سياسة عربية

ما مستقبل "الحشد" إذا تسلم تيار الصدر رئاسة الحكومة؟

الانتخابات العراقية- جيتي

تعهد التيار الصدري في العراق خلال برنامجه الانتخابي، بحل قوات الحشد الشعبي ودمج عناصره في الأجهزة الأمنية، الأمر الذي أثار تساؤلات كثيرة عن قدرة "التيار" على تنفيذ ذلك، خصوصا أن هذا التشكيل يعتبر الذراع العسكري للفصائل الموالية لإيران.

ويسعى "التيار" بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، للحصول على رئاسة الوزراء في الحكومة المقبلة بعد الانتخابات المقبلة المبكرة المقرر إجراؤها في 10 تشرين الأول/أكتوبر الجاري.

دعاية انتخابية

من جهته، قال النائب مختار الموسوي عن تحالف "الفتح" الذي يعتبر الذراع السياسي للحشد، إنه "لا توجد أي إمكانية لحل الحشد الشعبي، وإن الموضوع فقط للدعاية الانتخابية، لإرضاء الأطراف التي لا ترغب بالحشد من أجل الحصول على رئاسة الوزراء".

وشدد الموسوي في حديث لـ"عربي21" على أنه "لا يستطيع أي أحد حل الحشد الشعبي سوى المرجع الديني علي السيستاني الذي أصدر فتوى تشكيل هذا الحشد إبان الحرب ضد تنظيم الدولة عام 2014".

ورأى النائب أن "زعيم التيار الصدري يتقلب في قراراته فقبل ذلك قال إنه لم يشارك في الانتخابات وبعدها تراجع، لذلك فالحديث عن حل الحشد ليس مطروحا للنقاش أساسا، والأولى أن نناقش القضايا الإستراتيجية".

ولفت إلى أن "حل الحشد الشعبي لا يتم بجرة قلم من رئيس الحكومة، لأن الحشد أصبح له قانون صوت عليه البرلمان في دورته الماضية، وبالتالي فإن حله أيضا إما يكون عن هذا الطريق أو بفتوى من المرجع السيستاني".

وأشار إلى أن "الحشد دافع عن العراق وهو من فرض نفسه للتصويت على قانونه في البرلمان، والحديث عن موضوع حلّه كله للدعاية الانتخابية، وسنرى بعد انتهاء الانتخابات من يتحدث عن ذلك".

وفي منتصف الشهر المنصرم، أعلن رئيس تحالف الفتح، هادي العامري، عن رفضه لـما وصفها بـ"مؤامرات" دمج أو حل الحشد الشعبي، مؤكدا أن الحشد باق ومهمته الحفاظ على سيادة العراق، ودعم الأجهزة الأمنية الأخرى.

وقال العامري خلال حضوره تجمعا انتخابيا لدعم قائمة "الفتح" في محافظة ديالى إن "هناك مؤامرات تدعو لدمج أو حل الحشد الشعبي، ولن نسمح بهذا الأمر"، مبينا أن "الحشد باق ومهمته الحفاظ على سيادة العراق، ودعم الأجهزة الأمنية الأخرى".

 

اقرأ أيضا: إيران تقول إنها دمرت مقار جماعات "معادية" شمال العراق


وأوضح أن "تحالف الفتح حريص على بناء المؤسسات الأمنية والعسكرية"، مشددا على ضرورة بناء جيش متكامل، وتبادل الأدوار بين الأجهزة الأمنية، مطالبا بـ"تسليح الجيش وتزويده بالإمكانات المطلوبة وبالدفاعات الآلية، والطائرات وكل أنواع الأسلحة".

"تجربة إيرانية"

وفي المقابل، قال الباحث في الشأن السياسي العراقي، أحمد الأعظمي لـ"عربي21" إن "حل الحشد الشعبي بات أمرا صعبا، ولا سيما أن له قانونا في البرلمان يعتبره جزءا من القوات الأمنية، وإذا أراد أي طرف سياسي إلغاء القانون فيجب أن يأتي بأغلبية في البرلمان".

وتابع: "إضافة إلى ذلك فإن إيران لن تسمح بحل الحشد الشعبي الذي تعتبره نسخة الحرس الثوري الإيراني بالعراق لحماية النظام السياسي في البلد الذي تسيطر عليه القوى الشيعية".

وأعرب الأعظمي عن اعتقاده بأن "حديث التيار الصدري عن حل الحشد الشعبي في برنامجه الانتخابي الغرض منه استقطاب القوى السنية والكردية وحتى الغرب وكل من يرفض الحشد الشعبي، للحصول على منصب رئاسة الوزراء في الحكومة المقبلة".

وأوضح الباحث أن "زعيم التيار الصدري لا يمكن التعويل على وعوده السياسية فهو شخصية كثيرة التقلبات، والأمر وارد جدا أن يتنصل عما يتعهد به للقوى السياسية وحتى للشعب، فالشواهد كثيرة منذ عام 2003 وحتى اليوم".

وتصور الأعظمي أن "الصدر ربما يريد حل الحشد الشعبي، كونه يخشى أن يضرب به التيار الصدري في المستقبل، فهو العصا الإيرانية الغليظة التي باستطاعتها الوقوف بوجهه، لذلك قد يكون من هذا الباب يسعى إلى تفكيكه مع أن الأمر شبه مستحيل".

وبرأي الباحث فإن "قوات الحشد الشعبي لا يمكن تفكيكها في الوقت الحالي إلا بانهيار نظام ولاية الفقيه في إيران، فلو أقدمت أي جهة سياسية حاليا على خطوة حله ودمجه في أجهزة الأمن، فإن طهران لا تتورع عن حرق العراق بأكمله لإفشال الموضوع".

وأردف الأعظمي، قائلا: "تهديدات هادي العامري ما هي إلا مؤشرات، على أنهم سيعملون كل شيء للحفاظ على الحشد الشعبي، حيث أنه وصف دعوات حل الحشد أو دمجه بأنها (مؤامرات)".

فكرة حل الحشد الشعبي ودمجه في المؤسسات الأمنية الأخرى، كان قد صرح بها لأول مرة زعيم التيار الصدري في 4 أغسطس/آب 2017، وذلك بعد عودته مباشرة من زيارة نادرة إلى السعودية.

وفي 13 أيلول/ سبتمبر المنصرم، أعلن رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، إعادة 30 ألف عنصر فسخت عقودهم في السنوات الأخيرة، إلى العمل بعد موجة احتجاجات متواصلة أمام المنطقة الخضراء المحصنة ومقر الحشد وسط بغداد.

وتأتي هذه المبادرة قبل شهر فقط من الانتخابات البرلمانية المبكرة المرتقبة، والتي اعتبرتها أطراف سياسية بأنها خطوة للدعاية الانتخابية، ولا سيما أنها لم تضمّن في الموازنة المالية لعام 2021.