ملفات وتقارير

كيف غدر السيسي بحلفائه وصدّر اليأس للمصريين في 4 سنوات؟

باحث سياسي: نظر كثير من المصريين إلى السيسي على أنه المنقذ فاكتشفوا أنهم كانوا مخدوعين- ا ف ب
باحث سياسي: نظر كثير من المصريين إلى السيسي على أنه المنقذ فاكتشفوا أنهم كانوا مخدوعين- ا ف ب
كيف نجح قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي في الإطاحة بكل حلفائه الذين أحاطوا به عند إلقائه بيان الانقلاب يوم 3 تموز/ يوليو 2013؟ ولماذا أصبح الإحباط واليأس يسيطران على المصريين ويجهضان الاحتجاجات الشعبية؛ بعد أن كانوا قبل سنوات قليلة متفائلين بمستقبل أفضل لبلادهم؟

أسئلة كثيرة تفرض نفسها مع حلول الذكرى الرابعة للانقلاب، والتي تشهد تدهورا للأوضاع في كافة المجالات بالبلاد، حتى إن مؤلف أغنية "بشرة خير" التي كتبت إبان التصويت على دستور 2014 لإرسال رسالة للمصريين بأن أوضاعهم المعيشية ستتحسن كثيرا تحت حكم السيسي؛ اعترف مؤخرا بأن مصر أصبحت في حالة ميؤوس منها.

ضيوف "شرف"

كان السيسي حريصا على أن يحشد تأييد القوى السياسية ومؤسسات الدولة في مواجهة جماعة الإخوان المسلمين قبل أن يعلن الإطاحة بالرئيس محمد مرسي، وعندما ألقى بيان الانقلاب كان حاضرا في المشهد قادة القوات المسلحة، وشيخ الأزهر، وبابا الأقباط، ورئيس مجلس القضاء الأعلى، وممثلون عن جبهة الإنقاذ وحزب النور السلفي وحركة تمرد، بالإضافة إلى مئات الرموز والشخصيات السياسية التي أيدت الانقلاب، وشاركت في التمهيد له.

لكن الذكرى الرابعة للانقلاب حلت، وقد غدر السيسي برموز الانقلاب إلا قليلا منهم، بحسب مراقبين أكدوا أن السيسي بعد أن استعان بكثير من هذه الشخصيات في الشهور التالية للانقلاب، ومنحهم مناصب في الدولة؛ سرعان ما أطاح بهم واحدا تلو الآخر حتى انفرد بالسلطة تماما.

وطوال تلك السنوات الأربع؛ تغيرت مواقف الغالبية العظمى من رموز مؤيدي الانقلاب، فأصبح بعضهم معارضا للسيسي، أو توترت علاقتهم به، كالأزهر والقضاة والإعلام والأقباط والأحزاب والقوى السياسية المدنية، أو اعتزل بعضهم الآخر السياسية، بينما تعرضت أعداد كبيرة منهم للملاحقة الأمنية أو الاعتقال.

تراجع الاحتجاجات

وشهدت الفترة الأخيرة تراجعا واضحا في الاحتجاجات الشعبية، حتى إن أحداثا جساما وقرارات صعبة، كتسليم تيران وصنافير للسعودية، أو رفع أسعار الوقود لعدة مرات متتالية؛ مرت بهدوء دون أن تمتلئ الشوراع بالمتظاهرين كما كان متوقعا.

وبحسب مراقبين؛ فإن الشعور العام بالإحباط واليأس من تحسن الأحوال البائسة التي يعيشها المصريون، بالإضافة إلى القبضة الأمنية المشددة، هي السبب في عزوف الشارع المصري عن التظاهر، حتى إن مؤلف أغنية "بشرة خير" الشهيرة، أيمن بهجت قمر، وصف مصر عبر "فيسبوك" بأنها "هوبليس كيس" أي حالة ميؤوس منها.

الإحباط سيد الموقف 

وفي قراءة للمشهد السياسي الحالي في مصر؛ قال أستاذ العلوم السياسية محمد السيد، إن "الأوضاع السياسية الآن تغيرت بشكل كبير"، مشيرا إلى أن جميع الذين دعموا "خارطة الطريق" التي أعلنتها القوات المسلحة "لم يعد لهم أي دور يذكر".

وأضاف لـ"عربي21" أن "السلفيين لا يسمع لهم صوت، بينما يتعرض الأزهر للهجوم من النظام، فضلا عن اعتقال كثير من شباب القوى المدنية التي شاركت في مشهد 3 تموز/ يوليو، مثل حركة 6 إبريل وغيرها"، مشيرا إلى أن "العسكر لا يثقون إلا في أنفسهم فقط، وهذا ما اتبعه السيسي لاحقا مع المشاركين في الإطاحة بالإخوان".

وأكد السيد أن "الإحباط أصبح سيد الموقف، وهناك حالة عامة من فقدان الأمل عند الناس؛ لأن كل مواطن يقول في قرارة نفسه إن مصر شهدت ثورتين، ومع ذلك لم يحدث أي تغيير إيجابي، بل إن الأوضاع زادت سوءا"، لافتا إلى أن "المصريين لا يرضون عن الوضع الحالي، لكنهم في الوقت ذاته لا يعترضون بسبب الخوف من بطش الأجهزة الأمنية".

المصريون عرفوا أن السيسي خدعهم

من جانبه؛ قال الباحث السياسي جمال مرعي، إن "السيسي اتخذ العديد من الإجراءات للتخلص من شركاء 3 تموز/ يوليو، منها تجريف الحياة السياسية، وإصدار قانون التظاهر، وإطلاق يد الأمن لقمع المعارضين، ما جعل القوى المدنية تبتعد عن النظام، وتنضم لتيار المعارضة".

وأضاف لـ"عربي21" أن "تدهور الأوضاع في مصر، وخاصة ارتفاع الأسعار الذي ضرب قضية العدالة الاجتماعية في مقتل، والتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير؛ أكد أن السيسي ينفرد بالقرارات في كل المجالات دون الرجوع للشعب".

وأشار إلى أنه "كان من الواضح أن السيسي يسير عكس خارطة الطريق التي أعلنها يوم 3 تموز/ يوليو، منذ الإطاحة بالبرادعي الذي تم تخوينه وتشويهه لأنه رفض فض اعتصام رابعة، ونتيجة لذلك انقلب في النهاية على كل شركائه".

وأكد مرعي أن "الشارع المصري الآن مصاب بالإحباط الشديد بعد أن شعر بأنه خُدع في السيسي والجيش"، لافتا إلى أن "المصريين كانوا ينظرون للسيسي على أنه المنقذ حينما قدم لهم نفسه كمرشح الرئاسة، ووعدهم بتحسين أحوالهم المعيشية، لكنهم اكتشفوا الآن أنه أسوأ بكثير من الإخوان، الأمر الذي أصاب الناس بفقدان الثقة في أي دعوة جديدة للتغيير".
التعليقات (0)