المرشد العام الأستاذ محمد مهدي عاكف آنذاك - رحمة الله عليه - عام 2004، ولكنهم لم يدرجوا هذا الطلب في جدول الزيارة، وهو ما يعني أنهم رفضوا ذلك، حيث أنني كانت تحيط بي أجهزة المخابرات والرئاسة المصرية خلال الزيارة. ولكنني قمت بزيارة مكتب الإرشاد بعد بضع سنوات. فأثناء زيارتي لابني وأولاده في القاهرة في عام 2011، بعد اندلاع الثورة المصرية المباركة بشهور، التقيت بالمرشدين في زيارتي لمكتب الإرشاد بضاحية المقطم؛ وهما الاستاذ محمد مهدي عاكف المرشد السابق، والدكتور محمد بديع فك الله أسره، وجرت بيننا نقاشات حول العديد من القضايا التي تتعلق بالوضع آنذاك.

الربيع العربي

*على ذكر الربيع العربي.. كيف تراه اليوم؟

- الربيع العربي كان هبّة صادقة من الشعوب العربية المظلومة.. هبة بعد معاناة عقود من حكم العسكر الغاشم المستبد.. من الحكم الشمولي الإرهابي الظالم. ولكن، وبكل أسف، تداعت ضد هذا الربيع العربي كل قوى الظلام بأموالها وتآمرها، ووقوف الصهيونية والطاغوت الغربي وراءها، واستطاع كل هؤلاء أن يقضوا على تلك الثورات، ولكن إلى حين إن شاء الله. علينا أن ندرك أن الحركة التي غرزوها في قلوب المظلومين لن تموت، وستنبت في فجر قريب إن شاء الله لتزيح من طريقها الظلم والظالمين.

* ما رايكم في تصدر الإخوان المسلمين المشهد في مصر بعد ثورة 2011؟

- لا أشك أن الشعب المصري يعرف جماعة الإخوان المسلمين جيدا، ويعرف تضحياتها خلال عقود من الزمن في سبيل إرجاع عزة الشعب المصري التي داسها طغاة العسكر. فأراد الإخوان أن ينفذوا مناهجهم في سبيل إنقاذ الشعب المصري من الفقر والجوع والمرض والجهل والذلة، وكانوا حسني الظن بأنهم يستطيعون بقوتهم أن يعملوا تدريجيا على تنفيذ مبادئهم، ولم يعلموا أن الدولة العميقة في داخل مصر والمتآمرين خارج مصر، من بعض دول البترودولار وقوى الصليبية والصهيونية العالمية، سيوحدون جهودهم في سبيل وأد هذه التجربة الأولية البسيطة. ولو كان الإخوان إرهابيين وعندهم نوايا سيئة؛ لقاموا بتسليح مئات الألوف من شبابهم من أول يوم، ولكن نظرية الإخوان المعلنة دائما في سبيل الحفاظ على أمن المسلمين في كل مكان هي: "أن نستشهد مظلومين خير لنا من أن نكون ظالمين نخوض في دماء الناس".

* ما هو مصير جماعة الإخوان اليوم في العراق؟

- جماعة الإخوان المسلمين في العراق لم يعودوا موجودين اليوم بنفس الاسم، ولكنهم بعد أن راجعوا أوضاعهم وأخطاءهم؛ غيّروا اسمهم، واختاروا اسما جديدا هو "تيار العدل والإحسان"، وتقدموا بطلب رسمي إلى الحكومة العراقية المركزية للحصول على ترخيص بالعمل العلني. وأظنهم حصلوا على الموافقة ونحن نتحدث الآن؛ إذ أنهم تقدموا بذلك قبل بضعة أشهر.

* كيف ترى إمكانية انتهاء الأزمة الخليجية في الأمد المنظور؟

- إن بقاء هذه الأزمة بين دول الخليج بدون حسم سريع حتى اليوم سيلحق بدول المنطقة جميعا، بما فيهم دول الخليج ضررا مستقبليا بالغا. وأدعوا دول الخليج أن يعالجوا هذا الحلاف بالحكمة، والاستماع لصوت العقل، وإبعاد التأثيرات المغرضة لتأجيج القضية حتى تعود وحدة دول التعاون الخليجي للتصدي لأعدائهم.

التعليقات (6)
أسامة محمد احمد
الأربعاء، 11-10-2017 10:46 ص
للاسف الدكتور محسن لم يكن موقفا في ما طرحه.
مسلم من العراق
الأربعاء، 11-10-2017 06:17 ص
لايستطيع هو ولا غيره من اعضاء وقيادات هذا الحزب انكار ما صرح به عمار الحكيم من علاقة انشاء حزبهم "الاسلامي" بمرجعية النجف منذ الستينيات. كما ان هذا الحزب "قد ركب قطار التغيير في العراق "الذي حركته بريطانيا وامريكا منذ نهاية الثمانينات. ان هذا الحزب المشبوه في انشاءه وميوله واهدافه قد فقد كل شيئ كان يستند عليه لذر الرماد في عيون السنة الذين كان يستهدفهم، وما تغيير اسمه الا. كالافعى التي تغير جلدها، فانصحهم ان يكفوا عن الاعيبهم المفضوحة ويكونوا واضحين في كل شيئ.
أربيلي
الثلاثاء، 10-10-2017 07:55 م
بورك لك علمك وإحساسك المرهف الصادق ورؤيتك الصائبة للأمور وجودك في قولة الحق ولو كانت على حساب وضعك وظروفك ... الكلام صادق ونحتاج الى توثيق عادل لمرحلتنا التأريخية هذه ، وأن تؤخذ الأقوال من فم العدول أمثالكم .. حفظ الله الأمة ومكن الاخوان وكتب لنا ابناء الامة في هذا العصل سهام النهوض بالاسلام وتمكين شرع الله ... أمتنا لن تموت وأمثالكم دلائل حياتها ...
حاتم الضاري
الثلاثاء، 10-10-2017 01:21 م
في الحقيقة كلام الاستاذ محسن عبد الحميد يحتاج الى تعقيب وخصوصا حين رمى بفشل اجتهادهم الى ملعب الشيخ حارث الضاري وحمله تبعات ماجرى للسنة في العراق وهذا ظلم كبير اوقعه الدكتور محسن عبد الحميد. وسنذكر لعض النقاط التوضيحية ليعلم القارئ الكريم حيثيات الموضوع ومن يتحمل المسؤولية تجاه ماحدث للعراق وبخاصة السنة منهم. 1. نص مؤتمر لندن الذي جمع اقطاب المعارضة بما فيهم الحزب الاسلامي العراقي على ان نسبة السنة العرب لا تتجاوز 17? . ووافق الحزب الاسلامي العراقي غلى هذا. 2. تشكل مجلس الحكم العراقي من 25 عضوا السنة منهم خمسة فقط. 3. اتفقت القيادات السنية العراقية على رفض الدستور الطائفي وبما فيهم الحزب الاسلامي لكن في ليلة التصويت وبعد وعود من زلماي خليل لطارق الهاشمي انحرفت بوصلة الحزب الاسلامي العراقي من رفض الدستور الى تأييده وبالتالي شق الحزب الاسلامي العراقي رفقاء دكتور محسن عبد الحميد وحدة صف السنة واصابهم بمقتل لان هذا الدستور هو الذي شرع للقوى الطائفية كل مالحق بالعراق عموما وبالسنة خصوصا ماجرى ويجري حتى يومنا هذا. 4. شارك السنة في انتخابات عام 2005 ثم 2010 ثم 2014 ولم يحققوا سوى النسبة المتفق عليها في مؤتمر لندن. 5. فشل الحزب الاسلامي العراقي أن يحمي ويدافع عن قاعدته السنية لأنه رضي بالنسبة الهامشية المتفق عليها لقاء بعض المناصب وبعض الامتيازات لاعضائه. واخيرا سيدي الكريم شيخ حارث رحمه الله امتنع ان يشارك في هذه العملية السياسية ويكون شاهد زور على مايحدث للعراق ولاهل السنة فنسبة العشرين بالمئة لن تقدم شيئا او تؤخره وهي سبب دمار العراق ولازالت الا الان العملية السياسية هي مصدر ازمات العراق ومايحدث بين الحكومة والاقليم الا شاهد على خطورة هذه العملية التي حملت شيخ حارث مسؤولية عدم المشاركة بها
مالك علي
الثلاثاء، 10-10-2017 12:42 م
اراها وجهة نظر ساذجة جداً. الشيعة الذين أخرجوا الغالبية السنية من الحكم و قتلوا ابناءهم و سحلوهم، لا يمكن تخيلهم أبداً و هم يتنافسون معهم ديموقراطياً بعد ذلك. ما أخذ بالسلاح فلا يرجع الا بالسلاح، و قد أحسن الشيخ حارث الضاري اذ لم يقبل ان يكون أداة لتحسين صورة مجرمي الشيعة.