حقوق وحريات

طالب سوري في الأردن يواجه الترحيل الوشيك.. سيتعرض لخطر الاضطهاد في بلده

حظيت قضية أبو سالم بتفاعل على منصات التواصل الاجتماعي
يواجه طالب سوري لاجئ في الأردن خطر الترحيل إلى سوريا، تقول "هيومن رايتس ووتش" إنه يواجه خطر الاضطهاد إذا أُعيد قسرا إلى هناك.

واعتقلت الشرطة الأردنية عطية محمد أبو سالم (24 عاما) وصديقا أردنيا في 9 نيسان/ أبريل 2024 أثناء توجههما لتصوير مظاهرة في عمّان متضامنة مع فلسطينيي غزة.

أبو سالم وعدد من أفراد عائلته، المعروفون بمعارضتهم لحكم الرئيس السوري بشار الأسد، مسجلون كطالبي لجوء لدى "المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين" منذ العام 2013.

وأمرت السلطات الأردنية لاحقا بترحيل أبو سالم دون أمر محكمة أو منحه قدرة واقعية على الطعن في الأمر، بحسب بيان لـ"هيومن رايتس ووتش".


وقال آدم كوغل نائب مديرة الشرق الأوسط في "هيومن رايتس ووتش": "السلطات الأردنية على وشك ترحيل طالب سوري عمره 24 سنة قضى نصفها في الأردن دون اتهامه بارتكاب جريمة أو عرضه أمام هيئة قضائية، ولمجرد محاولته توثيق مسيرة تضامنية مع غزة".

وأضاف: "يجب ألا يواجه أي أحد الترحيل دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، لا سيما عندما تكون حياته وسلامته في خطر".

الترحيل غير القانوني بحق أبو سالم، وهو في الأصل من محافظة درعا في جنوب سوريا، ينتهك مبدأ عدم الإعادة القسرية في القانون الدولي العرفي، الذي يحظر على الحكومات إعادة الأشخاص إلى حيث يكون لديهم خوف مبرر من الاضطهاد أو غيره من الانتهاكات الجسيمة، بحسب المنظمة الحقوقية.

ورغم أن أجزاء من سوريا لم تشهد أعمالا قتالية نشطة منذ العام 2018، إلا أن سوريا لا تزال غير صالحة لعودة اللاجئين بشكل آمن وكريم، ووثّقت "هيومن رايتس ووتش" كثيرا من الحالات التي ارتكبت فيها الأجهزة الأمنية السورية الاحتجاز والاختطاف والتعذيب والقتل بحق لاجئين عادوا إلى سوريا من الأردن ولبنان بين 2017 و2021.

وفي يوليو/ تموز 2023، وجدت "هيومن رايتس ووتش" أن العائدين تعرضوا للتعذيب أثناء احتجازهم من قبل المخابرات العسكرية السورية وجُنّدوا في قوات الاحتياط العسكرية السورية. كما تؤكد منظمات حقوقية أخرى، و"لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية السورية" التابعة لـ "الأمم المتحدة"، ومفوضية الأمم المتحدة للّاجئين أن سوريا لا تزال غير آمنة للعودة. وفي آذار/ مارس 2024، أعلنت لجنة التحقيق الدولية أن سوريا تشهد "موجة جديدة من العنف" لم تشهدها منذ العام 2020.

وتحدثت "هيومن رايتس ووتش" إلى أحمد الصاوي، المحامي في لجنة الحريات في "نقابة المحامين الأردنيين"، والذي يمثل أبو سالم؛ وإلى هديل عبد العزيز، المديرة التنفيذية في "مركز العدل للمساعدة القانونية"، الذي يمثل محاموه أيضا أبو سالم في الإجراءات الإدارية؛ وإلى أحد أقارب أبو سالم في الخارج.

وقال محامون إن أبو سالم محتجز إداريا بأمر من محافظ عمّان دون تهمة ودون عرضه على النيابة العامة أو قاضٍ.

وقال أبو سالم لمحاميه إنه أثناء استجوابه في مديرية شرطة وسط عمان، أجبره عناصر الأمن على السماح لهم بتفتيش هاتفه، وهددوه مرارا بترحيله. بعد ذلك، نُقل أبو سالم إلى "إدارة المخابرات العامة"، ومن ثم إلى مركز شرطة الشميساني ثم مديرية الشرطة في العبدلي، وما زال موجودا.

أبو سالم طالب على وشك التخرج من "كلية الإعلام" في "جامعة اليرموك" في مدينة إربد (شمالا)، وهو مخرج أفلام مستقل، فرّ من سوريا مع أفراد من عائلته في نيسان/ أبريل 2013 بعد مقتل والده على يد قوات الحكومة السورية في مدينة الحراك بمحافظة درعا في آب/ أغسطس 2012، بحسب تقارير.

وقال أحد أقاربه في الخارج إن أفراد عائلته لطالما عبّروا عن معارضتهم حكم الرئيس الأسد وإن أحد إخوة أبو سالم، الذي فر عام 2018، مطلوب من قوات الأمن السورية بسبب نشاطه. وأضاف أن المسؤولين السوريين اعتقلوا أو ضايقوا عددا من أفراد العائلة على مر السنين، وأن قوات الأمن لا تزال تستفسر عن أولئك الذين غادروا.


وقال قريب أبو سالم: "متابعة عطية الدراسات الإعلامية وحدها يمكن أن تؤدي إلى عقاب في سوريا. الفعل ذاته الذي يبدو أنه رُحّل بسببه ينطوي على خطر الاضطهاد الشديد في سوريا. علاوة على ذلك، فإن قرار العائلة الفرار من سوريا في البداية يعتبر جريمة في نظر النظام السوري".

إذا أعيد عطية أبو سالم إلى سوريا فسيخضع أيضا للتجنيد العسكري، والذي قد يواجه المتهربون منه الاعتقال والاحتجاز.

وحظيت قضية أبو سالم بتفاعل على منصات التواصل الاجتماعي بين رافض لقرار السلطات الأردنية ومؤيد لها.


وعلى مدى السنوات الأخيرة، بحسب "هيومن رايتس ووتش،" فإن الأردن شهد تقلصا للفضاء المدني، مع تزايد اضطهاد السلطات للمواطنين والمقيمين المشاركين في التنظيم السلمي والمعارضة السياسية، واستخدامها قوانين غامضة ومنتهِكة تجرّم التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع.