صحافة دولية

لوموند: روسيا تستعد لما بعد حلب

أرسلت روسيا وحدات شيشانية لحراسة قاعدة حميميم - أرشيفية
نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا؛ تحدثت فيه عن إرسال روسيا فرقة عسكرية شيشانية خاصة إلى سوريا، لتقوم بمهام حراسة قاعدة حميميم الجوية العسكرية الروسية، الواقعة قرب اللاذقية الساحلية.

وأضافت الصحيفة، في تقرير ترجمته "عربي21"؛ أن روسيا بدأت تستعد مبكرا لما بعد حلب، إذ ظهر مؤخرا فيديو مسجل بتاريخ يوم 6 كانون الأول/ ديسمبر في موقع إلكتروني تابع لوزارة الدفاع الروسية، وتداولته فيما بعد وسائل الإعلام، يظهر فيه عشرات الجنود المدججين بالسلاح وهم يستعدون للقيام بعملية إنزال جوي في القاعدة العسكرية الروسية الواقعة شرق العاصمة الشيشانية، غروزني.

وأكدت الصحيفة أن الفيديو احتوى على حوار بين جنديين يتكلمان اللغة الشيشانية، سأل خلاله الأول صديقه قائلا: "ما الذي تفعله، هل تستعد للرحيل؟ فأجابه: نعم، لقد قررت الذهاب". وتجدر الإشارة إلى أن هذين الجنديين ينتميان إلى الكتيبتين الشرقية والغربية التابعتين للقاعدة العسكرية الروسية شرق غروزني. 

وفي هذا السياق، قال المستشرق ليونيد إيساييف، الأستاذ المحاضر في الجامعة القومية للبحوث في مدرسة الاقتصاد العليا  بموسكو، إن "الشيشانيين هم مسلمون سنة، ما من شأنه أن يسهل عليهم التواصل مع السكان في سوريا".
 
وأضاف إيساييف أن هناك كتيبة كاملة من المتطوعين الشيشانيين الذين يقاتلون إلى جانب بشار الأسد، وقد عرفوا بحلق لحاهم لكي يسهل التمييز بين أولئك الذين يقاتلون في صف النظام، والذين يقاتلون مع تنظيم الدولة في الأراضي السورية.

وأشارت الصحيفة إلى أنه تم تأسيس كتيبتي "الشرق" و"الغرب" الخاصتين، ضمن الجيش الروسي، سنة 2003، حيث شاركتا في حرب الأيام الخمسة، التي دارت بين روسيا وجورجيا، في آب/ أغسطس من سنة 2008.

وأكدت الصحيفة أن إرسال هذه الفرقة المسلحة الخاصة إلى سوريا، جاء على إثر مقتل طبيبتين عسكريتين في الجيش الروسي خلال قصف تعرض له مستشفى في أحد الأحياء الغربية لمدينة حلب، أعقبه وفاة المستشار العسكري الروسي، روسلان غالتسكي، متأثرا بجراحه. وبعد هذه التطورات، أعلن فلاديمير دجاباروف، عضو مجلس الشيوخ الروسي، عن موافقة المجلس على إرسال تعزيزات عسكرية.

وبيّنت الصحيفة أنه لا يبدو أن الهاجس الأمني هو الهدف الوحيد من إرسال هذه المجموعات الشيشانية، إذ إن التواجد العسكري الشيشاني، تحت قيادة روسية، في الأراضي السورية يخفي رسائل ضمنية ورمزية بيّنها السفير الروسي لدى الولايات المتحدة، سيرغي كيسلياك. 

وقد انتشرت صورة لسيرغي كيسلياك، على حسابه الخاص على "تويتر"، وهو يحمل صورا توضح الدمار الذي لحق بالعاصمة الشيشانية، غروزني، بعد القصف الروسي سنة 2000. كما انتشرت أيضا صور أخرى تبرز إعادة إعمار المدينة من جديد، وتقارن بين مدينة حلب وحالة عاصمة الشيشان خلال وبعد القصف الروسي لها، معتبرا أن غروزني تحولت لاحقا إلى مدينة متطورة ويعم فيها السلام.

وقالت الصحيفة إن روسيا تبدو عازمة على المضي قدما لإنهاء أي تواجد للمعارضة في مدينة حلب، خاصة بعد وصول حاملة طائرات "الأميرال كوزنيتسوف" لميناء طرطوس في سوريا، الذي تتواجد فيه قاعدة عسكرية بحرية روسية. 

كذلك، يطمح وزير الدفاع الروسي إلى توجيه طائرات السوخوي لقصف مدينة إدلب، معللا ذلك بأنها ستكون ملجأ لمقاتلي المعارضة المسلحة والمدنيين النازحين من حلب.

وماذا عن نظام الأسد؟

وفي نفس السياق، نقلت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية على لسان وزير "المصالحة الوطنية" في النظام السوري، علي حيدر، حديثه عن الانتصار الاستراتيجي لقوات النظام وحلفائها في شرق مدينة حلب، وتأكيده على استرجاع النظام للمدينة القديمة.

وأكدت الصحيفة أن المستفيد الأول من هذا التقدم؛ هو بشار الأسد، الذي أنقذه التدخل العسكري لحليفه الروسي، منذ أيلول/ سبتمبر 2015، من سقوط نظامه. كما أن استعادة حلب، ثاني أكبر مدن سوريا، مثلت أملا لبشار الأسد في إعادة تركيز نظام علوي على أنقاضها.

وبينت الصحيفة أنه في المقابل، يظهر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، كثاني أكبر مستفيد من سقوط حلب في أيدي قوات النظام بعد الأسد.

وقالت الصحيفة، إن بوتين يعتمد بقدر كبير على تدخله في سوريا ليعيد هيبة روسيا عالميا، وليضيق الخناق أكثر على الولايات المتحدة الأمريكية.

كما تهدف روسيا للتأثير على المفاوضات المقررة في جينيف لإلغاء أي تواجد للمعارضة المعتدلة على الساحة السورية، وإلغاء أية بدائل يراها الغرب بديلا عن الأسد على رأس الحكم في سوريا.