كتاب عربي 21

اجتماع روما بعد لندن..الدلالات والنتائج المتوقعة

السنوسي بسيكري
1300x600
1300x600
من لندن إلى روما يجتمع مسؤولون ليبيون برعاية وحضور مسؤولين غربيين للاتفاق على حلول تنعش المجلس الرئاسي وحكومته المفوضة وتعالج الأزمة المالية الخانقة.

رئيس المجلس الرئاسي نجح في لفت الأنظار إلى أهم العقبات التي تواجهه وفق تقييمه، وذلك بإطلاق حملة القليل منها ظاهر والكثير منها في دوائر خاصة، مضمونها أن محافظ المصرف المركزي بطرابلس هو أحد المعرقلين لمسيرة الوفاق بتعنته وعدم استجابته لطلبات الرئاسي، وتمكينه من الصرف والإنفاق لأجل تحريك العجلة الاقتصادية وحلحلة الكثير من المشاكل.  

استجابة الأطراف الدولية لضغوط السراج أسفرت عن الترتيب لاجتماع لندن نهاية الشهر المنصرم، ويأتي اجتماع روما الذي انعقد بالأمس لمتابعة ما تم الاتفاق عليه في اجتماع لندن واستكمال مسيرة الاتفاق بين السلطتين النقدية والمالية (المصرف المركزي ووزارة المالية).

الموقف المتعنت لمحافظ ليبيا المركزي يقوم على ضرورة توافر شروط أهمها:

- تعيين وزير مالية يكون هو المعني بالتنسيق في الإنفاق وفق القوانين النافذة.

- اعتماد ميزانية وفق القوانين النافذة يتم من خلالها الإنفاق وتتابع من الجهات الرقابية.

- الاتفاق على حزمة من الإجراءات لمعالجة أزمة السيولة وأزمة الدينار الليبي.

يبدو أن اشتراطات المركزي وجدت صدى لدى المسؤولين الغربيين، لهذا تم اعتمادها كقاعدة وشرط لاستجابة المركزي لتوفير الأموال اللازمة للمجلس الرئاسي، ويتم في روما الإتفاق على الخطوات العملية والإجراءات المصاحبة.

ردة الفعل الطبيعية عندي على اجتماعي لندن وروما هو الشعور بالأسى، حيث إننا نحن الليبيون لا نجيد التفاهم فيما بيننا ونحتاج إلى الغرب ليقودنا للاتفاق.

اقتصاديا، فإن من المؤكد أن يكون لمخرجات اجتماع لندن وروما انعكاس إيجابي ولو محدود على الأزمة المالية الراهنة، التي أوصلت المواطن إلى وضع صعب وخانق جدا. ويمكن أن يكون لها أثر إيجابي ولو محدود على سعر صرف الدينار الليبي أمام العملات الأجنبية الرئيسية. غير أن التطور في مسار معالجة الأزمة المالية ووضع السيولة وقيمة الدينار الليبي سترتبط بقدرة الرئاسي على:

- ضبط الإنفاق العام وفق الميزانية المعتمدة بشكل ينعش ولا يقود إلى استنزاف الاحتياطي. 

- إدارة المؤسسات الاقتصادية والمالية بما يسهل إدارة المال العام ويزيح العقبات خاصة التي تواجهها المصارف. 

- إخضاع مصدر الدخل الرئيسي لسلطة المجلس الرئاسي بما يسهل عملية إنعاش واستمرار تدفق الإيرادات العامة. 

العامل الرئيسي في احتواء الأزمة المالية الراهنة هو ضمان تدفق عوائد النفط وارتفاع معدلاتها، فدون هذا العامل ستظل الإجراءات كافة حبرا على ورق؛ لأن حجم الإنفاق كبير خاصة ما يتعلق ببندي المرتبات والدعم، والإيرادات لا تغطي، الأمر الذي يدفع بمعدلات العجز المالي إلى مستويات غير مسبوقة وخطيرة، وبالتالي استنزاف الاحتياطي وربما اللجوء إلى الاقتراض.

موضوع الإيرادات يعود بنا إلى البعد السياسي والأمني، اللذين يشكلان العائق الأكبر أمام معالجة الأزمة الاقتصادية والمالية.

وضع النفط اليوم غامض، فهو خاضع لقوات تابعة للجيش الخاضع للبرلمان، الذي أعلن عن تسليم الحقول والموانئ في المنطقة الشرقية للمؤسسة الوطنية للنفط، التي أكد رئيسها أنه ملتزم بالقوانين المنظمة لعملية تصدير واستلام عوائد النفط، التي تقضي بأن تعود الإيرادات إلى المصرف المركزي بطرابلس.

حتى هذه اللحظة لا يوجد ما يشير إلى مخالفة من قبل المؤسسة الوطنية للنفط، فهل سيقبل البرلمان والجيش التابع له أن يتحكم الرئاسي في المال؟!

أيضا، فإن عمليات التصدير التي استؤنفت، وارتفاع معدلات إنتاج الخام الأسود خلال الشهرين الماضيين، لم تنعكس سلبا على الحالة الاقتصادية وتحديدا سعر صرف الدينار الليبي، الذي انخفض بشكل ملحوظ خلال الفترة ذاتها وبنسبة تصل إلى 12%، مما يعني أن أثر العوامل الأخرى بات أكثر سلبية على الوضع الاقتصادي.

هشاشة الوضع السياسي والأمني كفيلة بنسف التقدم على المسار الاقتصادي، وبالتالي فإن ضمان عدم وقوع مزيد من الانتكاسات المالية يتطلب دفعا باتجاه توافقات سياسية وأمنية، أقلها إخراج المورد الرئيسي للدخل من دائرة الصراع، وهو في رأيي متعذر باعتبار أنه يمثل لب استراتيجية طرفي النزاع اللذيْن لا يزالان بعيدين عن أي اتفاق حقيقي حتى اليوم.
التعليقات (0)