صحافة دولية

لوفيغارو: ممالك الخليج تخشى من حريق إقليمي يلتهم مشاريعها

الإمارات والسعودية اتصلتا بكافة الدول في المنطقة لمنع اشتعال المنطقة- CC0
نشرت صحيفة''  لوفيغارو'' الفرنسية مقالا، تحدثت فيه عن شروع السعودية وقطر والإمارات في تنفيذ مشاريع طموحة تهدف إلى تنويع إيراداتها وتحديثها؛ حيث سيؤدي اندلاع حريق إقليمي إلى تعطيلها بشكل خطير.

قالت صحيفة لوفيغارو الفرنسية، إن التوترات في المنطقة دفعت السعودية والإمارات إلى تكثيف الاتصالات بالدول، من أجل منع حريق إقليمي يمكن أن يعطل بشكل خطير مشاريعهما.

وقالت الصحيفة، في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إنه حتى قبل الرد الإسرائيلي المزعوم ليلة الخميس، كثف قادة الدول العربية النفطية الملكية اتصالاتهم الدبلوماسية منذ أن شنت إيران هجومها غير المسبوق على إسرائيل. وأجرى رئيس الإمارات محمد بن زايد آل نهيان محادثات مع أمير قطر وملكي الأردن والبحرين في اليوم التالي للرد الإيراني، في 14 نيسان/ أبريل.

في حين أجرى ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، محادثات مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني. ومن الواضح أن هذه المحادثات تهدف إلى تخفيف حدة التوترات في المنطقة، وكذلك إلى إبعادهم عن الدخول المحتمل في الصراع. فمن شأن اندلاع حريق في الشرق الأوسط أن يهدد مصالحهم الاقتصادية واستقرارهم الداخلي.

ونقلت الصحيفة عن جان بول غنيم، الباحث المشارك في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية، أن أكثر ما تخشاه دول المنطقة هو عدم الاستقرار الناجم عن نزاع تنخرط فيه أو يدور على أراضيها؛ حيث يلعب العامل الديموغرافي دورا مهمّا. فبعض البلدان تعتمد بشكل كبير على العمالة الأجنبية، وفي بعض الحالات، لا تتجاوز نسبة السكان الأصليين 10%، وهذا عامل ضعف حتى لو كان هذا العامل محدودا، حيث إن العمال البنغلاديشيين أو الباكستانيين لا يملكون بالضرورة الوسائل اللازمة للفرار، فإن هجرة القوى العاملة ستعوق حتما الأعمال التجارية.

وأشارت الصحيفة إلى أن "أندرياس كريج"، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في كلية كينغز كوليدج في لندن، يؤكد على أن النزاعات قبل كل شيء سيئة للأعمال التجارية، وتجنبها الآن أولوية مطلقة. ويضيف "جان بول غنيم" قائلا "إن التعطيل المدمر لصادراتها هو الخوف الرئيسي".


فدول الخليج التي تعتمد على إيراداتها من الطاقة تعتمد في الواقع على الممرات الملاحية لتصدير إنتاجها من النفط والغاز؛ حيث إن انسداد مضيق هرمز، الذي تسيطر عليه طهران، والذي يمر عبره 30 بالمئة من الطلب العالمي على الذهب الأسود وثلث الغاز، أو قفل باب المندب في البحر الأحمر، سيكون كارثيّا. فأدنى انسداد سيؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط، وسيشجع البلدان المستهلكة على التحرر بسرعة أكبر، وهو أمر لا تريده ممالك النفط.

ويضيف المختص أن التوترات البحرية مرشحة للارتفاع أكثر، في الوقت الذي يؤدي النشاط العدائي للمتمردين الحوثيين ضد السفن التي تعتبر قريبة من إسرائيل إلى تداعيات على تدفق التجارة في هذا الجزء من العالم الذي يمر عبر قناة السويس.

وبينت الصحيفة أن قطر تمتلك أيضا إستراتيجية "الرؤية الوطنية 2030"، التي تستند إلى نمو سنوي غير هيدروكربوني بنسبة 4 بالمئة بحلول نهاية العقد، وسيشمل ذلك إجراء إصلاحات في سوقي العمل لتطوير رأس المال البشري (أكثر من 46% من السكان العاملين المتخصصين بحلول عام 2030)، وجذب المواهب والاستثمارات الأجنبية، حيث يعتمد الاقتصاد القطري أيضا على السياح، بهدف جذب ستة ملايين سائح بحلول نهاية العقد.

وقالت إن أي تدهور في الوضع سيؤدي حتما إلى كبح جماح هذه المشاريع الكبرى، وإضعاف ثقة المستثمرين الدوليين. وفي صباح يوم الجمعة، بعد الإعلان عن رد إسرائيلي، الذي لا يزال شكله غير مؤكد، فتحت أسواق الأسهم الآسيوية الرئيسية في المنطقة الحمراء. وفي أماكن أخرى، في أوروبا والولايات المتحدة، كان الاتجاه هبوطيا أيضا.

ومع ذلك، في الوقت الحالي، تخفف الأسواق من حدة رد فعلها، ولا تشعر بالقلق المفرط من الوضع. حيث ارتفع سعر نفط خام برنت بنسبة 3 بالمئة صباح يوم الجمعة، لكنه سرعان ما استقر بعد تصريحات المسؤولين الإيرانيين في وسائل الإعلام الحكومية التي قللت من أهمية الهجمات. ويقول سيباستيان حنين، المدير في شركة أليانور كابيتال الذي يعيش في المنطقة منذ عشر سنوات: "نحن على برميل بارود منذ 70 عاما".

وختمت الصحيفة مقالها بالقول إن ما يحدث لا يزال واضحا تماما، وهو لا يثير قلق مجتمع الاستثمار. أما في دبي، فالأمور تسير كالمعتاد، وهذا حسب ما أكده "مارسيلو سان سيفيرين"، وهو وكيل عقارات يعمل في مدينة الفائض منذ عام 2020؛ حيث يقول: ''يسألني السياح فقط عما إذا كنا بأمان، فأقول لهم نعم، الحياة مستمرة، وما يقلقنا في الوقت الحالي هو الفيضانات".