يحز في نفسي أن أقارن بموقف السويد التي أدانت وزيرة خارجيتها التطرف الإسرائيلي، أو البرازيل التي رفضت سفيرا إسرائيليا من قادة المستوطنين، أو البرلمان الأوروبي الذي رفض الاعتراف بالمستوطنات ومنتجاتها، أو حملة المقاطعة الأكاديمية لإسرائيل ونجاحاتها في الولايات المتحدة وأوروبا وكندا.
أزمة العدالة في مصر أكبر بكثير مما نتصور، إذ لم يعد الأمر مقصورا على تراجع ثقة المصريين في القضاء أو العبث بالقانون، أو حتى التصريحات الصادمة لوزير العدل وتدخلات السياسة والأمن في الأحكام.
قررت محكمة النقض إلغاء الحكم بإعدام 149 شخصا ودعت إلى محاكمتهم أمام دائرة جنائية أخرى، وكان ذلك رابع حكم تلغيه المحكمة لنفس القاضي. في قضية أخرى اكتشفت المحكمة أن ثمة تلاعبا في تشكيل هيئة المحكمة بحيث حضر جلسة النطق بالحكم قاضيان غير اللذين سمعا المرافعة ولم يوقعا على المسودة.
تحولت الأنفاق الفلسطينية إلى فزاعة تلاحق الإسرائيليين في الصحو وكابوسا لا يفارقهم في المنام. وإذ ظل الهمس يدور حول الموضوع في أروقة السلطة وقيادة الجيش الإسرائيليين منذ العدوان على غزة عام 2014، فإنه ظهر إلى العلن في الأسبوع الماضي.
ثمة لغط يبعث على الحيرة والقلق في شأن العلاقات المصرية الإسرائيلية، التي تشير قرائن عدة إلى أنها باتت تحتاج إلى تحرير يوضح خطوطها الصفراء والحمراء. ولست أخفي أن تلك الحيرة انتابتني حين صوتت مصر لأول مرة في تاريخها لصالح ضم إسرائيل لعضوية إحدى لجان الأمم المتحدة.
في الصباح قام أمناء الشرطة بضرب وسب وسحل اثنين من أطباء مستشفى المطرية بالقاهرة، فقاما بتحرير محضر ضد المعتدين. وفي المساء تنازلا عن المحضر. وكتب أحدهما على صفحته قائلا: إنه وزميله حاولا الدفاع عن كرامتهما كأطباء.
حين تصبح ثورة 25 يناير موضوعا خلافيا في مصر، فذلك يعني أن ثمة خللا فادحا في الإدراك وتغليطا جسيما في قراءة التاريخ، وازدراء مدهشا لحركة الجماهير وانتفاضة المجتمع.
أدعو إلى التعامل مع الرأي العام بقدر من الحذر والاحترام، ليس في مصر وحدها ولكن أيضا في العالم العربي كله، ذلك أنني ألاحظ أن بعض القرارات التي تصدر تعبر عن الاستهانة بالإدراك العام وسوء الظن بوعي الناس وذكائهم.
إن القوى المؤثرة في البرلمان، التي تهيمن على الأغلبية فيه تمثل الإدارة السياسية بأكثر مما تمثل المجتمع. من ثَمَّ فأداؤها يصلح لتقييم موقف ورؤية أجهزة السلطة بأكثر ما يعول عليه في الحكم على المجتمع. لذلك أزعم بأن إلغاء تسميته بأنه مجلس الشعب كان قرارا صائبا وموفقا.
السمة المميزة للصراعات الراهنة في منطقتنا تتمثل في تأجيج الخلافات والتجاذبات بين الأشقاء، والتهدئة والمهادنة مع الخصوم والأعداء. فالتصعيد حاصل بين السعودية وإيران.. والاحتشاد الذي انضمت إليه الجامعة العربية مستمر إلى جانب الرياض ضد طهران.
نلوم مَن على ما يجري؟ اللص الذي سطا على الدار ونهب محتوياتها، أم كبير العائلة وأصحاب الدار الذين فتحوا له الأبواب طائعين؟ المشكلة في الإجابة أن البعض ما غدا يعتبره لصا، حتى أفهمنا أنه من الجيران المعتدلين، ومحب لأهل السنة المخلصين!.
أما وقد هيمن العقل الأمني فليتنا نوسع الدائرة كي نرى استحقاقات الدفاع عن الأمن القومي من منظوره الكلي، الذي تقنعنا شواهده بأن المسؤولية فيه أكبر بكثير من أن ينهض بها رجال الأمن وحدهم.
استغربت أن تتواجد في العالم العربي هيئة رسمية تراقب أداء وسائل الإعلام وتدقق في عدالة موقفها إزاء مختلف التجمعات والتيارات في البلد، بحيث يكون للمعارضة الحضور الذي تستحقه جنبا إلى جنب مع السلطة وأحزاب الأغلبية التي تحكم.
ما حدث في انتخابات اتحاد طلاب الجامعات المصرية لا يدهشنا فحسب وإنما يقدم لنا أيضا نموذجا لابد أن يقلقنا على مستقبل الديمقراطية في مصر، فضلا عن مستقبل الأجيال الجديدة.